
اصدر البيت الابيض الامريكي يوم الخميس وثيقة تحدد استراتيجية الامن
القومي للولايات المتحدة قال فيها ان الجهود الدبلوماسية الدولية
لاجبار ايران على التخلي عن طموحاتها النووية يجب ان تنجح اذا اريد
تفادي المواجهة.
وقالت الوثيقة التي تحدثت ايضا عن تحديات اخرى للامن القومي
الامريكي في العراق وفي منطقة الشرق الاوسط كلها وروسيا والصين وكوريا
الشمالية "قد لا نواجه تحديا من دولة واحدة أكبر من الذي نواجه من
ايران."
ودخلت الولايات المتحدة وحلفاؤها الاوروبيون صراع ارادات مع ايران
لاشتباه الغرب في ان طهران تسعى لتطوير برنامج لتصنيع اسلحة نووية لكن
إيران تصر على أن برنامجها سلمي وللاستخدامات المدنية فقط.
وقالت وثيقة البيت الابيض دون اسهاب "هذه الجهود الدبلوماسية يجب أن
تنجح إذا اريد تفادي المواجهة."
ويطالب الرئيس الامريكي جورج بوش بان تحقق الدبلوماسية نتيجة من
خلال المفاوضات لكنه لم يستبعد التحرك العسكري ضد إيران وان كان
الخبراء يعتقدون أن التورط الامريكي في العراق هو عنصر يقلل من هذا
الاحتمال.
وتحدثت وثيقة البيت الابيض أيضا عن مخاوف اخرى متعلقة بايران منها
انها ترعى الارهاب وتهدد اسرائيل وتسعى لافشال عملية السلام في الشرق
الاوسط وتعطيل الديمقراطية في العراق وتحرم الشعب الايراني من الحرية.
وقالت إن هذه القضايا لن تحسم إلا إذا اتخذت ايران قرارا استراتيجيا
بتغيير سياساتها وتبنى نظاما سياسيا منفتحا وتسمح بالحريات.
وأضافت "هذا هو الهدف النهائي للسياسة الامريكية. والى ان يتحقق ذلك
سنواصل اتخاذ كل الاجراءات الضرورية لحماية امننا القومي والاقتصادي في
مواجهة التأثيرات المعادية الناجمة عن سلوكهم السيء."
وحاولت الوثيقة الامريكية الفصل بين زعماء ايران والشعب الايراني
قائلة "استراتيجيتنا هي التصدي للتهديدات التي يشكلها النظام وفي الوقت
نفسه نوسع نطاق تعاملنا ونمد يدنا للشعب الذي يقمعه النظام."
كما قالت الوثيقة إن حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي فازت في
الانتخابات الفلسطينية وتشكل الحكومة القادمة امامها فرصة لاقرار
السلام مع اسرائيل واقامة دولة فلسطينية "اذا تخلت حماس عن جذورها
الارهابية وغيرت علاقتها مع اسرائيل."
وقالت وثيقة البيت الابيض ان كوريا الشمالية ايضا تشكل تحديا خطيرا
فيما يتعلق بانتشار الاسلحة النووية وان واشنطن ستواصل ضغطها من اجل
استئناف المحادثات الخاصة بالبرنامج النووي لبيونجيانج وذلك رغم سجل
كوريا الشمالية "الطويل والكئيب في النفاق والمفاوضات غير المخلصة."
وتعرف هذه المحادثات باسم المحادثات السداسية التي تشارك فيها
الكوريتان والولايات المتحدة وروسيا والصين واليابان.
والوثيقة الامريكية الجديدة للامن القومي هي تكملة لوثيقة صدرت عام
2002 عدلت عن سياسة الحرب الباردة لاحتواء الاتحاد السوفيتي السابق.
ودعت وثيقة عام 2002 الى ضربات وقائية ضد الدول المعادية او الجماعات
الارهابية وهي سياسة قال منتقدون انها استخدمت لشن الحرب على العراق.
وكررت وثيقة يوم الخميس ان الولايات المتحدة قد تتحرك وحدها اذا لزم
الامر لكنها أكدت على "التعاون المستدام" مع الحلفاء. واصرت الولايات
المتحدة على "ضرورة ان نكون مستعدين للعمل وحدنا اذا لزم الامر."
لكن بعد الغزو الامريكي للعراق قبل ثلاث سنوات والذي تسبب في توتر
العلاقات الدولية أكدت الوثيقة الجديدة على الحاجة إلى الدبلوماسية
قائلة "النتائج الدائمة التي يمكن ان نحققها في العالم دون التعاون
المستدام مع حلفائنا وشركائنا قليلة."
وعكست الوثيقة ايضا تحفظات واشنطن بشأن تراجع الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين عن المسار الديمقراطي قائلة إن تعزيز العلاقات مع موسكو
يعتمد على السياسة الخارجية التي تتبناها روسيا خاصة فيما يتعلق بالشرق
الاوسط وجنوب اسيا وشرقها واسيا الوسطى.
وقالت "التوجهات الاخيرة اشارت للاسف إلى التزام متراجع بالحريات
الديمقراطية ومؤسساتها. سنعمل على أن نحاول اقناع الحكومة الروسية
بالتحرك قدما لا التراجع في مسار الحريات."
كما أشارت الوثيقة الامريكية إلى قلقها بشأن الصين قائلة إنها
"متمسكة بطرق قديمة في التفكير والعمل مما يزيد المخاوف في المنطقة
والعالم."
وقالت إن النقاط المثيرة لقلق واشنطن إزاء بكين منها زيادة عدد
الجيش في صمت وتوسيع نطاق التجارة وان بكين تتصرف كما لو كان بوسعها أن
"تقفل" على امدادات الطاقة في العالم "أو تسعى إلى توجيه الاسواق بدلا
من ان تفتحها."
واضافت الوثيقة ان الصين "تؤيد دولا غنية بالموارد بغض النظر عن
اساءة حكم هذه النظم في الداخل او سوء سلوكها في الخارج".
واستطردت "في نهاية الامر على زعماء الصين ان يروا انه ليس بوسعهم
ان يجعلوا مواطنيهم يجربون وبشكل متزايد حرية الشراء والبيع والانتاج
وفي نفس الوقت تحرمهم من التجمهر وحرية التعبير والعبادة."
وقالت الوثيقة الاستراتيجية للامن القومي للبيت "اذا دعت الحاجة
(...) لا نستبعد اللجوء الى القوة قبل وقوع هجوم حتى وان كنا لا نعلم
جيدا المكان والزمان الذي سيشن فيه العدو الهجوم".
وفي الوثيقة التي تقع في 49 صفحة وتنشر الخميس وصفت ادارة بوش
التعاون الدولي لتبديد الازمات بانه اولوية "خصوصا مع اقدم واقرب
اصدقائنا وحلفائنا".
وكانت ادارة بوش اكدت حقها في شن هجوم وقائي في الوثيقة السابقة
للاستراتيجية الوطنية.
وجاء في الوثيقة الجديدة ان "مكانة الوقاية في استراتيجيتنا للامن
القومي لم تتغير".
وكانت الوثيقة السابقة نشرت في ايلول/سبتمبر 2002 قبل اشهر من غزو
العراق.
وكانت اسلحة الدمار الشامل التي قيل ان الرئيس صدام حسين يملكها
الذريعة الرئيسية التي قدمت في حينها وتبين لاحقا ان لا وجود لها. وما
زال البيت الابيض يصر على ان صدام حسين كان يشكل تهديدا.
واضاف ان "هذا التهديد ابعد نهائيا باطاحة نظام صدام حسين".
وختمت صفحة كاملة خصصت لتبرير العملية ضد العراق بتحذير يبدو موجها
مباشرة الى الدولة المجاورة ايران وجاء فيه "ليس لدينا ادنى شك في ان
العالم سيكون افضل حالا اذا ادرك الطغاة انهم بامتلاك اسلحة دمار شامل
سيتحملون عواقب ذلك".
وجاء في الوثيقة "ربما نواجه مع ايران اكبر تحد من قبل دولة".
ورفض الرئيس الاميركي جورج بوش استبعاد الخيار العسكري ضد ايران حتى
وان كانت الدبلوماسية تعتمد حاليا لتسوية هذا الملف الذي رفع الى مجلس
الامن الدولي.
وقالت الوثيقة ان على كوريا الشمالية الدولة الاخرى التي صنفها بوش
في "محور الشر" بدورها ان "تغير سياساتها" حتى وان لم تركز الوثيقة
عليها كثيرا.
ووجهت اصابع الاتهام الى "انظمة دكتاتورية" اخرى مثل سوريا وكوبا
وبيلاروس وبورما وزيمباوي. وانتقد البيت الابيض ايضا الصين وروسيا.
وانتشار الاسلحة من المواضيع التي اثارت قلقا كبيرا خصوصا خطر حصول
ارهابيين على اسلحة دمار شامل.
والمواضيع الاخرى الرئيسية التي اوردتها الوثيقة هي مكافحة الارهاب
وتشجيع الديموقراطية والحرية.
وتنفي ادارة بوش انها تكون في حرب ضد المسلمين قائلة اذا كانت هناك
"ايديولوجية توتاليتارية جديدة تطرح الان تهديدا" بعد الفاشية
والشيوعية فهي تجد مصدرها في "تحريف ديانة عظيمة" هي الاسلام. وخلصت
الى القول ان "الحرب على الارهاب معركة افكار وليست معركة ديانات". |