العراق أخطر مكان في العالم لممارسة المهنة الصحفية

قال تقرير لجنة حماية الصحفيين عن عام 2005 الذي أعلن صدوره يوم الثلاثاء في القاهرة ان الاغتيال خطر يتعرض له صحفيون في الشرق الاوسط لكن هناك بوادر على حرية أكبر للصحافة في بعض الدول. وتأسست لجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك عام 1981 وتنشر تقارير سنوية عن الهجمات التي يتعرض لها الصحفيون في العالم.

وقال كمال العبيدي مستشار عمليات المنظمة في الشرق الاوسط في مؤتمر صحفي عقد في مقر نقابة الصحفيين المصريين ان المنظمة اختارت القاهرة لتكون أول مدينة عربية أو افريقية لتعلن فيها صدور تقريرها الجديد لتوجيه "رسالة تقدير وتضامن من لجنة حماية الصحفيين الى صحفيي مصر ونقابتهم وكل الصحفيين في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا الذين ما انفكوا يدافعون عن حرية الصحافة." وجاء في التقرير الذي يقع في 312 صفحة أن هناك صحفيين في الشرق الاوسط "على قائمة المرشحين للاغتيال." وأضاف أن "القنبلة التي دمرت سيارة سمير قصير... أسكتت أشجع الصحفيين اللبنانيين."وتابع قائلا "في غمرة الحزن الذي ألم باصدقاء سمير قصير وزملائه والقلق من تبعات جريمة مقتله وردت تقارير من ليبيا حول العثور على جثة الصحفي ضيف الغزال الشهيبي في أحد الشوارع في ضواحي مدينة بنغازي وقد قتل برصاصة واحدة في الرأس. "لم يكن سمير قصير وضيف الغزال أول صحفيين يسقطان ضحايا للاغتيال بسبب عملهما ولن يكونا اخر الضحايا." ولقي قصير وهو صحفي لبناني مصرعه في انفجار دمر سيارته في يونيو حزيران 2005. وفي ديسمبر كانون الاول من نفس العام اغتيل الصحفي جبران تويني مدير تحرير صحيفة النهار.

وأشار التقرير الى أن قصير وتويني كتبا مقالات مناهضة لسوريا كما كتب ضيف الغزال مقالات في موقعين على الانترنت تنتقد الحكومة الليبية. لكن التقرير لم يتهم أي جهة بالمسؤولية عن اغتيالهما. وأشار التقرير الى محاولة اغتيال المذيعة اللبنانية مي شدياق التي كانت كثيرة الانتقاد لسوريا. وتسببت المحاولة في بتر ساق مي شدياق ويدها.

وقال العبيدي ان اعتداءات وقعت على صحفيين في عشرات الدول. وأشار الى مقتل 47 صحفيا في العام الماضي "أغلبهم سقطوا برصاص قتلة تعمدوا اخماد أصواتهم نهائيا لمعاقبتهم على عملهم الصحفي." وأضاف "يبدو من خلال التقرير أن العراق هو أخطر مكان في العالم لممارسة المهنة الصحفية منذ تأسيس لجنة حماية الصحفيين. وقد بلغ عدد الصحفيين الذين قتلوا في العراق منذ الاجتياح العسكري بقيادة الولايات المتحدة الامريكية عام 2003 الى نهاية 2005 ستين صحفيا." وتابع "يؤكد التقرير ظاهرة أخرى وهي أن قتلة الصحفيين عادة لا يتعرضون للعقاب. ففي 2005 أفلتت 90 في المئة من (مرتكبي) حالات القتل للصحفيين من العقاب. وهذا ينطبق على الصحفيين العرب الثلاثة الذين تم اغتيالهم في بيروت وبنغازي." وتقول لجنة حماية الصحفيين ان الصحفيين الذين قتلوا في عام 2004 كان عددهم 57 صحفيا.

وقال العبيدي "عدد القتلى عام 2005 رغم انخفاضه... يزيد كثيرا على المعدل السنوي خلال السنوات العشر الماضية. المعدل السنوي كان منذ عشر سنوات حوالي 34 قتيلا." وأضاف أن "عدد الذين قتلوا في العراق عام 2005 بلغ 22 من بينهم ثمانية تعرضوا للاختطاف قبل الاغتيال. التقرير يلقي كذلك الضوء على فشل قوات الاحتلال العسكرية الامريكية في اجراء تحقيق ملائم في مقتل الصحفيين بنيرانهم."

ولم يقتل أي صحفي في مصر لكن الصحفي رضا هلال نائب مدير تحرير الاهرام اختفى منذ يوم 11 أغسطس عام 2003. وجاء في التقرير أنه لم يطرأ جديد في قضية هلال الذي كان "يتبنى وجهات نظر خلافية وخصوصا دعمه لاجتياح العراق بقيادة الولايات المتحدة حيث أثار غضب عدد كبير من المصريين." وأشار التقرير الى أن عقوبات الحبس في قضايا النشر مازالت تمثل تهديدا لحرية الصحفيين المعارضين في دول عربية عديدة من بينها مصر.

وقال العبيدي انه على الرغم من ذلك فان هناك جوا من الحرية في مصر سمح باعلان تقرير المنظمة في القاهرة في مؤتمر صحفي. وجاء في التقرير أنه لم يسجن أي صحفي في المغرب في عام 2005 بينما سجن ثلاثة صحفيين في عام 2004. وأضاف أن "من التطورات الايجابية افراج السلطات الجزائرية... عن (الصحفي) أحمد بن نعوم." وكان حكم قد صدر في عام 2004 بحبس بن نعوم لمدة عامين.

وأشار التقرير الى صدور العديد من الصحف في العراق وهو ما لم يكن متاحا في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين. وأضاف "تقوم الصحف السعودية حاليا بنشر تقارير اخبارية ما كان ممكنا التفكير في نشرها قبل خمس سنوات. وأصبح من المعتاد نشر تقارير صحفية حول الجريمة وتهريب المخدرات ومعارك قوات الامن مع المتشددين المسلحين. "ولكن ظلت مسيرة التقدم غير متوازنة اذا مازالت هناك العديد من القضايا السياسية محظورة مثل شؤون الاسرة المالكة ونفوذ المؤسسة الدينية والفساد الحكومي."

وفي هذا السياق اعلنت لجنة حماية الصحافيين الثلاثاء في تقريرها السنوي ان 2005 كان عاما "مأساويا" جديدا للصحافة في معظم الدول لما تخلله من عمليات اغتيال وفرض للرقابة.

وقالت اللجنة في بيان "ان الرقابة الذاتية الحاضرة في جميع انحاء اميركا اللاتينية واغتيال الصحافيين في الشرق الاوسط وموجة الاضطهاد في الدول الافريقية وسجن الصحافيين على نطاق واسع من الصين الى كوبا كلها تشكل الخطوط العريضة" للتقرير الصادر بعنوان "تعديات على الصحافة في العام 2005".

وقتل ما مجموعه 47 صحافيا في العالم السنة الماضية بينهم 22 في العراق الذي اصبح اكثر الاماكن خطورة بالنسبة للاعلاميين. وقالت هذه المنظمة الدولية الناشطة في الدفاع عن الصحافة ان الحرب في "العراق اصبحت الحرب الاكثر دموية بالنسبة للصحافيين منذ انشاء اللجنة قبل 24 عاما حيث تخطت عدد الصحافيين ال58 الذين قتلوا خلال احداث الجزائر (1993-1996)".

وقالت اللجنة ان هذا الخطر امتد الى مجمل انحاء الشرق الاوسط مشيرة الى ان "اغتيال الصحافيين في لبنان وليبيا والعراق غير جذريا عمل الاعلاميين في الشرق الاوسط".

وجاء في التقرير الذي نشرت الارقام الواردة فيه في الثالث من كانون الثاني/يناير ان "75% من الصحافيين (الذين قتلوا في العام 2005) تعرضوا للاغتيال" وفي 90% من الحالات لم تتم معاقبة الفاعلين. وتضيف اللجنة ان "الرقابة الذاتية انتشرت في المناطق الريفية في المكسيك وكولومبيا والبرازيل".

كما ازداد عدد الصحافيين الذين سجنوا فالقي 125 صحافيا في 24 دولة من بينهم 32 في الصين و24 في كوبا و15 في اريتريا و13 في اثيوبيا.  واوضحت اللجنة ان "الولايات المتحدة التي تحتجز صحافيين في سجون في العراق وفي غوانتانامو (كوبا) اصبحت في المرتبة السادسة بين الدول التي تحتجز صحافيين خلف اوزبكستان وفي نفس المرتبة مع بورما".

من ناحية ثانية اعتبرت المنظمة ان "سياسية الحكومة الاميركية القاضية بالتعاون الوثيق مع الانظمة الاستبدادية في المنطقة الاوروبية الآسيوية اضعفت من استقلالية التغطية الاعلامية في دول مثل روسيا وكازخستان واوزبكستان".

واضافت "في الوقت ذاته سمحت سياسة محاربة الارهاب التي تتبعها ادارة (الرئيس الاميركي جورج بوش) للانظمة المتسلطة (...) في هذه المنطقة بتبرير سياسة قمع الاعلام باسم الامن".

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 17  /شباط /2006 -18 /محرم الحرام/1427