 
بدأ العراق نقل الوقود بالشاحنات من مصفاة النفط الرئيسية في الشمال
الى المدن في مختلف انحاء البلاد يوم السبت سعيا لتخفيف أزمة أدت لموجة
من الاقبال على شراء الوقود خوفا من نقصه وظهور طوابير في محطات التزود
بالوقود.
وانتظر قائدو السيارات في طوابير لمدة ثلاث ساعات عند محطات الوقود
في مدينة بغداد لمسافة امتدت عدة كيلومترات وقال عدد من العراقيين ان
ازمة الوقود جاءت نتيجة زيادة انقطاع ساعات الكهرباء في بغداد التي
اصبحت شبه معدومة في معظم احياء مدينة بغداد وعدد كبير من المحافظات
العراقية.
وكانت الحكومة العراقية قد اجرت تعديلا وزاريا نهاية الاسبوع الماضي
تم بموجبه تعيين نائب رئيس الوزراء العراقي احمد الجلبي مسؤولا مباشرا
لوزارة النفط ليحل بديلا عن الوزير السابق ابراهيم بحر العلوم والذي
يبدو ان تصريحاته التي ادلى بها في الاونة الاخيرة اغضبت رئيس الحكومة
العراقية عندما عارض بحر العلوم تعديلا حكوميا لاسعار مشتقات النفط حيث
تم فيه زيادة بنزين السيارات الى 500 بالمئة.
وكان مصدر من وزارة النفط العراقية توقع الاسبوع الماضي ان تواجه
البلاد ازمة في امدادات النفط بسبب حصول اختناق في الانتاج في مصافي
الشمال والوسط والجنوب.
وادى تناقص صادرات النفط ونقص الوقود ولاسيما البنزين الى ازدياد
حالة من السخط الشعبي على اداء الحكومات العراقية المتعاقبة.
وقال سيد ابو علي (55 عاما) الذي كان يقف بسيارته عند احد الطوابير
التي امتدت الى مسافة تقرب من كيلومترين ونصف عند محطة وقود المثنى
القريبة من ملعب الشعب في بغداد "قبل اسبوع كنت اقف لمدة نصف ساعة عند
اي محطة وقود للحصول على البنزين واليوم انا اقف الان في الطابور منذ
الساعة السابعة صباحا والان الساعة الثانية عشرة ولم يصل دوري."
واضاف ابو علي الذي يعمل سائق تاكسي ان اسعار الوقود في ظل هذه
الازمة الجديدة "ارتفعت حتى في السوق السوداء كنت اشتري 20 لترا من
النبزين من السوق السوداء باربعة الاف دينار الان اصبح سعر العشرين
لترا اكثر من عشرة الاف دينار."
ويعادل الدولار الواحد نحو 1500 دينار عراقي.
وقال ابو علي مسترسلا " بعد كل هذا الانتظار الطويل اعود الى المنزل
لاستخدم مايقرب من نصف كمية البنزين التي ساحصل عليها في مولدة
الكهرباء في منزلي.. لان الكهرباء هذه الايام معدومة وكل خمس ساعات قطع
تاتينا نصف ساعة او اقل."
واضاف ابو علي صابا جام غضبه على الحكومة العراقية المنتخبة "عندما
انتخبنا الحكومة كنا نأمل ان تضع حدا لمعاناتنا لكن المشكلة اصبحت اسوأ
بكثير من قبل .. الوضع السابق كان افضل لنا بكثير من الوقت الحالي."
وقال ابو احمد النعيمي صاحب محطة اهلية للوقود في بغداد ان السبب
الرئيسي لهذه الازمة الجديدة "هو زيادة ساعات قطع الكهرباء في بغداد...
الان الكهرباء لا تاتي كمعدل في اليوم اكثر من ساعة واحدة وهو مايدفع
الناس الى استخدام مولدات منازلهم التي تعمل كلها على البنزين."
واضاف ابو احمد ان اغلب سائقي السيارات "يأتون الى المحطة اكثر من
مرة في اليوم الواحد ... مرة يأخذ بنزين الى المولدة وفي المرة الاخرى
لسيارته."
وادى الزحام الكبير من العجلات امام محطات الوقود الى ارتفاع اسعار
الوقود في السوق السوداء حيث يلجأ العديد من تجار الازمات الى بيع
البنزين في شوارع بغداد بسعر يفوق اكثر من ثلاثة امثال سعره في محطات
الوقود.
والسعر الرسمي لعشرين لترا من البنزين العادي وحسب التسعيرة الجديدة
للحكومة العراقية 3 الاف دينار عراقي اي مايعادل 150 دينارا عراقيا
للتر الواحد.
وما زال كثير من العراقيين يعانون من الخفض الكبير للدعم على الوقود
وهي خطوة تسببت في زيادة اسعار الوقود قبل 12 يوما.
وارتبط الخفض الكبير في الدعم الحكومي على الوقود باتفاق مع صندوق
النقد الدولي يحصل العراق بموجبه على اعفاء من ديونه التي ورثها عن
نظام صدام حسين مقابل التحول الى اقتصاد السوق.
وقال السفير الامريكي في العراق زالماي خليل زاد "الولايات المتحدة
والعراق سيعملان خلال العام المقبل على نقل الموارد العراقية من دعم
غير منتج الى الاستخدام المنتج الذي يمكن العراقيين من كسب عيشهم."
ويحذر المسؤولون الامريكيون من ان هذه العملية ستكون مؤلمة بالنسبة
للكثيرين.
وقال ابراهيم طارق (16 عاما) الذي يعمل مع اخيه الذي يملك سيارة
تاكسي في بيع البنزين انهما يحصلان عليه من محطات الوقود بكل يسر بسعر
10 الاف دينار عراقي لكل عشرين لترا.
وقال طارق وهو طالب في الصف الرابع المتوسط والذي يعمل مع اخيه ايام
العطل والجمع فقط انه يستطيع الحصول على البنزين من محطة الوقود " ثلاث
مرات في اليوم بمساعدة رجال الامن الذين يقومون بتنظيم طوابير السيارات
الداخلة الى المحطة مقابل دفع 5 الاف دينار الى رجل الامن في كل مرة."
واضاف طارق ان عملية بيع البنزين في الشارع " توفر لي ولاخي دخلا
جيدا من المال افضل بكثير من الشغل طول اليوم بالتاكسي.. فانا واخي
نكسب من بيع البنزين بالشارع مايقارب من 25 الف دينار باليوم."
وانتظر قائدو السيارات الساخطون اكثر من ثلاث ساعات لملء خزانات
سياراتهم في بغداد عاصمة بلد يملك ثالث اكبر احتياطيات مثبتة من النفط
في العالم في الوقت الذي خرجت فيه الشاحنات من مصفاة بيجي لاول مرة منذ
عشرة ايام.
وبعد ثلاث سنوات تقريبا من الغزو الامريكي والذي كان كثيرون يعتقدون
انه سيؤدي الى انعاش صناعة النفط العراقية المتداعية لا تستطيع السلطات
ان توفر لمواطنيها حتى متطلبات الوقود الاساسية.
ووقفت طوابير طويلة من السيارات بشوارع بغداد تراقبها الشرطة
المسلحة لمنع اي شخص من تخطي دوره.
وقال سيد ابو علي (55 عاما) الذي كان يقف بسيارته عند احد الطوابير
التي امتدت الى مسافة تقارب من الكيلومترين ونصف عند محطة وقود المثنى
القريبة من ملعب الشعب في بغداد "قبل اسبوع كنت اقف لمدة نصف ساعة عند
اي محطة وقود للحصول على البنزين واليوم انا اقف الان في الطابور منذ
الساعة السابعة صباحا والان الساعة الثانية عشر ولم يصل دوري."
واضاف ابو علي "عندما انتخبنا الحكومة كنا نامل ان تضع حد لمعاناتنا
لكن المشكلة اصبحت اسوأ بكثير من قبل ."
وامدادات الكهرباء ايضا متقطعة بعد ان دمرتها سنوات من الحرب
والعقوبات والان عمليات التخريب التي يقوم بها المسلحون ويقول الجيش
الامريكي ان متوسط ما يحصل عليه المنزل في بغداد من الكهرباء ست ساعات
فقط في اليوم بالمقارنة مع 11 ساعة في اكتوبر تشرين الاول .
ومازال عراقيون كثيرون يترنحون من اثر التخفيضات الكبيرة في الدعم
والذي ادى الى ارتفاع كبير في اسعار الوقود قبل 12 يوما حيث قفز سعر
البنزين والديزل بما يصل الى 200 في المئة وزاد سعر اسطوانة الغاز
للاستخدام المنزلي الى المثلين.
وهذه التخفيضات لها صلة باتفاق مع صندوق النقد الدولي تخفف بموجبه
اعباء الديون التي تراكمت في ظل صدام حسين مقابل التحول الى اقتصاد
السوق.
وفي مدينة كركوك عاصمة النفط الشمالية قال سائق السيارة الاجرة احمد
سعيد البالغ من العمر 46 عاما ان الحكومة زادت الاسعار الى المثلين لحل
مشكلة واحدة ولكن العبء يقع على كاهل الفقراء ولاسيما العاطلين.
ونجمت ازمة الوقود الى حد كبير عن اغلاق المصفاة في بيجي الواقعة
على بعد 180 كيلومترا شمالي بغداد.
واغلقت الحكومة المصفاة في 21 ديسمبر كانون الاول بعد ان هدد
المسلحون سائقي الشاحنات الذين يقومون بنقل البنزين على طول الطرق
المحفوفة بالاخطار في العراق .
وادى تخريب خط انابيب قرب بغداد الى تفاقم المشكلة واثار مخاوف من
جفاف محطات البنزين بالعاصمة.
وعززت الحكومة الامن في بيجي في الاسبوع الماضي وامرت يوم السبت
الشاحنات باستئناف العمل. ولكن متحدثا باسم وزارة البترول قال لرويترز
ان الكمية التي يجري نقلها مازالت قليلة جدا ومحدودة.
وتحول عراقيون كثيرون الى السوق السوداء المزدهرة لشراء البنزين من
اشخاص يبيعونه على جانب الطرق من صهاريج بلاستيكية. والاسعار باهظة
ولكن لا يوجد طابور على الاقل.
واحدثت هذه الازمة تصدعا في الحكومة وادت الى ما يبدو انه انقلاب
وزاري من الطراز القديم.
ومنح وزير البترول ابراهيم بحر العلوم اجازة شهرا رغما عنه وعين
احمد الجلبي نائب رئيس الوزراء مكانه .وشكا بحر العلوم من انه نحي
جانبا لانه عارض زيادات الاسعار في 19 ديسمبر كانون الاول.
واستمرار الدعم يعني ان العراق مازال يملك بعضا من ارخص الوقود في
العالم.
ويبلغ سعر لتر البنزين العادي 150 دينارا (عشرة سنتات امريكية) وهو
جزء يسير من السعر الذي يدفعه المستهلك في الغرب وباقي الشرق الاوسط.
وادى فارق السعر الى ازدهار تجارة غير قانونية عبر الحدود. ويشتري
المهربون الوقود في العراق وينقلونه الى سوريا وتركيا والاردن ويبيعوه
بسعر أعلى محققين ربحا.
وتحاول الحكومة التي تتعرض لضغوط من صندوق النقد الدولي لزيادة
الاسعار حتى تستطيع خفض الدعم ولكن هذه الخطوة لا تحظى بقبول لدى
عراقيين كثيرين يعانون بالفعل من العنف المروع. |