الترابط الاسري ضروري لعلاج اضطرابات الشخصية الحدية

اكدت استشارية نفسية كويتية اهمية بناء الثقة بالنفس والترابط الاسري لعلاج المتعرضين للاساءة في الطفولة والذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية.

وعرفت الدكتورة سعاد البشر الاستشارية النفسية في مكتب الانماء الاجتماعي التابع للديوان الاميري في لقاء خاص مع (كونا) اضطراب الشخصية الحدية على انه "خلل واضح في الجوانب الاساسية للشخصية يتمثل في التعامل بتطرف مع امور الحياة المختلفة".

واوضحت ان هذا التطرف يظهر في التفكير المشوش وعدم الثبات الوجداني والشعور بعدم الثقة بالنفس والتسرع والاندفاعية مما يؤدي الى التهور وعدم التروي عند القيام بأي سلوك الامر الذي يوقعهم في العديد من المشكلات سواء مع الذات او الآخرين.

واعدت الدكتورة البشر دراسة بعنوان (مظاهر اضطراب الشخصية الحدية وعلاقتها ببعض المتغيرات النفسية الاجتماعية) على عينة حجمها 600 طالب وطالبة بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب تراوحت اعمارهم بين 18 - 28 عاما.

وذكرت ان الدراسة اظهرت ان هذا "الاضطراب سمي بالحدية لان الفرد يكون في موقع بين السواء والاضطراب وان من اكثر المتغيرات النفسية الاجتماعية ذات العلاقة بهذا الاضطراب الاكتئاب والقلق وسوء التوافق النفسي الاجتماعي والتعرض للإساءة في الطفولة .

واشارت الى ان اضطراب الشخصية الحدية هو احد اكثر اضطرابات الشخصية انتشارا كما تشير احصاءات منظمة علم النفس الامريكية الى ان النساء يمثلن ما يعادل 75 بالمائة من مجموع المضطربين بالشخصية الحدية . واوضحت ان الافراد المصابين باضطراب الشخصية الحدية قد تعرضوا خلال فترة طفولتهم لانواع مختلفة من الاساءة منها سوء العلاقة مع الوالدين او مع القائمين على تربيتهم مما ساعد على ظهور بعض السلوكيات غير المتوافقة شكلت عندهم شخصية مضطربة في مرحلة الرشد.

واشارت الى ان بعض الدراسات بينت ان الصدمات التي يمر بها الفرد خلال فترة نموه تلعب دورا بالغا في تشكيل اضطرابات الشخصية عند الراشدين كما وجد ان الاهمال والحرمان من قبل الوالدين او القائمين على رعاية الفرد في بعض المجتمعات يلعبان دورا بالغ الخطورة في نمو الاضطراب .

واضافت ان التعرض للاساءة والصدمات من الآخرين لا يؤدي الى الضغوط النفسية فقط بل يؤثر على علاقات الفرد الاجتماعية مما يربك النظم البيولوجية في الجسم والتي تؤثر على المجال المعرفي والوجداني ومدى التحكم في الاندفاعات والعلاقات الشخصية المتبادلة .

وذكرت البشر ان من اهم الاعراض والملامح التي تميز المضطربين بالشخصية الحدية هي الاندفاعية ومفهوم الذات السلبي والشعور بالحزن والفراغ والخوف من الهجران والتقلبات المزاجية وسلوكيات الانتحار .

واشارت الى ان استخدام اساليب الضرب والقسوة اللفظية والتي يعتبرها الكثيرون نوعا من التأديب والتهذيب الى جانب وجود الاسر الممتدة التي تعمل على اشراك جميع افراد العائلة في تربية الطفل اذ يتدخل العم والجد وغيرهم في تأديب الطفل ومعاقبته مما يؤثر ذلك بشكل كبير في تشكيل الشخصية في الرشد المبكر .

وافادت ان اسلوب اللامبالاة المتبع عند بعض الآباء بسبب انشغالهم الدائم عن الابناء او التحكم والسيطرة الزائدة والذي يلاحظ من خلال الخوف من ضياع الابناء والذي يترجم بسلوكيات شديدة وصارمة في التعامل معهم مما يؤثر على شخصيتهم عند بلوغهم سن الرشد اذ نراه يندفع نحو القيام بتصرفات متهورة تسبب له المشاكل في المستقبل.

وقالت ان العوامل الاجتماعية تساهم في استثارة العامل البيولوجي والنفسي من خلال التغيرات الاجتماعية والحضارية السريعة التي يعيشها الفرد والطفرة الصناعية الحديثة والتي تجعله في حالة من الاستثارة الدائمة استجابة لهذه المثيرات المحيطة وبينت ان تطور الادراك السلبي لمواقف الحياة المختلفة لدى الفرد ينعكس على الجانب الوجداني المتمثل في عدم الثبات في المشاعر والتأرجح بين الحب والكره المفرط او التذبذب بين الغضب الجامح والهدوء الساكن تظهر من خلال التفاعل مع الآخرين ومن السلوكيات الظاهرة اذ يكون قليل الاصدقاء بسبب مزاجيته المتقلبة التي يتجنبها الآخرون مما يشعره بخيبة الامل وانخفاض تقديره لذاته ومشاعر من الحزن الشديد .

واضافت ان هذه العوامل تجعله يفكر ان حياته لا قيمة لها وتتطور هذه الفكرة لتصل الى افكار انتحارية والتخلص من حياته فيندفع دون سابق انذار للقيام بسلوكيات تشويه وايذاء لذاته.

واوصت البشر باهمية تنظيم الندوات والمحاضرات التثقيفية التي تدور حول اضطرابات الشخصية وذلك لزيادة الوعي الصحي النفسي ليتعرف الافراد من خلالها على الجوانب الهامة في الشخصية والتي تتأثر خلال هذا الاضطراب وكيفية التعامل معه .

كما اوصت باقامة مراكز متخصصة لعلاج الحالات التي تعاني من اضطرابات الشخصية لتقدم الخدمات العلاجية للمضطربين مع دراسة حالتهم وعمل دورات تدريبية وورش عمل للاختصاصيين النفسيين مع الاهتمام بنشر الوعي النفسي من خلال وسائل الاعلام المختلفة .

وركزت في ختام حديثها على تنبيه اولياء الامور بضرورة منح العطف والحب والحنان لابنائهم مع استخدام افضل الوسائل التربوية للتعامل معهم لتكون وسيلة للحد من ارتفاع عدد المصابين باضطرابات الشخصية .

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 6/كانون الثاني/2006 -  5/ذي الحجة/1426