سلوبودان ميلوسيفيتش سفاح اوربا هل انتحر ام نحر؟

قالت كارلا ديل بونتي كبيرة الادعاء في محكمة لاهاي لجرائم الحرب التابعة للامم المتحدة يوم الاحد انها لا يمكنها استبعاد احتمال انتحار الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش ولكنها قالت انها تريد انتظار نتيجة التشريح.

وأضافت "بالطبع ربما يكون هذا ممكنا" مشيرة الى أن موت ميلوسيفيتش يوم السبت كان ثاني حالة خلال أسبوع واحد بمركز الاحتجاز التابع للمحكمة بعد انتحار زعيم متمردي صرب كرواتيا السابق ميلان بابيتش.

وأضافت أنها تتوقع ظهور النتائج الاولية لتشريح جثة ميلوسيفيتش في وقت لاحق يوم الاثنين ولكنها أشارت الى أن فحوصا للكشف عن وجود أي سموم ربما تستغرق وقتا أطول.

 وكان فاوستو بوكار رئيس محكمة لاهاي قال يوم الأحد إن فريقا هولنديا في الطب الشرعي لم يتمكن من تحديد سبب وفاة ميلوسيفيتش لهذا استلزم الأمر تشريح جثته.  وقالت ديل بونتي في وقت سابق إن موت ميلوسيفيتش جعل من اعتقال زعيم صرب البوسنة رادوفان كارادزيتش وقائده العسكري راتكو ملاديتش أكثر إلحاحا. واتهم الاثنان بالإبادة الجماعية. وفي مقابلة مع صحيفة لا ريبوبليكا الايطالية قالت ديل بونتي إن اقتراب صدور حكم ربما كان احد الاسباب التي حملت ميلوسيفيتش على الانتحار.  وأضافت "وفقا لتقديراتنا كانت (المحاكمة) ستنتهي بادانة تطالب بسجنه مدى الحياة. وربما اراد ان يتجنب كل ذلك." وأوضحت أن الفحوص الطبية لميلوسيفيتش كانت على ما يرام ولو كانت حالة قلبه قد ساءت او ارتفع ضغط الدم لديه لكان ذلك لوحظ.

في هذا القت اكدت مصادر ان التشريح الذي اجري الاحد ان الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش  كشف انه توفي بجلطة في القلب لكن محكمة الجزاء الدولية للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة اكدت ان استبعاد فرضية التسمم امر مبكر جدا. وقالت المتحدثة باسم محكمة الجزاء الكسندرا ميلينوف في مؤتمر صحافي قصير "من المبكر جدا التوصل الى اي نتيجة ويجب ان يضع الاطباء تقريرهم". وستجرى تحاليل خاصة بالسموم لميلوشيفيتش الذي توفي السبت عن 64 عاما اثر العثور على رسالة موجهة الى السلطات الروسية اكد فيها انه مهدد بتسميمه سلمها احد محاميه. وقالت محكمة الجزاء الدولية في بيان مقتضب مساء الاحد انها "تلقت ملخصا لنتائج التشريح". واضافت ان "الاطباء قالوا ان موت ميلوشيفيتش نجم عن +جلطة في القلب+". واضافت المحكمة ان "الاطباء اكتشفوا مشكلتين في القلب كان يعاني منهما سلوبودان ميلوشيفيتش ويمكن ان تفسرا اصابته بالجلطة القلبية" بدون ان تذكر اي تفاصيل عن هاتين العلتين. وتابعت ان "جثة ميلوشيفيتش ستسلم الى استره صباح الاثنين". وقد انتهى تشريح الجثة عند الساعة 19,45 بتوقيت لاهاي (18,45 تغ) ولم ينشر التقرير الطبي حتى الآن. وكانت مدعية محكمة الجزاء الدولية للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة كارلا ديل بونتي وصفت الحديث عن احتمال تسمم القائد الصربي السابق بانها "شائعات". وكان ميلوشيفيتش يحاكم منذ اكثر من اربعة اعوام بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد البشرية وجرائم ابادة في يوغوسلافيا السابقة في التسعينات. وطالب شقيقه ميروسلاف ميلوشيفيتش الذي يقيم في موسكو بعد ان كان سفيرا ليوغوسلافيا في روسيا بان يتوجه اطباء روس الى لاهاي "لان العائلة لا تثق بالتشريح كما كان (سلوبودان ميلوشيفيتش) لا يثق في هذا القضاء". واكدت محطة التلفزيون الهولندية "ان او اس" مساء الاحد ان مصدرين مختلفين اكدا ان تحاليل للدم اجريت في الماضي لميلوشيفيتش كشفت وجود مواد غير طبيعية. وحول الاشراف الطبي الذي كان يخضع له ميلوشيفيتش اثر تعرضه لمشاكل في القلب تطلبت وقف محاكمته عدة مرات قالت ديل بونتي الاحد ان "وفاته فجأة بدون ان يلاحظ الاطباء تدهورا مفاجئا في وضعه الصحي غريب لكنه ممكن طبيعيا". واضافت ان ميلوشيفيتش توفي "لاحد سببين الموت الطبيعي او انتحار" مؤكدة انها تنتظر نتائج عملية التشريح التي شارك فيها طبيب صربي. وفجر الجدل حول وفاة ميلوشيفيتش السبت اقرباء الرئيس السابق. واحتدم هذا الجدل الاحد عندما قال احد محاميه زدينكو تومانوفيتش في لاهاي ان ميلوشيفيتش كتب في رسالة الى السفارة الروسية عشية العثور عليه ميتا في سجنه انه معرض للتسميم. وكتب ميلوشيفيتش انهم "يريدون تسميمي" معبرا عن شعوره "بالقلق" من هذا الامر. واوضح ميلوشيفيتش ان تحاليل للدم اجريت في 12 كانون الثاني/يناير وسلمت في بداية آذار/مارس الى محكمة الجزاء كشفت وجود جرعة كبيرة من دواء يستخدم في علاج الجذام او السل. وحملت اسرة ميلوشيفيتش وحلفاؤه السياسيون المحكمة الدولية مسؤولية وفاته.

وكان القضاة رفضوا في شباط/فبراير طلبه الانتقال الى روسيا للعلاج رغم ضمانات قدمتها موسكو معتبرين انه قد لا يعود وانه يتلقى العناية اللازمة في لاهاي. والى جانب اسباب وفاته تشكل جنازة ميلوشيفيتش ايضا موضوع جدل. فقد قال شقيقه بوريسلاف ميلوشيفيتش انه يريد دفنه في "بلده" مؤكدا ان شقيقه "خرج منتصرا معنويا من هذه المحاكمة السياسية". لكن دفنه في صربيا حيث يلاحق القضاء ارملته ميريانا ماركوفيتش وابنه ماركو ميلوشيفيتش اللذين يعتقد انهما لاجئين سرا في روسيا يطرح مشاكل عدة ايضا. واعلن الرئيس الصربي بوريس تاديتش مساء الاحد انه يرفض العفو عن ميريانا ماركوفيتش المتهمة باستغلال السلطة مما يجعل من الصعب جدا تنظيم جنازة له في بلاده. واعلنت الرئاسة الصربية ان "الرئيس يعتقد ان اقامة جنازة وطنية لسلوبودان ميلوشيفيتش امر غير ملائم اطلاقا بسبب الدور الذي لعبه في تاريخ صربيا الحديث".

ويرى البعض ان وفاة سلوبودان ميلوسيفتيش المفاجئة جعلت منه شهيدا في اعين بعض الصرب في الوقت الذي تحيي في البلاد يوم الاحد الذكرى الثالثة لاغتيال رئيس الوزراء زوران دينديتش.. ذلك الرجل الذي اطاح به. وربما تأتي وفاة ميلوسيفيتش في سجنه لدى محكمة جرائم الحرب في لاهاي بهدية سياسية للقوميين المتشددين الذين وصفوا دينديتش بالخائن الذي باع بطلهم وتعهدوا بعدم مسامحة الليبراليين الموالين للغرب. وفي مجتمع يعاني من الشعور بأنه ضحية وتتملكه شكوك قديمة تجاه الغرب يكاد يكون في حكم المؤكد أن تؤدي وفاة ميلوسيفيتش إلى ان يتنازع صربيا اتجاهان مختلفان خلال عام حاسم ربما يشهد فقد اقليم كوسوفو والانفصال عن جمهورية الجبل الاسود. اما الجيران من الكروات ومسلمي البوسنة والبان كوسوفو الذين شن ميلوسيفيتش ضدهم حربا في محاولة مستميتة للحفاظ على هيمنة الصرب في يوغوسلافيا المنهارة فقد شعروا ان العدالة خذلتهم بسبب موته المفاجيء قبل ادانته. لكن الحزب الراديكالي الصربي المعارض صاحب أكبر تأييد وسط القاعدة العريضة من المواطنين والحزب الاشتراكي الذي كان يتزعمه ميلوسيفيتش طالبا بأن تقام له جنازة كبطل قومي. ومن المفارقات ان هذا يعني قد دفنه قرب دينديتش. وكانت تصريحات الحزبين اثر اعلان نبأ وفاة ميلوسيفيتش قوية وسط ادعاءات بان ميلوسيفيتش مات مسموما.

وقال سرديان بوجوسافليفيتش الذي يعمل في اعداد استطلاعات الرأي انه رغم ان نحو 50 بالمئة من الصرب يعارضون التعاون مع المحكمة فانه من غير المتوقع حدوث احتجاجات تلقائية بسبب وفاة ميلوسيفيتش. ولم يصدر أي رد فعل يذكر من جانب الصرب الاصلاحيين بينما اخذت حكومة الوسط موقف المتفرج فيما تتعرض لضغوط هائلة من الغرب لأن تسلم خلال الاسابيع الاربعة المقبلة الجنرال راتكو ملاديتش ابرز الهاربين من المتهمين بارتكاب جرائم حرب.

وقال محللون إنه إذا كانت الدولة تعتزم القبض على ملاديتش في الوقت المحدد للحيلولة دون تعليق الاتحاد الاوروبي محادثات الانضمام اليه وهو ما هددت به بروكسل فانها قد تتمهل بسبب المخاوف من تأثير وفاة ميلوسيفيتش. ومن جانب آخر فان عدم تحرك الدولة لالقاء القبض على ملاديتش وما ينجم عنه من تعليق المحادثات سيتيح للمتشددين نصرا سياسيا دون المخاطرة بخوض انتخابات. ولكن النتيجة ستكون حالة من الفوضى.

قال الكسندر فوشيتش من الحزب الراديكالي "قتلت محكمة لاهاي سلوبودان ميلوسيفيتش برفضها السماح بعلاجه في موسكو رغم ادراكها لخطورة حالته." والقى المسؤولية على عاتق محكمة لاهاي و"اتباعها المحليين هنا في صربيا الذين اختطفوه (ميلوسيفيتش) وسلموه" في اشارة واضحة لدينديتش الذي قتله قناص يعتقد ان جماعات قومية متطرفة استاجرته. وقال فوشيتش "اعتقد ان العواقب السياسية ستتمثل في اكتسابنا نحن من حاربنا ضد من يريدون تدمير صربيا حججا اقوى."

وفي بيان شديد التوازن قال سفيتوزار ماروفيتش رئيس اتحاد صربيا والجبل الاسود ان وفاة ميلوسيفيتش على هذا النحو "اختبار كبير للسلطة الاخلاقية لمحكمة لاهاي". ولكنه اضاف "رحل ميلوسيفيتش وامل ان ينتهي ايضا زمن المعاناة والانقسام والشر." ولم يعرف متي سيعود جثمان ميلوسيفتش الى صربيا لدفنه وليس هناك معلومات موثوق بها عن مكان وموعد تشييع الجنازة.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 14/اذار/2006 -13/صفر/1427