بيرلوسكوني يخوض صراع على حصص النساء في الانتخابات ويتعهد بالامتناع عن ممارسة الجنس

للمرة الأولى منذ 25 عاما أصبح موضوع الإجهاض مادة جدال انتخابية في إيطاليا، وقد بدأ السياسيون يتحدثون بالمواضيع الدينية والأخلاقية ويضعونها في صلب حملاتهم الانتخابية.

فحين تصل إلى محطة تيرميني في روما، ترى اللافتات الانتخابية الضخمة لرئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني تنظر إليك من كافة أنحاء المحطة.  في طريقته المعتادة الخارجة عن المألوف، فقد تعهد بيرلوسكوني بالامتناع عن ممارسة الجنس حتى انتهاء الانتخابات العامة، التي ستجرى في التاسع والعاشر من شهر أبريل / نيسان  كما قارن نفسه بيسوع المسيح اعتبارا منه أنه يعاني من أجل الشعب الإيطالي.

غير أن الحملات الانتخابية في البلاد تزخر بآراء تقليدية مسيحية أيضا، أصبحت متداولة لدى السياسيين الإيطاليين.

ويستخدم تحالف بيرلوسكوني الوسطي-اليمني وأيضا تحالف رومانو برودي الوسطي-اليساري مسائل الدين والأخلاق في حملتيهما، مركزين على مواضيع كالإجهاض وقانون الإنجاب. ويخشى نقاد من أن تكون قيم إيطاليا الليبيرالية الكاثوليكية تتعرض للتهديد. فأغلبية الكاثوليكيين في البلاد لا يؤيدون مواقف الكنيسة حول المثليين والطلاق والإجهاض، حسبما تفيد استطلاعات الرأي.

ويعتبر هؤلاء أن الكنيسة تتدخل في السياسة بشكل خطير. ويعتبر الإجهاض، الذي أصبح قانونيا في البلاد عام 1978، في قلب النقاش القائم.

وهذه قضية بينيديتا وهي امرأة في الثلاثينات من عمرها، حملت العام الماضي. وقد التقطت فيروسا وقيل لها إن ثمة احتمال كبير أن يولد طفلها مع إعاقة خطيرة. فقررت حينئذ الإجهاض، وهو ممكن قانونيا في حال التبرير الطبي. وتشرح قرارها: "إذا قتلت شخصا في أسبوعه الـ20 لا فكرة لدي إذا كان سيتألم أم لا. غير أنه الأفضل أن يتعذب لثانية واحدة من أن يتعذب لـ30 عاما ..." ورفض أول مستشفى زارته أن يجري الإجهاض.

 وقد تزايد عدد الأطباء في إيطاليا الذين يعترضون على الإجهاض ويرفضون تنفيذه، ووصل في بعض مناطق الجنوب إلى حوالي 80 بالمائة. وقامت بينبيديتا بكثير من المحاولات إلى أن سافرت مع صديقها الحميم إلى إسبانيا لإجراء الإجهاض في عيادة خاصة. وقالت: "لم يكن ممكنا إجراؤه في إيطاليا. لم أشعر بالحرية لأقرر ما الذي أشعر أني أريده." يذكر أن بينيديتا كانت مسرورة بالإدلاء بقصتها وإعطاء اسمها، لكن نساء أخريات مررن بتجارب شبيهة لم تقبلن ذلك.

ومن المعروف عن روكو بوتيليوني، أحد أبرز وزراء بيرلوسكوني والمقرب من الفاتيكان، نظرته المحافظة للأمور. وقد شرح موقفه من الوضع في إيطاليا قبل الانتخابات. وأعطى مثالا على حملة مقاطعة ناجحة لاستفتاء العام الماضي حول قانون الإنجاب الصارم في البلاد. وقد قاد الحملة رئيس الكنيسة الإيطالية الكاردينال المحافظ رويني. وقال بوتيليوني: "نحن الآن على مفترق طرق، ولهذا السبب انتصرنا بحملتنا العام الماضي ." وحين لفت نظر بوتيليوني إلى أن معظم الإيطاليين لا يؤيدون هذه الآراء المحافظة، قال إنه "يجب على السياسيين أن يقولوا للناس ما يعتبرون أنه صحيح، وليس دائما ما يعتبرون أن الناس يريدون سماعه."

وأضاف: "الكاردينال رويني هو مواطن إيطالي ولديه الحق بالتعبير الحر. هو يعبر عما يعتقد أنه الحقيقة."

ولاتكمن مشكلة برلسكوني في مواجهة مسألة الاجهاض فقط بل تحولت القضية الى صراع على الحصص مع النساء، ففي استعراض نادر للوحدة خلال السنوات الخمس التي قضاها رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني في السلطة وحد اليمين واليسار الايطالي جهودهما لمنع استحداث نظام للحصص يتيح وصول مزيد من النساء الى الحكومة.

ووسط الصفير وضرب الارض بالاقدام نشر البعض لافتات في مجلس النواب كتب عليها "لتخرج النساء". حتى بعض الذين وافقوا علنا على دعم مشروع القانون صوتوا ضده فيما بعد في اقتراع سري.

وقالت ماريا بيا جارافاليا نائبة رئيس بلدية روما ذات التوجهات اليسارية الوسطية قبل الانتخابات العامة المقررة يومي التاسع والعاشر من ابريل نيسان "لقد كان استعراضا من عدم الكياسة في الحقيقة.. يكشف فقط عن مدى ضآلة ما يعتقدونه حول ما يمكن أن تمثله النساء من قيمة."

واضافت "علمنا في ايطاليا أن الرجال يفضلون جنسهم فقط. مشاركة امرأة اضافية في السياسة يعني انخفاض عدد الرجال السياسيين واحدا."

وشهد العام الماضي حصول النساء على سلطة سياسية في عدد من البلدان ومن بينهن المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورئيسة شيلي ميشيل باشيليت ورئيسة ليبيريا الين جونسون سيرليف مما يسلط الضوء بشدة على نقص النساء ذوات الثقل السياسي في ايطاليا مع اقتراب الانتخابات.

وعلى النقيض من سيجولين رويال التي تبدو مستعدة لان تمثل منافسا قويا على الرئاسة في فرنسا لم تحصل المرأة الايطالية بعد على دعم واسع للقيام بأدوار سياسية ذات طبيعة غير رمزية.

وتقول الايطاليات انه لتحقيق ذلك يتعين عليهن أن يغيرن قواعد ما يعد بشكل شبه حصري لعبة خاصة بالرجال. كما يجادلن بأن الذين يقفون خارج دهاليز السلطة سوف يستفيدون أيضا.

وقالت ايما بونينو وهي مفوضة سابقة للاتحاد الاوروبي واحدى زعيمين لحزب "روز ان ذا فيست" (زهرة في قبضة اليد) الذي يشكل جزءا من ائتلاف يسار الوسط "السياسة هي مرآة أي بلد."

ويشكل النساء 11.5 في المئة فقط من أعضاء البرلمان الايطالي مما يضع ايطاليا في مؤخرة بلدان الاتحاد الاوروبي وفي المرتبة رقم 30 على مستوى العالم بجانب الفلبين والاكوادور وبلغاريا وذلك في أحدث تصنيف لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

والارقام ليست أفضل كثيرا في سوق العمل الاوسع.

وتقول بونينو "انظر الى القطاع المصرفي... اذهب الى أي بنك وستجد أن هناك كثيرات من النساء لكن فقط وراء الطاولات الطويلة (التي تتعامل مع الجمهور). هناك كثير من الصحفيات.. ولكن القليل منهن يتخطين مستوى معينا."

وتشكل النساء 45 في المئة من قوة العمل في ايطاليا وهو ما يضعها في المرتبة 45 في التصنيف العالمي للمنتدى الاقتصادي الدولي. ويحصل النساء في المتوسط على دخل أقل بنحو 30 في المئة من الرجال.

وربما من غير المثير للدهشة بخصوص الموازين التي مالت في غير صالحهن ظهور ايطالية واحدة ضمن التصنيفات الحدينة الخاصة باقوى سيدات الاعمال في العالم وهي المصممة الايطالية ميوكيا برادا.

وتقول بعض النساء ان غيابهن عن مواقع السلطة منح جماعات الدفاع عن حقوق الانسان والفاتيكان مساحة للتوحد من أجل الضغط لفرض قيود على الاخصاب الصناعي والاجهاض وهي الخطوات التي أثارت احتجاجات من جانب الاف النساء على مدى العامين الماضيين.

وقالت اناماريا ماموليتي رئيسة تحرير مجلة مينيرفا المهتمة بحقوق المرأة "هناك انحياز اجتماعي متأصل."

وأضافت "الرجال يسيطرون على المال والسلطة في ايطاليا لانهم يسيطرون على جماعات الضغط والفرق. النساء خارج اللعبة ويبقين كذلك لانه ليس لديهن شيئا يقايضون به للدخول."

واتخذت تلك الفكرة منحى أكثر إلحاحا الشهر الماضي خلال مناظرة تلفزيونية بين برلسكوني ومنافسه في الانتخابات رومانو برودي.

وقال برلسكوني وهو احد اباطرة الاعلام ان السبب وراء قلة عدد المرشحات عن حزبه يرجع الى صعوبة اقناعهن بترك أزواجهن واسرهن.

غير أن تصريحاته أثارت توبيخا سريعا من المعارضة ومن بعض الحلفاء في الوقت الذي عززت فيه الجدل حول نظام الحصص حتى بين السياسيات اللاتي رفضن مشروع القانون الذي قدم في اكتوبر تشرين الاول الماضي واللاتي يعتقدن أن السيدات الشابات ينبغي ألا يحصلن على شيء بشكل أيسر مما يقدمنه.

وكان التحالف الوطني وهو أحد حلفاء برلسكوني من بين أوائل الاحزاب التي خصصت 25 في المئة من مرشحيه للنساء.

ويقول برلسكوني منذ ذلك الحين انه في حال اعادة انتخابه فسيجعل ثلث مجلس وزرائه من النساء بدلا من وزيرتين فقط في الحكومة المؤلفة من 29 وزيرا. ويهدف يسار الوسط الى عمل الشيء نفسه.

وقالت دانييلا سانتانشي النائبة البرلمانية عن التحالف الوطني التي تقوم بتنسيق ترشيح السيدات في الحزب "اننا نفتقر الى الرموز النسائية في ايطاليا. المعركة التالية ستكون ايجاد نساء في مناصب سياسية عليا. دون نظام الحصص لن نتمكن من فعل ذلك."

غير أنه لا يزال هناك كثير من الشكوك حول المدة التي سوف يستغرقها ذلك.

وسافرت جوفانا ميلاندري وهي نائبة حزب (الديمقراطيون اليساريون) ووزيرة سابقة للثقافة الى شيلي لحضور مراسم تنصيب باشيليت وهي مدركة أن من غير المرجح أن ترى الشيء نفسه يحدث في ايطاليا قريبا.

وقالت "امل ألا نضطر للانتظار الى أن يبلغ أطفالنا كي نرى ذلك هنا. ينبغي أن نعمل بشكل جدي للغاية."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 2/نيسان/2006 -3/ربيع الاول/1427