السياسيون العراقيون يتوافدون على النجف لمقابلة السيد السيستاني

أصبح الطريق الى النجف الأشرف مطروقا بشدة ليس فقط بملايين الحجاج من الشيعة بل - ومنذ سقوط صدام حسين - بزعماء العراق الجدد الذين يسعون جميعهم الى الوصول لاسماع رجل ربما يكون أكثر الرجال نفوذا في هذا البلد.

وتزايد عدد زائري آية الله العظمى علي السيستاني القادمين من بغداد - وكان من بينهم يوم الاحد مبعوث من الرئيس العراقي - وتوالت زياراتهم منذ أن انفجر غضب الشيعة بشكل غير مسبوق دافعا العراق الى شفا حرب أهلية طائفية قبل أسبوعين.

وبالنسبة للكثيرين فان رجل الدين الذي يميل للعزلة هو الذي يحول بين البلاد والانزلاق الى الفوضى .. وهي ليست المرة الأولى التي يقوم فيها بذلك. لكن الدماء التي أُريقت رغم نداءاته فضلا عن تقدمه في السن وحالته الصحية أصبحت تثير التساؤل.. الى متى يمكنه كبح جماح هذا المد الطائفي؟.

وقال برهم صالح الوزير الكردي ومبعوث الرئيس جلال الطالباني الذي التقى بالسيستاني يوم الاحد انه لابد للمرء من أن يعجب ويقر بالتأثير المعتدل لآية الله السيستاني.

وقال صالح لرويترز ان دور السيستاني المهديء كان حيويا لمنع العراق من الانزلاق الى أتون حرب أهلية.

ورغم أنه يتجنب الانخراط العلني في السياسة مثل أقرانه من آيات الله في ايران الا ان السيستاني يقف في قلب الساحة السياسة بالعراق منذ 2003 عندما أطاحت القوات الامريكية بصدام وسلمت السلطة فعليا للاغلبية الشيعية.

وتطلعت الاقليتان السنية والكردية الى السيستاني كي يضغط على أنصاره الشيعة لتتقاسم السلطة معهم. وهم يريدون منه الان اقناع الزعماء السياسيين الشيعة بالتخلي عن رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري كشرط للانضمام الى حكومة وحدة وطنية.

وقال صالح بعد محادثات يوم الاحد ان الاكراد يأملون في أن يواصل السيستاني تشجيع سياسات "تخدم كل العراقيين".

ومن جانبهم كثر تردد السياسيين الشيعة على باب السيستاني في النجف في محاولة لتسوية خلافاتهم الداخلية والتي كان آخرها قضية ترشيح الائتلاف الشيعي الحاكم للجعفري للاحتفاظ بمنصبه.

وزار وفد من حزب الدعوة الذي يتزعمه الجعفري السيستاني يوم السبت.

وقال مسؤول سياسي شيعي كبير "السيستاني يفضل ألا يتدخل في التفاصيل السياسية ولكن عندما يفشل السياسيون في التوصل لاتفاق ويتفاقم الموقف فهو حلال المشاكل."

وقد تشكل الائتلاف العراقي الموحد الذي يضم حزب الدعوة بزعامة الجعفري والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وحركة رجل الدين الشاب مقتدى الصدر لخوض الانتخابات تحت رعاية السيستاني.

واستهدف هذا الائتلاف منع تفتت اصوات الشيعة الذين يمثلون 60 في المئة من سكان العراق.

ويعتبر دعم السيستاني وان كان ضمنيا أمرا أساسيا لنجاح الائتلاف في الانتخابات والحفاظ على وحدته.. وهو أمر يقول منتقدون انه ساهم في إذكاء الطائفية في الحياة السياسية العراقية.

وقال رضا جواد التقي العضو البارز في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وهو على الأرجح أقوى الاحزاب الشيعية ان السيستاني رجل حكيم ويعرف كيف يجد التوازن في بلد متعدد الأعراق والطوائف يمر بظروف صعبة ويعيش تحت الاحتلال.

والخلافات الداخلية ليست على طاولة التفاوض وحدها. فقد ساعد السيستاني في استعادة الهدوء بعد انتفاضتين لانصار الصدر ضد قوات الاحتلال عام 2004 وبعد الاقتتال بين جيش المهدي التابع للصدر ومنظمة بدر التابعة للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في سبتمبر ايلول من العام الماضي.

وقال تقي انه لولا السيستاني لواجه العراقيون مشاكل خطيرة.

ومنذ ايام قلائل دعا السيستاني وهو الابرز بين العديد من المرجعيات الدينية في مدينة النجف بجنوب بغداد للهدوء بين الميليشيات الشيعية التي ثارت لتفجير مزار شيعي رئيسي في سامراء في 22 فبراير شباط.

بل وأقدم على خطوة نادرة الحدوث بظهوره في فيلم يصور اجتماعه مع رجال الدين لعرضه على شاشات التلفزيون تأكيد دعوته لضبط النفس. وكانت هذه أول مرة يظهر فيها منذ عامين. ورغم ذلك فقد لقي المئات حتفهم على مدى ايام من أعمال القتل المتبادلة.

وتجاسر أحد كبار رجال الدين السنة الغاضبين على طرح السؤال علنا عما اذا كان السيستاني مازال صاحب القول الفصل بين الشيعة. وليس للسيستاني خليفة محتمل.

 ويقول معاونون ان عمره 75 عاما رغم أن كثيرين يعتقدون انه تخطى الثمانين وأجرى عملية جراحية في القلب قبل عامين.

هذا وصرح برهم صالح وزير التخطيط العراقي القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الاحد انه اطلع المرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني والزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر على موقف الاكراد من ترشيح ابراهيم الجعفري لمنصب رئيس الحكومة.

وزار صالح القيادي في الحزب الذي يتزعمه الرئيس جلال طالباني آية الله السيستاني في منزله وسط النجف (160 كلم جنوب بغداد) قبل ان يزور الصدر في المدينة نفسها.

وقال صالح للصحافيين بعد خروجه من منزل السيستاني "جئت مبعوثا من الرئيس طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني لتقديم التعازي وشكره على الموقف الذي اخذه للحفاظ على وحدة العراق" بعد الاعتداء الذي استهدف مرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في 22 شباط/فبراير الماضي.

وحول موقف الاكراد من ترشيح الائتلاف العراقي الموحد لابراهيم الجعفري لرئاسة الوزراء قال صالح "نحن متمسكون بمطالبتنا بتغيير اسم مرشح الائتلاف ابراهيم الجعفري وجئنا من اجل شرح وجهة نظرنا والاستماع الى ارائه".

وتابع صالح "ليس لدينا اي اعتراض شخصي لكن نحتاج في المرحلة القادمة الى بناء حكومة وحدة وطنية والى وجوه جديدة لان الجعفري لن يكون رئيس وزراء على وزارات انما على كل العراقيين".

واعرب صالح عن الامل في ان "يحترم الاخوة في الائتلاف وجهة نظرنا في مطالبنا بتغيير اسم مرشحهم" مشيرا الى ان "الحل يكمن في الحوار البناء والمثمر بين القوائم وصولا الى حل وطني".

وقام صالح بعد ذلك بزيارة الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر في منزله وسط النجف. واوضح في تصريحات للصحافيين في اعقاب اللقاء "لقد بين الصدر وجهة نظره وهي ان الائتلاف قرر ترشيح الجعفري لمنصب رئاسة الوزراء".

واضاف "شرحت له ان موقفنا من ترشيح الجعفري ليس موجها ضد الائتلاف او ضد الشيعة واننا نامل في ان نتعاون من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية". واكد انه بحث مع الصدر في "آليات لحل هذه الاشكالات".

وقال "نحن ليس لدينا اعتراض على شخص الجعفري ولكننا نؤكد على ان من يرشح لمنصب رئيس الوزراء يجب ان يحظى بموافقة جميع الفرقاء من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية". واعرب صالح عن الامل في ان "يحترم الائتلاف هواجس وقلق الفرقاء الاخرين"

وتأتي الزيارة في اعقاب رفض الاكراد والعرب السنة لترشيح لائحة الائتلاف العراقي الموحد الشيعية لابراهيم الجعفري لمنصب رئيس الوزراء.

واختار اعضاء لائحة الائتلاف التي احتلت المرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية في مطلع الشهر الماضي ابراهيم الجعفري لمنصب رئيس الوزراء.

وكان مسؤولون من العرب السنة والاكراد اعلنوا الخميس ان هاتين المجموعتين ترفضان ترشيح الشيعي ابراهيم الجعفري لترؤس الحكومة المقبلة. وقال الرئيس العراقي السبت ان قائمة التحالف الكردستاني ارسلت مذكرة الى قائمة الائتلاف الموحد تطالبها فيها بتغيير اسم مرشحها ابراهيم الجعفري لرئاسة الحكومة المقبلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين  6 /اذار/2006 -5 /صفر/1427