أزمة الوقود بالعراق تتفاقم مع زيادة الاحتجاجات وانقطاع الكهرباء وانخفاض الصادرات وإقالة بحر العلوم

قالت الشرطة ان أربعة أشخاص قتلوا برصاص قوات الأمن يوم الاحد خلال احتجاج على ارتفاع أسعار الوقود في الآونة الأخيرة بعد ان أضرم محتجون النار في سيارات ومحطات للوقود قرب مدينة كركوك في شمال البلاد.

ويواجه العراق الذي يملك ثالث أكبر احتياطي من النفط في العالم أحدث أزمة وقود مع رفع أسعاره بموجب اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وكانت الطوابير أطول من المعتاد في محطات الوقود فيما تحدث كثيرون ممن شاركوا في الانتخابات الشهر الماضي عن شعورهم بالإحباط.

وفي بغداد وقعت ثمانية انفجارات في أنحاء العاصمة العراقية في صباح أول أيام العام الجديد وسببت خسائر طفيفة وأسفرت عن عدد ضئيل من الاصابات.

وكان القادة العسكريون الامريكيون يهنئون انفسهم في الآونة الأخيرة على النجاح في الحيلولة دون وقوع هجمات انتحارية تستخدم فيها سيارات ملغومة وتسقط فيها أعداد كبيرة من الضحايا.

وفي رحيماوة قرب كركوك قالت الشرطة ان قوات الأمن فتحت النار على شبان كانوا يشاركون في مسيرة في شارع رئيسي بالبلدة احتجاجا على زيادة أسعار وقود السيارات الى مثلين وأسعار الغاز للاستهلاك المنزلي الى ثلاثة أمثال قبل 13 يوما.

وقال النقيب سلام زنجنة من الشرطة ان اربعة من المحتجين على الاقل لاقوا حتفهم كما أُصيب اثنان آخران.

وفُرض حظر التجول في المدينة. وقالت الشرطة انه لم يعرف ما اذا كانت قوات أمريكية أم عراقية هي التي أطلقت النار.

وقال متحدث باسم القوات الامريكية ان جنودا أمريكيين أصابوا رجلا واحدا بجروح في سيارة عند احدى نقاط التفتيش وذكر ان المستشفى لا توجد به حالات إصابة أخرى بالرصاص.

وقال ضابط في الشرطة برتبة عقيد ان المحتجين أضرموا النار في مبنى يضم مكاتب تابعة لشركة نفط الشمال العراقية. كما اضرمت النيران في أربع سيارات ومحطتين للوقود.

وكانت المسيرة احدث حلقات سلسلة من الاحتجاجات في انحاء البلاد على زيادة أسعار الوقود. والزيادة مقدمة لتخفيضات كبيرة في الدعم تعتزم الحكومة العراقية تطبيقها في إطار اتفاق يشمل مجموعة من الاصلاحات الاقتصادية والمساعدات أُبرم مع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي.

ورغم احتياطياته الهائلة من النفط يواجه العراق صعوبة كبيرة في التعامل مع أزمة إمدادات الطاقة في الداخل. كما يُنفق مليارات على استيراد النفط لمواجهة النقص في انتاج النفط وعمليات التكرير بسبب عمليات النسف المتكررة لمنشات النفط وسوء حالة المعدات بعد سنوات من الحرب والعقوبات الدولية.

كما تفاقم وضع شبكة امدادات الطاقة بعد ان أغلقت الحكومة مصفاة النفط الرئيسية في الشمال قبل اكثر من عشرة ايام مما دفع العراقيين الى التدفق على منافذ بيع الوقود حيث ينتظرون في صفوف طويلة لملء سياراتهم خشية نفاد الوقود من المحطات.

من جهته قال وزير النفط العراقي ابراهيم بحر العلوم يوم الاثنين انه قدم استقالته لانه يعارض الزيادات في أسعار الوقود التي فرضتها الحكومة في 19 ديسمبر كانون الاول.

وفي الوقت نفسه قال مسؤول نفطي ان صادرات العراق النفطية انخفضت الى أدنى مستوى منذ منتصف عام 2003 .

وكانت الحكومة قد منحت بحر العلوم اجازة رغم ارادته بعد قليل من زيادة أسعار الوقود وحل محله منذ ذلك الحين على رأس الوزارة احمد الجلبي نائب رئيس الوزراء العراقي.

ويرأس الجلبي بالفعل مجلس النفط وهو هيئة على مستوى حكومي كما يتمتع بنفوذ مؤثر في السياسة الاقتصادية والسلعية للعراق.

وتعليقا على رحيل بحر العلوم قال شامخي فرج المدير العام لادارة الاقتصاد وتسويق النفط ان الاستقالة لن يكون لها تأثير يذكر لان الحكومة على وشك التغيير على أية حال عقب الانتخابات العام في 15 ديسمبر كانون الاول.

وقال فرج "الحكومة في فترة انتقالية. ولا يمكن ان يأخذ أي قرارا مهمة حتى لو لم يكن قد استقال. كان سيتعين عليه الانتظار حتى تولي الوزير الجديد منصبه."

واضاف "التأثير سيكون محدودا."

ويأتي التغيير في قيادة وزارة النفط في شهر مضطرب لقطاع النفط. فقد أغلقت الحكومة المصفاة الرئيسية في البلاد وهي مصفاة بيجي في الشمال عقب تهديدات امنية وادى سوء الاحوال الجوية الى توقف الصادرات من المرفأين الجنوبيين للعراق.

وقال فرج ان هذه العوامل وغيرها ادت الى انخفاض الصارات الى أدنى مستوى منذ استئنافها في منتصف عهام 2003 عقب الحرب.

وقال لرويترز "وصلت الصادرات الى مستوى منخفض في ديسمبر عند 1.1 مليون ب/ي. وهذا هو أدنى مستوى منذ استئناف الصادرات بعد الحرب."

ورفع العراق أسعار البنزين ووقود الديزل بنسبة تصل الى 200 بالمئة قبل أسبوعين مما أثار غضب العراقيين الذين اعتادوا دعما كبيرا للأسعار.

وعارض بحر العلوم الخطة وقال ان رفع الأسعار ينبغي ان ينفذ تدريجيا تنفيذا لرغبة صندوق النقد الدولي بانهاء الدعم ومطالب المواطن العراقي العادي بالحصول على الوقود بسعر رخيص.

وتقول الحكومة ان الزيادة ضرورية لوقف تهريب منتجات النفط العراقية الرخيصة لدول أخرى وعدم تشجيع السوق السوداء داخل البلاد.

وقال بحر العلوم ان بلاده اقترحت سلسلة من زيادات الأسعار على صندوق النقد ولكن الصندوق طلب المزيد.

وذكر أن الصندوق طلب من الحكومة عرض أسعار مختلفة كي يتم توقيع اتفاق في 23 ديسمبر واضاف ان الزيادة لا تحقق مصالح الحكومة والشعب العراقي.

وهاجم وزير النفط العراقي السابق ابراهيم بحر العلوم رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري واعتبر قرار تجميده "خرقا للمواثيق المتفق عليها في قائمة الائتلاف العراقي الموحد".

وقال بحر العلوم في مؤتمر صحافي ان قرار الجعفري "يمثل خطوة باتجاه النكوص عن الافاق الديمقراطية" مشيرا الى ان "الهيمنة والتفرد في اتخاذ القرارات تعد واحدة من اكبر الافات التي تهدد امال الشعوب".

هذا وفجر مسلحون مجهولون عصر يوم الاثنين انبوبا لنقل منتجات نفطية الى محطة كهرباء الدورة جنوب بغداد قرب مصفاة الدورة اكبر مصافي العراق.

وقال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد ان الانبوب تعرض لعمل تخريبي وان فرق الوزارة والاطفاء استطاعت اخماد الحريق الذي تسبب به الانفجار.

واوضح ان الانبوب كان ينقل المنتجات النفطية من مصفاة الدورة الى احد مغذيات محطة كهرباء جنوب بغداد.

وقال انه تم اسئناف تفريغ المنتجات من مصفاة بيجي بعد ان بدأت الصهاريج بنقل هذه المنتجات عقب توقف دام عدة ايام بسبب تهديدات تعرض لها سائقي الشاحنات .

وعزا جهاد شح الوقود خصوصا مادة البنزين الى استعمال غالبية العراقيين المولدات الكهربائية بسبب الانقطاع المستمر للطاقة الكهربائية.

وبخصوص رفض بعض اصحاب محطات الوقود تطبيق قرار زيادة اسعار المنتجات النفطية قال جهاد "اننا نتصل بالمسؤولين في المحافظة لتطبيق القرار كونه قرارا حكوميا يجب ان يلتزم الجميع بتطبيقه".

وكان مصدر بالشرطة العراقية قال ان المهاجمين فجروا انبوب النقل بالقنابل.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 3/كانون الثاني/2006 -  2/ذي الحجة/1426