الميليشيات في الصومال تمنع وصول الطعام للجوعى

عندما نفد الطعام لدى حبيبة حسن اخذت تطعم أطفالها الاربعة على العظام المغلية والاران وهو نبات اوراقه مرة الطعم ينمو في الصومال. وانحت حبيبة باللائمة على زوجها في المحنة التي تمر بها الاسرة ليس فقط لانه هجرها.

وقالت ان زوجها ينتمي الى احدى الميليشيات التي تدير حاجزا على الطريق قرب مخيم اللاجئين في واجد حيث تعيش في كوخ صغير مصنوع من أكياس البلاستيك والخرق القذرة وقطع من الورق المقوى وذلك منذ فرارها من القتال الذي نشب في بلدة بيدوا الجنوبية.

وقالت الشهر الماضي "انه ينتمي الى ميليشيا تعيق المساعدات الغذائية (التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي) التي كانت في طريقها الينا... انه لا يأبه بنا."

وقافلة المساعدات المكونة من 14 شاحنة كانت الاولى منذ سنوات والتي خاطرت بسلوك طريق بري من ميناء مومباسا الكيني الى واجد وهي بلدة في جنوب وسط الصومال القاحل والمحفوف بالمخاطر.

واضطر البرنامج التابع للامم المتحدة الى العودة لاستخدام طرق الصومال البرية المحفوفة بالمخاطر بعدما خطف قراصنة اثنتين من سفنه العام الماضي مما عقد جهود ايصال المساعدات الغذائية الى أناس تضرروا من سنوات من الصراع والجفاف الشديد.

وانزلق الصومال الى الفوضى في عام 1991 عندما أطاحت ميليشيات بالدكتاتور محمد سياد بري. وشكلت حكومة انتقالية خلال محادثات سلام في عام 2004 لكن ثبت انها منقسمة على نفسها وغير قادرة على كبح جماح زعماء الحرب الاقوياء والميليشيات التابعة لهم.

وتنتشر المئات من حواجز الطرق التي يقف عليها مسلحون يفرضون اتاوات على السائقين المارين في انحاء العاصمة مقديشو وعلى طول الطرق والممرات الموحلة في انحاء البلاد حيث تعد تلك الحواجز مصدرا كبيرا للدخل لزعماء الحرب.

وينصب اعضاء الميليشيات المسلحون بالبنادق وفي بعض الاحيان بسكاكين ذات حدين حواجز خشبية لايقاف الشاحنات والحافلات. واذا كانت الحمولة ذات قيمة عالية فقد يستولون عليها.

ويستخدم أعضاء الميليشيا الاموال التي يبتزونها من السائقين لشراء القات وهو منبه يشيع مضغه بين الصوماليين. وبمجرد ان يصلوا الى ذروة النشوة يصبحون متهورين. وعادة ما تندلع اشتباكات يقتل فيها البعض.

واثار وجود تلك الحواجز الخاصة غضب كثير من الصوماليين ومن بينهم هؤلاء الذين ينتظرون المساعدات الغذائية في واجد.

وتسائل علي مارد الذي يرأس المخيم حيث تعيش حبيبة الى جانب 730 أسرة صومالية أخرى "هذه الميليشيا عديمة الرحمة. لماذا يمنعون الغذاء القادم الى اهلهم."

واضاف "لقد مات بالفعل هذا الشهر عشرة أشخاص بسبب الجوع."

ولا يزال الصراع السياسي يقوض جهود السلام رغم عودة الحكومة الوليدة العام الماضي الى البلاد من كينيا بقيادة الرئيس عبد الله يوسف.

غير ان هناك بعض المؤشرات على حدوث تقدم. ففي اوائل يناير كانون الثاني الجاري اتفق فصيلان داخل الحكومة على اجتماع البرلمان في الصومال في غضون 30 يوما مما أعطى أملا في امكانية احياء جهود اعادة بناء البلاد.

وساهمت موجة من الجفاف الشديد في تعميق مأساة الناس في الصومال. وقالت الامم المتحدة الشهر الماضي ان مليون صومالي بحاجة ماسة الى المساعدات الغذائية.

ويقول برنامج الغذاء العالمي ان حواجز الطرق الى جانب أعمال القرصنة البحرية تجعل عملية توزيع المساعدات صعبة للغاية.

وقال زلاتان ميليسيتش مدير البرنامج في الصومال "حقا.. ماذا عسانا أن نفعل عندما يمنع مثل هؤلاء الاشخاص مرور الغذاء.."

وقال سعيد شريف محمد أحد مسؤولي النقل والامداد بالبرنامج في واجد "في بعض الاحيان يفتح أفراد الميليشيا النار على القوافل دون انذار."

وتسافر بعض هيئات المساعدات أحيانا بصحبة افراد أمن تابعين لها لكن ذلك يمكن أن ينطوي على خطورة لكونه يزيد من مخاطر نصب أكمنة من جانب ميليشيات تسعى للحصول على بنادق وذخيرة.

ووصلت أخيرا مساعدات البرنامج الموجهة الى واجد الى من يحتاجون اليها في هذه البلدة الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر شمال غربي مقديشو. واوقفت الميليشيا في منطقة يركود غربي واجد القافلة لقرابة يومين ولكنها تركتها تمر بعد ان حصلت على أموال.

واثارت حواجز الطرق غضب الناس في انحاء هذا البلد الواقع في القرن الافريقي. ونظم سائقو الحافلات اضرابا كما قذف الناس نقاط التفتيش بالحجارة في مقديشو ونصب سائقو الشاحنات حواجز على الطرق لوقف حركة المرور وقطع الدخل الواصل الى الميليشيات.

وفي واجد قال رئيس شرطة المقاطعة اسحق نور اسحق ان السكان قرروا قتل اي مسلحين يديرون حواجز على الطرق.

وقال "قتلت قوات الشرطة التابعة لنا مؤخرا بالرصاص ثلاثة من أفراد الميليشيات كانوا يديرون نقطة تفتيش عند ضواحي واجد."

وقال وزير الاعلام الصومالي محمد عبدي حاير ان حواجز الطرق تهدد حياة الملايين ولكنه قال ان بعضها يقيمها أناس بحاجة شديدة الى ما يسدون به رمقهم.

واضاف "اذا كنت ترغب في اجبارهم على التوقف... فانت بحاجة الى ان تمنحهم وظائف وطعام وعندها يمكنك نزع سلاحهم." واضاف انه يامل في ان يشجع الاتفاق الجديد على اجتماع البرلمان المانحين على تسهيل وصول المساعدات للصومال.

وقال لرويترز "الحكومة تتوقع الحصول على المساعدات التي وعدت بها وسنتخذ هذا العام اجراء بخصوص التهديد الذي تمثله نقاط التفتيش."

ولاقت تلك الكلمات استحسان اناس مثل نوني ماثو التي توفي طفلها البالغ من العمر عاما واحد بسبب الجوع في مخيم واجد.

وقالت بينما كانت تشير الى قبر طفلها الذي اعد حديثا "اخشى ان افقد طفلاي الاخرين... هذه الميليشيات عديمة الرحمة."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 15/كانون الثاني/2006 - 14/ذي الحجة/1426