تجاوزت علمانية اوربا كل الحدود: في تحد سافر للمقدسات الاسلامية صحف اوروبية تُعيد نشر رسوم مهينة

أعادت صحف في فرنسا وألمانيا واسبانيا يوم الاربعاء نشر رسوم كاريكاتورية دنمركية عن النبي محمد وأعلنت أن حرية الصحافة أهم من الاحتجاجات والمقاطعة التي أثارتها الرسوم في العالم الاسلامي.

وتم إجلاء الموظفين من مبنى السفارة الدنمركية في دمشق إثر تهديد من قنبلة تبين فيما بعد أنه كاذب واستدعت سوريا سفيرها لدى الدنمرك بسبب الرسوم التي صور أحدها النبي محمد وهو يرتدي عمامة على شكل قنبلة.

وفي كوبنهاجن اجتمع مسؤولون بالشرطة مع زعماء مسلمين في محاولة لتهدئة ردود الفعل هناك. وفي مدينة اراهوس تم إخلاء مكاتب صحيفة يولاندس بوستن التي نشرت الرسوم الكاريكاتورية للمرة الاولى في سبتمبر ايلول بعد تحذير من قنبلة.

وذكرت تقارير لشركتين دنمركيتين كبيرتين ان مبيعاتهما آخذة في الانخفاض في الشرق الاوسط بعد الاحتجاجات على الرسوم الكاريكاتورية في العالم العربي وبعد دعوات الى المقاطعة.

وكتب سيرج فوبير رئيس تحرير صحيفة فرانس سوار تعليقا يشرح فيه السبب الذي دعا صحيفته الى إعادة نشر الرسوم وقال "كفى دروسا من هؤلاء المتعصبين الرجعيين."

ومضى يقول "تحريم القرآن لصور (النبي) محمد لا يعني خضوع غير المسلمين لهذا التحريم."

وندد دليل أبو بكر رئيس مجلس مسلمي فرنسا بنشر الرسوم بوصفه "استفزاز صريح لملايين المسلمين في فرنسا."

وقال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي خلال مؤتمر صحفي بانقرة "ان مباديء حرية الصحافة التي تدافع عنها السلطات الفرنسية في انحاء العالم لن يتم التشكيك فيها." غير أنه أضاف أن هذا المبدأ يجب أن يمارس في اطار اجواء من التسامح.

وأعادت صحيفة دي فيلت الالمانية نشر الرسوم وقالت "لا حصانة لأحد من التهكم في الغرب."

لكن برهان كيسجي زعيم الجالية التركية في ألمانيا قال ان الرسوم اختزلت الاسلام "في اثنين أو ثلاثة ارهابيين".

ونشرت صحيفتان اسبانيتان هما (ايه.بي سي) و (ال بيريوديكو) صورا للرسوم يوم الاربعاء. كما نشرت صحيفة سويسرية ناطقة بالالمانية رسمين منها يوم الثلاثاء.

واعتذرت صحيفة يولاندس بوستن الدنمركية عن أي إيذاء قد تكون سببته لمشاعر المسلمين بنشر الرسوم غير أن الشرطة قالت ان مكاتب الصحيفة في اراهوس اخليت مساء الاربعاء للمرة الثانية خلال يومين بسبب تحذير من قنبلة. وعاد الموظفون بعد اعلان انتهاء الخطر.

وتقول الحكومة الدنمركية انها لا تستطيع أن تملي على وسائل الاعلام الحرة ما تفعله.

وقالت الشرطة الدنمركية في بيان انها طلبت من أئمة المساجد في الدنمرك أن "يدركوا مخاطر أي تصعيد للقضية بما في ذلك الدعوات لحرق المصاحف التي تنتشر هذه الايام على الانترنت ومن خلال الرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة."

وأضافت الشرطة أن هذه الدعوات قد تكون محاولات من يمينيين متطرفين لاستغلال النزاع وإثارة الانقسامات في المجتمع.

وقال رئيس وزراء السويد جوران بيرسون انه كان ينبغي على رئيس الوزراء الدنمركي اندرس فو راسموسن بذل المزيد لتوضيح حرية التعبير لسفراء الدول الاسلامية.

وأضاف قائلا "من الواضح أنه ادخل نفسه بشكل تدريجي في موقف دفاعي... كان من الافضل الذهاب الى الهجوم بشكل أكبر."

واحتج الاف الفلسطينيين على الدنمرك هذا الاسبوع وطالب وزراء عرب بمعاقبة صحيفة يولاندس بوستن.

واستدعت المملكة العربية السعودية سفيرها من كوبنهاجن وأغلقت ليبيا سفارتها. ونددت قطر بالرسوم.

وقالت شركة "ارلا فودز" الدنمركية السويدية لمنتجات الالبان والتي تبلغ قيمة مبيعاتها السنوية في الشرق الاوسط ثلاثة مليارات كرونة دنمركية (487 مليون دولار) انها قد تضطر الى إلغاء 140 وظيفة بسبب المقاطعة.

وقالت متحدثة باسم الشركة "نخسر حوالي عشرة ملايين كرونة دنمركية (1.8 مليون دولار) يوميا في الوقت الحالي."

كما ذكرت شركة نوفو نورديسك الدنمركية أكبر منتج للانسولين في العالم أن الصيدليات والمستشفيات في السعودية تقاطع منتجاتها منذ يوم السبت الماضي.

ونشرت مطبوعة مسيحية نرويجية تسمى مجازينت الرسوم في يناير كانون الثاني الماضي. وأبدى رئيس الوزراء النرويجي ينس شتولتنبرج أسفه يوم الثلاثاء لكنه لم يقدم اعتذارا صريحا.

بدوره  اقال مالك "فرانس سوار" رجل الاعمال الفرنسي المصري ريمون لكح رئيس ومدير الصحيفة جاك لوفران على اثر اعادة نشر الرسوم.

واوضح لكح انه "قرر اقالة السيد جاك لوفران من مهامه كرئيس ومدير للصحيفة في اشارة قوية الى احترام المعتقدات والقناعات الشخصية لكل فرد".

واضاف في بيان "نعبر عن اسفنا للمسلمين ولجميع الاشخاص الذين صدمهم نشر هذه الرسوم او اثار استياءهم".

وفي اسبانيا اعيد نشر الرسوم الكاريكاتورية في صحيفة "آ بي ثي" اليمينية وصحيفة "ايل بيريوديكو" الكاتالانية اليسارية.

وارفقت "ايل بيريوديكو" الرسوم بتعليق كتبت فيه "من المنطقي ان تثير الرسوم الكاريكاتورية استياء بعض المسلمين. لكن من غير المنطقي ان نسعى باسم قراءة حرفية ولاانسانية للقرآن للقضاء على الانتقادات في الخارج ايضا او نهدد الذين (..) يمتهنون التهكم".

الصحافة البريطانية من جهتها امتنعت عن اعادة نشر الرسوم.

وفي ايطاليا اختارت صحيفة "لا ستامبا" نشر الكاريكاتور التي اثارت اكبر قدر من الاستياء في العالم الاسلامي ويظهر فيها النبي محمد معتمرا عمامة على شكل قنبلة اشعل فتيلها.

وقد ارفقتها بمقالة اخبارية عن الموضوع بدون ذكر حرية التعبير فيما اكتفت صحيفة "ايل ميساجيرو" بمقالة بدون اعادة نشر اي رسم.

غير ان صحيفة "ايل كوريري ديلا سيرا" الاكثر انتشارا بين الصحف الايطالية نشرت الاثنين رسمين احدهما يصور النبي محمد يستقبل انتحاريين في الجنة مبديا لهم اسفه ل"نفاد مخزون الحوريات" لديه.

وترافق الرسمان مع مقالة طويلة للمحرر المسلم مجدي علام اعتبر فيها الرسوم الكاريكاتورية "تنم عن ذوق مريب بالطبع".

غير انه دافع عن حرية التعبير وتساءل"ماذا ينتظر الغرب للتدخل؟ هل سيعتمد سياسة النعامة الى ان يقتل ثيو فان غوخ آخر في كوبنهاغن او اوسلو؟" في اشارة الى اغتيال المصور الهولندي في تشرين الثاني/نوفمبر 2004 على يد اسلامي هولندي من اصل مغربي.

وفي سويسرا نشرت صحيفة "بليك" الشعبية الثلاثاء اثنين من الرسوم موضع الخلاف فيما تعتزم "لا تريبون دو جنيف" نشر الرسوم في عددها للخميس بهدف "تحريك الجدل من خلال اظهار موضع الخلاف" على ما اوضح رئيس تحرير الصحيفة.

وقال دومينيك فون بورغ ان "هذه القضية تصور الصدام بين ثقافة شديدة العلمانية مثل ثقافتنا وثقافة اخرى محورها الديانة" مضيفا "يمكننا تفهم مشاعر المسلمين لكننا في دولة تعددية ومن حقنا ان نفعل ما نفعله".

وفي هولندا نشرت "دي فولكسكرانت" التقدمية و"دي تلغراف" الشعبية و"ان ار سي هاندلسبلاد" رسما او اكثر او اعادت نشر صفحة "يلاندس بوستن" المعنية بالمسألة.

واختارت الصحف الاخرى نشر صور لمتظاهرين امام السفارات الدنماركية او رسوما كاريكاتورية لرساميها حول الموضوع.

وفي براغ نشرت صحيفة "دنيس" مقالة حول الموضوع الى جانب صورة صغيرة عن الرسوم الكاريكاتورية.

الصحف المجرية تطرقت الى الموضوع بدون نشر صور.

وفي فرنسا صرح وزير الخارجية فيليب دوست بلازي ان بلاده لا يمكنها المساس بحرية الصحافة لكنه دعا الى ممارسة هذه الحرية "بعقلية تقبل الاخر".

وقال الوزير الفرنسي ردا على سؤال حول اعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية في صحيفة "فرانس سوار" ان "الرسوم الكاريكاتورية الصادرة اليوم (الاربعاء) في هذه الصحيفة تتحمل مسؤوليتها الصحيفة وحدها".

وتابع ان "مبدأ حرية الصحافة الذي تدافع عنه السلطات الفرنسية في كل انحاء العالم لا يمكن المساس به لكنه ينبغي ممارسته بذهنية تقبل الاخر وباحترام المعتقدات والديانات الذي يشكل اساس مبدأ العلمانية المعتمد في بلادنا".

وفي المانيا عبر هندريك تسورنر المتحدث باسم نقابة الصحافيين الالمان عن معارضته نشر الرسوم. وذكر بان آداب الصحافة الالمانية تحظر المقالات او الصور التي من شأنها الاساءة الى "المشاعر الدينية او الاخلاقية لمجموعة من الاشخاص".

وكانت صحيفة "دي فيلت" المحافظة الصحيفة الكبرى الوحيدة التي نشرت في صفحتها الاولى احد الرسوم وقد اختارت رسم النبي محمد يعتمر العمامة على شكل قنبلة فيما اوردت اربعة رسوم اخرى في صفحاتها الداخلية.

وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها "كنا سننظر بمزيد من الجدية الى الاحتجاجات الاسلامية لو كانت اقل نفاقا. فحين بث التلفزيون السوري في ساعة تشهد اقبالا كبيرا برنامجا ظهر فيها حاخامات على شكل اكلة لحوم البشر لزم الائمة الصمت".

ونشرت صحيفة دي فيلت الالمانية تعليقا بجانب الرسوم التي أعادت نشرها.

وقالت "لا حصانة لاحد من التهكم في الغرب." وتابعت "كانت المسيحية موضوعا لانتقادات قاسية... ان القدرة على السخرية من أكثر الامور قدسية تقليد أساسي في ثقافتنا لا يقبل المساومة."

وقال جان باتيست ماتيي المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية ان فرنسا تؤيد حرية الصحافة التي "يجب أن تمارس بروح من التسامح واحترام المعتقدات والاديان."

واعتذرت صحيفة يولاندس بوستن الدنمركية التي نشرت الرسوم لاول مرة في سبتمبر أيلول الماضي عن أي ايذاء قد تكون سببته لمشاعر المسلمين بنشر الرسوم. وتقول الحكومة الدنمركية انها لا تستطيع أن تملي على وسائل الاعلام الحرة ما تفعله.

وقالت الشرطة الدنمركية في بيان انها طلبت من أئمة المساجد في الدنمرك أن "يدركوا مخاطر أي تصعيد للقضية بما في ذلك الدعوات لحرق المصاحف التي تنتشر هذه الايام على الانترنت ومن خلال الرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة."

وأضافت الشرطة أن هذه الدعوات قد تكون محاولات من يمينيين متطرفين لاستغلال النزاع واثارة الانقسامات في المجتمع.

ونشرت مطبوعة مسيحية نرويجية تسمى مجازينت الرسوم في يناير كانون الثاني الماضي. وأبدى رئيس الوزراء النرويجي ينس شتولتنبرج أسفه يوم الثلاثاء لكنه لم يقدم اعتذارا صريحا.

ونقلت وكالة الانباء النرويجية قوله في أول تصريحات علنية له "لا نستطيع أن نعتذر عن شيء تنشره الصحف في بلد كالنرويج يتمتع بحرية التعبير."

ودافعت منظمة صحفيون بلا حدود التي تراقب حرية الصحافة في العالم ومقرها باريس عن الصحف. وقال روبير مينار رئيس المنظمة لصحيفة فرانس سوار "حرية الصحافة متاحة لوجهات نظر تصدم غالبية الجمهور."

وقال صهيب بن شيخ وهو باحث اسلامي فرنسي معتدل ان حرية الصحافة في الغرب تجاوز الحدود. وقال "الغرب فقد الاحساس بما هو... مقدس."

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة  3  /شباط /2006 - 4/محرم الحرام/1427