عفو جزائري عن مقاتلين إسلاميين من اجل تحقيق المصالحة الوطنية بين تأييد المتهمين وتهميش الضحايا

قال شهود عيان ان الجزائر بدأت يوم السبت إطلاق سراح مقاتلين إسلاميين سابقين بموجب عفو يرمي الى تشجيع المصالحة الوطنية بعد أكثر من عقد من الصراع.

وخرجت الدفعة الأولى من السجناء من سجن سركاجي بالجزائر العاصمة.

وسجد البعض منهم ولثموا الأرض شكرا قبل أن يستقبلهم أقاربهم الذين كانوا بانتظارهم منذ الفجر.

وقال مسؤولون ان المشهد تكرر خارج السجون الكبرى بأنحاء البلاد.

وقال مصدر مسؤول لرويترز "ما يصل الى ألفي سجين سيفرج عنهم إبتداء من اليوم وعلى مدى الايام الثلاثة المقبلة."

وقال هشام محمود الذي افرج عنه من سجن سركاجي لرويترز "أبلغنا مسؤولون ان 50 سجينا سيفرج عنهم اليوم من سركاجي وسيتبعهم 150 معتقلا آخرون في الايام الثلاثة القادمة."

وقال فريد هريدي (28 عاما) من خارج بوابة سجن سركاجي "الشكر لله وللرئيس بوتفليقة. لقد ولدت من جديد. لعب بوتفليقة دورا كبيرا في ذلك."

كما اثنى حمزاوي عبد القادر (63 عاما) وهو مزارع من المدية على بعد 70 كيلومترا جنوب غربي العاصمة الجزائرية على بوتفليقة بينما كان ينتظر الافراج عن ابنه عمر (33 عاما).

وقال "يحدوني الامل في الافراج عن كل السجناء وان تفتح البلاد صفحة جديدة من المصالحة والسلام."

وقال مسؤول حكومي ان 30 سجينا غادروا سجن الشلف على بعد 160 كيلومترا غربي العاصمة الجزائرية في وقت مبكر من يوم السبت.

وقال المحامي عن السجناء امين سيدهم ان ما بين 500 و600 من السجناء الذين يجري الافراج عنهم كانوا ضمن شبكة دولية ينظمها اسلاميون في دمشق كانوا في طريقهم لمحاربة القوات الامريكية في العراق.

واعطى العفو الذي صادقت عليه الحكومة في 21 فبراير شباط الثوار الذين يقاتلون السلطات مهلة ستة اشهر للاستسلام والحصول على عفو بشرط الا يكونوا من المسؤولين عن مجازر أو عمليات اغتصاب أو تفجير أماكن عامة.

وسقطت الجزائر وهي دولة مصدرة للنفط في صراع في اوائل عام 1992 بعد ان الغت السلطات التي يدعمها الجيش انتخابات برلمانية كان اسلاميون اصوليون في طريقهم للفوز بها.

وأودى العنف بحياة 150 الف شخص وأدى الى خسائر اقتصادية قدرها 20 مليار دولار بسبب حملة تخريب من جانب متمردين اسلاميين.

وسلم الوف الثوار الاسلاميين انفسهم منذ صدور عفو جزئي في يناير كانون الثاني عام 2000. وكان اخر افراج عن سجناء في 1999.

ويعرض العفو الجديد تعويضا لضحايا الصراع واسر الاشخاص الذين اختفوا اضافة الى مساعدات لأسر متمردين قتلوا في القتال.

كما يقدم تعويضات لاشخاص فقدوا وظائفهم بسبب الاعتقاد بان لهم صلة بانشطة المتشددين.

وبموجب العفو لن يحاكم عناصر الجيش بتهم ارتكاب انتهاكات مزعومة لحقوق الانسان.

وتقول جماعات حقوق الانسان ان الوف الاشخاص الذين اختفوا خطفتهم قوات الامن.

ويقول مسؤولون حكوميون ان الكثير ممن اختفوا انضموا الى المسلحين.

وقوبل العفو الذي يستهدف وضع نهاية لسنوات الصراع في الجزائر بالتأييد من اسر سجناء اسلاميين شاركوا من قبل في القتال لكنه تعرض في الوقت نفسه الى انتقاد لاذع من جانب جماعات مدافعة عن حقوق الانسان.

وقال محمد حمودة وهو يقف امام سجن سركاجي الذي تفرض عليه اجراءات امن مشددة انه متلهف لرؤية شقيقه عبد الرحمن والعودة به الى المنزل ويشكر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي جعل عودته ممكنة.

وكان حمودة من بين 100 شخص كانوا ينتظرون أمام السجن لاستقبال ذويهم.

وقال "ما فعله بوتفليقة شيء ايجابي. وضع حد لمعاناة الناس شيء ايجابي دوما."

وقال مصطفوي نور الدين انه ينتظر الافراج عن قريبه حسين الذي ادين بالانتماء الى جماعة مسلحة.

واضاف "امي مريضة لانها فقدت بالفعل ابنا عام 1995 قتلته قوات الامن. لذلك فالافراج عن ابن خالتي شيء عظيم واود ان اشكر الرئيس على هذا."

والمتمردون السابقون الذين سيفرج عنهم قريبا ادينوا لدورهم في الصراع الذي اندلع منذ اكثر من عقد حين الغت السلطات الجزائرية عام 1992 انتخابات تشريعية كانت الجبهة الاسلامية للانقاذ متجهة للفوز فيها.

وفجر هذا القرار حملة شنها الجيش الاسلامي للانقاذ وهو الجناح العسكري للجبهة الاسلامية للانقاذ التي فازت في الجولة الاولى من اول انتخابات تعددية جرت في الجزائر عام 1991.

وقال عباسي مدني زعيم الجبهة الذي يعيش الان في المنفى في قطر لتلفزيون الجزيرة ان هذه الاجراءات لا تكفي لحل ما وصفه بأنه أزمة البلاد. وطالب باطلاق سراح جميع السجناء واعطاء الجميع حقوقهم كاملة.

وأضاف ان الشعب الجزائري لا بد وأن ينعم بالسيادة والحرية وبحقوقه. ولا يحق للنظام أن يزج بالناس في السجون وأن يفعل ما يفعله بشعب الجزائر.

وقدرت الاضرار الناجمة عن الصراع بنحو 30 مليار دولار.

واعطى العفو مهلة ستة اشهر للمتمردين الذين لم يلقوا السلاح بعد للاستسلام حتى يشملهم العفو شريطة الا يكونوا متورطين في المذابح او عمليات الاغتصاب او تفجيرات الاماكن العامة.

كما يحظر العفو محاكمة افراد قوات الامن الجزائرية لارتكابهم اي مخالفات خلال الصراع الذي اودى بحياة ما يتراوح بين 150 و200 الف غالبيتهم مدنيون.

وتقول جماعات مدافعة عن حقوق الانسان ان العفو شامل اكثر مما ينبغي.

وقالت رابطة حماية اسر ضحايا الارهاب التي تسعى للكشف عن حقيقة حوادث القتل في بيان صدر مؤخرا انها همشت.

وأضافت في اشارة الى الجماعات الاسلامية المسلحة ان اليوم هناك اعتراف فقط بالذين قتلوا أناسا في العقد الماضي.

ولم يتسن الاتصال بمسؤولين من وزارة العدل للحصول على تعليق.

وكتبت صحيفة الوطن التي تصدر باللغة الفرنسية تقول "ان عدم اخذ العدالة والحقيقة في الاعتبار عند وضع مسودة قانون (العفو) عامل من شأنه أن يلحق الضرر بمشروع المصالحة الوطنية."

وسلم الاف الاسلاميين المتمردين انفسهم بالفعل الى السلطات منذ اوئل يناير كانون الثاني عام 2000 بعد عفو جزئي سابق. وحدث اخر افراج عن السجناء شمل اعدادا ملموسة عام 1999.

وتقول جماعات مدافعة عن حقوق الانسان ان السلطات الجزائرية فشلت بدرجة كبيرة حتى الان في التحقيق في انتهكات حدثت خلال الصراع.

ويقول خبراء ان الاجراءات الاخيرة قد تمنح حصانة كاملة لعدد كبير من الاسلاميين مازالوا يقاتلون بالاضافة الى متمردين استسلموا خلال السنوات الاخيرة في اطار العفو الجزئي السابق دون تحقيق جاد في دورهم في الحرب.

وقالت جماعة جزائرية للدفاع عن حقوق الانسان عينتها الدولة يوم الجمعة ان المتمردين الذين يخوضون حربا ضد الحكومة عليهم اغتنام "فرصة أخيرة" للاستسلام مقابل عفو يستهدف رأب صدوع أحدثتها سنوات الصراع.

ويعطي قانون العفو الذي أصبح ساريا في الدولة المصدرة للنفط مهلة ستة أشهر للاسلاميين المتمردين للاستسلام حتى يشملهم العفو بشرط عدم تورطهم في مذابح أو عمليات اغتصاب أو تفجيرات في أماكن عامة.

ويقدر الجزائريون أن ألف متمرد ما زالوا نشطين غالبيتهم العظمى اعضاء في الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي وسعت نشاطها مؤخرا الى دول مجاورة وتدرجها الولايات المتحدة على قائمة المنظمات الارهابية.

وقال فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الانسان التي عينتها الدولة لرويترز ان النقطة الرئيسية هي أن يغتنم المتمردون هذه الفرصة الذهبية للاستسلام.

واضاف ان هذه حقا فرصتهم الاخيرة لاعادة دمجهم في المجتمع معربا عن أمله في ان يكون العفو خطوة هامة لطي صفحة الازمة في الجزائر.

ولم تعلق الجماعة السلفية للدعوة والقتال بعد على احدث عفو الذي أصبح ساريا هذا الاسبوع.

لكن بيانا منسوبا اليها على شبكة الانترنت في سبتمبر أيلول 2005 قال انها ستواصل القتال رغم الاستفتاء على خطط العفو الذي أيدته أغلبية كبيرة من الجزائريين.

ووصف البيان الاستفتاء بأنه مضيعة للوقت.

وتقول جماعات حقوق الانسان ان نطاق العفو يعني أنه لن يجرى تحقيق في الانتهاكات التي ارتكبها الجانبان اثناء الحرب وأنه لن تبذل محاولة جادة لحل مشكلة أكثر من ستة الاف مدني اختفوا اثناء الصراع.

وقال مسؤولون جزائريون انه لا ينبغي النبش كثيرا في ماضي البلاد نظرا لمخاطر حدوث صدوع اجتماعية كما رفضوا فكرة تشكيل لجنة للحقيقة والمصالحة على غرار اللجنة التي شكلتها جنوب أفريقيا. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد  5 /اذار/2006 -4 /صفر/1427