في تحول غريب للأقدار العمالة الالمانية المهاجرة تبني إيطاليا!!!

  يرحل الالمان عن بلدهم باعداد قياسية وعلى عكس موجات هجرة سابقة بسبب الفقر في القرن التاسع عشر والارهاب النازي في الثلاثينات من القرن الماضي يحاول لاجئو الزمن الحديث الهروب من معاناة جديدة هي.. البطالة.

يهاجر الالمان لبلاد بعيدة مثل الولايات المتحدة وكندا واستراليا الى جانب النرويج وهولندا النمسا وفي عام 2004 رحل اكثر من 150 الف الماني عن وطنه وهو اكبر رقم للهجرة الجماعية في عام واحد منذ اواخر الاربعينات.

وتعد نسبة البطالة المرتفعة التي تتجاوز عشرين بالمئة في بعض مناطق المانيا وضعف مؤشرات حدوث اي تحسن من العوامل الرئيسية وراء الهجرة. وعلى مدى 15 عاما منذ توحيد المانيا وحتى الآن غادر البلاد 1.8 مليون نسمة.

وتقول كارين مانسكه (45 عاما) التي انتقلت الى الولايات المتحدة مع طفليها قبل ثمانية اعوام لتبدأ عملا خاصا كمستشارة "يصعب على حتى ان اتصور كيف يكون الحال في ظل تفش كبير للبطالة."

وقالت "يصعب فهم المشكلة لان الالمان عمال على درجة عالية من المهارة. أحب روح المغامرة ولن أعود. يمكن ان تبدأ مشروعا بأي مبلغ صغير من المال وتكد حتى تنجح."

ويقدر عدد الالمان الذين يقيمون في جنوب كاليفورنيا بسبعين الفا ووصل عدد كبير منهم في السنوات الاخيرة. وفي موجه هجرة سابقة ابان الحكم النازي توجه الالمان الى هوليوود وفي موجات هجرة بعد الحرب العالمية الثانية عملوا كحرفيين مهرة في مقاطعة اورانج القريبة.

ويقول فولفرام كنورينجر (33 عاما) وهو مهندس معماري انتقل الى لوس انجليس في عام 2002 "انتقل بعض اصدقائي الى استراليا او سويسرا او لندن وجئت انا الى الولايات المتحدة ومن المؤكد ان حالي افضل مما كان سيكون عليه اذا مكثت في المانيا."

وصرح لرويترز في اشارة لركود الاقتصاد الالماني وتوقف النمو السكاني وانكماش قطاع البناء "الفترة الحالية ليست افضل اوقات المهندسين المعماريين في المانيا. يوجد عدد ضخم من المهندسين المعماريين في برلين ولا يوجد عمل يذكر. لوس انجليس مكان اكثر حيوية."

وتفيد بيانات مكتب الاحصاء الاتحادي في فيزبادن الى ان الالمان الذين غادروا البلاد العام الماضي وعددهم 150667 نسمة توجهوا الى مئتي دولة وان الولايات المتحدة كانت الوجهة الاولى لهؤلاء المهاجرين ودخلها 12976 شخصا تليها سويسرا (12818) ثم النمسا (8532) وبريطانيا (7842).

كما هاجر المان فقراء الى فرنسا واسبانيا وهولندا وبلجيكا.

ويقول كلاوس باده وهو استاذ بجامعة اوزنابروك يدرس مسألة الهجرة "العدد الفعلي للالمان الذي يهاجرون الى الخارج أكبر بكثير مما تعكسه الاحصاءات الرسمية."

وصرح لمجلة شتيرن في معرض موضوع قدم نصائح مفيدة للالمان عن كيفية الهجرة "السبب الرئيسي لتركهم البلاد هو ضعف فرصة العثور على عمل في الداخل."

انه تحول كبير لاقدار المانيا التي اجتذبت ملايين من الاجانب توافدوا عليها من تركيا وايطاليا وغيرها من الدول الفقيرة للبحث عن فرص عمل بفضل "المعجزة الاقتصادية" التي شهدتها البلاد بعد الحرب العالمية الثانية في الخمسينات والستينات.

ويغادر العدد الاكبر من المهاجرين من الشرق الشيوعي سابقا الذي يعاني من كساد وانكماش منذ الفترة التي اعقبت انهيار سور برلين في عام 1989 مباشرة. وانكمش تعداد سكان شرق المانيا الى 14.7 مليون من 16 مليونا في عام 1990.

وساعد مركز عمل اوروبي في ماجديبورج ووكالة حكومية في بون تعرف باسم (زد.ايه.في) عشرات الالاف من الالمان على ايجاد وظيفة في الخارج في الدول المجاورة بصفة اساسية.

والاعداد التي تغادر المانيا متواضعة اذا وضعنا في الاعتبار ان هناك حوالي خمسة ملايين عاطل ولكن الاتجاه يتسارع فيما يبدو. وتسجل المانيا نموا اقتصاديا ضعيفا منذ سنوات ولم يطرأ تغيير يذكر على اسعار العقارات في عشرة اعوام.

وغادرت انيكا ريشتر دريسدن للعمل كطاهية وفي الاعمال الكتابية في منتجع تزلج في ليختنشتاين وتختلف لهجتها الساكسونية عن وقع اللهجة الالمانية المحلية المستخدمة في سويسرا.

الا ان لغتها التي يمكن تمييزها بسهولة تمتزج بلغة العاملين في الفندق الواقع وسط جبال الالب نظرا لان معظمهم من شرق المانيا وينظر اليهم الان على انهم من اكثر العمال ترحالا في اوروبا.

وقالت ريشتر (34 عاما) "لم اود ممارسة هذا النوع من العمل في المانيا لانهم لا يحترمونه. لا يقدرون في المانيا الوظائف الخدمية في الفنادق. انا سعيدة هنا. اريد ان اعمل هنا وادخر بعض المال لاسافر حول العالم. وفي الاغلب ساعود الى هنا."

ويرحل الالمان عن بلادهم برا وبحرا وجوا منذ قرون. وهرب ملايين من المهاجرين من الفقر في القرن التاسع عشر. وغادرت الموجات التالية هربا من حكم ادولف هتلر النازي او من الدمار الذي خلفته الحرب.

وتوظف بعض الدول مثل استراليا الالمان من ذوي المهارات في سفارتها في برلين. وفي تحول غريب للاقدار توظف حاليا شركات بناء في شمال ايطاليا الالمان لاداء وظائف لا تحتاج مهارة.

وكثيرون ممن يغادرون المانيا لا يشعرون بالندم.

وانتقل بيرنهارد كلوج الى امستردام في فبراير شباط بعد ان فقد وظيفته في وكالة اعلانية في المانيا ويقول "من المؤكد انني افتقد بعض الاشياء ولكني سعيد جدا هنا."

ويضيف كلوج (35 عاما) وهو يدرس اللغة الهولندية في المساء "العمل اقل توترا. يغادر الناس العمل في موعدهم وجو العمل اكثر هدوءا واقل رسمية بين الزملاء."

شبكة النبأ المعلوماتية -اربعاء 28/كانون الاول/2005 -  25/ذي القعدة/1426