تقرير هيومن رايتس ووتش السنوي: الولايات المتحدة تروج حقوق الانسان دون ان تحترمها

تنشر منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الانسان الاربعاء تقريرها السنوي السادس عشر الذي يندد خصوصا بسياسة الولايات المتحدة وبعض حلفائها المتهمين بالترويج لحقوق الانسان بدون احترامها.

وينظر التقرير الذي يقع في 500 صفحة وتمكنت وكالة فرانس برس من الاطلاع عليه في وضع حقوق الانسان في 68 بلدا.

غير انه يشدد بصورة خاصة منذ مقدمته على "النفاق" في الخطاب الاميركي اذ تعتبر المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها ان رسالة واشنطن للعالم هي "طبقوا ما ادعو اليه وليس ما اقوم به".

وذكرت المنظمة غير الحكومية ان "لجوء الحكومة الاميركية الى التعذيب ودفاعها" عنه كانا من العوامل الاساسية التي جعلت هذا البلد يفقد مصداقيته على صعيد حقوق الانسان.

كما جاء في التقرير انه "بات مؤكدا خلال العام 2005 ان سوء معاملة معتقلين بايدي اميركيين لم يكن من فعل بعض العناصر السيئة في القيادات الدنيا".

ورأت المنظمة ان "رفض الرئيس (الاميركي) جورج بوش توقيع قانون ضد المعاملة غير الانسانية والمهينة وضغوط نائب الرئيس ديك تشيني لاستثناء وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) من تطبيق مثل هذا القانون" يشكلان دليلين فاضحين على ان المسألة عكس ذلك تماما.

وكتب مدير المنظمة كينيث روث ان "اللجوء الى اساليب غير شرعية بحق اشخاص يشتبه بانهم ارهابيون امر خاطئ ويؤدي الى عكس المطلوب".

ومن حلفاء الولايات المتحدة انتقد التقرير بريطانيا. وحمل خصوصا على سعيها لارسال معتقلين يشتبه بضلوعهم في الارهاب الى دول تمارس التعذيب.

وعلى صعيد شروط الاعتقال فان الولايات المتحدة لا تزال بحسب التقرير تعتقل مئات المشتبه بهم بدون محاكمة فيما اصدرت العديد من الدول منها بريطانيا واستراليا وكذلك كندا قوانين تسهل شروط الاعتقال بدون محاكمة.

ورأت هيومن رايتس ووتش انه في غياب الولايات المتحدة عن ميدان الدفاع عن حقوق الانسان لم يعمد الاتحاد الاوروبي الى سد هذه الثغرة. وبررت المنظمة هذا التقاعس الاوروبي بوجوب تحقيق الاجماع بين الدول ال25 الاعضاء للقيام باي تحرك وب"عدم شفافية" عملية اتخاذ القرار.

كما ان الاتحاد الاوروبي اظهر بنظر المنظمة غير الحكومية انه ما زال يغلب التجارة على علاقاته مع دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا حيث يغض الطرف في علاقاته الدبلوماسية مع هذه البلدان عن المسائل الخلافية.

وشدد التقرير بهذا الصدد على ان الدفاع عن حقوق الانسان كان مرهونا بنوعية العلاقات مع الدولة المعنية ومتفاوتا بين زمبابوي حيث فرض حظر على اسلحة نظام روبرت موغابي وتجميد لامواله وساحل العاج ودارفور وانغولا واثيوبيا ورواندا.

وتجنب الاتحاد ايضا توجيه انتقادات حازمة الى روسيا والصين.

وبشأن ملف "اختفاء" معتقلين يشتبه بضلوعهم بالارهاب ويعتقد ان الولايات المتحدة سلمتهم الى دول ثالثة قال التقرير ان اوروبا لم تبد قلقها حيال هذه المسألة الا عند اندلاع الفضيحة في تشرين الثاني/نوفمبر حول احتمال وجود سجون اميركية سرية في بولندا ورومانيا.

وينتقل التقرير شرقا ليشير الى ان روسيا والصين رسختا نفوذهما اكثر في هذه المناطق بدون ان يكون دورهما "مفيدا اطلاقا" لحقوق الانسان فيها.

وذكر على سبيل المثال ان البلدين عاملا بشكل ودي رئيس اوزبكستان بالرغم من قمع تظاهرة انديجان في ايار/مايو.

كما افاد التقرير ان الصين تبرز اكثر واكثر كدولة مانحة لكن بدون ان تشترط لقاء ذلك على الدول المستفيدة احترام حقوق الانسان وعلى الاخص في افريقيا.

وابدت هيومن رايتس ووتش مخاوفها من احتمال اختيار السودان لتولي رئاسة الاتحاد الافريقي ما سيجعل من الصعب جدا نجاح مهمة قوات حفظ السلام التي ينشرها الاتحاد الافريقي في منطقة دارفور غرب السودان.

وقال كينيث روث المدير التنفيذي للمنظمة "استخدام الحكومة الامريكية للتعذيب والمعاملة غير الانسانية ودفاعها عنهما قام بدور كبير في تقويض قدرة واشنطن على الترويج لحقوق الانسان."

وتعرضت ادارة الرئيس جورج بوش لانتقادات عنيفة من جماعات مدافعة عن حقوق الانسان في الداخل والخارج ومن العديد من الحكومات الاجنبية بسبب تعاملها مع الاستجوابات واعتقال المشتبه فيهم في اطار الحرب على الارهاب التي شنتها واشنطن بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول.

وأفاد التقرير الذي يقع في 532 صفحة ان الجهود التي بذلها المسؤولون الامريكيون في الدفاع عن الاساليب غير الانسانية في الاستجواب أو السعي للحصول على اعفاءات من تشريع معتزم لمكافحة التعذيب أظهر "أن تبني الحكومة الامريكية للتعذيب والمعاملة غير الانسانية بدأ من القمة."

وقال روث في مقدمة للتقرير "محاربة الارهاب محورية في قضية حقوق الانسان... لكن استخدام أساليب غير قانونية ضد من يزعم تورطهم في الارهاب خطأ ويأتي بنتائج عكسية."

وقالت المنظمة ان الولايات المتحدة واجهت اتهامات بالنفاق في تعاملها مع مشكلات في عام 2005 مثل مذبحة شملت مئات المتظاهرين في اوزبكستان وتطهير عرقي في دارفور بالسودان وقمع شديد في دول مثل ميانمار وكوريا الشمالية وتركمانستان والصين وزيمبابوي.

وقال التقرير "حتى عندما دافعت الادارة عن حقوق الانسان أو عملت بشكل يستحق الثناء فان مبادراتها تحقق نتائج أقل بسبب الفجوة الكبيرة في المصداقية."

وقال ان الفجوة في المصداقية انعكست في صمت أمريكي عن انتهاكات لحقوق الانسان في مصر وروسيا والسعودية.

لكن المنظمة انتقدت كذلك بعض الحلفاء الغربيين.

وانتقدت هيومان رايتس واتش بريطانيا لمحاولتها ارسال مشتبه في تورطهم في الارهاب لدول قد يواجهون فيها التعذيب وقالت ان كندا سعت للتخفيف من معاهدة جديدة تمنع الاختفاءات القهرية.

وهذه الممارسات من جانب حلفاء الولايات المتحدة مع ممارسة الاتحاد الاوروبي التي اخضعت حقوق الانسان للتجارة في علاقاته مع العديد من منتهكي حقوق الانسان تترك "فراغا في القيادة العالمية" في حماية حقوق الانسان.

وقال التقرير "من المحزن أن روسيا والصين سعدتا بملء هذا الفراغ باقامة تحالفات اقتصادية وسياسية وعسكرية بصرف النظر عن ممارسات الطرف الاخر فيما يتعلق بحقوق الانسان."

فقد دعمت روسيا التي تحاول مكافحة تيارات ديمقراطية في الجمهوريات السوفيتية السابقة والصين التي تسعى للحصول على موارد لاقتصادها حكومات تنتهك حقوق الانسان مما اوجد ضغطا على قوى أخرى للقيام بذلك والا خاطرت بفقد نفوذها.

وقال التقرير السادس عشر لهيومان رايتس واتش ان تزايد الضغوط الدولية على ميانمار وكوريا الشمالية كان من بين العديد من "النقاط المضيئة" في عام 2005.

واشادت المنظمة بالهند لتجميدها المساعدات العسكرية لنيبال بعد انقلاب في فبراير شباط الماضي وأثنت على قرغيزستان لانقاذها أكثر من 400 لاجئ من مذبحة في أوزبكستان المجاورة.

من جهته رفض البيت الابيض الاربعاء الاتهامات باللجوء الى التعذيب التي وجهتها منظمة الدفاع عن حقوق الانسان "هيومن رايتس ووتش" ضد الولايات المتحدة.

ورأى البيت الابيض خلف هذه الاتهامات دافعا "سياسيا" مؤكدا ان اي دولة لا تبذل جهودا مثلما تفعل الولايات المتحدة لتشجيع حقوق الانسان.

وقال الناطق باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان امام الصحافيين "كل ذلك يبدو وكأنه يستند الى دوافع سياسية اكثر منه الى وقائع". واضاف ان "الولايات المتحدة تبذل جهودا لتشجيع الحرية وحقوق الانسان اكثر مما تفعل اي دولة اخرى في العالم".

واقر ماكليلان بانه لم يقرأ تقرير "هيومن رايتس ووتش" وانه اطلع على مضمونه من خلال الصحافة. لكنه اوضح ان البيت الابيض لا يوافق على "الاشارة سلبا الى جهودنا في العراق".

وقال "لقد حررنا 50 مليون شخص في افغانستان والعراق وهم اناس كانوا يعيشون في ظل انظمة قمع وعنف واصبحوا الان يعرفون الحرية ويستفيدون من حقوق الانسان التي كانت منكرة عليهم سابقا".

وجاء تصريح ماكليلان قبيل استقبال الرئيس الاميركي جورج بوش ضحايا نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وتابع "يجب التركيز اكثر على اولئك الذين ينتهكون حقوق الانسان ويستخفون بها".

ورفض الناطق ان يكون اللقاء بين بوش وضحايا نظام الديكتاتور العراقي السابق مقررا لمواجهة اثار نشر تقرير "هيومن رايتس ووتش". وفي تقريرها الذي نشر الاربعاء اتهمت "هيومن رايتس ووتش" الولايات المتحدة بعدم احترام المبادىء الكبرى التي تروج لها علنا.

وذكرت المنظمة غير الحكومية ان "لجوء الحكومة الاميركية الى التعذيب ودفاعها" عنه كانا من العوامل الاساسية التي جعلت هذا البلد يفقد مصداقيته على صعيد حقوق الانسان.

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 20/كانون الثاني/2006 - 19/ذي الحجة/1426