للخروج من مأزق الانتخابات مساع لتشكيل حكومة وحدة وطنية في العراق

تطالب القوى السياسية الاساسية في العراق بتشكيل حكومة وحدة وطنية كمخرج لتجنب الازمة السياسية التي نجمت عن الانتخابات التشريعية التي عارضت نتائجها بشدة قوى سنية وليبرالية.

فقد بدأت مباحثات مباشرة او غير مباشرة بين قائمة الائتلاف الشيعي المحافظ التي حققت فوزا ساحقا في الانتخابات التي جرت في 15 كانون الاول/ديسمبر وفق النتائج غير النهائية والقوى السنية والليبرالية الشيعية تتخذ منحى ايجابيا بعد تصاعد الاتهامات.

وقال رضا جواد تقي القيادي في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية (ابرز مكونات الائتلاف الشيعي) "نحاول الوصول الى قواسم مشتركة مع القوائم الاخرى".

واضاف في تصريحات نشرتها الاثنين الصحف العراقية "المجلس الاعلى يواصل مشاوراته لتشكيل حكومة ليس فيها اقصاء".

وشدد رئيس الجمعية الوطنية السني حاجم الحسني على ضرورة احتواء الازمة "وايجاد المعالجات اللازمة بمشاركة جميع الكيانات".

ودعا نوري الراوي وزير الثقافة والامين العام لحركة اهل العراق (سنية) الى "ضرورة التوصل الى حل يرضي معارضي نتائج الانتخابات" مطالبا الفائزين باخذ "الامور بالحكمة"

ورات صحيفة +الصباح+ العراقية التابعة لشبكة الاعلام العراقي التي حلت محل وزارة الاعلام "ان "زخم الازمة السياسية بدأ يتراجع امام اجماع على تشكيل حكومة توافقية بالرغم من التفاوت الحاد في نتائج الانتخابات".

وكانت فكرة حكومة وحدة وطنية قد طرحت بقوة الاحد من قبل القادة الاكراد في منتجع دوكان في كردستان (شمال).

فقد ايد الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني تشكيل حكومة وحدة وطنية "تشارك فيها جميع القوائم الفائزة في الانتخابات".

وفي مؤتمر صحافي اعقب اجتماعا حضره السفير الاميركي في العراق زلماي خليل زاده شدد طالباني على المطالبة "بان تشكل حكومة ائتلافية تمثل جميع مكونات الشعب العراقي من عرب سنة وشيعة ومن الكرد حكومة وحدة وطنية".

وذكر الرئيس العراقي بان التحالف الكردستاني يشدد على ضرورة ان تضم الحكومة الجديدة الى جانب التحالف الكردستاني والائتلاف الوطني (شيعة) " قوى اخرى من بينها جبهة التوافق العراقية (سنة) والقائمة الوطنية بقيادة اياد علاوي (علمانيون).

وكان طالباني قد التقى السبت عددا المعترضين على نتائج الانتخابات في اطار المسعى الذي بدأه الاربعاء لتقريب وجهات النظر بين الاطراف التي شاركت في الانتخابات.

وكانت قائمة الائتلاف العراقي الموحد الشيعية قد رفضت بقوة مطالبة العديد من الكيانات السياسية اعادة الانتخابات التي اعتبروها مزورة وحذرت من استمار التظاهرات بعد المسيرات الحاشدة التي نظمها الجمعة في بغداد معارضوا نتائج الانتخابات.

وقد استمرت التظاهرات امس الاحد في الفلوجة وفي بعقوبة. ودعا المعارضون الى مسيرة غدا الثلاثاء في بغداد.

من جهة اخرى اعرب وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول الاحد عن خشيته من ان تضاعف نتائج الانتخابات التي "استندت الى معايير اتنية وقبلية ودينية" الانقسام بين الطوائف العراقية وتؤدي تاليا الى حرب اهلية.

وقال باول في حديث الى شبكة "اي بي سي" التلفزيونية الاميركية "في حال لم ير الشيعة في ذلك سوى فرصة لقمع السنة فسنعيش اوقاتا سيئة وقد يقود ذلك الى حرب اهلية".

من جهته اوصى المرجع الديني الشيعي علي السيستاني القوائم الفائزة في الانتخابات العراقية الاخيرة بالاخذ بالحكمة وعدم اللجوء الى العنف في التعامل مع القضايا والامور المختلف عليها.

وقال مستشار الامن القومي العراقي الدكتور موفق الربيعي في تصريح للصحافيين عقب زيارته للسيستاني في النجف الاشرف ان "المرجع الديني اوصى بضرورة الحفاظ على وحدة الشعب العراقي وتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل جميع مكونات الشعب العراقي".

وفيما يتعلق بمطالبة بعض الكيانات السياسية باعادة الانتخابات قال الربيعي "لا يمكن اعادة الانتخابات ونحن بصدد تشكيل حكومة وحدة وطنية وتسمية الحقائب الوزارية ومن سيحملها".

وعن الخروقات والاتهامات حول حدوث عمليات تزوير اكد مستشار الامن القومي ضرورة معالجة ذلك ب "الطرق القانونية لا بالوعيد والتلويح بالسلاح وافتعال التظاهرات ضد الحكومة".

وقال في هذا السياق ان "الحكومة العراقية ليست طرفا في تلك الخروقات وان المفوضية هي المعنية بنتائج الانتخابات وفرزها واعلانها".

ونفى الشيعة العراقيون مزاعم بان عمليات تزوير ساعدتهم على الفوز بالانتخابات التي جرت الاسبوع الماضي في حين اجتمع الرئيس جلال الطالباني بمنافسيهم السنة الغاضبين يوم السبت في محاولة لتهدئة حدة التوتر الطائفي.

واتهم الشيعة منافسيهم بأنهم خاسرون ساخطون وأصروا على أن رئيس الوزراء القادم يجب أن يكون من بين صفوف أحزابهم الدينية.

وقال جواد المالكي العضو البارز في احد الاحزاب الرئيسية في الائتلاف العراقي الموحد وهو التحالف الشيعي الذي يتجه للفوز في الانتخابات في مؤتمر صحفي انه لن يكون هناك تراجع عن الانتخابات ولن تعاد وفي النهاية يجب قبول النتائج وقبول ارادة الشعب.

وتشير نتائج غير رسمية لكنها شبه كاملة للانتخابات التي جرت الاسبوع الماضي الى ان الائتلاف حقق نتائج افضل من المتوقع في بعض المناطق الرئيسية في البلاد وابرزها العاصمة بغداد حيث حصد 59 بالمئة من الاصوات مقابل 19 بالمئة فقط لاقرب منافسيه من السنة.

وكانت بغداد اكبر جائزة في الانتخابات نظرا لانها تشكل ربع اصوات الناخبين تقريبا.

واعلن ما لا يقل عن 24 حزبا سنيا ان النتائج مزورة. وحذر بعضهم من أن عدم الاستماع الى شكاواهم سيثير غضب المسلحين السنة الذين اعلنوا هدنة غير رسمية للسماح باجراء الانتخابات وهو ما سيؤدي حتما الى زيادة العنف.

وشهدت الفترة الاخيرة بالفعل زيادة في وتيرة التفجيرات واطلاق الرصاص بعد الهدنة التي شهدتها الانتخابات. وقتل عشرة جنود عراقيين في هجوم على موقعهم يوم الجمعة كما هاجم مفجر انتحاري مسجدا للشيعة.

واستبعدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تؤيدها الامم المتحدة بشكل قطعي اعادة الانتخابات. وقال مسؤولون انه بين مئات الشكاوى وجدوا ان 20 فقط تعتبر خطيرة الى درجة يمكن أن تؤثر على النتائج. واضافوا ان هذه الشكاوى موزعة على أنحاء البلاد وهو ما يناقض مزاعم الائتلاف بأن التزوير حدث أساسا في مناطق سنية.

وقالت المفوضية ايضا ان حوالي 90 بين أكثر من سبعة الاف مرشح استبعدوا لوجود علاقات على مستوى عال تربطهم بحزب البعث المنحل وهو ما لن يؤثر ايضا على النتائج.

وقال المالكي ان الائتلاف العراقي الموحد سيصر على قيادة الحكومة الجديد لكنه لن يرشح رئيسا للوزراء حتى تعلن النتائج النهائية للانتخابات اوائل العام الجديد.

وقالت مصادر في الائتلاف ان ابرز مرشحيه للمنصب رئيس الوزراء المؤقت ابراهيم الجعفري زعيم حزب الدعوة ونائب الرئيس عادل عبد المهدي من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق.

ورغم اللهجة المتشددة للسنة والشيعة منذ اعلان النتائج الاولية جرت مفاوضات بين الجانبين خلف الكواليس ويقول محللون ان الاحزاب والتحالفات الرئيسية تسعى لكسب نصيب أكبر من السلطة وليس التهديد بعرقلة عملية تشكيل الحكومة.

والتقى الطالباني بساسة من الاحزاب العلمانية والسنية في محاولة للتوصل الى توافق وطلب منهم الكف عن وصف خصومهم بعبارات طائفية استفزازية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 27/كانون الاول/2005 -  24/ذي القعدة/1426