شخصيات دولية تدعو الى تحالف ثقافي بين الغرب والمسلمين في ظل اجواء صدام

 دعت شخصيات دولية بارزة تشارك في مؤتمر دولي لحوار الحضارات بالعاصمة التونسية الى تجاوز الصدام القائم بين الحضارة الغربية والاسلامية وبناء تحالف ثقافي افضل في عالم اكثر سلما واحتراما.

وأجمع المشاركون في هذا المؤتمر الدولي الذي بدأ يوم الاثنين ويستمر ثلاثة ايام بحضور عدد من رجال الفكر والسياسة البارزين على ان الاختلاف العقائدي لا يبرر بأي شكل الصدام والانغلاق ورفض الاخر.

ويأتي عقد مؤتمر (الحضارات والثقافات الانسانية من الحوار الى التحالف) بعد وقت قصير من قيام صحيفة دنمركية بنشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة للرسول محمد مما أثار موجة واسعة من الاحتجاجات في العديد من الدول الاسلامية التي طالبت الحكومة الدنمركية بالاعتذار عن هذا التصرف.

ونفى مهاتير المعروف بمعاداته للولايات المتحدة ان تكون الاختلافات الدينية سبب الصراع القائم حاليا بين الحضارة الغربية والاسلامية.

وقال "النزاعات بيننا ذات طابع اقتصادي وسياسي بالاساس" معتبرا ان محاولات التذرع الغربية بنقل الديمقراطية للدول الاسلامية مثل ما يحدث اليوم لا تساهم في حل النزاعات بل تغذيها وتؤجج التصادم الحضاري.

ومثلما كان متوقعا وجه مهاتير انتقاداته للولايات المتحدة قائلا "البلد الوحيد في العالم الذي اقدم على القاء قنبلة نووية قتلت الالاف من الابرياء هو بلد يدعي الديمقراطية."

واعتبر ان طريقة حل النزاع بواسطة الحروب في اشارة الى الحرب على العراق ليس امرا ايجابيا لان الحرب لا تؤدي الا للدمار.

وقال ان السلام العالمي والحوار المتكافئ لا يكون الا بفهم خصوصيات باقي الثقافات الانسانية مهما اختلفت الانتماءات الدينية والعرقية واللغوية.

وكانت المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) قد عينت مؤخرا مهاتير سفيرا لها للحوار بين الثقافات والحضارات.

من جهته اقر عمرو موسى ان الصراع لم يهدأ بين الغرب والمسلمين وقال "اعتقد اننا مازلنا في مرحلة الصراع ولم نتحرك بعد الى مرحلة الحوار مع الغرب."

وانتقد موسى "الامم الغربية التي تدعي الديمقراطية بينما تضرب العدالة باسم العدالة مثلما يحصل من انحياز مقيت ضد حقوق الفلسطينيين."

لكنه قال ان قيام حوار حقيقي ثم تحالف حضاري مع الغرب يتطلب ايضا اقدام البلدان العربية على اصلاحات شاملة.

وتابع "لقد ان الاوان ان نطلق منظومة اصلاحية كاملة وحقيقية في العالم الاسلامي تقوم على الاصلاح والتطوير والتحديث وعلى اعادة بناء الانسان المسلم ليكون شريكا كاملا في قيادة الانسانية في هذا القرن الجديد."

وارتفعت في الاونة الاخيرة دعوات مطالبة بانفتاح حضاري وثقافي اوسع بين العالمين الاسلامي والغربي بعد تصاعد المخاوف الغربية من هجمات المتشددين الاسلاميين منذ هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 على الولايات المتحدة.

اما اكمل الدين حسان اوجلي الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي فقال "الحوار ليس هدف في حد ذاته وانما هو وسيلة للتفاهم وخلق جو من الاخاء والالفة والتعايش في كنف الاحترام بين مختلف الحضارات."

واضاف "غايتنا هو هدم الهوة التي نشأت بين الحضارة الاسلامية والغربية ومجابهة كل مظاهر التمييز والاساءة البشعة التي لا نقبلها واخرها استهزاء صحيفة دنمركية بالنبي الكريم محمد."

ودعا وزير الثقافة التونسي محمد العزيز بن عاشور الى التفتح على الحضارات الاخرى دون انسلاخ بدلا من التصادم والصراع الثقافي الذي لا مبرر له معتبرا ان السلام العالمي لا يمكن ان يبنى الا بالحوار.

ويناقش المشاركون في المؤتمر الذي تنظمه الايسيسكو عدة موضوعات بارزة اخرى من بينها (التعايش مع غير المسلمين في مجتمع مسلم) و(الاسلام والتعايش السلمي مع الاخر).

ودان المشاركون فى الندوة الدولية التى تقيمها المنظمة الاسلامية للتربية والثقافة والعلوم (ايسيسكو) بشدة ظاهرة الاساءة للاسلام والمسلمين التي اخذت ابعادا خطيرة بعد اقدام صحيفة دانماركية أخيرا على نشر رسوم مسيئة للرسول محمد عيله الصلاة و السلام .

ووصف الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى خلال مشاركته فى الندوة هذه الظاهرة بانها "خطيرة ولا تتماشى وحوار الحضارات".

وقال موسى ان "هذه المسألة لا تحتاج الى تعليق بل الى تصرف والى اجراءات حاسمة وهو ما تتفق الدول العربية بشأنه" موءكدا ان مسألة الرسوم المسيئة للاسلام ورموزه غاية في الخطورة وهي آخذة فى الانتشار في الغرب.

وأضاف أن في هذا السلوك نوعا من التحدي والخروج على نمط السلوك العام وعلى التمشي المامول الخاص بالحوار وتحالف الحضارات مشيرا الى ان هذه المسألة تثير نقطة اخرى وهى الكيل بمكيالين "فهناك امور لا تجرؤ الدول الاوروبية على التحدث فيها و لايمكن ان يقال في هذا ان هناك حرية صحافة لايمكن المساس بها".

ومن المقرر ان تصدر عن الندوة التي تستمر ثلاثة ايام بمشاركة عدد كبير من المثقفين ورجال الفكر من العالمين العربي والاسلامي ومن البلدان الاجنبية توصيات ختامية تهدف الى الانتقال من مرحلة الحوار الى مرحلة التحالف بين الحضارات والثقافات من اجل منع صراع الحضارات وتعزيز اسس التفاهم والتعايش السلمي بين شعوب العالم.

وعبرت الندوة الدولية عن "القلق" ازاء استمرار الحملات المعادية والمغرضة ضد الاسلام وحضارته وثقافته وشعوبه والتى تزداد ضراوة بعد احداث الحادى عشر من سبتمر 2001.

واثبت المشاركون فى الندوة من مثقفين ورجال فكر من العالمين العربي والاسلامي ومن بلدان اجنبية في الوثيقة الختامية للندوة التى اطلق عليها (اعلان تونس) ان هذه الحملات "اصبح يطغى عليها التحيز والتحامل والتطاول فى بعض الاحيان على المقدسات الاسلامية والقرآن الكريم وشخص رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام".

واتفق المشاركون فى الندوة على ان "رسالة الاسلام عالمية وموجهة لجميع الشعوب وهي تعترف بجميع الديانات السماوية وتحترمها وتعترف بالانبياء والرسل كافة" مؤكدين ان الحضارة الاسلامية "جزء من الحضارة الانسانية تقوم على الوسطية والاعتدال والتعايش السلمي والايمان بالقيم المشتركة الثابتة والتعاون والتفاهم المتبادل بين الحضارات والتحاور البناء مع الديانات والثقافات".

واكد (اعلان تونس) الصادر عن الندوة ان الحوار بين الحضارات هو "تعبير عن ابرز قيم الحضارة الاسلامية وسمات الشخصية الاسلامية المتوازنة وهو ضرورة حتمية وواجب اخلاقي وانساني وشرط مؤكد للتعاون الايجابي والمثمر للتعايش السلمي والايمان بالقيم المشتركة الثابتة بين البشر".

وحذرت الندوة من ان الصدامات والصراعات بين الحضارات "تسبب المآسي على مستوى الافراد والشعوب وتزرع الكراهية والنفور في ما بين البشر وان البديل الامثل للوقاية منها هو الحوار والتفاهم والتعايش السلمي واحترام حقوق الاخرين ومراعاة خصوصياتهم مع الاستفادة من التنوع الذي يمثله تعدد الديانات والثقافات والحضارات لبناء مجتمع انساني متفاعل ومتكامل".

وشدد (اعلان تونس) على ان تحالف الحضارات الذي حاولت الندوة الدولية التأسيس له هو "مبدأ من مبادىء القانون الدولي واساس من الاسس التي تقوم عليها العلاقات الدولية وهو يساهم بدرجة كبيرة في التقارب بين الشعوب والامم وفي ازالة الحواجز المتراكمة من سوء الفهم المتبادل ويمثل احد الخيارات المثلى لمعالجة الانعكاسات السلبية لظاهرة العولمة وتنشيط التعاون والتضامن بين الشعوب ونبذ كل اشكال المفاضلة والثنائيات التي تؤدي الى صدام الحضارات".

ووصف الاعلان الختامي للندوة التحالف المنشود بين الحضارات بانه "السبيل الذي يسلكه العقلاء والحكماء ومسؤولية انسانية مشتركة يتحملها بصورة خاصة صانعو القرار بمختلف درجات المسؤولية والنخب الفكرية والثقافية والاعلامية في العالم كله من اجل المشاركة الجماعية في بناء السلام في الحاضر والمستقبل".

وقد شارك في اعمال الندوة التي نظمتها منظمة الايسيسكو على امتداد ثلاثة ايام بالتعاون مع وزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسية تحت اشراف الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عدد كبير من السياسيين البارزين ورجال الفكر والثقافة وممثلو المنظمات الاقليمية والدولية المعنية بحوار الحضارات والثقافات.

ومن بين الشخصيات البارزة التى شاركت فى الندوة وزير الثقافة والمحافظة على التراث التونسي محمد العزيز ابن عاشور والمدير العام لمنظمة الايسيسكو الدكتور عبدالعزيز التويجري والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى والامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي الدكتور اكمل الدين احسان اوغلي ورئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد بالاضافة الى ممثلي العديد من المؤسسات البرلمانية والسياسية الاوروبية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 2  /شباط /2006 - 3/محرم الحرام/1427