
أعلن مسؤول كبير في وزارة الخارجية أن من المتوقع أن ينمو الاقتصاد
العراقي في العام القادم بنسبة 10 بالمائة بينما تبدأ جهود إعادة
البناء في تحقيق نتائج ظاهرة وتبدأ آلاف الأعمال التجارية في ممارسة
نشاطها.
فقد صرح دانيل سبكهارد مدير دائرة الحوكمة الاستراتيجية وتأثيرها
الاقتصادي في وزارة الخارجية، وهو يدير أيضا مكتب إدارة إعادة بناء
العراق، بأن العراق على وشك تحقيق طفرة كبيرة في النمو بنسبة 10
بالمائة بعد التوسع الذي حققه في العام 2005 الماضي بنسبة 3 بالمائة.
وقال سبكهارد في حديث له مع الصحفيين في واشنطن منقول من بغداد
الخميس 9 شباط/فبراير إن عدد المؤسسات التجارية التي سجلت رسميا في
العراق في العام الماضي بلغ 30 ألف مؤسسة عدا عن الأعمال التجارية التي
تمارس نشاطها دون سجل رسمي.
وكشف سبكهارد عن أنه لإيجاد أعمال وخلق وظائف في المناطق التي ينشط
فيها المتمردون عمدت سلطات الإعمار إلى إقامة أعمال صغرى وإنشاء برنامج
للإقراض ومشاريع للعمل على المدى القصير كمشاريع بناء الطرق.
وأشار سبكهارد إلى أن أكثر ما تمس إليه الحاجة هو إيجاد كميات كافية
من لطاقة الكهربائية والماء ووسائل الصرف والمجاري لمواجهة التوسع
الاقتصادي.
وأوضح سبكهارد أن نقص الكهرباء هو أكثر ما يظهر في بغداد حيث لم يكن
يتوفر من الطاقة إبان حكم صام حسين سوى ما يتراوح بين 20 و24 في المائة
من الاحتياجات اليومية.
إلا أنه لاحظ أن ما يتوفر الآن للعاصمة العراقية من الطاقة
الكهربائية أقل من السابق نظرا لأن توزيع الطاقة يجري الآن بالتساوي في
جميع أنحاء البلاد ولأن المتمردين يهاجمون المنشآت الكهربائية قرب
العاصمة العراقية كوسيلة للقضاء على التأييد الذي تلقاه الحكومة
المركزية.
وقال إن مشاريع توليد الطاقة التي سيتم تشغيلها خلال الشهرين
القادمين يتوقع لها أن تزود بغداد بثلاث ساعات إضافية من الكهرباء
يوميا.
وأشار إلى أن حماية 17 ألف خط من خطوط أنابيب البترول والشبكة
الكهربائية قد تحسنت نتيجة لنمو وزيادة إمكانيات الجيش العراقي وزيادة
القدرة على إصلاح تلك الخطوط.
وأضاف سبكهارد قوله "إن ما فعلناه هو أننا ركزنا اهتمامنا بالنواحي
حيث وجدت أكبر المشاكل بالنسبة للخراب وزدنا مساندة الجيش العراقي لتلك
المجالات في محاولة لتحسين خدمات الحماية الفعلية للوزارات المسؤولة عن
تلك الأعمال وضمان القدرة من الناحية الأخرى على سرعة الإصلاح وإعادة
توزيع الأعمدة وتوفير احتياطي من الأعمدة التي يمكن تحريكها وتركيبها
مؤقتا."
أما بالنسبة للمشاريع الإنشائية فقال سبكهارد إنها أدت إلى توفير
المياه النقية لعدة ملايين من العراقيين وإنشاء وسائل الصرف والمعالجة
الصحية لأكثر من 4 ملايين عراقي. وأشار إلى أن شبكات توزيع المياه
وخطوط المجاري والصرف قد تآكلت وتلفت خلال حكم صدام حسين مما أدى إلى
سيلان وتسرب أحدها إلى الآخر.
ووصف سبكهارد ذلك بأنه "تحد كبير لأن ما نريد أن نفعله في ذلك
المجال هو التركيز على ذلك على مستوى الأحياء والمجتمعات لمحاولة جعل
تلك المشاريع قادرة على توفير الخدمات على مستوى الحي وليس محاولة حل
المشكلة بكاملها مرة واحدة."
أما بالنسبة لإنتاج النفط فقال سبكهارد إن نسبة 75 من البترول
العراقي الذي يتم إنتاجه حاليا تعود إلى المشاريع التي تتم برعاية
الولايات المتحدة. وأشار إلى نقص المنتجات البترولية المكررة هو الذي
يسبب مشاكل إنتاج الطاقة الكهربائية لأن الوقود غير المناسب هو الذي
غالبا ما يؤدي إلى تعطيل المنشآت.
وأضاف قوله إن ما يجري في تلك الحالة هو "التحول إلى استخدام نوع
آخر من الوقود للمحافظة على استمرار توليد الطاقة، وهذا بحد ذاته يؤدي
إلى مزيد من أعمال الصيانة."
وقال المسؤول في وزارة الخارجية إن استراتيجية إعادة البناء قد
تحوّلت عن مشاريع البناء الكبرى للمنشآت الكبيرة والمعقدة التي تتحمل
الحكومة الأميركية نفقاتها والمخاطر التي تتعرض لها. وأوضح أن ثلاثة
أرباع مشاريع المستقبل ستكون مشاريع أصغر وأكثر بروزا.
وأضاف قوله "إن ما نريده الآن هو أن نبدأ في إظهار التأثير الواضح
السريع لتلك المشاريع البارزة التي يمكن أن تؤثر في المجتمعات المحلية
وتكتسب تأييدها وتأييد قيادات المحافظات والحكومة الفدرالية."
وقال سبكهارد إن السلطات الأميركية لإعادة بناء العراق تعمل
بالتعاون مع اللجان العراقية لإعادة البناء في المحافظات التي تقرر
أولوياتها وخدماتها الضرورية.
وأضاف قوله "ثم نستخدم أموالنا بعد ذلك لدعمهم في تحقيق أولوياتهم."
وأشار سبكهارد إلى المجال التعليمي حيث تم تدريب 30 ألف معلم وتوفير
8 ملايين كتاب دراسي جديد تم توزيعها فعلا على المدارس.
أما بالنسبة لتحسين الأحوال الصحية فقال سبكهارد إنه تم تلقيح 5
ملايين طفل ضد مرض شلل الأطفال، وأضاف أن معدل الإصابات بمرض الحصبة قد
انخفض.
ويرى مدير مكتب مشروع تعمير العراق في وزارة الخارجية الأميركية،
دانيل سبكهارد، إن انبثاق نظام حكم ديمقراطي في العراق، مع ممثلين
منتخبين لفترة أربع سنوات، سيعجّل عملية إعادة إعمار البلد ويساعد
السلطات العراقية على تولي زمام اقتصادها.
وأضاف سبكهارد، الذي يشغل أيضاً منصب مدير شؤون الحوكمة
الاستراتيجية والتأثير الاقتصادي في وزارة الخارجية، إن تبدّل السلطة
السياسية ثلاث مرات عقب الإطاحة بنظام حكم الدكتاتور السابق صدام حسين
في العام 2003 أعاق التخطيط الاستراتيجي والاستثمار المالي اللازمين
لإعادة إنعاش الاقتصاد.
وأضاف سبكهارد في حديث إعلامي بالهاتف من بغداد في 9 شباط/فبراير: "لدينا
إحساس بأننا، بوجود حكومة تستمر في تولي زمام الأمور أربع سنوات،
سنستطيع عندئذ تعزيز تلك القدرة."
وقال إن "التركيز الحقيقي هنا هو على محاولة التعجيل في الانتقال
إلى الاكتفاء الذاتي العراقي من حيث قدرتهم على المضي قدماً في التقدم
الذي بدأناه، وذلك على الصعيدين القومي والإقليمي."
ولم تتطور مهارات الإدارة العامة لدى الوزارات العراقية والزعماء
المحليين إبان فترة حكم صدام حسين نظراً لحيلولة مركزة السلطة (في
بغداد) دون ذلك.
وقال سبكهارد إنه "بسبب... التركة التي خلفها عهد صدام، كان شخص
واحد فقط يستطيع إجازة كل مشروع مما كان يعني أن الوزير وحده هو الذي
كان يستطيع ذلك،" وقد فاقم انعدام التعاون بين الوزراء تلك المشكلة.
وقال على سبيل المثال إن "وزارة الكهرباء كانت لديها الخطة في حين
أن وزارة المالية كان لديها المال، ولكن العلاقة بينهما" حالت دون نقل
المال. وبوجود حكومة تتولى الأمور لفترة أربع سنوات، يمكن للمرء أن
يبدأ في تحقيق تقدم حقيقي" بشأن تلك القضايا.
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن السلطات العراقية على الصعيد القومي
قد أظهرت استعداداً لتولي مسؤولية اتخاذ القرارات الاقتصادية.
ومضى إلى القول "إن المرء يرى الآن على مستوى رئيس الوزراء وعلى
مستوى الوزراء... أن لدى هؤلاء الأشخاص شعوراً قوياً في ما يتعلق
...بقدرة العراقيين على التحرك وعلى قيادة البلد أثناء مضيه قدما، هذا
على الصعيد الاستراتيجي."
ولكنه أردف أن هذا الشعور بالمسؤولية وامتلاك نصاب الأمور لا يتوفر
بشكل عام لدى أولئك الذي يشغّلون المعامل الصناعية، بل إنهم يميلون إلى
العمل على أساس الافتراض القائل إن "الشركات الكبيرة التي جاءت إلى
البلد وقامت بهذا" ستهتم بأمره. وقال إنهم يفكرون بأنه "إن لم نقم
نحن... بحل هذه المشكلة، سيحل شخص آخر هذه المشكلة. وبالتالي فإنه لا
يزال هناك بعض من الانفصام... بين الصعيد الاستراتيجي وبين ما يحدث على
مستوى المصنع."
وخلص إلى أن "هذا بالذات هو ما يجب في الواقع معالجة أمره هذا
العام."
وأشار سبكهارد إلى أن السلطات المسؤولة عن إعادة الإعمار تطبق
حالياً "نظام نقل الموجودات" الذي يرمي إلى جعل العراقيين مسؤولين عن
المحافظة على استمرار مشاريع إعادة التعمير التي أقامتها الولايات
المتحدة وغيرها من الدول الأعضاء في التحالف الدولي.
وقال: "إننا نعكف على تطوير برنامج نقل موجودات وأصول كي يتمكنوا من
وضع كل هذه الاستثمارات المالية التي قمنا بها في مكان واحد كي يدركوا
ماهيتها ثم نساعدهم في إدراك تكلفة المحافظة على تلك الاستثمارات (أي
صيانتها)."
وأضاف: "لقد كان نظامهم الأساسي إبان عهد صدام حسين هو شراء شيء
جديد أو إصلاح شيء ما ثم استخدامه إلى أن يصبح غير صالح للاستعمال
فيستبدلونه بشيء آخر. وما نجدّ في العمل عليه هو جعلهم يقومون بصيانة
البنية التحتية بشكل أكثر انتظاما."
وقد أكد سبكهارد على أن إعادة إعمار العراق برنامج سيستغرق سنوات
ويتطلب آلاف الملايين من الدولارات. وقال إنه يتم حالياً بذل الجهود
للتأكد من أن الشعب العراقي يدرك تلك التوقعات ومن أن الحكومة العراقية
قادرة على استقطاب رؤوس الأموال الدولية لتحقيقها. وأشار إلى أن العراق
سيكون على الأرجح أسعد حظاً من معظم الدول الأخرى لكون موارده النفطية
الهائلة ستكون قادرة على توفير الدخل اللازم لدعم تنميته.
وفي ما يتعلق بمسألة الفساد، قال سبكهارد إن الولايات المتحدة "قلقة
جداً" إزاء الكيفية التي يؤثر بها الفساد على الاقتصاد الأشمل. وأضاف
أنه "في مجال معين، في وزارة البترول وإنتاج البترول، من الضروري
تماماً أن يعالج العراقيون هذه القضية لضمان سيطرتهم عليها."
وأضاف أن النظام النفطي يفتقر إلى عدادات كافية لقياس حجم الكميات
لدى ضخ البترول من الآبار ولدى إرساله إلى معامل التكرير ولدى تحميله
لتصديره. واستطرد قائلاً إنه لدى معرفة هذه الأرقام، سيصبح من الممكن
القيام بجهود فعالة لمحاربة الفساد.
وأعلن المسؤول الأميركي أن السلطات المسؤولة عن إعادة الإعمار تعمل
حالياً على تعزيز لجنة النزاهة العامة ونظامها القضائي وتتبادل
المعلومات حول المسؤولين الحكوميين الفاسدين.
وخلص إلى القول حول ذلك: "هناك الكثير مما يمكننا القيام به في ذلك
المجال من حيث ما هو أساسي بالنسبة لنا، وهو ضمان استمرار عائدات
البترول في دعم هذا البلد في تلك الجبهة بالذات." |