بعد التاسع من أبريل 2003 تطلع الشعب العراقي للتغيير على أساس
متنفس الحرية وأستعد لجني ثمار الديمقراطية، لكن أخطاء السياسيين
متنوعة ومنها ما كانت ذات تأثير عميق في مستقبل العراق وتحقيق
السياسيين لنتائج إيجابية سوف تؤثر في صميم الواقع العراقي القادم
ومستقبل الأجيال الآتية ولها ثمارها التي تنمي صحوة الشعوب المحيطة
بالعراق ولها إشعاعها لكي تنير الإنســـانية جمعاء.
الشـــــعب العراقي أصبح لديه كم هائل من الوعي السياسي والاقتصادي
والثقافي ما يكفي ويكفل له بأن ينتصر على الأزمة المؤقتة ويمكنه من
تداوي جراحات الماضي المرير ويتخطى الأزمات ليبدأ بالعيش برفاهية
مستخدما ثرواته بشكل يلائم حاجاته الضرورية ويرسم لمستقبل الأجيال
القادمة لكي لا يقعوا بنفس الأخطاء وأبدا لا يعانوا ما قاساه الآباء
والأجداد من ظلم وتعسف.....
لكي يتحول العراق من بلد مستهلك لبلد منتج من خلال تطور الصناعات
الوطنية، وتنمى الزراعة بتطور الواقع الزراعي المتردي وتهيأت الوسائل
المتطورة وتنمية الخبرات العراقية والسعي لتنشيط الإرادة العراقية
المسلوبة.
وكل تلك الأحلام الجميلة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال وحدة الصف
الوطني ...ولا يمكن لأي سلطة أن تصل لتلك الأهداف لوحدها ...نحن بأمس
الحاجة للتعاون المستمر على الصالح من الأعمال ..نحن بحاجة فعلية
لمعرفة الأساليب الحديثة في التعامل مع بعضنا..لا يمكننا ترك الحكومة!
لتفعلها لوحدها ...لا يمكن القبول بالديمقراطية أن تنتج سلطات
ديكتاتورية القرار...ليست العملية الانتخابية فقط بمثابة وسيلة سليمة
وشرعية لإنتاج قادة ينفردون بالرأي أو سلطات تشرع وتنفذ دون مشاركة
أبناء الشعب بخصوص صلاحية القرار قبل الجزم على فعله ....لكن كيف
للحكومة وباقي السلطات تدارك مثل هذا الأمر المهم....
هناك مصطلح في السياسية بمعنى (استنباط الرأي العام) أو معرفة رأي
الجماهير في موضوع معين قبل عرضه كمشروع في مجلس النواب...ومثل هذا
الأمر يحدث دائما في دول متطورة ديمقراطيا ..ودول قد تعايشت مع الفن
السياسي بالتفاعل مع شعوبهم...لكن هل يمكننا نحن العراقيو! ن من أن
نخوض مثل هذه التجارب ...الدارج في الشارع السياسي العراقي بأن الشعب
العراقي كان مغلوبا على أمره وليس متطلع على الأساليب الحديثة في
التعاملات السياسية الديمقراطية حسب عنوة النظام البائد...لأن الشعب
طيلة عقود كان مغيبا وليس له أي رأي في المشاركة السياسة فهو إذن غير
مستعد للخوض في تجارب جديدة مثل استنباط رأي الشعب...أو أن البعض يجزم
جزافا وإجحافا بحق الشعب العراقي بأنه شعب غير واعي سياسيا فليس له
قرارا حكيما فلابد للسياسيين أن يتخذوا القرارات بالنيابة..فيكفي أنه
شارك في الانتخابات وأتخذ بذلك قرارا وأعطى الأحقية في صنع القرار
السياسي للممثلين عنه في مجلس النواب الذي سوف ينتخب مجلس الرئاسة
ومجلس رئاسة الوزراء، والجميع يعلم بأن ما سوف ينتج من حكومة ليس على
أساس الاستحقاق الانتخابي بل توافقي أي نوع من أنواع الديمقراطية
المفروضة حسب الظرف السياسي للتنوع الاجتماعي للشعب العراقي...إذن هنا
نصل إلى نتيجة هو حاصل مفروض حسب الواقع المتنوع للمجتمع العراقي وليس
ناتج عن وعي سياسي ولم نستخدم الوسيلة الديمقراطية المعروفة(الانتخابات)
لكي يعطينا النتا! ج المطلوب بل اتخذنا الوسيلة من أجل الظواهر وليس من
أجل الحقائق والواقع فرض وليس الاستحقاق وبهذا الشكل توصلنا لحل من أجل
إحقاق الحق بمقابل رفض الحقوق وهنا أعني بحقوق الشعب الذي ضحى من أجل
أن يصل لصناديق الانتخابات ليدلي بصوته وينتخب ممثليه، حيث ضرب هذا
الحق عرض الحائط من أجل إرضاء أطراف لهم أيضا الحق في ممارسة صنع
القرار...والسؤال الذي يطرح نفسه هل القصور في الوسيلة الديمقراطية أم
القصور في اللاوعي السياسي أم الاثنين معا...أم هناك فرض اجتماعي يسلك
مسلك الدكتاتورية في بيان حقه في ممارسة صنع القرار السياسي.
حتى في هذه المسألة لم نسمع بأن أصحاب القرار أخذوا! قسطا من العناء
ليكلفوا أنفسهم بأن يطرحوا هذه القضية على مؤسسات المجتمع المدني وكأن
لا وجود لهذه المؤسسات وكأن هذه المنظمات الجماهيرية التطوعية لم تقدم
شيئا يذكر ويستحق بأن يشار إليها ولو بكلمة أو حرف للتداول في أمور تهم
المجتمع العراقي بأكمله وليس فقط أطراف قومية وطائفية محدودة...وكأن
هذه المنظمات الجماهيرية ليس لها الحق في فن صنع القرار السياسي لبلد
قد كلب بأقسى أنواع القيود وأشرسها ظلما وعدوانا. ألا يكفي ظلم الزمان
الماضي على شرائح مثقفة أناس قد وهبوا وقتهم خدمة للبلد والشعب دون
انتظار لأي مكرمة أو غاية ذاتية .. بل فقط من أجل أن يتحول المجتمع
العراقي لمجتمع مدني متطور.
إذا استمر الأمر على هذا المنوال فعلى المجتمع المدني السلام، لأننا
بصدد مجتمع متعدد الأعراق ..طائفي قومي وتحزبي ليس مجتمعا مدنيا...نرفع
شعارات الديمقراطية وفي الواقع نقسم الكعكة بين أعراقنا بحجة
التوافق...وإذا اعترض مواطن على مثل هذه السلبيات قد ينعت بمصطلحات
سلبية أو يقصى من العمل السياسي لكونه لا يرضى بالتوافق أو أنه حجر
عثرة أمام الوحدة الوطنية المصطنعة...نرفع شعار القانون فوق الجميع لكن
واقع حالنا في التعاملات اليومية يفرضها الانتماءات بكل أشكالها ...لو
تحكم في مصير الشعب العراقي الانتماءات العرقية والمذهبية فإلى أين
بالمجتمع المدني ...وأين يصبح حكم القانون...وهل يكون القانون فقط فوق
جميع اللامنتمين ..فوق البسطاء من الناس الذين لا يجدون قوة يومهم إلا
من خلال تفضل السلطة بتوزيع مكارم للعوائل الفقيرة دون إحصاء دقيق...أو
من ناحية أخرى زيادة أسعار المحروقات ليزداد أسعار كل البضائع الضرورية
وكأن الحالة للعوائل التي تعيش تحت خط الفقر لا تتغير بل تسوء سوءا
ويزاد الفقر بين الأغلبية المسحوقة...وتبقى مؤسسات المجتمع المدني
تعاني صعوبة الوضع من أن تتعاون مع السلطة ! ...بدلا من أن تقف معها
لبناء العراق ...تجدها مضطرة غير مختارة بل مجبرة لكي تتخذ موقف
المسائلة وموقف السلبية من الحكومة ..وهذه المرة حكومة دائمة غير
انتقالية ولا مؤقتة فلا حجة ولا تبرير...
إننا في الهيئة الوطنية المنسقة لمنظمات المجتمع المدني الموحد
قررنا توحيد الصف الوطني من خلال مزج عمل المفوضية العامة لمؤسسات
المجتمع المدني العراقية وعمل الهيئة الوطنية ونسعى لإيجاد سبل التعاون
مع تنظيمات واتحادات للمنظمات الجماهيرية لتكوين جبهة مدنية متعاونة مع
التشكيلة الحكومية الجديدة..لأن أمامنا أربعة سنوات عمل صعب وشاق وطويل
ولابد من اتخاذ موقف حازم وملائم للوضع! الآتي ولا ندع الساحة مفتوحة
للتنظيمات السياسية والقومية والمذهبية أن تتفرد بالوضع السياسي لكي
تأزمه أكثر مما هو عليه الآن...إننا ندعو كافة التنظيمات المدنية
للتشاور وتوحيد الصف وعدم الانجراف وراء المصالح الخاصة ولنضع جميعا
مصلحة الإنســــان العراقي فوق كل المصالح لأننا جزء من هذا المجتمع
ومسؤولية المؤسسات المدنية كبيرة وواسعة وليست ضيقة أو مقززة.
وليكن في علم المنظمات التي أسست على أساس المصالح الذاتية أو
المصالح الحزبية بأنها سوف تكشف ويبان حقيقتها والشعب العراقي لا
يرحم....وعليه من الأفضل على تلك المنظمات مراجعة سياستها وبرامجها
وجعل الحقيقة نصب أعين مسئوليها لكي يتحملوا عبء الواجب الوطني لبناء
مجتمع عراقي مدني بحق الكلمة.
نحن بصدد وضع برنامج عمل متكامل للسنين الأربعة القادمة، وهدفنا هو
مد يد العون للحكومة الجديدة الدائمة بكل إخلاص وثقة عالية بأنها تعمل
من أجل تحقيق فقرات الدستور وضمان حقوق الإنسان العراقي دون تطرف أو
انحياز أو أي شكل من أشكال التمييز.
لذا نطالب الحكومة القادمة أن تحدد موقفها من مؤسسات المجتمع المدني
دون أن تجعل عليها وصايا خاصة أو تربطها بالمؤسسات الحكومية لكننا لا
نطالب بأن تكون حال المؤسسات المدنية عشوائية دون قيود وقوانين..نحن
نسعى لتنظيم قانون ينظم عمل المنظمات المدنية بمشاركة هذه! المؤسسات.
لمناقشة مثل هذا القانون...نحن نسعى لكي يكون لممثلي الشعب العراقي
دور مميز على تصرف هذه المنظمات ..نحن نسعى لكي لا تكون هذه المنظمات
منتمية لمؤسسات أجنبية معادية للشعب العراقي وتطلعاته...نحن نسعى من
أجل منظمات مدنية وطنية تخدم الوطن وشعبه وتتبنى عملية التنمية الوطنية
الشاملة وأن تسعى الحكومة لكي تكون عملية تنمية هذه المنظمات عملية
وطنية بحت دون تدخل أجنبي ..نحن نطالب بأن يكون موارد هذه المنظمات
موارد وطنية وليست مدعومة من الخارج. لأن العراق بلد الخيرات...لأننا
نطالب بإنشاء مراكز إحصاء الثروات الوطنية وبيان حصة الفرد العراقي من
مجمل الثروات، لأن الإنسان العراقي لو تعرف على حقه فلا يمكن لأحد أن
يستغله أو يسرقه...لأننا نثق بأن هناك قدرات لدى أبناء الشعب العراقي
بأن يحول التراب لذهب...بأن يستغل كل الثروات الطبيعية للصالح
العام...بأن ينمي الطاقة البشرية الهائلة لكي تفي بوعدها وتقود البلد
لتصل به لمستوى البلدان المتطورة والمتحضرة دون أن تنسى تقاليدها
ومعتقداتها ...بل تضيف للعالم أجمع بيانا وبرهانا بأنه حقا شعب
الحضارات والقيم الإنسانية النبيلة.
*رئيس الهيئة الوطنية المنسقة
لمنظمات المجتمع المدني الموحد |