
قال السفير الامريكي في العراق زالماي خليل زاد ان السياسيين
العراقيين يفتقرون إلى الوعي بمخاطر المرحلة التي تمر بها بلادهم مشددا
على احتياج العراق إلى حكومة غير طائفية.
وقال في مقابلة نشرتها يوم الاحد صحيفة الحياة التي تصدر في لندن ان
نجاح العراق نجاح لامريكا وفشله فشل لها.
وسئل عما إذا كان يعتقد أن السياسيين في العراق يفتقرون الى الوعي
بخطورة المرحلة الراهنة فقال "نعم. المتوقع من الساسة العراقيين أن
يكونوا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم... ما عليهم أن يفهموه أن
مصلحة العراق يجب أن تأتي أولا لاننا الان في أزمة والبلد ينزف ويتجه
نحو الحرب الاهلية."
وأضاف أن "تأخير تشكيل الحكومة سببه انشغال الساسة بتوزيع المناصب
والنقاش حول أفراد. عليهم أن يتركوا الحديث في هذه الامور وتأجيل
النقاش في المصالح الفردية.
"عليهم أن يقدموا بعض التنازلات وأن يحترموا بعضهم البعض حتى يتم
تجاوز الازمة."
وأجريت الانتخابات العامة في ديسمبر كانون الاول الماضي لكن مشاورات
تشكيل أول حكومة عراقية دائمة منذ سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين
قبل حوالي ثلاث سنوات مازالت فاشلة.
ويطالب عرب سنة وأكراد بتكليف شخص اخر غير رئيس الوزراء المؤقت
ابراهيم الجعفري بتشكيل الحكومة الجديدة.
ويقول منتقدون ان أسلوب الجعفري الذي يتسم ببطء اتخاذ القرارات
واجراء مشاورات مكثفة داخل الائتلاف الشيعي الذي يتلقى الدعم منه لم
ينجح في كبح جماح الهجمات المسلحة التي ينفذها أساسا مسلحون من العرب
السنة كما أنه ترك اقتصاد العراق المنتج للنفط في حالة دمار.
وقالت الولايات المتحدة إن الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة تغض
الطرف عن فرق سرية للقتل.
وقال خليل زاد "نجاح العراق هو نجاحنا وفشله فشلنا. وهذا يعني أن
البلد يحتاج الى حكومة غير طائفية."
وأوضح أن الولايات المتحدة تواصل محادثات مع جماعات مسلحة عراقية.
وقال "أنا شخصيا متفائل. والخطوة التالية هي الحديث مع المقاومة...
لن نتعامل مع أشخاص مثل (الزعيم المتشدد ابو مصعب) الزرقاوي
والتكفيريين والصداميين.
"ما نريده هو رؤية عراق قوي فان كانوا (المقاومون العراقيون)
يعتقدون أنا نود احتلال بلادهم ونريد أن نؤسس لقواعد دائمة فيه نقول
لهم ان هذا خطأ."
لكن حلفاء ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء العراقي المؤقت الذي يقاوم
ضغوطا تطالبه بالتنحي من أجل الوحدة الوطنية ينظرون اليه بوصفه
براجماتيا خالصا بينما يرى فيه خصومه زعيما ضعيفا عاجزا عن احتواء
العنف.
ويقول الاكراد والعرب السنة انه نظرا لان التوترات كبيرة بالفعل فان
اختيار رئيس الوزراء المؤقت لرئاسة أول حكومة كاملة الصلاحيات بموجب
الدستور العراقي الجديد يشير فقط الى مزيد من المواجهات في المستقبل.
وخيب الجعفري الذي شغل منصب رئيس الوزراء المؤقت خلال العام الماضي
امال الكثيرين وأغضب العرب السنة بزيارة ايران الشيعية ووصفه العلاقات
بين العدوين السابقين بأنها ودية للغاية وقوية وتتوسع.
كما خسر الجعفري تأييد الاكراد الذين اتهموه باحتكار السلطة والفشل
في احترام الاتفاقات التي أبرمها لكسب تأييد الاكراد عندما تولى منصبه.
ويقول الاكراد ان الجعفري لم يبذل جهودا كافية لتأييد مطالبتهم
بمدينة كركوك في شمال العراق الغنية بالنفط والمختلطة عرقيا عاصمة
لمنطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي.
ويقول الجعفري انه يرى أن دوره هو تحقيق توازن بين المطالب العرقية
ويعرف عنه أنه ضاق ذرعا بالانتقادات من الخارج.
وقال ذات مرة في مؤتمر صحفي انه عندما يسأله أحد ان كان يريد حكومة
طائفية فانه يجيب بالنفي وهو لا يقول ذلك لان السفير الامريكي يطالب
بذلك أو يصدر تحذيرات مؤكدا أنه لا يريد أن يذكره أحد بذلك.
ومن حين لاخر يشكو المسؤولون الامريكيون والبريطانيون الذين يحاولون
توجيه السياسة العراقية في بعض الاحيان من بطء اتخاذ القرارات حيث
يتشاور الجعفري مع شركائه في الائتلاف وشخصيات دينية في النجف مثل آية
الله علي السيستاني.
ويقول منتقدون ان ذلك الاسلوب لم ينجح في كبح الهجمات المسلحة التي
ينفذها أساسا مسلحون من العرب السنة وترك اقتصاد العراق المنتج للنفط
في حالة دمار وان الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة تغض البصر عن فرق
سرية للقتل.
لكن حلفاء الجعفري ظلوا على عنادهم.
وقال جواد المالكي وهو عضو كبير في حزب الدعوة الذي يتزعمه الجعفري
"الجعفري مرشحنا وسيظل كذلك. لن نغيره ولن تكون هناك أي اعادة
للانتخابات لاختيار مرشح اخر."
ويمسك الجعفري بتوازن دقيق داخل الائتلاف الشيعي الحاكم الذي رشحه
بفارق صوت بعد خلافات داخلية مطولة بين حزب الدعوة والمجلس الاعلى
للثورة الاسلامية في العراق شريكه الرئيسي في الاتئلاف العراقي الموحد.
ووعد الجعفري عندما اختير رئيسا للوزراء في الحكومة المؤقتة
باستخدام الحوار والدبلوماسية لرأب الانشقاقات الطائفية في العراق وحقق
قدرا من النجاح. وحصل العرب السنة على 58 مقعدا في البرلمان في
الانتخابات التي جرت في ديسمبر كانون الاول الماضي بعد أن قاطعوا
الانتخابات التي جرت قبل 11 شهرا.
ونقطة القوة الرئيسية التي يتمتع بها الجعفري داخل الائتلاف هو أن
منافسه الرئيسي على المنصب عادل عبد المهدي يعد حليفا مقربا لايران وهو
أمر ينظر اليه كثير من العراقيين لا سيما الشيعة العلمانيين بشك خشية
فرض دولة دينية على غرار نظام الحكم في ايران.
ووافق الطالباني يوم الخميس على تأجيل انعقاد أولى جلسات البرلمان
الجديد لمدة أسبوع بطلب من الائتلاف العراقي الموحد. وقال المالكي ان
الائتلاف في حاجة لمزيد من الوقت لبحث مسائل مثل اختيار رئيس البرلمان
الذي يتعين انتخابه في أول جلسة حسبما ينص القانون.
لكن المالكي استبعد أي نقاش بشأن ترشيح الجعفري مذكرا الاكراد
والسنة الذين يطالبون بالرئاسة ومنصب رئيس البرلمان بأنهم في حاجة الى
تأييد الشيعة لتنصيب مرشحيهم.
من جهته قال رضا جواد تقي عضو قائمة الائتلاف الموحد الشيعية لوكالة
فرانس برس ان "الائتلاف العراقي الموحد سيعقد اجتماعا مع جبهة التوافق
العراقية في اطار بحث تشكيل الحكومة المقبلة". واوضح انه "سيتم خلال
اجتماع اليوم دراسة المقترحات التي قدمتها جبهة التوافق العراقية الى
قائمة الائتلاف الموحد".
وكان تقي اشار الى ان "الائتلاف الموحد سبق ان قدم برنامج الحكومة
العراقية التي سيتولى رئاستها ابراهيم الجعفري الى الاخوة في جبهة
التوافق العراقية". واضاف "وردتنا امس اقتراحات جبهة التوافق بخصوص هذا
البرنامج".
وتضم قائمة الائتلاف العراقي الموحد التي فازت ب128 مقعدا في مجلس
النواب خلال الانتخابات الاخيرة حزب الدعوة العراقي برئاسة رئيس
الوزراء المنتهية ولايته ابراهيم الجعفري والمجلس الاعلى للثورة
الاسلامية بزعامة عبد العزيز الحكيم بالاضافة الى احزاب وكتل سياسية
اخرى.
اما جبهة التوافق العراقية التي يترأسها عدنان الدليمي وحصلت على 44
مقعدا في الانتخابات التشريعية فتضم ثلاثة اطراف الحزب الاسلامي
العراقي الذي يترأسه الهاشمي ومؤتمر اهل العراق برئاسة عدنان الدليمي
ومجلس الحوار الوطني برئاسة الشيخ خلف عليان.
وقال ظافر العاني الناطق باسم الحزب الاسلامي العراقي اكبر الاحزاب
السنية في العراق ان "اجتماع اليوم هو الثالث منذ احداث سامراء
(الاعتداء على المقام الشيعي) وسيتم خلاله مناقشة اسس ومبادىء حكومة
الوحدة الوطنية مع الائتلاف الموحد". واضاف "كما ستتم مناقشة الخلافات
في وجهات النظر اذا وجدت" معربا عن امله في "الوصول الى نتائج ايجابية
وبناءة".
واكد العاني ان قائمة التوافق العراقية تسعى الى "تشكيل حكومة وحدة
وطنية يشارك فيها الجميع ويشعروا من خلالها بمشاركة في اتخاذ القرار".
وفي ما يتعلق بدعوة مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان قادة الكتل
السياسية في العراق الى اجتماع في الاقليم قال تقي ان "الائتلاف الموحد
يؤيد فكرة عقد الاجتماع في كردستان لذلك سيتم الرد عليها قريبا جدا".
من جهته اعتبر نائب رئيس الجمعية الوطنية العراقية عضو الائتلاف
الموحد حسين الشهرستاني ان "المكان الطبيعي لعقد الاجتماع هو بغداد ومن
الضروري وجود الكتل السياسية في بغداد بسبب الظروف الحرجة التي يمر بها
العراق".
واكد الشهرستاني ان "الوضع لا يسمح بان يترك القادة السياسيون
بغداد".
وكان بارزاني دعا الجمعة القادة العراقيين الى الاجتماع في كردستان
شمال العراق من اجل تجاوز الازمة الحالية والاتفاق على تشكيل الحكومة.
وقال بارزاني في بيان ان "المفاوضات في بغداد وصلت إلى حالة يمكن
وصفها بالازمة وللخروج من هذه الأزمة نحتاج إلى الية جديدة وفي موقع
آخر ولم شمل الجميع حول مائدة مستديرة".
واضاف "ندعو القادة السياسيين إلى الاستجابة لهذه الدعوة الاخوية
وكلنا امل في ان يتم اللقاء في أقرب فرصة في كردستان للخروج من الأزمة
الحالية لخير البلد وابناء الشعب العراقي جميعا".
وتأتي دعوة بارزاني بعد دعوة السفير الاميركي في العراق زلماي خليل
زاد المجموعات السياسية في البلاد الى التعجيل في تشكيل حكومة وحدة
وطنية مقترحا عليهم الاجتماع حتى خارج العراق للتوافق على سقف سياسي من
شانه تحريك هذه العملية.
واعرب الرئيس العراقي جلال طالباني الجمعة عن مخاوفه من اندلاع حرب
اهلية في العراق اذا لم تتفق الاحزاب السياسية على تشكيل حكومة وحدة
وطنية. وقال "اذا لم يحصل العراق على حكومة وحدة وطنية فالنتيجة ستكون
سيئة للغاية ونخشى حتى من حرب اهلية".
من جهته صرح عضو قائمة التحالف الكردستاني الكردية محمود عثمان
لوكالة فرانس برس اليوم ان الاجتماعات بين قائمته وقائمة الائتلاف
الموحد "متوقفة حاليا". واضاف "ما زلنا ننتظر رد الائتلاف الموحد في ما
يتعلق بمرشحه لرئاسة الوزراء" في اشارة الى مطالبة الاكراد بتغيير مرشح
الائتلاف لرئاسة الوزراء ابراهيم الجعفري |