مطلوب إعلان حالة طوارئ عالمية بسبب الاحتباس الحراري

يتعيّن على الدول الصناعية الكبرى إعلان حالة الطواريء فى المخابر الجامعيّة لاخراج ما بجعبتها من أجل تعميم التكنولوجيا النظيفة وإيقاف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. فقد بدأ علماء البيئة بقرع ناقوس الخطر محذّرين من أن الاحتباس الحرارى قد قارب مرحلة اللاعودة التى يستحيل عندها تجنّب العواقب الوخيمة لظاهرة الاستهتار المتواصل بنظم البيئة على كوكب الأرض. ويرجع الكثير من العلماء والمختصين فى الأبحاث البيئية تفاقم ظاهرة الاحتباس الحرارى فى العقود الأخيرة إلى الاستهلاك والاحراق المكثف للطاقة الأمر الذى تسبّب فى انبعاث الغازات الضارّة بالبيئة مثل إحراق الغاز الطبيعى والنفط والفحم مما يسمّى بالوقود الأحفورى إضافة إلى أشكال التلوث الأخري.

إن التقارير التى أعدّها علماء البيئة تشير إلى عدّة سيناريوهات كارثية، فبغض النظر عن الأسباب العلميّة التى مازالت مثار جدل حول حقيقة ظاهرة الاحتباس، فإنّ التغييرات المتلاحقة على الأنظمة المناخيّة والفيزيائية والبيولوجية فى أرجاء عديدة من بقاع العالم توحى بنتائج وخيمة تقارب مفهوم الفناء.

فماذا لو زالت نصف الثلوج من قمم الآلب؟ وماذا لو تراجعت الكتل الجليديّة فى غرينلاند وغرب القطب الجنوبي؟ وماذا أيضا لو تواصل ارتفاع منسوب البحار والمحيطات؟ وارتفاع درجات الحرارة بشكل مطّرد...؟

يمكن توقّع المزيد من الأسئلة التى تؤرّق علماء البيئة كما تؤرّق سكان الأرض ويمكن تصور أسوأ النتائج والعواقب إذا ما تواصل تعنّت الدول الصناعية، خصوصا تلك التى امتنعت عن الانضمام لمعاهدة كيوتو ، فى الاستخفاف بالنظم والقوانين البيئيّة الدوليّة هذا فضلا عن التباطؤ المتعمّد فى تعميم التكنولوجيا النظيفة على دول العالم النامى ذات الامكانات المحدودة.

ومن النتائج التى توصّل إليها الباحثون اعتمادا على معطيات احصائية أنّ معدّل الوفيات يزداد فى العادة فى الأيام التى ترتفع فيها درجات الحرارة وأن هذا المعدّل مرشح للصعود أكثر مع ارتفاع درجات الحرارة على مدار السنة وانتشار الأمراض المنقولة عبر الحشرات السامّة مثل المالاريا والحمّى الصفراء والتهاب السّحايا والكوليرا. وفضلا عن الأمراض القاتلة، فإن هذه التطوّرات تهدّد حرمان الإنسان من لقمة العيش إذ تعتبر الثروات الطبيعيّة الأكثر تضرّرا من التغيرات المناخيّة وتقول بعض الدراسات إن ارتفاع درجات الحرارة يعنى أن هناك بعض العينات من النبات والحيوان سيكون مصيرها الفناء. وتشير التقديرات إلى أن معدل درجة الحرارة سيرتفع بين 1.4 و5.8 درجات مئوية مع حلول نهاية القرن.

ومع اشتداد ظاهرة الاحتباس الحرارى فإنّ التفاؤل بقدرة الغابات والأراضى الزراعية على امتصاص الغازات أصبح أمرا نسبيا وليس فى محلّه فالتوقعات تشير إلى الدور المحدود لمصايد الكربون ، كما تطلق عليها الدراسات، فى امتصاص الغازات المضرّة بالبيئة بالنظر إلى حجمها المحدود وتآكل مساحاتها على سطح الأرض، ويظلّ الحلّ الأكثر وقائيّة هو العمل على الحدّ من كميّة غاز ثانى أكسيد الكربون لوقف الارتفاع الملحوظ لدرجة حرارة الأرض.

وتلتزم الدول الموقّعة على بروتوكول كيوتو بخفض انبعاث هذا الغاز بنسبة تزيد عن خمسة فى المائة عن مستويات عام 1991 بحلول عام 2010 .

وينادى علماء البيئة بضرورة التكثيف من استخدام الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح لإنتاج وقود نظيف بدلا من استخدام الوقود الحفري، ولا يتعدّى استخدام الطاقات النظيفة 2% من اجمالى الطاقات المستخدمة حاليا. لكن فكرة تغيير الطاقة يستدعى تحولا جذريّا فى نمط الحياة التى تعودّها الإنسان لذلك تظهر نقاشات حادة حول مدى ارتباط الاحتباس الحرارى بانخفاض درجات الحرارة على سطح الأرض بل هناك تشكيك فيما إذا كان هناك ارتفاع أصلا يستدعى البحث والقلق وتغيير نمط الحياة السائد. ويروّج أصحاب هذا التشكيك لفكرة تعاقب فترات ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة على سطح الأرض، ويستدل هذا الشقّ بارتفاع درجات الحرارة بداية من أوائل القرن الماضى واستمر حتى منتصف الأربعينات، ثم انخفضت درجة حرارة سطح الأرض حتى منتصف السبعينات لتعقبها فترة ارتفاع منذ عقد الثمانينات إلى اليوم مع ظهور فكرة الاحتباس الحرارى المسبّبة لهذا الارتفاع.

لكن فى مطلق الأحوال فإن الاختلاف فى تحديد سبب ارتفاع درجات الحرارة على سطح الأرض لا ينفى الخطر الذى يتهدّد الكوكب كما لا ينفى الآثار الوخيمة التى سبّبتها ظاهرة الاحتباس الحراري، ومهما يكن من أمر فإنّ المسؤولية الأولى ملقاة على الدول الصناعية للحدّ من الملوّثات الغازيّة والالتزام بالضوابط البيئيّة حفاظا على نظافة الأرض وأمن السكان وحق الأجيال القادمة فى الحياة.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 22 /كانون الثاني/2006 - 21/ذي الحجة/1426