عـــــــيد الـــــــــحب .. قيم وافدة وردود فعل عنيفة ومظهر كاذب

 في تونس: يترسخ رويدا كتقليد سنوي.

 في الهند :  الهندوس يرغمون أي شخصين يجلسان معا على الزواج.

في الصين: ازدياد عمليات تجميل العينين بين النساء كهدية للرجال.

في امريكا: ليس الجميع سعداء في مثل هذا اليوم.

 

رغم ما يواجهه من انتقادات ومعارضة يزداد الاحتفال بعيد الحب الغربي (فالنتاينز داي) انتشارا في تونس أحد أكثر البلدان العربية انفتاحا على الغرب. وأصبح (فالنتاينز داي) الذي يوافق 14 فبراير شباط من كل عام ضمن الاحتفالات التي يهتم بها عدد كبير من التونسيين حيث يشهد هذا اليوم إقبالا غير معتاد على شراء الورود الحمراء وبطاقات المعايدة والأنواع الفاخرة من الشوكولاته إضافة الى إقامة الحفلات خاصة في الفنادق الكبرى.

وفي حي (لافايات) الراقي بالعاصمة عادت تجارة الورود لتنتعش بعد كساد طيلة أغلب فترات العام. وقال أحد الباعة " أسعار الورد ترتفع خلال عيد الحب لتصل الى 4 دينارات للوردة الواحدة (قرابة ثلاثة دولارات) لكن الإقبال يبقى كبيرا." ومن جهته رأى بائع آخر كان بصدد تزيين محله وتعليق لافتات تهنيء بعيد الحب ان إقبال الزبائن كبير خلال هذه المناسبة وقال مازحا "سنعوض كساد موسم كامل لو يحتفل المحبون بهذا العيد مرتين في العام".

ويرفض المحتفلون مجرد الجدال حول العيد الذي دخل حديثا ضمن الأعياد في تونس معتبرين انه مناسبة لتجديد مشاعر الحب.

وتقول نجوى التي بدت محتارة داخل إحدى المتاجر الكبرى "احترت في البحث عن هدية..اعتدت على إهداء زجاجة عطر لمن أحب وقد اضطر مرة أخرى لإهدائه عطرا". وتزدان المحلات التجارية في مثل هذا الوقت بكل مظاهر الزينة ويزداد التسابق على الهدايا وتتصدر الورود الحمراء واجهات المطاعم والمقاهي في العاصمة. ولم يخف هيكل وهو طالب بكلية الآداب استغرابه من القول بأن عيد الحب هو تقليد غربي خالص. وقال "هل الحب أيضا يخص الغرب دون سواهم. فأنا احتفل بهذا العيد ولن اهتم بما يُقال حوله..هو أفضل مناسبة نجدد فيها أجمل مشاعرنا تجاه من نحب". وفيما تظهر أهمية الاحتفال بهذه المناسبة يتزايد إقبال التونسيين على تبادل رسائل التهنئة بالهواتف المحمولة وتعمد شركتا الاتصالات في البلاد الى إطلاق خدمات جديدة تجمع بين الصورة والصوت بأسعار منخفضة.

ويفسر علماء اجتماع احتفال فئات واسعة من التونسيين بهذه المناسبة وغيرها بأنه نتيجة طبيعية لانفتاحهم على حضارات البلدان الغربية بالأساس. لكن المنتقدون يرون في هذه الاحتفالات دليلا على التراجع الثقافي.

ويقول موظف يدعى فتحي "الم يعرف العرب عشاقا مثل فلانتين حتى نحتفل بعيده الشهير.. كفانا تقليدا للغرب لان بعض التقاليد ما هي إلا تعبيرا عن مدى تبعيتنا وعدم القدرة على التخلص من هيمنتهم الثقافية". وتعتبر منية وهي بائعة في متجر لملابس النساء ان طرق احتفال الشبان بما يسمى (فالنتاينز داي) أصبحت غير مقبولة. وقالت "للأسف تركت أعيادنا الدينية السمحة وراح شباننا يبحث عن احتفالات لا تهمنا وبطرق مخجلة أحيانا" مشيرة الى ان بعض الشبان يقدمون على إهداء ملابس داخلية لصديقاتهم مثلا.

ومثل هذه المظاهر في الاحتفال غير موجودة في بعض الدول العربية الأخرى.

وفي الفلبين شددت الحكومة من اجراءات الامن في انحاء العاصمة مانيلا يوم الاثنين عشية الذكرى السنوية الاولى للتفجيرات التي نفذها متمردون مسلمون يوم عيد الحب في الوقت الذي ظهرت فيه شائعات جديدة عن محاولة انقلاب ضد الرئيسة الفلبينية جلوريا ماكاباجال أرويو. وتجولت قوات اضافية من الشرطة في شوارع مانيلا كما سيتم اقامة عشر نقاط تفتيش متنقلة في انحاء المدينة التي تضم 12 مليون نسمة فيما وضعت قوات خفر السواحل في حالة تأهب.

وكان مقاتلو جماعة ابو سياف قد قتلوا 12 شخصا يوم 14 فبراير شباط العام الماضي في تفجيرات شبه متزامنة في حي المال في مانيلا ومدينتين في جزيرة مينداناو الجنوبية المضطربة. ويلقى باللائمة ايضا على جماعة ابو سياف المتصلة بشبكة الجماعة الاسلامية الاقليمية المسلحة فيما يتعلق باسوأ هجوم وقع في الفلبين وهو تفجير عبارة بالقرب من مانيلا اسفر عن مقتل اكثر من 100 شخص في فبراير شباط 2004.

وقال ايمانويل فيلاسكو كبير المدعين في وزارة العدل لصحيفة فلبين ستار "التهديد حقيقي للغاية. لن تغامر الشرطة والجيش بأي شيء."

وتصاعدت المخاوف الامنية في الايام الماضية بسبب شائعات عن انقلاب ضد ارويو التي نجت من محاولة لمساءلتها العام الماضي بسبب مزاعم بتزوير الانتخابات والفساد. والحديث عن عدم الاستقرار امر معتاد في الفلبين بعد 12 محاولة انقلاب على الاقل منذ عام 1986 حينما اطيح بالدكتاتور فرديناند ماركوس.

 وفي الهند قالت الشرطة ان متشددين هندوسا أحرقوا بطاقات عيد الحب عشية عيد الحب وحذروا العشاق في أنحاء البلاد من المغالاة في مظاهر الحب والاحتفال بعيد "أجنبي" يفسد القيم التقليدية.

واكتسب عيد القديس فالانتين أو عيد الحب شعبية كبيرة في الهند في الاعوام الاخيرة في اتجاه يقوده التجار الذين يحققون أرباحا من بيع بالونات على شكل قلوب ودمى على شكل دببة صغيرة ذات فراء. ولكن زيادة شعبية عيد الحب في الهند العلمانية رسميا والتي يغلب الهندوس على سكانها أدت الى احتجاجات شابها العنف أحيانا. واستخدم عشرات من حاملي السيوف الهندوس مكبرات الصوت يوم الاثنين في وسط مدينة بهوبال لدعوة الاصدقاء والعشاق بالبقاء في منازلهم يوم الثلاثاء يوم عيد الحب.

وقال ديفيندرا راوات المتحدث باسم جماعة باجرانج دال الهندوسية في المدينة "نحن نعارضه (عيد الحب) تماما لان مفهومه أتى من الغرب ومن خلاله هناك محاولة لافساد الحضارة الهندية وفرقنا ستزور المتنزهات التي يتردد عليها الشباب والفتيات وسنلقنهم درسا".

وقال مسؤول بالشرطة ان نشطاء من حزب شيف سينا اليميني الموالي للهندوس في مومباي خربوا متجرا للهدايا وأضرموا النار في بطاقات التهنئة بعيد الحب وحذروا أصحاب المتاجر والعشاق الشباب.

وقال النشطاء انهم سيستهدفون الفنادق والمطاعم التي تقدم عروضا رومانسية خاصة بمناسبة العيد. وفي ولاية جاركاند شرق الهند أعلن متشددون هندوس أنهم سيجوبون شوارع رانشي عاصمة الولاية وسيرغمون أي شخصين يجدونهما يجلسان معا وتبدو عليهما مظاهر الحب في مكان عام على الزواج.

وجماعات مثل بجارانج دال وشيف سينا هي جزء من لجان أهلية قبلية تعارض ما تراه محاكاة للغرب خاصة من قبل المراهقين. وتمكنت هذه الجماعات من قبل من ايقاف تصوير أفلام مثيرة للجدل تتناول قضايا الشذوذ الجنسي واضطرار الارامل للعمل في الدعارة. وقالوا ان هذه الامور تشوه صورة التقاليد الهندية.

وفي يُطرح السؤال التالي في يوم عيد الحب (لماذا تقدمين الورود والشوكولاتة لصديقك في عيد الحب بينما يمكنك أن تظهري بوجه جديد من أجله في عيد الحب؟!).حيث سجلت مراكز جراحات التجميل في شنغهاي ارتفاعا ضخما في حجم أعمالها.مع اقتراب يوم عيد الحب في الصين، وقال بان جيانجيان مدير التسويق في مستشفى كونبايو لجراحات التجميل والليزر وهو واحد من أكبر مراكز جراحات التجميل في المدينة ان "لدينا زيادة في عدد العملاء بلغت 50 في المئة في موسم عيد الحب".

ولا يُعد مبدأ المعاناة من أجل تحقيق الجمال غريبا على الصينيين الذين ابتكر أجدادهم فكرة ربط القدم المؤلمة للغاية لتغيير شكل قدم المرأة لتشبه زهرة اللوتس والذي كان يُعد أمرا مرغوبا جدا من الرجال قبل أن تحظر هذه الممارسة في مطلع القرن الماضي. وهذه الأيام فان أغلب العملاء الذي يتعدى عددهم ألف شخص ممن يدخلون مستشفى كونبايو سنويا هم من النساء أي بنسبة 95 في المئة منهم كما قال بان جياجيان. وأضاف أن أكثر العمليات شيوعا هي تعديل شكل الحاجبين وتوسيع الجفن لتبدو العين أكثر اتساعا. وتعد أسعار هذه العمليات مرتفعة مقارنة بالمعايير المحلية حيث يبلغ سعر جراحة توسيع الجفن 800 يوان (مئة دولار) وسعر جراحة تغيير شكل الانف ألف يوان بينما يصل سعر جراحة شفط الدهون من الساقين الى أربعة الاف يوان.

ولكن حينما يتعلق الأمر بالحب.. فالمال لا يكون عائقا حيث بدأ العديد من الصينيين التخلي عن اللجوء الى الزيجات التقليدية والبحث عن الحب الحقيقي.

أما في الولايات المتحدة فإن عيد الحب لا يمثل يوما سعيدا لكل الناس.. فالكثير من الاشخاص يشعرون بالتعاسة في ذلك اليوم.

ففي الرابع عشر من العام الماضي(يوم عيد الحب) اتصلت السيدة ليز توسيليو باستعلامات دليل الهاتف لتحصل على رقم تليفون احد المتاجر، وفوجئت برسالة تحيّها " عيد حب سعيد " ، وهو اخر ما كانت تتمنى توسيليو ان تسمعه ذلك اليوم.

وتصف توسيليو، التي اشتركت في تاليف كتاب عن العلاقات بين النساء والرجال،

ذلك اليوم بانه كان مؤلما، مشيرة الى ان الرسالة التلفونية ذكرتها بانها تمضي تلك الليلة وحيدة. وليست حالة ليز توسيليو، التي تبلغ  43 عاما، استثناء.. فكثير من الاشخاص يكرهون عيد الحب، فبعضهم يقول كيف لي ان اشعر بالحب وأنا وحيد، وحتى اولئك المرتبطون يمكن ان يمروا باوقات تعيسة بسبب اهمال او نسيان االطرف الاخر الذي تضيع معه رومانسية ذلك اليوم. فيما يقول بينت ماديسون، وهو يعمل موظف استقبال " إنه بصرف النظر عمن تكون، فان يوم عيد الحب سوف يشعرك بالتوتر. " وقد شغل ذلك الموضوع كثيرا من تفكير ماديسون، والبالغ من العمر 25 عاما، حتى انه الف كتابا عنوانه " انا اكره عيد الحب". ويفّسر ماديسون الدوافع التي حدت به الى تأليف الكتاب الى " ان كل اصدقائي كانوا يشتكون بسبب عيد الحب، حتى اولئك الذين كانوا يتمتعون حقا بالثقة في النفس. فقد بدا الامر كما لو انهم كانوا ينظرون الى عيد الحب كانه استفتاء على مجمل حياتهم العاطفة."

وبالنسبة لباربرا فيلدمان، وهي متزوجة منذ 14 عاما، فرغم أنها تحتفل بعيد الحب مع زوجها، الا ان ذلك اليوم يوّلد لديها بعض مشاعر الاحساس بالذنب، وعدم الثقة بالنفس.. فهي تتساءل " لماذا لا اذهب لشراء بطاقات تهنئة متدفقة بالعواطف او هدايا معبرة احتفالا برومانسية زواجي."

وتصف "شوشانا ريكون"، وتعمل كوسيط زواج في مانهاتن، عيد الحب بانه احد اوقات ثلاثة تمثل ذروة عملها خلال العام. وتقول ريكون إن زبائنها لا يقولون مباشرة إنهم يطلبون رفيقا لليلة عيد الحب، الا انهم يفكرون في ذلك بالطبع.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 14  /شباط /2006 -15 /محرم الحرام/1427