الحوار الإيراني الامريكي حول العراق يكشف عن احتمال تصدع الائتلاف الموحد وتشكيل ائتلاف جديد

قالت مصادر سياسية عراقية ان امكانية اجراء محادثات ايرانية امريكية بشأن العراق والتي تبدو أكثر احتمالا بعد تصريحات في واشنطن وطهران تعكس في جانب منها صراعات حادة داخل الائتلاف الشيعي الذي يهيمن على الساحة السياسية العراقية.

وتعثر تشكيل حكومة وحدة وطنية يقول مسؤولون امريكيون انها يمكن ان تجنب الدخول في حرب اهلية ليس سببه الوحيد المعارضة السنية والكردية لترشيح رئيس الوزراء الشيعي ابراهيم الجعفري وانما أيضا التنافس الشيعي على المنصب.

وقالت المصادر ان الدعوة التي وجهها يوم الاربعاء عبد العزيز الحكيم زعيم أكبر حزب في الائتلاف الشيعي وهو المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق لايران لكي تشارك في المفاوضات هو جزء من استراتيجية المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق لتغيير ترشيح الائتلاف الشيعي للجعفري لتولى ولاية ثانية. والهدف الاشمل للحكيم قد يكون اعادة تأكيد سلطته في الائتلاف الشيعي في مواجهة تحديات من زعماء اخرين.

وقالت مصادر مطلعة على آلية العمل الداخلي في الائتلاف ان الجعفري زعيم حزب الدعوة يتمتع بتأييد ايراني لتولي المنصب وان هذا كلفه تأييد واشنطن.

وقال سياسي عراقي كبير "واشنطن تعلم ان ايران تؤيد الجعفري ونتيجة لذلك قالت (لا) كبيرة له."

ويأمل الحكيم في استغلال ذلك لإلغاء التصويت الداخلي الذي منح الترشيح للجعفري بدلا من عادل عبد المهدي عضو الاعلى للثورة الاسلامية في العراق بفارق صوت واحد.

وقال السياسي "اعتدنا ان نقول ان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق هو المفضل لدى ايران لكن الامر لم يعد كذلك." واضاف "العلاقات الجيدة مع واشنطن أثرت على ذلك."

وخسر المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي تم تشكيله في ايران في الثمانينات لمحاربة صدام حسين التأييد في طهران حيث يتجه التأييد الايراني أكثر الى رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر. وثارت ميليشيات الصدر ضد القوات الامريكية مرتين في عام 2004 في وقت كان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق يعمل عن كثب مع القوات الامريكية لتولي السلطة في بغداد.

والصدر هو ثالث قوة في الائتلاف وتأييده حيوي لتأمين ترشيح الجعفري لمنصب رئيس الوزراء.

وقال مسؤول سياسي عراقي كبير "ايران ضد الاحتلال الامريكي للعراق. والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق يعمل الان عن كثب مع الامريكيين في العملية السياسية. ويغضب هذا الامر ايران وهذا هو السبب في انها تتحرك أكثر في اتجاه الصدر."

وقال "ايران تؤيد الان أي شخص يؤيده الصدر."

واستراتيجية الحكيم تبدو الان مثل محاولة لاستعادة الوضع المفضل للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق لدى ايران مع تقليل نفوذ الصدر في طهران. وعارض مساعدو الصدر بقوة امس الخميس المحادثات المقترحة.

وربما يأمل الحكيم ايضا في ان تؤدي المحادثات بين ايران والولايات المتحدة اللتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ 26 عاما في اجراء تعديل في الاوضاع السياسية الى المدى الذي يتخلي فيه الايرانيون عن تأييدهم للجعفري لصالح مرشح المجلس اعلى للثورة الاسلامية في العراق لتولي منصب رئيس الوزراء.

ومن غير المؤكد ان كانت الاحداث ستسير في هذا الاتجاه.

وتتهم واشنطن طهران "بالتدخل" في العراق كما ان النفوذ الايراني على الائتلاف الشيعي مصدر سخط بالغ بين السنة في العراق وفي العالم العربي فيما يعكس الانقسامات التاريخية الدينية والعرقية.

غير ان مصادر سياسية قالت ان هناك احساسا بالحاجة الملحة في بغداد لحل النزاع بشأن الجعفري.

ويعترف مسئولو الائتلاف بأن الانقسامات الداخلية بشأن الترشيح تعرقل العملية برمتها لتشكيل ائتلاف موسع مما يترك الزعماء العراقيين في حالة شلل في مواجهة التوتر الطائفي المتصاعد الذي يخشى كثيرون ان يقود البلاد الى حرب أهلية.

وامتنع مسؤولون امريكيون في بغداد عن التعقيب على هذه القضية.

وقال السفير الامريكي في العراق زلماي خليل زاد الذي يقوم بدور لتسهيل مفاوضات تشكيل حكومة انه مستعد لاجراء محادثات مع ممثلين ايرانيين.

وقال أحد المسؤولين السياسيين العراقيين "هذه المحادثات ستوفر الاساس لبدء حل المشكلة."

وقال السفير العراقي لدى بريطانيا صالح الشيخلي لقناة تلفزيون (سي. ان. ان.) الاخبارية الامريكية ان ايران بالطبع هي المفتاح والا فلماذا تريد الولايات المتحدة التحدث الى ايران.

من جهته نفى المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الانباء التي اشارت الى دخوله في تحالف سياسي على اساس حزبي خارج اطار الائتلاف العراقي الموحد وذلك لتغيير مرشح الائتلاف لرئاسة الوزراء ابراهيم الجعفري.

وجاء النفي على لسان متحدث في مكتب رئيس المجلس ورئيس كتلة الائتلاف عبدالعزيز الحكيم حيث اعتبر ان الانباء التي اشارت الى دخول المجلس في هكذا كيان سياسي عارية عن الصحة.

واكد المتحدث ان الائتلاف العراقي الموحد متمسك بمرشحه لرئاسة الوزراء ابراهيم الجعفري وان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية يعتقد ايضا ان الجعفري لا يزال هو المرشح الوحيد للائتلاف ولا تغيير في ذلك وانه ملتزم بالمبادىء التي تم اختياره على اساسها.

وكانت مصادر سياسية اشارت الى ان جبهة عمل وطني لتعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة الارهاب ستعلن ما بين مجموعة من الاحزاب السياسية.

وقالت المصادر ان هذه الخطوة التي ينتظر ان تكون متممة لحوارات وتحالفات سابقة تاتي لتعزز من تماسك الكتل النيابية ودعمها ورفدها بالرصيد الجماهيري.

كذلك كان النائبان في الجمعية الوطنية العراقية سلمان الجميلي عن جبهة التوافق العراقية ومحمود عثمان عن التحالف الكردستاني قد اعلنا في تصريحات صحافية ان هناك اتفاقا بين بعض الاطراف السياسية على تشكيل تحالف على اساس حزبي.

واشار النائبان الى ان "هذا الامر يتمثل بالاتفاق بين الحزب الديمقراطى الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الاسلامي العراقي والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية.

واوضح عثمان "ان الهدف من تشكيل هذا التحالف هو لتقريب وجهات النظر بين هذه الاطراف لحل الامور العالقة والاسراع بتشكيل الحكومة المقبلة".

غير ان مصادر سياسية اخرى رجحت ان هذا الاتفاق يهدف الى تغيير مرشح الائتلاف العراقي الموحد لرئاسة الوزراء ابراهيم الجعفري.

وكان عثمان قد وجه دعوة الى بقية الاطراف مثل التيار الصدري وحزب الدعوة للانضمام الى هذا التحالف ليشمل كل اطياف الشعب العراقي.

واشار الى "ان هذا التحالف كان من المفروض ان يوقع اليوم الجمعة في الساعة العاشرة ولكنه تأجل لاسباب لم يعلن عنها".

من جهتها اشارت مصادر في الائتلاف الى ان هذا المقترح طرح على الائتلاف وانه بصدد دراسته غير انه لن يكون بطبيعة الحال "بديلا للكتل النيابية" وانما سيكون عنصرا مساعدا لتقويتها وتعزيز حركتها وتامين الزخم الجماهيري لمشاريعها.

واضاف السيد محمود عثمان عضو قائمة التحالف الكردستاني اليوم السبت إن تشكيل جبهة سياسية جديدة تضم احزابا مثل الحزبين الكرديين ،والحزب الاسلامي العراقي (سني) ، وجبهة التوافق ،والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية (شيعي) ، "له ايجابيات وله سلبيات ايضا."

واضاف السيد عثمان في تصريح للصحفيين في قصر المؤتمرات ببغداد اليوم ان "من سلبياته هو خلق نوع من الحساسية لدى الكتل التي ينتمي اليها كل حزب من هذه الاحزاب عدا الحزبين الكرديين كونهما يؤلفان كتلة واحدة."

ولكن السيد عثمان قال إن من "إيجابيات هذه الجبهات انها ضرورة للعراق لأن من شأنها ان توحد العراق وتقلل من اختلاف وجهات النظر بين الاطراف كونهم سينتمون الى كتلة واحدة."

ونفى السيد عثمان ان يكون لهذه الجبهات أي تأثير على الكتل التي تنتمي اليها قائلا إن "هذه الجبهات لا تؤثر على الكتل البرلمانية التي تنتمي اليها كون النظام الداخلي للكتل لايمانع ان ينخرط اي حزب منه في تشكيل جبهات خارجية."

كما نفى ان تكون هذه الجبهة هي نوع من الانقسام داخل الائتلاف او التوافق ،قائلا إن "فكرة هذه الجبهة لم تكن وليدة العهد بل كانت قبل ان تتكون مسألة رفض مرشح قائمة الائتلاف (لرئاسة الحكومة القادمة) الدكتور ابراهيم الجعفري."

واشار السيد عثمان الى ان انشاء هذه الجبهة هو بمثابة تعبير عن "التهميش الذي تعرضت له هذه الاحزاب في هذه الفترة بعد ان كان لها دور كبير في ايام معارضة النظام السابق."

واستدرك قائلا "إلا اني علمت من اطراف فيها ان لديهم بعض الاختلافات في وجهات النظر قد تؤدي الى تأخر اعلانها."

وعن احتمال ان تشكل هذه الجبهة كتلة برلمانية داخل مجلس النواب،قال "لا اعلم."

غير انه اعرب عن تخوفه من هذه الجبهة "كونها قد تخلق نوعا من الحساسية لدى حزب الدعوة ،والكتلة الصدرية داخل قائمة الائتلاف العراقي الموحد.

واوضح قائلا "كنت اتمنى ان تشمل هذه الجبهة حزب الدعوة والكتلة الصدرية حتى لا يعتبران هذه الجبهة ضدهما."

وعن تشيكل الحكومة ومسألة مرشح الائتلاف ،قال "لحد الآن لم يتم التطرق لمسألة مرشح الائتلاف كون رؤوساء الكتل من خلال اجتماعهم أمس انشغلو ا بمسألة المجلس الوطني..او مجلس الحل والعقد."

وكان التحالف الكردستاني قد اقترح تشكيل مجلس وطني او مجلس للحل والعقد تكون له صلاحيات واسعة ولكن الائتلاف عارض ذلك بشدة .

واضاف السيد عثمان "لذا فقد برزت امس ثلاثة اقتراحات ،منها ان يكون المجلس صاحب قرار، أو يكون استشاريا ،أي انه يصدر قرارات وتوصيات."

وتابع "اما الرأي الثالث فهو ان يكون وسطا ..أي ان يكون مخططا استراتيجيا قرارته غير تنفيذية بل تكون الوزارة ملزمة بها."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 19/اذار/2006 -18/صفر/1427