 
يعاني الأطفال المشردون في بغداد من الجوع كما يتعرضون للاستغلال
الجنسي خلال سعيهم الدؤوب لتحصيل لقمة العيش، ويعزى ذلك الى انتشار
الفقر المدقع وارتفاع معدلات البطالة.
ويكسب طفل عراقي لا يتجاوز عمره عشر سنوات، يسمى خالد أمير، قوت
يومه وهو هائم على وجهه في شوارع بغداد عن طريق بيع الحلويات عند
إشارات المرور، حيث أصبح العنف جزءا لا يتجزأ من حياته اليومية.
وقال الطفل الصغير أمير: «أحيانا يضربونني أو يغلقون نافذة سياراتهم
على يدي»، وهو يشير الى الندبة المرتسمة على صفحة وجهه حيث كان سائق قد
ضربه بسكين جيب على وجهه في الأسبوع الماضي، وفقا لتقرير اصدرته الشبكة
الموحدة للإعلام الاقليمي حول الشؤون الإنسانية، التي تعمل بالتعاون مع
الأمم المتحدة.
واضاف أمير «الناس لا يهتمون بنا ولا من أين جئنا».
ومثلما هو الشأن بالنسبة الى أمير وأخته سلوى ذات الثماني سنوات،
تعج شوارع بغداد بمئات الأطفال الصغار وهم يكافحون كفاحا مريرا من أجل
انتزاع لقمة العيش.
وذكر بعض العاملين في مجال الخدمات الصحية ان معظم هؤلاء الأطفال
يعانون من سوء التغذية بشكل منتظم.
ووفقا لما ذكره مسؤول كبير في وزارة الصحة العراقية، يدعى حيدر
حسيني، فإن نحو 50 في المائة من أطفال العراق يعانون شكلا من أشكال سوء
التغذية.
وأضاف المسؤول قائلا: ان طفلا من بين كل عشرة أطفال يعاني اما من
مرض مزمن أو من اعتلال صحي.
وعادة ما يتعرض الأطفال الذين هم في وضعية أمير وأخته سلوى الى
الاستغلال الجنسي.
وقالت مسؤولة تعمل في وزارة الشؤون الاجتماعية العراقية: «البنات
أكثر تعرضا للاستغلال الجنسي حيث يمثلن 70 في المائة من حالات
الاستغلال، بينما يمثل الأولاد 30 في المائة من الحالات المسجلة، تقل
أعمار الضحايا عن 16 سنة».
وعلى صعيد متصل، ذكر مدير برنامج مكافحة المخدرات في وزارة الصحة
العراقية، ويدعى كامل علي، ان عدد حالات مدمني الهيرويين في ضواحي
بغداد تضاعف خلال السنة الماضية حيث ارتفع من 3000 حالة عام 2004 الى
7000 حالة لحد الآن.
وسبق ان اصدرت الشبكة الموحدة للإعلام الاقليمي حول الشؤون
الإنسانية، التي تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة، تقريرا حول الاستغلال
الجنسي للأطفال.
وجاء في التقرير ان مئات العائلات التي وجدت في تجارة جنس الشذوذ
لدى الأطفال مورد معيشة، لها في ظل انسداد الآفاق وتردي الوضع الأمني
في العراق.
وقال سعيد محمد، الموظف المسؤول في وزارة الداخلية، ان عدد الاطفال
الموجودين داخل هذه الشبكات، وفقا لمعلومات غير موثقة، يربو عن 4000،
فيما يرجح مسؤولون حكوميون ان يكون العدد بالمئات.
ومن شأن هذه الأرقام ان تعطي فكرة عن حجم هذه التجارة الممنوعة،
التي بدأ العراقي يلحظها، وهي بصدد التنامي يوما بعد يوم، منذ غزو
بلاده.
ووفقا لمسؤولين محليين، فإن هذه التجارة شهدت تزايدا منذ بدء النزاع
في 2003، لا سيما في صفوف المراهقين.
ولم تر العراقية أم زكريا، التي أقعد المرض زوجها عن العمل، عيبا في
أن تسلّم ابنيها البالغين من العمر 13 و14 عاما، إلى عصابة تتاجر في
ميدان جنس الأطفال داخل العراق، معتبرة أنّها قدّمت لها خدمة وأنّها
فخورة بولديها.
ووفقا لتقرير حديث أصدرته الشبكة الموحدة للإعلام الإقليمي حول
الشؤون الإنسانية، التي تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة، فإنّ عائلة أم
زكريا هي مثال حيّ ربّما لمئات العائلات التي وجدت في تجارة جنس الشذوذ
لدى الأطفال مورد معيشة، لها في ظلّ انسداد الآفاق وتردي الوضع الأمني
بالعراق.
وتقول أم زكريا: "نحن عائلة فقيرة، ولم يعد بإمكان زوجي العمل. وقبل
ثلاثة أشهر جاء أبو الأولاد (زعيم عصابة تعمل في هذا الميدان) إلى
منزلي، وعرض علينا أموالا إذا سمحنا لولدينا بالعمل معه.. وشكرا له..
فاليوم اصبح لدينا دخل جيّد."
وأضافت: " لربّما يجد الناس في هذا أمرا مفاجئا.. ولكن على الأقلّ
يمكننا أن نأكل الآن.. وأنا فخورة بهما."
غير أنّ حسن فيراز، البالغ من العمر 16 سنة، ناشد الجميع التدخل
لإنقاذه من "رفقة آخرين" من هذه العصابة التي "تهددنا."
وبدأ الصبي "حسن فيراز" فصلا جديدا يرى أنّه "مؤلم" في حياته منذ
تمّ إجباره على الدخول في تجارة الجنس ببغداد، منضما بذلك إلى عدد
متزايد من المراهقين المدفوعين إلى هذا الميدان، إمّا بسبب تهديدهم من
قبل عصابات أو بفعل الحاجة.
وأضاف حسن: "إنّني أبكي كلّ ليلة. أنا شاذ مثليّ وأجبرت على أن أكون
بائع هوى بسبب أحد الأشخاص الذين مارست معهم الجنس بعد أن قام بأخذ صور
لي أثناء ذلك، وهدّدني بكشفها لعائلتي إذا رفضت هذا العمل."
وتابع حديثه بخجل وخوف قائلا: " إن حياتي اليوم هي عبارة عن كارثة..
ويمكن أن أقتل من قبل عائلتي لاستعادة شرفها."
ولم تجد عدة عائلات عراقية بدّا من وقف أولادهم عن الدراسة بسبب
مخاوف من أن يسقطوا في حبال هذه العصابات.
ووفقا للتقرير، يتقاضى كلّ صبي مبلغ 10 دولارات عن كلّ شخص يمارس
معه الجنس، في الوقت الذي تذهب فيه خمسة أضعاف هذا المبلغ إلى العصابات
التي "تشغّله."
وقال سعيد محمد، الموظف المسؤول في وزارة الداخلية، إنّ عدد الأطفال
الموجودين داخل هذه الشبكات، وفقا لمعلومات غير موثقة، يربو عن 4000،
فيما يرجح مسؤولون حكوميون أن يكون العدد بالمئات.
ومن شأن هذه الأرقام أن تعطي فكرة عن حجم هذه التجارة الممنوعة،
التي بدأ العراقي يلحظها، وهي بصدد التنامي يوما بعد يوم، منذ غزو
بلاده.
ووفقا لمسؤولين محليين، فإنّ هذه التجارة شهدت تزايدا منذ بدء
النزاع في 2003 ، ولاسيما في صفوف المراهقين.
ومن ضمن الأسباب التي أدّت إلى ذلك تنامي البطالة، حيث تقدّر وزارة
التخطيط والتنمية عدد العاطلين عن العمل في العراق بنحو 48 بالمائة من
بين شريحة الشباب.
وبدأت وزارة الداخلية العراقية، بناء على طلب من وزارة العمل، في
تعقّب العصابات العاملة في هذا الميدان. كما أنشأت الوزارة خلية متابعة
تبحث عن هذه العصابات وتضغط على العائلات من أجل منعها من إرسال
أطفالها إلى هذه الشبكات.
وقال مسؤول في وزارة الداخلية، رفض الكشف عن هويته لدواع أمنية،
إنّه تمّ اعتقال زعيمين من زعماء هذه العصابات حتى الآن. وأضاف، إنّه
تمّ استجواب أكثر من 15 طفلا ، ولم يتمّ إعلام عائلاتهم بالسبب الحقيقي
لاعتقالهم.
واعترف المسؤول قائلا "عندما تسمع بما آل إليه هؤلاء اليافعون،
فإنّك تخشى حقا على أولادك، حيث يمكنهم أن يسقطوا أي لحظة في براثن هذه
العصابات."
وأطلقت وزارة العمل برنامجا لإعادة تأهيل من يرغب من هؤلاء الأطفال
في العودة إلى حياتهم العادية، يضمن عدم التمييز الاجتماعي وعدم
مقاضاتهم.
كما تساعد منظمتان غير حكوميتين، بناء على طلب من وزارة العمل، في
هذه الجهود التي تستهدف إنقاذ هؤلاء الأطفال من أحد أشكال العبودية.
وجمعت إحدى هاتين المنظمتين، وهي منظمة "السلام والمستقبل الأفضل
العراقي" أسماء أكثر من 50 طفلا قالت إنّهم لا يمكنهم ترك تجارة الجنس
بسبب تهديدات، غير أنّه تمّ إيجاد حلول لبعضهم. |