يقال
عنها إنها إحدى عجائب الدنيا السبع، تلك هي الجنائن التي صنعها نبوخذ
نصر لزوجته الأغريقية التي ضاقت بها سهول أرض الرافدين فتاقت لطبيعة
بلادها الجبلية (ميديا) التي تضج بالقمم الشاهقة والجبال والتلال
المتنوعة ولكي يخفف الملك من وطأة الغربة وثقلها على زوجته الجميلة فقد
أنشأ لها خميلة تقترب من طبيعة بلادها الجبلية وشهقت الجنائن المعلقة
نحو السماء في سبع طبقات متتالية أعلاها تتربع على أسفلها وصولا الى
الأرض والأمر الذي أثار العجب في ذلك الزمن الموغل في القدم هو صعود
الماء بوسائل ميكانيكية من الطبقة الأرضية حتى الطبقة السابعة للجنائن
المصنعة محليا وكان هذا الحدث العجيب من نتاج عقول وأيادٍ عراقية صرف ،
ثم تألقت الزهور والورود ولونت أرض الجنائن بأفرشة خضراء محلاّة بألوان
الطيف الشمسي تتلوى بين ثنياتها اللاّمعة غدران من الماء الزلال لدرجة
ان جمال الطبيعة المصنعة ألغى غربة الملكة وقضى تماما على أشواقها
العارمة لأرضها الأم ، ولهذا أُطلق على الجنائن المعلقة لقب لم تحظ به
إلا سبعة أماكن فقط في المعمورة بأسرها وصارت الجنائن البابلية ( إحدى
عجائب الدنيا السبع) وهنا أتذكر حديثا(فوتوغرافيا) لأحد الأصدقاء
الصحفيين الذين زاروا واحدة من عجائب الدنيا السبع وهي ( تاج محل )
التي تقع في الهند وهذه الزيارة لم يمض عليها الكثير من الزمن وعندما
أتذكر تفاصيل الحكاية التصويرية الدقيقة الآن أكاد أنفجر من القهر
والغيظ على من يهمه الأمر او المسؤول المباشر عن رعاية واحدة من أروع
عجائب الأرض برمتها ، ثمة فرق لاتصدقه العين ولن يقبله العقل بين
الجنائن المعلقة الآن وبين تاج محل ، ومن يساوي بينهما في الوصف
العجائبي فهو غير منصف أبدا ، فشتان بين إعجوبة حافظ أهلها على
مواصفاتها التي منحتها هذه الصفة الفريدة بل زادوها عجبا وتألقا وبين
من حولوا إعجوبتهم المتفردة الى اضحوكة او اكذوبة لاتنطلي على احد وليس
في كلامي هذا غبن لأحد، فقبل آلاف السنين كانت الجنائن تفوق بسحرها
وجمالها المصنَّع سحر الطبيعة نفسها لدرجة أنها ألغت أحزان المرأة
الأغريقية وأشواقها لأرضها وأهلها وأصبحت اعجوبة الزمان ، أما الآن فلن
يصح على الخمائل (الحلاوية) الذابلة المهملة إلاّ القول المأثور للفنان
العراقي الراحل جعفر السعدي ( عجيب أمور غريب قضية) . |