الساحة العراقية ستشهد تغييرات جذرية: ضغوط امريكية بريطانية على شيعة العراق وتقارير تؤكد وجود خطة لخلق صدام جديد

حث السفير الامريكي لدى العراق زعماء البلاد المنقسمين على انفسهم على انهاء مأزق سياسي يعرقل تشكيل حكومة ائتلافية تنظر اليها واشنطن على انها افضل امل لسحب قواتها.

وفي الوقت الذي قال فيه الائتلاف العراقي الموحد انه لن يذعن للضغوط من جانب الاكراد والسنة واخرين للتراجع عن اختيار ابراهيم الجعفري لمنصب رئيس الوزراء دعا زلماي خليل زاد الى مؤتمر خاص يحتمل ان يعقد خارج العراق لكسر الجمود.

ودعا الرئيس العراقي جلال الطالباني يوم الجمعة البرلمان الجديد للانعقاد يوم 19 مارس اذار متجاوزا باسبوع مهلة دستورية وذلك بناء على طلب من الشيعة لاتاحة مزيد من الوقت للاحزاب السياسية للاتفاق بشان المناصب الرئيسية بما فيها رئيس البرلمان.

وبعد ثلاثة اشهر من الانتخابات التي جرت في ديسمبر كانون الاول تستخدم الولايات المتحدة قوتها الدبلوماسية من اجل تشكيل حكومة وحدة يمكن ان تتصدى لتهديد اندلاع حرب اهلية وتعزز الاستقرار الامر الذي يسمح لها بالبدء في سحب قواتها البالغ قوامها 130 الف جندي.

وفي مقابلة مع مجلة تايم قال خليل زاد الذي اجتمع مع كل الاحزاب انه سيدفع فكرة مؤتمر خاص على مدار الايام القليلة القادمة حتى يتمكن الزعماء العراقيون من التوصل الى برنامج سياسي مشترك.

وقال "اعتقد اننا عندما تكون لدينا حكومة وحدة وطنية .. وعندما تكون لدينا وزارات يديرها وزراء اكفاء وعندما ندخل المرحلة القادمة من الوصول للسنة... اتوقع دون شك مجموعة من الظروف التي ستسمح ...بانسحاب ملموس للقوات."

ويطالب الزعماء الاكراد والسنة والعلمانيون الشيعة بالتراجع عن اختيارهم لابراهيم الجفعري لولاية ثانية في منصب رئيس الوزراء قائلين انه فشل في تحقيق الاستقرار والرخاء منذ توليه المنصب في العام الماضي.

وقتل العنف الطائفي مئات الاشخاص بعد تفجير في مزار شيعي في 22 فبراير شباط مما عمق مشاعر الريبة بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية.

وبالرغم من ان اراقة الدماء عادت الى النمط اليومي الاكثر اعتيادا يخشى الكثيرون من ان حادثا جديدا قد يفجر حربا شاملة.

وقال خليل زاد الذي كان مبعوثا لدى موطنه الاصلي افغانستان لمجلة تايم انه سيؤيد مبادرة جديدة بان يغلق الباب على المسؤولين في قاعة ولا يسمح لهم بالخروج قبل تسوية خلافاتهم.

هذا وانتشرت تقارير خطيرة في عواصم اوروبية تتحدث عن سيناريو خطير لاجهاض العملية الديمقراطية في العراق ، والعمل على اعادته الى عهد الديكتاتورية والقمع كما ذكر ذلك موقع النهرين نت ، وتشير هذه التقارير الى ان الخطوة القادمة التي تخطط لها الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا لتنفيذها في العراق هي العمل على تهيئة الاوضاع السياسية والامنية لابراز شخصية عراقية فيها صفات القسوة والشدة والعنف، تمارس الحكم الديكتاتوري على غرار صدام لحكم العراق .

وتؤكد مصادر دبلوماسية غربية ان هذه التقارير يجب ان تحمل  محمل الجد ، وانها ليست سيناريو على غرار الافلام الاميركية ، بل هذه التقارير تعكس تيارا قويا في الادارة الاميركية يدفع بالمسؤولين فيها الى بدء مرحلة جديدة من السيطرة على العراق ،  والشخصيات التي تمثل هذا التيار تساهم في خلق التصورات  للسيناريوهات التي تدرسها هذه الادارة للتعامل مع الشان العراقي .

وياتي  " اندرو كريبينيفيتش " في مقدمة هذه الشخصيات التي تدفع الادارة الاميركية الى هذا الاتجاه ، وهو يشغل منصب رئيس " مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية " في البنتاغون و يعمل مستشارا في هذه الوزارة ، وهو من المتحمسين الى كسب اكثر من ادارة في الحكومة الاميركية واقناعها لتبني هذا الراي وليس فقط البنتاغون .

ويقول في مقترحه " علينا ان نعمل من اجل ظهور صدام اخر يكون قاسيا بما يكفي للتعامل مع المشكلة وخاصة اذا ماازدادت الخلافات وتطورت الى مايشبه الحرب الاهلية " .

وتعتقد الدوائر الاوروبية، ان خطورة هذا الراي تكمن في انه ليس الراي الوحيد بل هناك من يشارك " اندرو كريبينيفيتش "  الراي في ادارات اخرى ، وخاصة  " لاري ويلكنسن " رئيس هيئة موظفي وزارة الخارجية في عهد الوزير الاسبق كولن باول ، الذي يشارك " اندرو كريبينيفيتش " الراي والتحليل في ضرورة خلق صدام اخر في العراق :

اذا يقول : (علينا ان نرمي بثقلنا الى جانب رجل ما ليصل الى السلطة في العراق  لاان نكتفي بمراقبة اعمال العنف ).

ومن الاسباب التي تدعو الى الخوف من تحول هذا الراي وهذا المقترح بدفع شخصية ديكنانورية دموية  الى سدة الحكم  ، من مجرد راي ومقترح الى حقيقة واقعة ، هو ازدياد الاشخاص المهمين الداعين لها ، ومن بين هؤلاء

" يفغيني ساتنوفسكي " رئيس معهد " الشرق الاوسط " في موسكو الذي كان يشغل منصب الرئيس السابق للمؤتمر اليهودي في روسيا وهو عضو حالي في مجلس ادارته  وهو له علاقات واسعة مع شخصيات في اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الاميركية، هذا الرجل  يتحمس الى ذات الفكرة التي يدعو اليها مستشار وزارة الدفاع الاميركية" اندرو كريبينيفيتش " يشان خلق صدام اخر في العراق ،  مما يدل على ان خط التفكير لهؤلاء المنظرين الاستراتيجيين والمؤثرين في القرار الدولي سواء الاميركي او الروسي او غيرها من البلدان يسير في اتجاه واحد يصب باتجاه حماية مصالح  الدول الكبرى  وليس في صالح استكمال العراقيين لشروط السيادة الكاملة والاشراف الفعلي على تسيير الشؤون الاقتصادية  والمالية والسياسية والامنية  وانهاء الاحتلال واثاره الخطيرة في البلاد .

ويقول" يفغيني ساتنوفسكي "   في حديث لصحيفة " نيزافيسيمايا غازيتا  في عددها الصادر في نهاية الشهر الماضي : ( ان احلال الاستقرار في العراق يتطلب ان يترأس البلاد من جديد ديكتاتور قاس لايهاب اراقة الدماء ويتمتع بالقوة لسحق اية مقاومة )!!  مما سبق يتضح بالفعل ان المخططين والمنظرين للسياسات الكبرى المتعلقة بالعراق

يدفعون باتجاه خلق ديكتاتور جديد في العراق ، والشروط الملائمة لترجمة هذا المشروع في العراق  قوية جدا لاسباب عديدة ، من بينها وجود اشراف اميركي وبريطاني مباشر على المشروع الامني والاستخباراتي في العراق ، بل ان جهاز المخابرات  يخضع لتدخل مباشر منهما ، وان المسؤولين العراقيين لايعرفون شيئا عن جهاز الاسنخبارات هذا وان مسؤوله الاول العميد الشهواني الذي يساعده فريق من ضباط الاستخبارت في عهد صدام وبعضهم من الحرس الجمهوري ، لايخضعون لاوامر المسؤولين العراقيين ، بخلاف وجود ضباط في الجيش يحضر لهم الاميركيون والبريطانيون دورا قريبا في العراق ومشابها لهذا الاتجاه .

 كما ان  الخلافات التي تعصف بالاحزاب السياسية  وفشل الحكومة من  تقديم خدمات ملومسة للعراقيين في معظم مجالات الحياة ، ورغبة الناس في التخلص من هذا الحلل الاداري والامني  والتجاذب السياسي ، كل ذلك مناخات تساعد في ايجاد ارضية مناسبة للمشروع الاميركي البريطاني القادم في العراق . بل ان المراقبين الغربيين يكادون يقطعون بان هذه المرحلة  قادمة لامحالة والسؤال هو متى ..؟ والسؤال الاخر الاكثر صعوبة هو من هو هذ ا الديكتاتور الذي سيدفع به الاميركان والبريطانيون الى القصر الجمهوري ..؟

وكتب تشارلز كروثامر في صحيفة الـ واشنطن بوست حول تطورات العملية السياسية في العراق قائلا:

ثمة تطور سياسي مهم يمكن ان يكون بداية لتغيير جذري على الساحة العراقية التي تشهد احداثاً دموية مأساوية يومية.

فبعد ان تحالفوا عقب الانتخابات البرلمانية مع احزاب الشيعة لتشكيل الحكومة الراهنة التي يقودها بهيمنة شيعية ابراهيم الجعفري، انضم الاكراد الآن للاحزاب السنية والعلمانية المعارضة لكتلة الشيعة، وبذا، يبرز اليوم تآلفان كبيران متنافسان يتمثل الاول في كتلة كردية، علمانية سنية تسيطر على 140 من اصل 275 مقعداً في البرلمان، ويتمثل الثاني من خلال كتلة شيعية تتألف من سبعة احزاب ليست دائماً على علاقات ودية مع بعضها، وتسيطر على 130 معقداً في البرلمان.

ربما يبدو للبعض الآن ان الظروف باتت متاحة اذن لتشكيل حكومة عراقية علمانية جديدة غير ان الامر ليس على هذا النحو لسبب بسيط هو ان الدستور العراقي ينص على ان يكون هناك اغلبية من ثلثي اعضاء البرلمان حتى يصبح بالامكان تشكيل الحكومة، وذلك من اجل حماية حقوق الاقليات وضمان قيام تآلف حاكم بقاعدة عريضة.

من الواضح اذن ان هذه الفقرة من الدستور تضع العراق اليوم امام مأزق جديد يمكن ان يؤدي لكارثة اذا ما انهار النظام بأكمله او يمكن ان يسفر عن قيام حكومة جديدة اقل طائفية واكثر فاعلية من حكومة الجعفري.

الا ان المسألة الهامة الاخرى تبقى في من يسيطر على وزارتين حساستين هما الداخلية والدفاع ففي العراق ليس لوزارة الداخلية شأن بالحرائق الوطنية بل هي معنية، مثل الكثير من بلدان العالم، بالامن الداخلي وجهاز الشرطة، وفي ظل الحكومة الراهنة تخضع هذه الوزارة لسيطرة الشيعة لذا تمكنت بعض الميليشيات الشيعية المتطرفة من التسرب اليها، ونفذت هجمات انتقامية عنيفة ضد السنة بعد التفجير الذي تعرض له مسجد القبة الذهبية في مدينة سامراء.

وكان لابد لمثل تلك الاعمال ان تنعكس سلباً على جهاز الشرطة بصفته اداة قانونية ووطنية للمحافظة على النظام والامن في البلاد.

لذا، ركز السفير الامريكي في العراق زلماي خليل زاد، الذي صنع الكثير من المعجزات في افغانستان، على ان تكون وزارة الداخلية بعيدة عن الطائفية، وذلك من خلال تسلم مسؤوليتها لشخصية عراقية حيادية او لشخصية سنية علمانية لا ترتبط بحزب البعث.

وينطبق هذا ايضاً على وزارة الدفاع التي تسيطر على الجيش الذي حافظ على انضباطه خلال اعمال العنف التي اعقبت تفجير مسجد سامراء، وتصرف كمؤسسة وطنية يمكن الاعتماد عليها.

والواقع ان النجاح السياسي في العراق يرتكز بقوة على هاتين الوزارتين وهذا ما يجعل المفاوضات القائمة الآن حول تشكيل الحكومة شاقة ولا نهاية لها وابرز عقبة فيها شخصية رئيسها.

فقد اسفرت عملية التصويت الداخلي التي جرت داخل الكتلة الشيعية عن ابقاء الجعفري رئيساً للحكومة الجديدة.

ويرجع الفضل في نتيجة ذلك التصويت لمجموعة الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر المناهض للامريكيين، لكن يبدو ان الصدر يرى في وجود حكومة ضعيفة فاسدة، تسمح بتردي الاوضاع، خير وسيلة له للوصول الى السلطة.

والملاحظ ايضاً ان الاحزاب المشاركة في التآلف الشيعي ليست راضية كلها عن اداء الجعفري، وعن اعتماده على مجموعة الصدر وثمة مؤشرات لانقسامات بدأت تظهر داخل هذا التآلف.

والآن، مع سعي الكتلة الكردية السنية العلمانية لترشيح شخصية جديدة من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، لابد ان يشكل انشقاق الاكراد عن التآلف الشيعي اخباراً طيبة للولايات المتحدة وسط فيض لا ينقطع من الاخبار السيئة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/اذار/2006 -11/صفر/1427