
سعى العرب السنة وزعماء علمانيون علنا يوم الخميس من أجل إعادة
الانتخابات العراقية فيما يتشاحنون وراء الكواليس من أجل نصيب في حكومة
ائتلافية على الارجح مع الاحزاب الشيعية الفائزة.
ويقول سياسيون ان المفاوضات الجادة لم تبدأ بعد وسط حالة من عدم
اليقين بشأن حجم الفوز الذي حققته الاحزاب الدينية الشيعية وشكاوى
بالتزوير أفسدت مناخ التفاؤل بعد الانتخابات التي جرت بسلام الاسبوع
الماضي وشارك فيها العرب السنة بأعداد كبيرة للمرة الاولى.
ورغم دعوات من جانب الحزبين السنيين الرئيسيين ومجموعة علمانية
يقودها رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي باعادة العملية
الانتخابية بالكامل استبعد سياسيون من جميع الاحزاب والتكتلات حدوث ذلك.
وقال سعد قنديل المسؤول الكبير في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية
بالعراق وهو أحد الاحزاب الرئيسية في الائتلاف الشيعي الحاكم والمتوقع
احتفاظه بالاغلبية البرلمانية ان الخاسرين في الانتخابات يكافحون من
أجل تحقيق مكاسب.
وردا على مطالب أحزاب الاقلية باجراء انتخابات جديدة قال قنديل ان
ما يحدث هو مجرد محاولة للحصول على مزيد من الثقل السياسي أكثر مما
أفرزته نتائج الانتخابات.
ورفض ممثلو 25 قائمة على الاقل تضم قائمة علاوي وجماعتين للسنة هما
جبهة التوافق العراقية التي يقودها الاسلاميون والجبهة العراقية
الموحدة العلمانية رسميا يوم الخميس نتائج الانتخابات التي اعلنت حتى
الان ودعوا لاجراء انتخابات جديدة.
وقال علي التميمي الذي يرأس واحدة من الجماعات الصغيرة المشاركة في
الاجتماع ان جماعته ترفض تماما النتائج الاولية "المزيفة" وتدعو لاعادة
الانتخابات. وأضاف انه اذا لم يكن ذلك ممكنا فان جماعته ستقاطع
البرلمان الجديد.
لكن أحد قادة جبهة التوافق العراقية أقر بأن الانتخابات لن تعاد وأن
محادثات تشكيل ائتلاف ستبدأ قريبا بكامل قوتها.
وقال عبد الهادي الزبيدي من جبهة التوافق العراقية وهي أكبر تكتل
للعرب السنة ان المحادثات بين ممثلي القوائم لم تتوقف لكن الجميع
ينتظرون ظهور النتائج النهائية لمعرفة ما حصل عليه كل حزب ومن ثم معرفة
ما يمكن التفاوض عليه.
ويمنح النظام المعقد لتوزيع مقاعد البرلمان العراقي وعددها 275
مقعدا السنة بعض الامل في تحقيق نتيجة أفضل مما تشير اليه النتائج
الاولية.
وقال حسين الفلوجي من جبهة التوافق العراقية ان هذه النتائج مازالت
نتائج جزئية مضيفا انه ستكون هناك بعض المفاجات في النتائج النهائية
قريبا. وأشار الى ان الامور قد تتحول لصالحهم بشكل ايجابي.
وقال دبلوماسي غربي يتابع العملية عن كثب في بغداد ان الانتخابات في
مجملها تتمتع فيما يبدو بمصداقية ومن غير المرجح أن تؤثر 36 شكوى جادة
أو نحو ذلك تنظرها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على النتائج.
وقال مسؤولون ومحللون ان واشنطن التي تخشى تزايد نفوذ الاحزاب
الدينية الشيعية الموالية لايران تضغط على أطراف أخرى للانضمام الى
حكومة ائتلافية ذات قاعدة عريضة.
وقال جابر جابر استاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد ان الامريكيين
لن يسمحوا بحكومة ذات أغلبية من الاحزاب الدينية. وأضاف انهم لا يريدون
أيضا عدم مشاركة أي طرف حتى لا يتحول الى مشكلة في المستقبل.
بدوره قال مسؤول من الامم المتحدة يوم الجمعة انه لا يرى سببا
لإعادة الانتخابات العراقية التي جرت الاسبوع الماضي رغم مزاعم السنة
العرب والاحزاب العلمانية عن حدوث تزوير.
وطالب ما لا يقل عن 24 حزبا عراقيا من بينها أكبر تكتلين للسنة
والعلمانيين رسميا باعادة الانتخابات يوم الخميس بعد ان أظهرت نتائج
جزئية للانتخابات التي جرت يوم 15 ديسمبر كانون الاول انها حققت أقل
مما كان متوقعا وان الاسلاميين الشيعة فازوا مجددا وقد يهيمنون على
الاغلبية في البرلمان.
لكن كريج ينيس مستشار الامم المتحدة لدى المفوضية العليا المستقلة
للانتخابات في العراق صرح بأنه يشك في ان الشكاوى التي يجري التحقيق
بشأنها الان يمكن ان تؤدي الى الغاء نتائج أول انتخابات برلمانية في
العراق لفترة تشريعة كاملة واجراء انتخابات جديدة.
وقال لرويترز "لا ارى شيئا يحتم الاعادة. هناك نحو 1500 شكوى تنظر
فيها المفوضية لكن وسط 30 الف صندوق اقتراع هذا ليس بالعدد الكبير."
وأضاف "قرار اعادة الانتخابات يرجع الى المفوضية العليا المستقلة
للانتخابات في العراق لكني سأدهش كثيرا اذا اعيدت الانتخابات."
وهددت احزاب عراقية ساءتها النتائج الجزئية بمقاطعة البرلمان
المنتخب لمدة اربع سنوات اذا لم يستجب لمطالبها ومن بينها حل المفوضية
"المنحازة".
وقال احد زعماء السنة العرب ان الاحزاب سترفع شكواها الى جامعة
الدول العربية والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة.
وصرح ينيس بأنه من الطبيعي الا تسعد بعض الاحزاب بالنتائج.
وقال "خاض هذه الانتخابات نحو 7000 مرشح وهناك فقط 275 مقعدا ولهذا
سيكون هناك دوما فائزون وخاسرون ومن الطبيعي الا يسعد الخاسرون بذلك."
ووصفت المفوضية عددا قليلا جدا من الشكاوى بانها خطيرة بدرجة تؤثر
على الفرز وقال دبلوماسيون غربيون في بغداد انه من غير المحتمل ان يكون
لهذه الشكاوي الحقيقية القليلة تأثيرا ملموسا على النتائج.
وقال مصدر قريب من الفرز انه حتى يوم الخميس نظرت المفوضية في 37
فقط من الشكاوى التي توصف بانها خطيرة.
ويعمل المسؤولون الامريكيون فيما يبدو لاقناع احزاب الاقلية انه من
مصلحتها الانضمام الى ائتلاف مع الشيعة الذين يهيمنون حاليا على
الحكومة الانتقالية ومن شبه المؤكد ان يهيمنوا على الحكومة الجديدة.
وتأمل واشنطن ان تقنع الانتخابات الاقلية السنية التي كانت مهيمنة
وقت الرئيس السابق صدام حسين بعد ان شاركوا بدرجة كبيرة في الانتخابات
ان بوسعهم ان يكون لهم كلمة في مستقبل البلاد من خلال مراكز الاقتراع
لا بحمل السلاح. |