مؤسسة راند التي خرجت إلي حيز الوجود في أعقاب الحرب العالمية
الثانية قدمت النصح للكثير من الشركات الخاصة، والمنظمات، ولحكومة
الولايات المتحدة الأمريكية في قضايا متنوعة ومتشعبة، ابتداء من
سياسات الصحة العامة حني التصدي لتهديدات الإرهاب الدولي.
وهذا عرض لهذه المؤسسة مقتبس من تقرير واشنطن.
تاريخ مؤسسة راند
اشتقت مؤسسة "راند" اسمها من "البحوث والتنمية Research and
Development "، وقد تأسست في عام 1948عندما استقلت مجموعة صغيرة العدد
من الخبراء عن مؤسسة دوغلاس لصناعة الطائرات وأدركت هذه المجوعة بإلهام
من دروس الحرب العالمية الثانية أن استمرار السلام العالمي أمر غير
مضمون، وأن علي من يدعمون السلام أن يعملوا دون كلل أو ملل
لتعزيز هذا المسعى. وقد عّرفت المنظمة نفسها علي الموقع الخاص بها
علي الإنترنت بوصفها " منظمة بحثية لا تهدف للربح" تقدم التحليلات
الموضوعية والحلول الفاعلة التي تعالج التحديات التي تواجه كلا من
القطاعين العام والخاص". والمؤسسة منذ إنشائها تؤكد علي الحاجة للتعاون
بين الكيانات الصناعية، والأجهزة الحكومية، والجامعات سعياً إلي الوصول
إلي الحد الأقصى من التنسيق بين أهل العلم والمعرفة لمعالجة أي مشكلة
من كافة جوانبها. وفي النهاية تقدم "راند" ما تعتبره تحليلاً موضوعياً
ودقيقاً لمدي واسع ومتنوع من القضايا. وفي الوقت ذاته يتساءل كثيرون من
المراقبين من خارج المؤسسة عن علاقتها بالبنتاجون ووزارة الدفاع
الأمريكية. ولعل هذا التفكير مبعثه أن "راند" ركزت الجزء الأكبر من
مواردها في البداية علي البحوث الخاصة بالدفاع والأمن القومي. والحق
إن باحثي "راند" أصحاب الفضل في وضع الأسس التي قام عليها برنامج
الفضاء الأمريكي.
هيكل مؤسسة راند
مؤسسة "راند" هي منظمة بحثية لا تهدف للربح . وفي عام2004 ذكرت
المؤسسة أن صافي أصولها بلغ387 دولار أمريكي وحققت دخل بلغ 227 مليون
دولاراً أمريكياً. ويتشكل مجلس أوصياء مؤسسة" راند" من عدد كبير من
الشخصيات المرموقة مثل" بول أونيل" وزير الخزانة الأمريكية سابقاً,
و"هارولد براون" أحد مستشاري مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية.
وتنقسم "راند" إلي عدة أقسام بحثية تغطي مجالا واسعا من المجالات:
من الصحة والتعليم إلي الأمن القومي إلي الدفاع وغير ذلك من المجالات
التي تحظي باهتمام دولي. إلي جانب إدارتها لقسم خاص بالنشر، وخدمة
قاعدة البيانات التي تتيحها للاستخدام العام للباحثين.
مؤسسة "راند" والقضايا العربية
تدير المؤسسة مركز السياسة العامة لمنطقة الشرق الأوسط "CMEPP” الذي
يركز علي "التطوير السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتقني" في الشرق
الأوسط بهدف جعل المجتمع أكثر أمنا ووعيا ورفاهية". وقد حدد "المركز"
أربعة أهداف رئيسية يسعي إلي تحقيقها وهي: 1 دعم الإصلاح السياسي
والاجتماعي
2 تعزيز التفاهم المتبادل بين شعوب الشرق الأوسط والولايات المتحدة
الأمريكية
3 تشجيع الحل السلمي للصراع في المنطقة
4 وضع برامج لمساعدة الشباب في الشرق الأوسط
ومدير المركز هو " دافيد آرون" الذي كان يشغل منصب نائب مستشار
الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر، والذي سبق أن عمل كمبعوث من قبل البيت
الأبيض إلي أجزاء متعددة في العالم. كما يعمل كل من: " بول بريمر"
القائد السابق لقوات التحالف المؤقتة في العراق، و"راي مابوس" السفير
الأمريكي في المملكة العربية السعودية كعضوين في المجلس الاستشاري
للمركز.
وتشارك مؤسسة راند الحكومة القطرية مشروعا لتطوير مناهج التعليم
القطري من خلال توفير خبراء ومختصين في هذا المجال.
وقد حددت مؤسسة راند عددا من الدراسات الهامة منها ما بدأ العمل فيه
بالفعل ومنها ما سيبدأ في المستقبل القريب وأبرز هذه الدراسات بعنوان "المساعدة
علي إقامة دولة فلسطينية ناجحة". والدراسة تعمل علي الإجابة علي
التساؤل الآتي: "ما هي الشروط الواجب توفرها لقيام دولة فلسطينية دائمة؟".
وقد قدم "المركز" توصياته في هذا الصدد من خلال ما نشر في تقريرين عن
هذه الدراسة هما: "بناء دولة فلسطينية ناجحة" و"القوس: هيكل رسمي
للدولة الفلسطينية"، حيت عالجت التوصيات مسألة خلق هيكل ناجح وقابل
للتطبيق عملياً للدولة الفلسطينية. وأفاد البحث أن احتمال بقاء الدولة
الفلسطينية يزيد قوة إذا توفر لها قدر كبير من سلامة الأراضي، والحدود
المفتوحة، والأمن الكافي، سواء بداخلها أو لجيرانها.
وتضمنت دراسات أخري للمركز" دعم جماعات المسلمين المعتدلة", وهي
دراسة تهدف إلي تقديم العون للزعماء المسلمين المعتدلين في "حرب
الأفكار" التي يخوضونها ضد المتطرفين ودعم دراسات الشرق الأوسط
والدراسات الإسلامية في أمريكا"، والتي تهدف إلي فحص الوضع الحالي
للبرامج الأكاديمية والتركيز علي الشرق الأوسط والإسلام وتقديم
المقترحات لكل من الحكومات والمؤسسات التعليمية، فيما يتعلق بتحسين
هذه البرامج. والعمل جار أيضًا في دراسة أخري بعنوان "المرحلة
الانتقالية نحو الديمقراطية في الشرق الأوسط " والتي تتصدي لفحص جوانب
التحرك، والتحديات التي تواجه الإصلاح في بلدان الشرق الأوسط ذات
الأهمية القصوى للولايات الأمريكية المتحدة مثل مصر والمملكة العربية
السعودية. وهناك دراسة أخري بعنوان " عدة النجاة للضحايا من الأطفال في
حرب أفغانستان والعراق " وتتناول ابتكار مواد تربوية تعليمية للأطفال
الذين عانوا من الحروب في بلدانهم.
راند والقضايا المعاصرة المتنازع حولها
يعلق الباحثون والمحللون في "راند" كثيراً علي الموضوعات الهامة
الخاصة بالشرق الأوسط، وقد أعرب المحللون مؤخرًا عن آرائهم في علاقة
الولايات المتحدة بإيران، ودورها في العراق.
وبالنسبة لإيران يري"جيمس دوبينز" من " راند" أن الولايات المتحدة
بحاجة إلي اتخاذ موقف أقل عداء تجاه هذا البلد. كما يري أن الولايات
المتحدة يمكنها أن تحقق المزيد من أهدافها في المنطقة بالعمل مع إيران
بدلاً من العمل ضدها، ولاسيما بالنسبة للمستقبل في العراق.
وبالنسبة للعراق لا يزال محللو "راند" يشعرون بالتفاؤل تجاه الوضع
هناك، رغم إدراكهم للخطر الماثل في اندلاع حرب أهلية في حالة عدم نمو
ثقة الشعب العراقي في حكومته، وإذا لم تخف حدة نشاطات المتمردين من حيت
الكم والكيف. وفي الوقت ذاته يذكر المحللون في "راند" أن الولايات
المتحدة تحتاج إلي إرساء نمط محدد من المعايير يؤدي في النهاية إلي
انسحاب قواتها من العراق. |