
رفع العراقيون صندوق الانتخابات عاليا كناية عن نجاحهم الذى ياملون
ان يظل مرتفعا بعد 35 عاما مضت جثم خلالها الرئيس المخلوع صدام حسين
على احلامهم مؤملين ان تكون الخطوة التالية تشكيل حكومة تضم اغلب
الاطراف وان تكون حكومة وحدة وطنية.
وتشير نتائج الانتخابات الاولية الى ان شكل الجمعية الوطنية
المرتقبة ستكون اكثر تمثيلا عن المرة السابقة وهذا امر حققه حتى الذين
غابوا او تغيبوا او ربما غيبوا عن الانتخابات السابقة.
وحقق السنة باشتراكهم هذه المرة تكاملا كان مفقودا للعملية السياسية
وسيكون البرلمان العراقي انعكاسا لواقع التشكيلات الاثنية والعرقية
والطائفية العراقية بيد ان فئة كبيرة كانت تتمنى ان يكون هذا البرلمان
انعكاسا للايدلوجيات الحزبية وحسب بعيدا عن الانحياز الطائفي والمناطقي
لكن هذا مبكر جدا ربما خلال هذه السنوات.
وهنا اصبح اللاعبون اكثر مما في المرة السابقة والتحالفات المرهونة
بتنازلات وربما صفقات سياسية ستكون اوسع الامر الذي قد يغير الاجندة
السياسية في العراق بعض الشئ.
وقال رئيس الجمعية الوطنية حاجم الحسني في تصريح لوكالة الانباء
الكويتية (كونا) "ان الحكومة العراقية المقبلة ستتشكل بناء على
ائتلافات بين الكتل السياسية وفي ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية ولن
تنفرد جهة بعينها بتشكيلها".
وقال السفير الامريكي زلماي خليل زاده في مقال كتبه عن (عراق ما بعد
الانتخابات): "قبل اليوم كانت الاولوية هي اشراك السنة العرب واقناعهم
بالاستثمار في العملية السياسية أما الآن فان التركيز سيتحول الى تكوين
تحالف معتدل عابر للعرقيات وعابر للطوائف يمكنه أن يحكم البلد بشكل
فعال".
واكد سكرتير الحزب الشيوعي العراقي حميد مجيد موسى وهو احد اقطاب
القائمة العراقية الوطنية التي يتراسها اياد علاوي: ان الحكومة يجب ان
تتشكل على "اساس توافق سياسي ياخذ بنظر الاعتبار ما ستحصل عليه القوائم
الرئيسية من مقاعد في البرلمان شريطة ان يتم ذلك بعيدا عن المحاصصة
الطائفية والمناطقية".
ويبدو ان هذا الامر صعب بعض الشىء فثمة شركاء مناطقيون ومن مذاهب
مختلفة يعد وجودهم في البرلمان امرا واقعا وسيطالبون بتمثيل موءثر لهم
في الحكومة وهوءلاء متمثلون بالائتلاف "الشيعي" والتوافق "السني"
والتحالف "الكردي".
واكد نائب الامين العام للحزب الاسلامي العراقي اياد السامرائي ان
المرحلة المقبلة "تقتضي اوسع مدى ممكن من التوافق الوطني حتى تستطيع
تحقيق النجاح".
وقال "هناك احتمال مرجح في ان اربعة تيارات كبيرة رئيسية ستتفق
لتشكيل ائتلاف داخل البرلمان مع مراعاة بقية المكونات الاخرى كالتركمان
والكلدانيين الاشوريين لتشكيل حكومة وحدة وطنية".
وامام الحكومة العراقية المقبلة امر واقع هو "عامل الزمن" الذي
تلتزم به حيث يرى الخبير القانوني القاضي طارق حرب بان المدة المحددة
لتشكيل الحكومة يجب ان لا تتجاوز الشهر.
وقال حرب " حدد قانون ادارة الدولة موعد الحادي والثلاثين من الشهر
الحالي موعدا لتشكيل الحكومة ولكن لصعوبة عد الأصوات وفرزها وإعطاء
النتائج في ضوئها فبالامكان التمديد بشرط ان لا تتجاوز الفترة
أسبوعين".
ويرى رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري بان تشكيل الحكومة
العراقية القادمة لن يستغرق وقتا طويلا كما حصل في تشكيل الحكومة
الحالية التي تاخرت مدة ثلاثة اشهر لتشكيلها.
واشار الجعفري الى ان اي تاخير في تشكيل الحكومة المقبلة قد يستغل
من قبل الجماعات الارهابية ولكن الاسئلة الاهم هي كيف سيكون شكل
الحكومة ومن سيقودها وما هي ابرز مهامها.
وقال السفير الامريكي زلماي خليل زاده "من المهم ان يكون اختيار
الوزارة على اساس الكفاءة وحدها وليس لاعتبارات سياسية والتشديد على
موضوع حقوق الانسان" ويشير الى ضرورة ان يحظى وزير الداخلية وقادة
القوى الامنية بثقة جميع الاطراف والا يتم تعيينهم من بين اي جماعة
توجد لديها ميليشيات" على حد تعبيره.
ويرجح المراقبون فى تصريحات متفرقة ان الشخصيات السياسية العراقية
اياد علاوي وابراهيم الجعفري وعادل عبدالمهدي وربما احمد الجلبي موءهلة
للتنافس على تولي رئاسة الوزراء.
ولكن السؤال هو ما الذي ستفعله الحكومة في سنواتها الاربع القادمة
هناك اربع مهمات رئيسية تواجه الحكومة المقبلة اولها الامن واستكمال
اعادة الاستقرار والمهمة الثانية مرتبطة بشكل وثيق بالاولى وتؤكد على
تفعيل اعادة الاعمار والبناء وتنشيط الحركة الاقتصادية والاستثمار.
في حين ستكون قضية كركوك هي المهمة الثالثة التي تنتظر الحكومة
المقبلة وهي ليست قضية مدينة وحسب بل انها قضية بلاد تقتضي حل جميع
الاثار السلبية لسياسيات النظام البائد وان عدم حلها سيعني تازيم
الاوضاع.
اما المهمة الرابعة التي تنتظر الحكومة المقبلة فهي انسحاب القوات
متعددة الجنسيات وتعني بالاحرى بناء القوات الامنية العراقية وتسريع
هذا البناء وفق جدول منطقي يكون انسحاب القوات متعددة الجنسيات انعكاسا
واقعيا له.
الشعب العراقي الذي ينتظر ان يقطف ثمار ثلاث ممارسات ديمقراطية دفع
ثمنها الكثير من الدماء يثبت ان اداءه افضل من اداء الحكومات التي مرت
عليه تنتظره انتخابات المجالس المحلية في المحافظات العراقية.
هل وضع العراقيون انفسهم على الطريق الصحيح وهل تسير امريكا في
الطريق السليم وهل فعلا ان الفوائد المقبلة تساوي ما سيبذل من جهد في
عراق ما بعد الانتخابات سؤال متروك للايام المقبلة.
وقال زلماي خليل زاده "ان استراتيجيتنا في العراق هي أن نضع أنفسنا
على الطريق السليم لتحقيق النجاح على الرغم من التحديات الكثيرة والعمل
الشاق الذي ينتظرنا".
واضاف "ان النجاح في العراق سيساعد على تعزيز المصالح والقيم
الأمريكية من أجل تحقيق التحول المنشود في الشرق الأوسط الكبير والذي
يعتبر هو التحدي الرئيسي لعصرنا". |