يقول المثل الدارج اكذب اكذب حتى يصدقك الناس، ويصدق هذا المثل هذه
الايام كثيرا على من يحاول تمييع حقيقة الكارثة التي اصابتنا بصميم
عقيدتنا، بهدم صرحا راسخ في صلب ثوابتنا الاسلامية الحقة، وفي تقاليدنا
وفي مبادئنا التي طالما بذلنا الدماء الغالية في سبيل صيانتها والتمسك
بها، برغم الحقد السياسي الطائفي الذي كرس ضد اتباع مذهب اهل البيت
عليهم السلام.
المثل المذكور ينطبق على طائفة من السياسيين الذين نصبوا لهم قناة
فضائية تبث سموم الحقد الطائفي وتحاول متعمدة قتل الحقيقة ودفنها كما
دفن ضريحي الامتنا علي الهادي والحسن العسكري (ع)،واذا كنا نحاول حصر
هذه الجريمة بالتكفيريين والصداميين وما ارتكبوه من سلسلة جرائم لاشبيه
لها في التاريخ الانساني حقدا على اتباع هذا المذهب ومقدساته
ورموزه،فان ما تفضحه قناة بغداد ومن يظهر على شاشتها من حقد اسود وكذب
مسموم وملغوم باثارة الحرب الأهلية والفتنة الطائفية، يشير باصابع
الاتهام الى بعض القيادات الطائفية المشاركة اليوم في العملية السياسية
والتي تحاول فرض اجندة تتجاهل بها الاستحقاق الانتخابي الذي افرغته
صناديق الاقتراع والذي يعد اليوم السبب الجوهري للتصعيد الارهابي الذي
انتهى الى محاولة هدم الروضة العسكرية الامر الذي كاد ان يهدم كل
الفواصل المانعة دون الرد بالمثل على كافة الجرائم الارهابية التي طالت
ابناء شعبنا المبتلى بالطغيان الصدامي سابقا وباتباعه وايتامه وحلفائهم
التكفيريين الذين وجدوا ارضا لهم للاسف في الواقع العراقي الذي تحول
الى ساحة منازلة مفتوحة لهم ولجيوش الظلام القادم من خلف الحدود..
علمتنا سنوات الحكم الصدامي فلسفة الكذب التي كان يخبئ جرائمه وفشله
خلفها، وما وقع به من خداع لنفسه المريضة حين صدق اكاذيبه قبل ان
يصدقها سواه، ولكن المضحك اليوم ان تجد من هو من سنخ صدام في ظاهرة
الكذب ولاندري من علم الاخر الكذب !! هذا الامر يبرز الان من خلال بعض
الفضائيات العراقية التي تروج للارهاب بشك علني وصريح وهي منبر لاحد
الاحزاب او الكتل السياسية المعارضة للحق الانتخابي والمشككة بالعملية
السياسية، وهي القناة العراقية الوحيدة التي لم تضع علامة الحداد على
كارثة سامراء في زاوية شاشتها ! فيما راحت تبث الاكاذيب عن تهمة مصطنعة
لم تتمكن من عرض دليل لها وهي تهمة الاعتداء على المساجد السنية وحرق
المصاحف فيها، وراحت تدعو بالويل والثبور فاتحة نوافذ الاتصال لكي تذيع
اشنع وارذل التعليقات على ابناء مذهب اهل البيت بصيغ مبطنة اريد منها
التقليل من شأن الكارثة والمصيبة التي لحقت بهذا المذهب وهي نسف مرقدي
الامامين المعصومين ومن ثم قتل 47 شيعيا في النهروان بعد التعرض لهما
في الطريق من قبل عصابة ارهابية ورمي جثثهم دون رحمة او وازع من
ضمير،او جرائم ابادة جماعية في لاسر في الاسكندرية والمدائن.
لاشيء اصعب من ان ترى مراقد ائمتك الذين هم مأوى الافئدة ومواطن
العروج الى الملكوت ومدار عزتك ومنجاك من غوائل الظالمين، ومنتهى املك
في الدعاء الى صاحب العصر والزمان ومن مكان غيبته، ان تراه وقد تحول
الى خرائب واستحالت تلك المعالم القدسية الى مجرد خراب، فترى روحك وقد
دفنت تحت ركام التراب، هذا التراب الذي ترتفع كرامتها عند الله سبحانه
وتعالى لتكون كل ذرة منها طهرا للنفوس التي ترتجي العفو والغفران من
الله، وكنا بالامس القريب قد حرمنا من زيارتها بسبب استيلاء اعداء مذهب
اهل البيت (ع) عليها ووقوعها أسيرة بأيدي الإرهابيين التكفيريين
والصداميين، ولاحول لنا ولاقوة ألا بالله وكان عزاءنا ان نزورها عن
بعد ونصلي لزيارتها عن بعد يبقوا غريبين كما عاشا في تلك المدينة
الظالمة ايام المتوكل العباسي، وحين قتلا غيلة وهما غريبان.
دارت الايام لكي يحاط بهما من قبل أعدائهما وان بفجر الحقد الازلي
مراقدهما دون ناصر او معين.. فها قد انكسرت فواصل الصمت المتعقل، الذي
فرضته المرجعية الدينية العليا منعا للفتنة وقبرا لها، على الجرائم
الارهابية اليومية التي طالت كل امننا ورموزنا ومصادر عيشنا وحياتنا،
وطالت مساجدنا وحسينياتنا ومواكبنا ومزاراتنا ومجالس عزاءنا العامة
والخاصة ومراقد أئمتنا في النجف وكربلاء والكاظمية عبر مجازر بشرية
يروح ضحيتها العشرات ناهيك عن جرائم الخطف والذبح وقطع الرؤوس، ونحن
نعرف الفاعلين ومن يروج لهم او يحرضهم او يبرر لهم ومواطن أوكارهم وقد
اتخذوا من مساجد الله معاقل للإرهاب ومدارس لتعليم الذبح والسلخ جاهرين
بما في جعبتهم عبر خطب تبيح لهم ولشذاذهم قتل النفس المحرمة.
لقد جعلوا من مساجد الله مساجد ضرار وليست مساجد للتقوى وحب الخير
والصلاح، فيما عثر مؤخر في سرداب عند مرقد الصحابي الجليل سلمان
المحمدي في المدائن على وكر متخذ من الارهابيين للقتل والاعدام
والاغتصاب والتعذيب وقد وجد فيه عدد من هويات وآثار الضحايا وافلام
مصورة عن تعذيب وقتل بعضهم!!..
ان من يتابع القناة المذكورة وما تدعو له من اهداف للتصعيد الارهابي
والترويج للحرب الاهلية، يتصور فعلا باننا على شفير حرب اهلية، وقد
تجاهلت تلك القناة الدعوات المخلصة للمرجعية العليا ولبقية المراجع
وزعيم الائتلاف وقادة التيارات الدينية لابناء شعبنا الى تحمل الصدمة
وعدم الانجرار نحو منزلق الفتنة وقد استجابت الملايين الغاضبة من ابناء
مذهب اهل البيت لهذه الدعوات وسعت الى تجنب الاساءة لمشاعر الاخرين،
لكن تلك القناة تعاطت مع هذا الامر بالاستخفاف والريببة.
اننا اليوم بامس الحاجة الى تطبيق احكام قانون مكافحة الارهاب بخصوص
الجرائم الارهابية والداعين الى بث الفتنة الطائفية واشعال الحرب
الاهلية، مذكرين بنصوص القوانين ومنها المادة 195 من قانون العقوبات
العراقي (- يعاقب بالاعدام كل من استهدف بقصد الارهاب اثارة حرب اهلية
او اقتتال طائفي وذلك بتسليح المواطنين او حملهم على التسلح بعضهم ضد
البعض الاخر وتكون العقوبة السجن المؤبد لكل من استهدف ذلك او روج لاي
فكر بقصد تغيير مبادئ الدستور او لتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من
الطبقات)، وذلك صريح ما دعت له تلك القناة والقائمين عليها، متخذين من
قضية كاذبة كقميص عثمان عبر مزايدات سياسية المراد منها قلب الحقائق
والظهور بموقع المظلوم… |