النبأ تستطلع الشارع العراقي: كيف تعامل المسلمون مع ملف الرسوم المسيئة للمقدس الاسلامي؟

خاص بشبكة النبأ/  تقرير: انمار البصري

          *على الاوربيين ان يدرسوا بشكل جيد ما قدمه الاسلام للانسانية.

         *صدر الاسلام والمسلمين اوسع بكثير من هذه الاستفزازات الصغيرة.   

         * طريقنا هو: نبذ العنف والجنوح للسلام والحوار البناء بما يحفظ كرامتنا.

                                          

بعد ان هدأت قليلا موجة التساؤلات والتداعيات التي أثارتها الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول الاعظم محمد بن عبد الله (ص) والتي أقدمت على نشرها احدى الصحف الدنماركية وتبعها عدد آخر من الصحف الاوربية، يستحسن بنا كمسلمين ان نبحث في السبل والطرائق الصحيحة التي نتعامل بها مع مواضيع حساسة كهذه بما يحفظ لنا حقوقنا من جهة ويظهر الصورة الحقيقية التي تمثل الاسلام والمسلمين الحقيقيين من جهة اخرى.

فلقد أثار نشر تلك الرسوم ردود افعال مختلفة في العالم وردود أفعال غاضبة بمجملها في العالم الاسلامي وقد رافق بعض تلك الاحتجاجات في عدد من الدول الاسلامية اعمال عنف وصلت الى حد القتل كما حصل في (افغانستان) عندما اقدمت الشرطة على قتل عدد من المتظاهرين الغاضبين بسبب الاساءة للرسول (ص)، في حين انشغلت حقول الاعلام كافة بهذا الملف وعقدت ندوات خاصة تهدف الى كيفية التعامل مع هذا الموضوع من قبل المسلمين، وكانت وجهات النظر كثيرة، متقاربة ومتباعدة في الوقت نفسه، فمنهم من نظر الى هذه الاساءة بمنظار الرد بالمثل ومنهم من دعا الى التروي ومعالجة المسألة بروح التسامح ومنهم من يرى وجوب الاقتصاص الفوري من خلال مقاطعة البضائع الدنماركية وغيرها، وهكذا كانت ردود الافعال كثيرة ومتنوعة.

وارتأت شبكة النبأ ان تطل على آراء بعض الشخصيات المتعلقة بالسبل الملائمة للتعامل مع هذه القضية بما ينسجم مع الرؤية الاسلامية في هذا الخصوص، فذهبنا لاستجلاء بعض الآراء المتعددة حول هذا الملف وكانت البداية مع السيد راضي العبيدي( موظف حكومي) حيث قال:

( ان نقاط الضعف في الشخصية الاوربية من وجهة نظري، تتمثل بسخريتهم من الآخرين وبشعورهم بأنهم من افضل من الناس الباقين الذين يشاركونهم كوكب الارض، وهذا بحد ذاته مدعاة للجهل بالاخرين ومعرفة انجازاتهم التي اسهمت في تطوير الحياة البشرية، ولو عرف القائمون على الصحيفة الدنماركية تلك الانجازات الانسانية العظيمة التي قدمها الرسول الاكرم محمد –ص- لمل اقدموا قط بنشر الرسوم المسيئة، اذن هذا الامر يتعلق بمدى جهلهم بالآخرين ودورهم الخلاق في بناء التأريخ البشري المشرق، وعليه ارى ان نساهم بشكل جاد في توعية- الغرب- وتوضيح دور الاسلام في حياة الناس أيا كان منشأهم او اعتقاداتهم، اما العنف فهو ليس طريقنا بل الحوار البناء والجنوح للسلم لكن بما يحفظ لنا كرامتنا).

أما السيد فاضل عزيز فرمان وهو رئيس مهندسين في احدى الدوائر الحكومية فيرى في هذا الصدد:

(من حق المسلمين ان يخرجوا للشارع ويرفضوا ما قامت به الصحف الاوربية من انتهاك غير مقبول لحرمة الاسلام ممثلة بالاساءة لرسولهم الاكرم-ص- ولكن من غير لجوء الى العنف او حوادث الشغب مثل حرق السفارات وما شابه، صحيح ان الصدمة كانت كبيرة لكن صدر الاسلام اوسع بكثير من هذه الاستفزازات الصغيرة التي لا تستحق ان نتعامل معها بطريقة الاستفزاز، فالمسلمون ساهموا في بناء الحضارات الانسانية وليس في قولنا شيئا جديدا اذا قلنا ان الاسلام اخرج اوربا من فترتها المظلمة الى نور العلم والتقدم والازدهار بفضل العلوم الاسلامية التي نشرت التطور والتقدم في عموم ربوع العالم، ولذلك ارى ان التعامل مع مثل هذه الاساءات هو الترفع عليها تماما واحتقارها، ثم علينا ان نقدم الصورة المشرقة عن الاسلام والمسلمين ليس لاوربا فحسب بل لعموم دول العالم وهذا يتطلب اننقي انفسنا اولا ثم نظهر للعالم بحلة الاسلام الانسانية الراقية.)

اما السيدة (كريمة هزاع/ معهد معلمات/ ربة بيت حاليا) فتنظر الى هذه المسألة على انها مقصودة لتحقيق اهداف مخطط لها سلفا فتقول( الانظمة العربية هي التي حركت الشارع لكي تبدو انها قوية وتقف الى جانب الناس، لكن واقع الحال يقول غير ذلك) وعن طريقة التعامل التي تراها مناسبة مع هذا الموضوع تقول(اوربا وغيرها يعرفون الاسلام جيدا ولكنهم يخلطون الاوراق، خاصة ساستهم، أي يمزجون السيء من الناس مع الجيد منهم فيحترق الأخضر بسعر اليابس – كما يقول المثل-، هناك من هم محسوبون على الاسلام لكن الاسلام منهم براء، في السلوك والفكر، ومع ذلك ليس هناك امر عفوي يصدر في الغرب، أي ان هذه القضية تم التفكير بها مسبقا، ولذلك علينا ان نرد بصورة مدروسة ايضا).

الدكتور مكي مجيد/ اكاديمي في احدى الجامعات العراقية يعتقد ان الجهات المحسوبة على الاسلام هي التي قادت الى مثل هذه التجاوزات على النبي (ص) ولكنه يستدرك فيقول(هذا ليس عذرا مقبولا للتجاوز على مقدسات الآخرين، وعلى الاوربيين ان يدرسوا بشكل جيد ما قدمه الاسلام للانسانية وان يفهموا التكوين السايكلوجي للعرب لكي ينجحوا في طريقة التعامل معهم، فمن بديهيات الامور انك تفهم نفسية وشخصية الآخر كي تعرف كيف تتواصل معه خدمة لما تريد منه أو له) وعن رأيه بطريقة التعامل مع هذه التجاوزات قال:

( تفعيل دور المسلمين حاليا في دورة الحياة اليومية الشاملة مهم جدا، نريد ان يعرف الآخرون من هم المسلمين فعلا، نريد ان نثدم صورة المسلم الحقيقي للآخر، علينا فضح كل من يحسب على الاسلام ويعمل ضد مبادئه وشرائعه وما يدعو اليه من دور بناء في خلق اجواء التعاون والتسامح والحوار والابتعاد عن قهر الاخرين بالقوة المادية او غيرها، هذا هو طريقنا الافضل لدرء التجاوزات على مقدسات المسلمين سواء من اوربا او غيرها.)

هذه هي آراء الكثرة الكاثرة من المسلمين حول مسألة التجاوز على شخصية الرسول الاكرم محمد بن عبد الله (ص) وهي في جوهرها تستند الى مبادئ ديننا الحنيف، دين المحبة والتسامح والدعوة الى السلام، أما مظاهر العنف فليست هي جوهر الرد الاسلامي بقدر كونها تعبير سريع عن مشاعر المسلمين التي أثارتها الرسوم المسيئة لسيد الكائنات النبي محمد (ص) وتبقى لنا عبرة في هذه التجاوزات او غيرها، فطالما انت مسلم عليك ان تتمثل هذا الدين الحنيف وتتمسك بمبادئه التي تصب اولا واخيرا في صالح الانسانية جمعاء.

شبكة النبأ المعلوماتية -الأثنين 20  /شباط /2006 -21 /محرم الحرام/1427