الجمال.. منحة الرب للإنسان والطبيعة

 

كتب المحرر الثقافي:

لم يُفتح ملف الجمال كاملاً حتى اليوم نظراً لسعته في المخلوقات والطبيعة إلا أن هناك عددا من الدراسات أو التأليفات أو الكتابات قد تطرقت له.

وصفة الجمال منحها الرب القادر على كل شيء إلى الإنسان والحيوان والطبيعة ومنها الأحياء والجماد في آن واحد.. وتقف وراء الجمال الملموس أينما تواجد حكمة الإتقان وإلا فإن لكل من الإنسان الجميل والقبيح أيضاً وجه فيه ما يحتويه الآخر من جبهة وعينين يعلوها حاجبان وأنف وفم وإلى آخره لكن نسبة من الجمال تجعل إتصاف الجميل بشكل مقبول يريح الناظر، وهذا الفارق في الشكل بكثير من الأحيان هو الذي يحبب لنا الآخر أو يجعلنا متحفظين منه بصورة عامة ، مع أن المقياس الأخير للتقيم لا ينبغي أن يحدده (الوجه الحسن) فكثير من حاملي الوجه الجميل يفتقرون إلى (جمال الروح) الذي هو أهم من (جمال القّد) لأن الأول باقٍ والثاني إلى زوال.

والجمال الذي ما تزال تجسده الأعمال الفنية والأدبية هو نوع من التعبير عما يدور في خلجات النفس المنتج لها أو المتعامل معها.

والجمال كما هو مألوف لا يبـرزه إلا النور من اللوحة الجميلة التي لا تبدو كذلك في العتمة لكن وجودها في الظلماء لا يقلل من قيمتها وهكذا الحال، فالذي يُخفى وراء سحنة المرء قد يكون عظيماً، وكثير من الشعراء الذين تغنت بأشعارهم الأجيال وحفظوا قصائدهم عن ظهر قلب كانوا شعراء ذوي سنحة عادية بل اتسم عدد منهم بسحنة دميمة، لكن عالم الشاعر الداخلي غير المنظور لا يعرفه إلا صاحبه والجمال الإنساني بلا خُلق إنساني محكوم عليه بالفشل فكم من الناس ممن يتمتعون بجمال كبير لكنهم مكروهون بين المحيطين بهم وذلك لأن سلوكهم يتنافى مع ما يتطلع إليه الناس فيهم بعيون حاذقة.

والمرء المستيقظ دوماً على أمل الخير ليرى نفسه طوال يومه في حال مواجهة مع ذاته أكثر من ذوات المقابلين، فهو دوماً لصيق أحداثه اليومية وما يتعرض له من خير مربوط بجمال الحظ أو الصدفة أو المحيط الاجتماعي الذي يعيش في كنفه.

إن جمال الإنسان الروحي وجمال الكون الممنوحان من الله سبحانه وتعالى فيهما تذكير لضرورة النهوض بالنفس كي تفتش عن مواضع الجمال في الذات الإنسانية وتنمّيها، والمرء الذكي هو ذاك الجميل روحياً والذي لا ينطلي عليه الجمال الشكلي الأخاذ الذي يخفي وراءه قبحاً في المآل مع إن هذا الامر يدخل ضمن عرف الفراسة الذي لا يجيده أي كان.

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 27  /كانون الثاني/2006 - 26/ذي الحجة/1426