الهنود يتخلون عن النمط المعيشي المتقشف ويشكلون سوقا استهلاكية مربحة

 

تمر الهند بتغيرات بات فيها ملايين من السكان يشكلون طبقة متوسطة متحركة على نحو صاعد نبذ أفرادها ذلك النمط المعيشي المتقشف الصارم الذي اتسمت به الاجيال السابقة وتبنوا اتجاها جديدا بشأن الانفاق والاستهلاك.

وتتطلع الشركات الاجنبية الى هؤلاء الافراد بوصفهم سوقا واسعة جديدة لمنتجاتهم أملا في تحقيق نمو للمبيعات في خانة العشرات قد لا يمكن تصوره في أسواق اكثر تقدما مثل معظم دول أوروبا.

ومن الصعب اعطاء تقدير دقيق لمن يشكلون الطبقة المتوسطة المتنامية في الهند وعدد أفرادها في بلد لا يدفع فيها ضريبة الدخل الا 30 مليونا من اجمالي السكان البالغ اكثر من مليار نسمة ولم يزد عدد المسجلين على انهم موظفون رسميا عن 27 مليونا عام 2002 وهو اخر عام اتيحت عنه بيانات.

غير ان الطبقة المتزايدة باتت تشكل القوة الدافعة لزيادة الطلب الداخلي ونمو الصناعات التحويلية للهند بنسبة 9.2 في المئة العام الماضي.

ويقدر المجلس الوطني للبحوث الاقتصادية التطبيقية انه يوجد 56 مليون شخص في القطاع العائلي يكسبون ما بين 4400 دولار و21800 دولار سنويا وهو الحد الذي يتخذه المجلس لتعريف "الطبقة المتوسطة".

وقد اشترى أفراد هؤلاء الطبقة ستة من كل عشر سيارات من بين 800 الف سيارة او نحو ذلك بيعت في الهند العام الماضي.

وقال مركز البحوث الذي يوجد مقره في نيودلهي انه بالاضافة الى هذا فانه يوجد ما يقدر بنحو 220 مليونا من "الطامحين" أو المواطنين الذي يكسبون ما بين 2000 دولار و4400 دولار الامر الذي يجعلهم قادرين على شراء دراجة نارية أو ثلاجة (براد) أو جهاز تلفزيون.

وهاتات الفئتان معا تشكلان طبقة استهلاكية يقارب حجمها حجم سكان الولايات المتحدة. وقال راجيش شوكلا الباحث البارز في المجلس الوطني للبحوث الاقتصادية التطبيقية "الطبقة المتوسطة هي القصة الحقيقية في البلاد. الطبقة المتوسطة مع الطامحين هم الطبقة الاستهلاكية وبحلول العام 2010 سيؤلفون كتلة من نحو 500 مليونا. اننا نمر بفترة تغير."

ويتوقع المحللون ان تعزز هذه المجموعة السكانية اقتصاد الهند الذي يبلغ حجمه 700 مليار دولار ليصل الى مستوى تريليون دولار في الاعوام الستة المقبلة اذا بقي معدل النمو عند سبعة في المئة كل عام.

ويوجد في العالم سبع دول فحسب يبلغ ناتجها المحلي الاجمالي اكثر من تريليون دولار. وقال ارون كجريوال المحلل في شركة كريس للبحوث ومقرها مومباي "اذا انفقت الحكومة كما وعدت فاننا قد نصبح اقتصادا حجمه تريليون دولار في غضون أربعة أعوام."

واضاف قوله "سيكون هذا كله أساسا بفضل زيادة الانفاق الاستهلاكي واتجاهات الادخار الموروثة والكامنة للهنود."

ويقدر المجلس القومي للبحوث أن مبيعات السيارات السنوية ستبلغ في المتوسط اكثر من مليون سيارة بحلول عام 2007 وان مبيعات الثلاجات (البرادات) ستزيد 11 في المئة كل عام حتى عام 2010 .

وتقول شركة كيه.اس.ايه تكنوباك للاستشارات الادارية ان الانفاق على شراء اجهزة الهاتف المحمول زاد اكثر من ثلاث مرات في الثلاثة الاعوام الماضية بينما زاد الناس انفاقهم على العطلات 30 في المئة عما كان عليه الحال عام 2002 .

ويرجع هذا كله الى زيادة مستويات الدخل مع تسارع خطى الاقتصاد مسجلا نموا سنويا قدره سبعة الى ثمانية في المئة في العامين الماضيين وهبوط تكلفة الاقتراض قريبا من ادنى مستويات لها في ثلاثة عقود.

ومنذ عقد ونصف العقد كان الهنود ينتظرون مدة تصل الى خمس سنوات ونصف للحصول على خط تليفون أو وصلة غاز قبل ان تفتح الاصلاحات الاقتصادية الابواب امام طائفة من شركات الاغذية والسلع الاستهلاكية.

وتزايدت مراكز التسوق التجارية والمجمعات الترفيهية في مومباي ونيودلهي الغنيتين وهما اكبر مدينتين في الهند وايضا في المدن الصغرى مثل ناجبور ولوكنو التي تقبل فيهما الطبقة المتوسطة على اقتناء الهواتف المحمولة والعطور الفرنسية ونظم الترفيه المنزلي.

وعلى الصعيد السكاني يوجد في الهند اكثر من 350 مليون نسمة دون الرابعة عشرة. ولذا فان المحللين يتوقعون انضمام مزيد من الناس الى القوة العاملة في الاعوام القادمة الامر الذي سيساعد على ابقاء معدلات الاستهلاك مرتفعة.

وقال في. فايداناثان رئيس تجارة التجزئة في بنك اي.سي.اي.سي "أرى ان عدد السكان في الفئة العمرية من 15 الى 35 التي تبلغ 365 مليون نسمة قد يقفز الى نحو 450 مليونا بحلول العام 2009."

ويذهب بنك اي.سي.اي.سي ثاني اكبر بنوك الهند اذ تبلغ قروضه لتجارة التجزئة 15 مليار دولار الي تقدير انه يوجد نحو 300 مليون شخص في القطاع العائلي يكسبون ما بين 2000 دولار و11 الف دولار سنويا كثير منهم لديه فائض من النقد للانفاق.

وتحقق شركة بانتالون ريتيل التي تبيع كل شيء من الاغذية الى الاثاث عبر سلسلة متاجرها العملاقة المسماة بيج بازار مبيعات شهرية تبلغ حوالي ضعفي ما كانت عليه العام السابق. وسجلت تسعة من متاجرها مبيعات قياسية تزيد على عشرة ملايين روبية (216 الف دولار) في يوم واحد في اكتوبر تشرين الاول خلال موسم الاحتفالات الرئيسي بالهند.

وقال كيشور بياني المدير التنفيذي لشركة بانتالون "لم نشهد قط مثل هذه المستويات القياسية في سبعة اعوام من اعمال تجارة التجزئة."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 4/كانون الثاني/2006 -  3/ذي الحجة/1426