
كشف نائب الرئيس العراقي السابق طه ياسين رمضان إلى موكلته المحامية
اللبنانية بشرى الخليل أثناء لقائها به في جلسات المحاكمة الأخيرة في
بغداد إن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين حاول الانتحار اثر سقوط
بغداد في أيدي القوات الأميركيةِ حسب ما نقله موقع ايلاف.
وقال رمضان لموكلته انه 'في اليوم التاسع من شهر ابريل 2003 تسلح
صدام بقاذف مضاد للدروع ورشاش حربي وودعني، كاشفا عن نيته مواجهة
الدبابات الأميركية بهدف الاستشهاد بنيران الجنود الأميركيين'ِ
وأضاف انه كان مع صدام في احد المخابئ في ضاحية الاعظمية في بغداد
ومنعه حينها من الإقدام على الانتحار بهذه الطريقة بالقول له 'البلد
بحاجة لنا وليس نحن من ينتحر خاصة أن الأمر لم ينته عند سقوط بغداد'ِ
فتراجع حينها صدام حسين عن قراره وافترقا بعد ذلك التاريخ ولم يلتقيا
سوى في المحاكمةِ
وفي الحديث الجانبي الذي تم بين الخليل ورمضان كشف لها انه هو أيضا
حاول الانتحار بعد أن اقتحمت قوات أمنية خاصة المنزل الذي كان يختبئ بهِ
وقال 'لحظة تصويب المسدس إلى رأسي انقضوا على ابني وهددوا بذبحه إذا
حاولت أنا الانتحار'ِ
وفي الإطار نفسه حذر وزير العدل الأميركي السابق رمزي كلارك موكله
صدام حسين في احد اللقاءات الخاصة التي جمعت بينهما أخيرا وكانت الخليل
حاضرة أن الأميركيين 'يريدون كبش محرقة كبير من اجل إشعال الحرب
الأهلية في البلاد واعتقد انك ستكون هذا الكبش الذي يسعى الأميركيون
لقتله بهدف تحقيق مرادهم'ِ
جدير ذكره أن جلسة المحاكمة التي عقدت أخيرا تم حجب الجزء الأخير
منها.
ولفتت الخليل التي كانت حاضرة داخل المحكمة أن صدام لم يدل بمعلومات
'تستدعي الحظر الإعلامي وإنما ألقى قصيدة مؤثرة جدا قال لي انه نظمها
من 143 بيت شعر آخر داخل الزنزانة شارحا أن وقت فراغه كبير ويتيح له
كتابة الشعر وقراءة القرآن.
من جهة اخرى جاء في تقرير اصدره البنتاغون الجمعة ان الرئيس العراقي
السابق صدام حسين كان على اقتناع بان الولايات المتحدة لن تجرؤ على
مهاجمة العراق وكان يعتمد على دعم فرنسا وروسيا.
ودقق واضعو الدراسة حول اجتياح العراق في 2003 الواقعة في 200 صفحة
بعنوان "دراسة حول الافاق العراقية" في الاف الوثائق التي ضبطت واجروا
لقاءات مع عشرات من المسؤولين العسكريين والمدنيين العراقيين السابقين.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" قبل اسبوعين مقتطفات من هذا التقرير
الذي نزعت عنه السرية جزئيا وهو اول دراسة بهذا الحجم يجريها الجيش
الاميركي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وجاء في التقرير ان "صدام ظل حتى اللحظة الاخيرة يأمل بانه سيتمكن
من البقاء في الحكم مدعوما بقناعة بان الاميركيين لن يتجرأوا ابدا على
دخول بغداد".
وكان الرئيس العراقي السابق على اقتناع بان فرنسا وروسيا ستمنعان
اجتياح العراق لحماية مصالحهما الاقتصادية. وبحسب نائب رئيس الوزراء
العراقي طارق عزيز ان "فرنسا وروسيا تفاوضتا بشأن عقود بملايين
الدولارات .. الى ذلك فان (الفرنسيين) يريدون ان يثبتوا ان بامكانهم
استخدام حق الفيتو في مجلس الامن وانهم لا يزالون يتمتعون بنفوذ".
وقال التقرير ان الحكومة الروسية زودت صدام حسين معلومات حول خطط
الحرب الاميركية بواسطة سفيرها في بغداد عند بدء الاجتياح في اذار/مارس
2003.
وجاء في تقرير ارسل الى صدام حسين في 24 اذار/مارس ان الروس جمعوا
معلومات من "مصادرهم في القيادة الاميركية الوسطى في الدوحة" (قطر)
تفيد ان الولايات المتحدة مقتنعة ان احتلال مدن في العراق مستحيل وان
"الاستراتيجية تقضي بعزل العراق من حدوده الغربية".
واعتبر واضعو الدراسة ان هذه المعلومات "غذت الشكوك بان الهجوم من
الكويت هو لتحويل الانظار".
وتضمنت وثيقة اخرى وجهت الى صدام حسين في الثاني من نيسان/ابريل
معلومات تم الحصول عليها عبر السفير الروسي مفادها ان اكبر تجمع للقوات
الاميركية (12 الف عنصر واكثر من الف آلية) موجود في محيط كربلاء جنوب
غرب بغداد.
وبحسب هذه المعلومات فان الهجوم على بغداد لن يبدأ قبل وصول فرقة
المشاة الرابعة في الجيش الاميركي في حدود 15 نيسان/ابريل. بيد ان
الهجوم على بغداد بدأ قبل ذلك بكثير.
واكدت دراسة البنتاغون ايضا ان صدام حسين لم يخطط لحركة التمرد في
العراق في حال هزيمته لانه كان على اقتناع ان الولايات المتحدة لن
تجتاح بلاده ابدا.
وكتب واضعو الدراسة "لم تكن هناك اي خطة على الصعيد الوطني لبدء
عمليات مسلحة في حال الهزيمة العسكرية".
وكان صدام حسين يخشى خصوصا التهديد الاتي من الداخل ولا سيما
انتفاضة شيعية يسهلها تدخل اميركي "مما منعه من تنظيم محاربة العدو
الخارجية بفاعلية". ولم يطلب تاليا تفجير الجسور ولا احراق ابار النفط.
وقال التقرير ايضا ان صدام حسين ابقى على الغموض حول امتلاك اسلحة
الدمار الشامل لانه لم يكن يريد "تشجيع الاسرائيليين على مهاجمة"
العراق.
لكن عندما اراد نهاية العام 2002 اقناع المجتمع الدولي ان بلاده لا
تمتلك اسلحة دمار شامل اصبح من الصعب اقناع اي طرف بعد سنوات من الغموض
بهذا الخصوص.
كما كشفت مصادر مطلعة أن وزير خارجية النظام العراقي السابق، ناجي
صبري، زود دولة غربية بمعلومات عن قدرات بلاده لبناء أسلحة الدمار
الشامل.
وقالت المصادر إن صبري، أرفع دبلوماسيي العراق في الفترة التي سبقت
الغزو، قدم معلومات إلى الاستخبارات الفرنسية، التي تشاركتها لاحقاً مع
وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA)، وتلقى في المقابل 100 ألف دولار من
طرف ثالث.
ونفى صبري امتلاك بلاده لبرامج نووية أو بيولوجية ذات شأن أو أهمية،
إلا أنه أكد احتفاظ النظام السابق بترسانة من الأسلحة الكيمائية من
بينها الغاز السام، وهو تأكيد اتضح لاحقاً أنه خاطئ.
ويبدي بعض المسؤولين انزعاجهم من الكشف الذي قد يتهدد سلامة صبري
الذي يقيم حالياً بإحدى دول الشرق الأوسط.
وبدورها أعربت شبكة NBC الأمريكية، أول من كشف الخبر الاثنين، في
بيان الثلاثاء عن قلقها على سلامة وأمن صبري وعائلته، ونوهت القناة
قائلة "التقرير لم يكشف عن مكان إقامة صبري لحماية أمنه."
وبدورهما، رفضت الخارجية الأمريكية ووكالة الاستخبارات (CIA)
التعليق.
وأثيرت العديد من التساؤلات في وقت سابق عن أسباب عدم تضمين أسم
وزير الخارجية السابق في لائحة كبار المطلوبين من رموز النظام السابق،
التي وزعتها وزارة الدفاع "البنتاغون" في شكل أوراق لعب عقب الحرب
مباشرة.
وسبق أن أشار المدير السابق للاستخبارات الأمريكية، جورج تنيت، في
كلمة عام 2004 إلى أن الوكالة حصلت على معلوماتها من مصدر رفيع مقرب من
الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.. وعقّب مسؤولون سابقون بالقول إن
الشخص المعني هو صبري.
وغزت الولايات المتحدة العراق في مارس/آذار عام 2003 بعد أشهر من
الاتهامات المتكررة لنظام صدام بمزاعم امتلاك ترسانة أسلحة نووية
وبيولوجية وكيمائية في انتهاك للقرارات الدولية.
وأخفقت فرق التفتيش الدولية التابعة للأمم المتحدة قبل وبعد الغزو
في العثور على أي أثر لتلك الأسلحة المزعومة. |