
في صباح ملبد بالغيوم في أحد ايام الشتاء كان المرور المتجه صوب
العاصمة السويدية ستوكهولم عبر الطريق الرئيسي القادم من الشمال كثيفا
ولكنه كان يتحرك على عكس الاختناق في ساعة الذروة الذي يتشابه في بعض
المراكز بالعاصمة.
لكن عاصمة السويد وهي البلد المعروف بمناظره الطبيعية النظيفة
الواسعة وهوائه النقي سيكون لديها قريبا اوسع نظام لرسوم الازدحام
المروري في العالم.
ويبدأ يوم الثلاثاء تشغيل تجريبي بتكلفة 3.8 مليار كرونة (485.2
مليون دولار) ويستمر حتى يوليو تموز. وسيصوت سكان ستوكهولم في سبتمبر
ايلول 2006 على جعل ذلك نظاما دائما.
وتم وضع كاميرات على الجسور لتسجيل أرقام السيارات التي يتعين على
أصحابها دفع رسوم عند دخول أو مغادرة المنطقة.
ويشعر معظم السويديين بالفخر بخصوص مميزات بلدهم البيئية لكن
السياسيين في هذه المرة ربما يكونون بعيدين عن الرأي العام في جهودهم
لفرض ضريبة على المرور.
والرسوم جزء من صفقة سياسية من جانب حكومة الاقلية الديمقراطية
الاشتراكية التي يتزعمها رئيس الوزراء جوران بيرسون لضمان الحصول على
دعم حزب الخضر الذي يعد اصغر الاحزاب الممثلة بالبرلمان.
ويتم تطبيقها على الرغم من تعهد زملاء بيرسون الديمقراطيين
الاشتراكيين في مجلس بلدية ستوكهولم بعدم تطبيق مثل هذا البرنامج عندما
خاضوا الانتخابات المحلية التي جرت في 2002 والتي حققوا الفوز فيها.
ويصر أنصار الخضر على ان الرسوم ضرورية لمواجهة التنامي في حجم
المرور. وقال كلايس روكبيرج العضو بالبرلمان عن حزب الخضر ورئيس لجنته
المرورية "البديل هو مواجهة ازدحامات مرورية خلال السنوات العشر
القادمة."
والقت انيكا بيلستورم رئيسة البلدية والتي تنتمي للحزب الديمقراطي
الاشتراكي هي الاخرى بثقلها وراء البرنامج واكدت رسالة مفادها ان
الازدحامات المرورية تكلف المجتمع ما بين ستة وثمانية مليارات كرونة
سنويا.
وقالت "هذه التكلفة ندفعها أنا وأنت كمستهلكين في صورة اسعار أعلى
لاشياء مثل البضائع والطعام."
ومن المقرر ان تكون الرسوم 60 كرونة (7.50 دولار) يوميا بحد أقصى
وهي اقل من لندن وهي العاصمة الاوروبية الوحيدة التي تطبق نظاما مشابها
للرسوم يبلغ ثمانية جنيهات استرلينية (14 دولارا) في اليوم الواحد.
وفي الوقت الذي يبدو فيه البون شاسعا بين المشكلات المرورية في
ستوكهولم ونظيرها في المدن الكبرى الاخرى مثل موسكو ولندن الا ان
استطلاعات الرأي تظهر أن اغلب سكان ستوكهولم يوافقوا على ان حزب الخضر
لديه رؤية واضحة.
الا أن استطلاعات الرأي تظهر أيضا ان سكان ستوكهولم اقل اقتناعا بان
رسوم الازدحام هي الحل. وقالت ايفا يكيرت التي تقيم في ستوكهولم "اعتقد
ان من غير الحكمة انفاق كل تلك الاموال على اشياء لن تجدي نفعا."
وشهدت حفلات رأس السنة في المدينة نقاشات ساخنة حول الرسوم زاد من
سخونتها تناول القليل من الخمور الساخنة التقليدية.
وأظهر استطلاع للرأي أجري حديثا ان 60 في المئة من الذين شاركوا به
يعارضون تطبيق الرسوم بينما ايدها قرابة 30 في المئة.
وتقول رابطة السيارات السويدية انها تتلقى مكالمات هاتفية ورسائل
يوميا حول الضريبة الجديدة من أناس غاضبين ومنزعجين يسكنون العاصمة.
وأنشأت الصحف أقساما للشكاوى من الضريبة للتعامل مع مخاوف القراء
تجاه الرسوم وناشدت احدى تلك الصحف قراءها تقديم اقتراحات حول الطريقة
المثلى لتجنبها.
وقدم أحد المواقع على شبكة الانترنت حلا ساخرا ولكنه غير قانوني حيث
عرض ملصقات تشبه لوحات أرقام السيارات تحمل رقم سيارة بيتر اريكسون
زعيم حزب الخضر.
ورغم الانتقادات واستطلاعات الرأي الا ان المدافعين عن تطبيق الرسوم
ربما يفوزون في النهاية.
وكثير من سكان قلب العاصمة لا يقودون أو يمتلكون سيارة ويرجع ذلك
جزئيا الى نقص أماكن الانتظار ويستخدمون بدلا من ذلك وسائل النقل العام
التي تم تكثيفها قبيل التجربة.
وتشير تجربة لندن ايضا الى أن هزيمة تطبيق البرنامج في ستوكهولم
ربما تكون بعيدة المنال. ومن المقرر أن تضاعف لندن المنطقة التي يغطيها
نظام الرسوم في عام 2007.
وكانت المعارضة لتطبيق النظام واسعة في العاصمة البريطانية قبل
تطبيقها لكن استطلاعات الراي التي اجريت بعد ثلاث سنوات من تطبيقها
أظهرت أن سكان لندن راضون عن النظام.
وقال ريتشارد تود المتحدث باسم مؤسسة النقل من أجل لندن "كان هناك
كثير من الحديث المتعلق بالرؤية المستقبلية قبل تطبيقه حول الاثر الذي
يمكن ان يحدثه."
واضاف "قال الناس أشياء مثل أن وسائل النقل العام لن تستوعب.. وأن
لندن ستصبح مدينة أشباح.. وأن الاعمال ستهرب الى الخارج وأن أحدا لن
يأتي للتسوق بوسط لندن مرة أخرى... لم يحدث اي من تلك الاشياء."
وتهدف الرسوم السويدية الى خفض المرور على الطرق الاكثر ازدحاما بما
يتراوح بين خمسة وعشرة في المئة. وانخفضت الكثافة المرورية في المنطقة
التي طبقت عليها الرسوم في لندن منذ عام 2001 بنحو 18 في المئة.
وتهدف الرسوم أيضا الى ادخال تحسين شامل على البيئة الحضرية في
ستوكهولم خاصة فيما يتعلق بنقاء الهواء.
غير ان باحثين يقولون ان سبعة أشهر ربما لا تكون كافية لان تحقق
التجربة السويدية اي نتائج وأن الرافضين هم الاعلى صوتا حتى الان.
وقال انجريد اوهمان الذي يسكن ستوكهولم "انني امقت تلك الرسوم...
انها تافهة ومضيعة للنقود. كان من الافضل استخدام تلك الاموال في
مساعدة الناس على معالجة اسنانهم." |