بعد ان افلست صحف اوربا تصب الزيت على نيران لتأجيج الصدام والعنصرية

في موقف يتسم بالتحدي والعناد اعادت عدة صحف اوروبية من بينها (ايه.بي.سي) وبيريوديكو دو قطالونيا الاسبانيتان صورا لصحف نشرت الرسوم الساخرة. ونشرت صحف اوروبية أخرى من بينها لو موند الفرنسية رسوما تسخر من الجدل.

ونشرت صحيفتا (لو تان) الصادرة في جنيف وصحيفة ماجيار هيرلاب في بودابست رسما كاريكاتوريا ساخرا اخر يظهر اماما يأمر مفجرين انتحاريين بالتوقف لان الجنة نفد ما لديها من الحور العين.

وانتقد بعض السياسيين الصحافة لاثارتها الجدل.

وقال اندرس فو راسموسن رئيس وزراء الدنمرك ان المسألة تجاوزت الخلاف بين كوبنهاجن والعالم الاسلامي ليتركز الان على حرية التعبير في الغرب في مواجهة المحرمات في الاسلام الذي أصبح الان الدين الثاني في عدة دول أوروبية.

وأضاف راسموسن لصحيفة بولويتكن اليومية التي تصدر في كوبنهاجن "نتحدث عن قضية لها اهمية أساسية فيما يتعلق بكيفية عمل النظم الديمقراطية... بامكان المرء أن يقول وهو مطمئن انها الان قضية اكبر."

وقال مكتب رئيس الوزراء الدنمركي ان راسموسن ووزير الخارجية بير شتيج مولر استدعيا مبعوثين أجانب الى كوبنهاجن لاجتماع يوم الجمعة لبحث الاحتجاجات ورد فعل الحكومة الدنمركية.

والتقى سفير الدنمرك في باريس بزعماء فرنسيين مسلمين هددوا باتخاذ اجراءات قانونية ضد الرسوم وسلمهم رسالة تعرب عن الاسف كتبت بالعربية من راسموسن واعتذارا من مدير صحيفة جيلاندس بوستن.

ودافع وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يتميز بلهجة حادة عن قرار الصحف نشر الرسوم وقال انه دهش لقيام فرانس سوار بإقالة مدير تحريرها.

وقال ساركوزي "يجب ان ندافع عن حرية التعبير واذا كان علي ان أختار.. فسأفضل التجاوز في الرسوم الساخرة على التجاوز في النقد." وأضاف انه لا يوجد داع لتمييز دين على آخر.

وقال وزير الداخلية الالماني فولفجانج شوبل ان الصحافة ينبغي أن "تتعامل مع الموقف الذي اوجدته." بينما دعا اخرون الى ضبط النفس.

وقال بيتر ماندلسون مفوض التجارة بالاتحاد الاوروبي "ان تحركات الصحف الاوروبية الاخرى الان باعادة نشر تلك الرسوم الساخرة تلقي بالزيت على نيران القضية الاصلية.. الإساءة الاصلية التي ارتكبت."

وانضمت صحيفة "لوموند" الفرنسية النافذة الى مجموعة المنشورات المتضامنة مع صحيفة "يلاندس بوستن" الدنماركية باسم الدفاع عن حرية التعبير فنشرت رسما للنبي محمد احتل نصف مساحة صفحتها الاولى وافتتاحية بعنوان "رسوم كاريكاتورية حرة".

وتحت عنوان "الاسلام: رسوم الشقاق" احتل رسم يحمل توقيع بلانتو الرسام الشهير لدى "لوموند" نصف الصفحة الاولى من عدد الصحيفة.

وصور بلانتو في رسمه وجه النبي محمد مستخدما بدل الخطوط جملة مكتوبة بخط اليد في كل الاتجاهات "يجب ان لا ارسم محمد".

وجاء في افتتاحية "لوموند" انه "يمكن لمسلم ان يشعر بالصدمة بسبب رسم عن محمد وخصوصا ان كان الرسم سيء النية" في اشارة الى ان الديانة الاسلامية تحظر نشر رسوم للنبي محمد "غير انه لا يمكن لديموقراطية انشاء شرطة للرأي الا على حساب الاستهانة بحقوق الانسان".

من جهتها اعلنت صحيفة "ليبراسيون" اليسارية انها تخصص ست صفحات الجمعة "لقضية" الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد عبر نشرها خصوصا رسمين خلافيين اثنين مأخوذين من سلسلة رسوم مثيرة للجدل نشرتها صحيفة "يلاندس-بوستن" الدنماركية.

وقالت "ليبراسيون" ان هذا الملف سيترافق مع افتتاحية ومقالات تعبر عن وجهات نظر دينية خصوصا.

وستنشر اسبوعية "شارلي-ابدو" الساخرة من جهتها الرسوم الكاريكاتورية ذاتها في عددها ليوم الاربعاء المقبل "من قبيل المبدأ وتضامنا مع فرانس-سوار وزملائنا الدنماركيين" كما اعلن مدير الاسبوعية فيليب فال لوكالة فرانس برس.

واضاف "ان اقالة مدير صحيفة لانها نشرت رسوما كاريكاتورية دينية مسالة ضخمة".

وعلق بلانتو (54 عاما) الذي تصدر رسومه في "لوموند" منذ العام 1972 وفي مجلة لكسبرس "اذا ما استثنينا الكنيسة الكاثوليكية التي يمكننا التعرض لها وتتصرف مهما قلنا بتسامح فاننا لا ندرك الى اي درجة بات من المستحيل انتقاد رجال الدين".

واعرب بلانتو لوكالة فرانس برس عن الاسف وقال "هناك عبء ثقيل جدا يلقى على كاهل الصحافيين اكثر فاكثر" و"لم نعد نجرؤ على التعبير عن قناعاتنا الصادقة". وراى ان الرسم "هو طريقة لقول +توقف+".

بدورها امتنعت وسائل الاعلام الاميركية الى حد كبير عن اعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المثيرة للجدل التي تتناول النبي محمد والتي نشرت في عدد من الصحف الاوروبية بسبب الطبيعة "المهينة" لهذه الرسومات.

وقال العديد من مدراء التحرير في عدة مؤسسات انهم يقومون بتغطية الخلاف المتصاعد حول الرسوم لكنها قررت عموما عدم نشرها مجددا او بثها على التلفزيون احتراما منها لقرائها ومشاهديها.

واوضح فريد هيات مدير تحرير الصفحة الرئيسية في "واشنطن بوست" لوكالة فرانس برس "اذا كنت في مواجهة امر اعرف انه سيسبب اهانة للكثير من قرائنا فانني سافكر مرتين ما اذا كانت الفائدة من النشر توازي الاهانة التي قد تخلفها".

من جهته قال بيرت غافريلوفيتش مدير تحرير الشؤون الدولية في صحيفة "ديترويت فري برس" (صحافة ديترويت الحرة) في ولاية ميشيغن التي تضم اكبر جالية عربية خارج الشرق الاوسط انه من غير الوارد ان تعيد صحيفته نشر هذه الرسوم.

وقال لوكالة فرانس برس "لا اعتقد اننا سنعيد نشر رسوم تعتبر مهينة لاي شخصية دينية في هذه الصحيفة ونتوخى الحذر في هذا المجال".

وعرضت شبكة "سي ان ان" الاميركية الخميس نسخا عن الصحف الاوروبية التي اعادت نشر الرسوم لكنها لم تظهر الرسوم معتبرة انها لا تريد اثارة حساسية مشاهديها.

من جهتها عرضت شبكة "اي بي سي" نسخة عن صحيفة فرنسية وعليها الرسم الكاريكاتوري بشكل واضح.

وعرضت شبكة "ان بي سي" تقريرا عن الجدل القائم لكنها اوضحت انها قررت عدم بث هذه الرسوم لكنها عرضتها على موقعها على الانترنت.

من جانبها خصصت شبكة "سي بي اس" دقيقتين لتقرير حول الموضوع خلال نشرتها المسائية لكن بدون ان تبث اي من الرسوم المثيرة للجدل كما انها لم تنشر اي رسم على موقعها على الانترنت.

اكبر صحيفة دنماركية في عين العاصفة

واصبحت الصحيفة اليومية المحافظة "يلاندس بوستن" ابرز الصحف الدنماركية هدف الاحتجاجات الاسلامية في العالم منذ نشرها 12 رسما كاريكاتوريا للنبي محمد.

وتطبع الصحيفة ومقرها في آرهوس (وسط) في منطقة يلاند التي تمثل الجزء الاكبر من المملكة الاسكندينافية 150 الف نسخة وتؤكد ان عدد قرائها يبلغ 600 الف ويرتفع الى 800 الف لعدد عطلة نهاية الاسبوع. ويبلغ عدد سكان الدنمارك 4,5 ملايين نسمة.

وفي 30 ايلول/سبتمبر الماضي نشرت الصحيفة "12 صيغة مختلفة عن تصور رسامي الكاريكاتور لشكل النبي محمد" حسب ما كتب رئيس التحرير المركزي للصحيفة كارستن يوست موضحا ان "هذه المبادرة اتخذت في اطار جدل مستمر حول حرية التعبير التي نعتز بها في الدنمارك".

وفي هذا النص الذي نشر باللغات الدنماركية والعربية والانكليزية اعترفت الصحيفة "بما لا يدع مجالا للنقاش ان الرسوم مست بمشاعر كثير من المسلمين" مضيفة "لهذا السبب نقدم اعتذاراتنا".

ورغم هذه الاعتذارات ما زالت الصحيفة تتعرض لمضايقات في الدنمارك. وقد اضطرت الاربعاء لاغلاق مكاتبها في آرهوس وكوبنهاغن بسبب انذار بوجود قنبلة للمرة الثانية خلال يومين.

ويستهدف قراصنة المعلوماتية (هاكرز) موقعها على الانترنت كل يوم.

وقال احد المسؤولين في هيئة التحرير فليمينغ روز "الاسبوع الماضي تلقينا مئة الف رسالة الكترونية دفعة واحدة.. كانت قنبلة الكترونية حقيقية". واضاف "قبل يومين ارسلوا لنا عشرة آلاف رسالة الكترونية".

وتعد "يلاندس بوستن" التي تضم 170 صحافيا في الدنمارك وحوالى 12 مراسلا في الخارج واحدة من ثلاث صحف مرجعية في الدنمارك الى جانب "بوليتيكن" (يسار الوسط) و"برلينغسكي تيديندي" (محافظة).

وقال روز ان الصحيفة تعرف عن نفسها بانها "صحيفة ليبرالية بالمعنى الاوروبي للكلمة اي من يمين الوسط".

والصحيفة مؤيدة للحكومة الليبرالية المحافظة الحالية برئاسة اندرس فوغ راسموسن لكنها تنتقده في بعض الاحيان كما حدث مثلا في مسألة مكافحة الارهاب عندما اتخذت اجراءات تمس بالحريات الفردية حسبما اوضح رئيس تحريرها.

بدورها صحيفة "فرانس سوار" الصحيفة الوحيدة في فرنسا التي نشرت الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد صحيفة شعبية ذات ماض عريق لكنها تشهد حاليا تراجعا بسبب عجز مالي وتبحث عن ممولين.

ويملك هذه الصحيفة منذ تشرين الاول/اكتوبر 2004 رجل الاعمال الفرنسي المصري ريمون لكح.

تأسست الصحيفة في 1944 وازدهرت في الخمسينات والستينات بادارة الصحافي بيار لازاريف. وكانت 1961 سنة قياسية في تاريخها اذ كانت توزع خلالها مليونا و115 الفا و700 نسخة يوميا.

وعند وفاة الجنرال ديغول في تشرين الثاني/نوفمبر 1970 بلغت مبيعاتها 2,7 مليون نسخة.

وفي تلك المرحلة كانت هيئة تحرير الصحيفة تضم حوالى 400 صحافي بعضهم يتمتعون بمكانة كبيرة منهم لوسيان بودار وجوزف كيسيل وهنري امورو.

وتوفي لازاريف في 1972 بينما كانت مبيعات الصحيفة تراجعت الى 790 الف نسخة فقط.

وفي 1976 باعت دار النشر "هاشيت" اسهم الصحيفة الى مؤسسة "برس اليانس" التي يملك خمسين بالمئة منها روبير هيرسان صاحب "لوفيغارو".

وبعد تقلبات وتغير المساهمين مرات عدة وتعديلات في الشكل واضرابات باعت مجموعة الاعلام "سوكبرس" التي يملكها روبير هيرسان في 1999 "برس اليانس" بمبلغ رمزي قدره فرنك فرنسي واحد الى جورج غصن المدير السابق لصحيفة "لاتريبون" الاقتصادية.

وباع غصن بدوره في كانون الاول/ديسمبر "برس اليانس" الى المجموعة الايطالية "بوليغرافيسي اديتوريالي" التي باعتها بعد ذلك قبل ان تتمكن من انعاشها الى ريمون لكح في تشرين الاول/اكتوبر 2004 .

وفي 31 تشرين الاول/اكتوبر الماضي فرض على الصحيفة تصحيحا قضائيا لمدة ستة اشهر.

وقدمت خمسة عروض لشراء الصحيفة التي تراجع عدد نسخها الموزعة يوميا الى 45 الفا.

تونس والمغرب يمنعان توزيع صحيفة "فرانس سوار" الباريسية

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد  5  /شباط /2006 - 6/محرم الحرام/1427