من ينقذ الضحية؟.. ومن الجلاد؟‍‍!

المحامي طالب الوحيلي

حين كان يقطن احدى القرى، صادفته ذات امسية على ضفة نهر صغير افعى كبيرة وهي تحاول التهام طائر كان يستغيث بصوت غريب بعد ان تملكه اليأس من الخلاص من انيابها، فما كان من صاحبنا الا ان التقط حجراً واطلقه بكل قوة صوب رأس الافعى التي انسلت مختفية في الاحراش تاركة ذلك الطائر وهو في الرمق الاخير، ليس من تأثير الافعى ولكن من اثر الحجر الذي هوى على رأسه بدلا عن  انقاذه!!.

ولفرط تألمه لانه اراد ان ينقذ ذلك الطائر ، فأرداه قتيلا.

 كان يتذكر ذلك كلما مرت عليه حادثة من حوادث الارهاب او ما يقع من افراط غير طبيعي من قبل القوات الاحتلال اذا ما تدخلت بأمر من امور الملف الامني وبالذات مايتعلق بالمناطق الشيعية، فبدل ان تنصف مظلومية الشعب العراقي بأغلبيته المميزة راحت تغض النظر عن قوى الارهاب.

 كما يتبادر الى الذهن حين يرد الى سمعنا ما تشي به وسائل الاعلام المريبة من ان الارهابيين قد عقدوا هذه (الهدنة) معها لكي يعلنوا حربهم ضد اتباع اهل البيت (ع) فكان ما كان من تصعيد خطير للجرائم الارهابية وعودة اساليب الذبح البشعة حيث عثر اخيراً على عدد كبير من الجثث المقطوعة الرؤوس في منطقة النهروان، فضلاً عن جرائم القتل العشوائي لزمر متنقلة او القتل بقصد التجريف السكاني في مناطق الكرخ او سامراء او ابو غريب والطارمية والتاجي و… الخ.

 مئات البيوت هجرت من اماكنها ومواطنها امام انظار القوات المتعددة الجنسيات، وقد بات بديهياً ان ما يقع بأيدي قوات الامن العراقية والقوات الامريكية من ارهابيين ضالعين بأبشع الجرائم لا يساقون الى القضاء لنيل جزائهم، بل ان الكثير منهم يطلق سراحهم لكي يعودوا ثانية لممارسة نشاطهم الارهابي ولا احد يعرف كيف يطلق سراحهم ومن وراء ذلك!!.

التصعيد الارهابي منذ اعلان النتائج الانتخابية تطور هذه الايام كثيراً، لكي يأخذ منحى واحداً وهو استهداف اتباع اهل البيت (ع) بالرغم من كونهم يمثلون السواد الاعظم من الشعب العراقي ،فاذا ما وقعت مجزرة هنا وهناك فان الخاسر فيها هم اتباع هذا المذهب، فيما تأكدت هوية الارهاب السنية.

 الامر الذي لم يتغير هو ان ضحايا الامس هم نفسهم اليوم، وتحول القتل والتصفية الطائفية في العهود السابقة الى فصل عنصري وطائفي معلنا بدل ما كان مستتراً.. لكن المجحف حقاً ان يجد له دعم دولي من قبل دول الجوارجميعا والدول الاخرى وغيرها ممن يعارض تنفيذ عقوبة الاعدام بحق السفاحين في الوقت الذي ينزلون اقصى العقوبات بمن يؤذي حيواناً في بلدانهم..

لقد كنا نأمل من الحضارة الانسانية ان تعلن الحداد على هدم صرح تاريخي وانساني بأيدي عتاة العصور المظلمة حين هدموا الروضة العسكرية وهي اعظم وأجلُّ من أي اثر تاريخي في العالم قد تقوم الدنيا ولا تقعد لو مُسَّ ولو بشيء من التحريف او التحوير ، فما بالك بهدم مرقد يضم رفاة علمين من اعلام العقيدة والفكر الانساني! الامر الذي اباح لتلك القوى الظلامية اشاعة عقيدة وقانون الاستهداف التكفيري المطلق الذي عجزت صاغرة عن مكافحة وايقاف حده سلطة القانون والقضاء ،لانها معطلة الا برغبات من لا يريد انجاح التجربة العراقية الديمقراطية كمثال تحلم به شعوب دول الجوار..

 ترى ما ذنب اتباع مذهب اهل البيت (ع) ليجازوا هذا الجزاء الظالم، بالرغم من انهم دعاة سلام واتباع مرجعية لا تنفصم عن الخط الرسالي، وعن امل سيادة دولة العدل الالهي التي هي حلم كل فلاسفة العصور ومدار منطق الحضارة التي لفظت كافة فلسفات الظلم والاستبداد ..

وهل يتفق الهدف المعلن من اسقاط الطاغية صدام في مكافحة الارهاب العالمي او تحرير الشعب العراقي من ظلمه، مع ما يجري ويحدث في العراق الجريح وعلى رؤوس الاشهاد؟!.

ومتى تصحو ضمائر الساسة العرب وشعوبهم ،فيلعنون ثقافاتهم البالية ويعلنون براءتهم من اشتراكهم الصميم مع قتلة الشعب العراقي؟

وذلك سؤال يجد جوابه صريحاً هذه الايام مع كل قتيل يقتل او دار تستباح.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 30/اذار/2006 -29/صفر/1427