
بعد ان انتهت الانتخابات يفكر العراقيون في شكل حكومتهم في
المستقبل ويأملون في ان تؤدي الى انسحاب القوات الامريكية وانتهاء
اراقة الدماء التي سادت السنوات الثلاث الماضية لكن قادة عسكريين
امريكيين ومتمردين قالوا يوم الجمعة ان التمرد المسلح في العراق لايزال
بعيدا عن نهايته.
وقام مسؤولو انتخابات بفرز واعادة فرز ملايين الاصوات يوم الجمعة
فيما احتفل العراقيون بانتخابات سلمية شهدت انضمام العرب السنة للمرة
الاولى مما دفع نسبة الاقبال على التصويت إلى ما يقرب من 70 في المئة.
وكانت المدن هادئة في اليوم الاخير من الحملة الامنية التي اغلقت
الحدود وحظرت حركة المرور ووضعت عشرات الالوف من جنود الشرطة والجيش في
الشوارع بدعم مباشر من القوات الامريكية. وبعد الفرز الاولي في المراكز
المحلية يجري شحن نماذج الاقتراع تحت حراسة إلى بغداد.
وربما يتطلب الامر الانتظار عدة أيام قبل الاعلان عن نتائج أولية
بينما من غير المحتمل اعلان النتائج النهائية قبل أسبوعين آخرين.
وشن المسلحون هجمات قليلة يوم الانتخابات لكن بعضهم قال انهم
امتنعوا فقط عن شن هجمات للسماح للعرب السنة بالتصويت.
وقال رجل يطلق على نفسه ابو قتادة عضو الجيش الاسلامي بالعراق والذي
يضم بعثيين سابقين من أنصار صدام ان فترة الانتخابات كانت فترة هدنة
ولكن ذلك لايعني "اننا سنوقف انشطتنا العسكرية."
وقال البريجادير جنرال دون الستون قائد الاتصالات بالقوات الامريكية
في العراق لرويترز "التمرد لم ينته."
وتابع قوله "الزرقاوي لايزال طليقا هناك ومستويات العنف ستتزايد."
وقال الجنرال جورج كيسي قائد القوات الامريكية في العراق يوم الجمعة
ان حجم القوات الامريكية في العراق ينتظر ان يتراجع من 150 ألف جندي
حاليا إلى المستوى الاساسي السابق للانتخابات وهو 138 الف جندي بحلول
اوائل فبراير شباط.
وتوجه المسلمون إلى المساجد لاداء صلاة الجمعة بينما اختفى
السياسيون عن الانظار. وامتنع زعماء الاحزاب الرئيسية عن اعلان الفوز.
وسيكون الاختبار الرئيسي هو ما إذا كان الاختلافات العنيفة بين كافة
الجماعات الدينية والعرقية وجميعها مسلحة بشكل جيد سيكون من الممكن
حلها داخل البرلمان الجديد الذي تستمر ولايته لاربع سنوات قادمة.
وقال سلام علي وهو صاحب متجر (35 عاما) يقع في الشوارع الهادئة على
غير العادة في بغداد "قد يستغرق الامر نحو ثلاثة أشهر لتشكيل حكومة
وأنا واثق من أن المفاوضات ستكون صعبة."
وقال "نأمل في ان تجمع الانتخابات جميع العراقيين معا .. الشيعة
والسنة وغيرهم" مشيرا الى ان اهم طلب ملح لديه هو توفر الكهرباء.
ووصف زعيم ايراني الانتخابات التي شهدها العراق بانه "انتصار" سيؤدي
للاسراع برحيل القوات الامريكية.
وقال الرئيس الايراني السابق أكبر هاشمي رفسنجاني "نعرف من البداية
ان الامريكيين سوف يغرقون في مستنقع في العراق وهذا هو ما حدث."
وقال البريجادير جنرال دون الستون رئيس وحدة اتصالات القوات
الامريكية في العراق لرويترز "التمرد لم ينته."
وأضاف في اشارة الى الاردني ابو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة
في العراق "الزرقاوي لا زال طليقا وستتزايد مستويات العنف." وشنت جماعة
الزرقاوي العديد من بين أشد الهجمات دموية خلال العامين الماضيين.
وقال الستون "سيتعين علينا أن ننتظر لنرى ما اذا كانت مستويات العنف
ستعاود الارتفاع الى ما كانت عليه من قبل."
وولد الاقبال الشديد على التصويت بما في ذلك من جانب العرب السنة
الذين يمثلون قاعدة المسلحين بعض التفاؤل في ان العراق دخل منعطفا
جديدا سلاحه الجديد فيه هو صناديق الاقتراع وليس القنابل التي تزرع على
جوانب الطرق أو بنادق الكلاشنيكوف.
وفي الوقت الذي حصل فيه القادة الامريكيون على دفعة بسبب الانتخابات
الناجحة التي جرت وسط هدوء نسبي الا انهم قللوا من شأن مثل هذا الخطاب
فيما قال المسلحون ان القتال لن يتوقف ما دامت القوات الامريكية في
العراق.
وقال دبلوماسي أمريكي في بغداد "لا أعتقد اننا وصلنا الى نقطة بداية
هائلة مفاجئة فيما يتعلق بتقليص العنف."
وأضاف "لا يزال امامنا طريق طويل فيما يتعلق ... ببناء قوات الامن
العراقية حتى تصل الى المرحلة التي يمكنها فيها تأدية وظيفتها بمفردها
هنا."
وتقود عدة جماعات العمليات المسلحة في العراق وهي تتراوح ما بين
المسلحين القوميين الذين يعارضون الاحتلال الامريكي مرورا بالبعثيين
السابقين الموالين للرئيس المخلوع صدام حسين ثم المتشددين الاسلاميين
العازمين على انشاء خلافة اسلامية سنية في العراق.
وبدا ان الانتخابات جذبت الى العملية السياسية بعضا من أفراد تلك
الجماعات خاصة القوميين الذين يمثلون غالبية المسلحين. لكن جماعات أخرى
مثل جماعة الزرقاوي لا تبدو مستعدة للتخلي عن حملتها القائمة على العنف.
واشار اخرون الى ان القتال سيظل متوقفا الى حين تشكيل حكومة عراقية
جديدة. وقالوا انه اذا لم تعكس تلك الحكومة طموحات العرب السنة فسوف
يستأنف العنف وستكون القوات الامريكية والعراقية مستهدفة.
وقال أبو محمد وهو أحد قادة المسلحين في محافظة صلاح الدين "سوف
تحدد نتائج الانتخابات ما نفعله."
وأضاف في اشارة الى الحكومة التي يقودها الشيعة "اذا بقيت (الحكومة)
نفسها.. فستتزايد العمليات العسكرية ضد القوات الامريكية وقوات الشرطة
والجيش العراقيين.
"اما إذا فاز علاوي .. فسوف تتركز العمليات ضد الامريكيين فقط
باعتبارهم قوات احتلال."
ويقود اياد علاوي رئيس الوزراء المؤقت السابق ائتلافا يتمتع بمؤيدين
له بين العلمانيين من السنة والشيعة ويعتقد انه حقق مكاسب خلال
الانتخابات.
وأقر الجنرال جورج كاسي القائد العام للقوات الامريكية في العراق
يوم الخميس بانه رغم أن الانتخابات كانت ناجحة لكنها لم تقرب بالضرورة
الامريكيين باي درجة من العودة الى الوطن كما يامل كثيرون في الولايات
المتحدة.
وأبلغ كاسي المراسلين لدى وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) من
العراق "لا زال هناك كثير من العمل الشاق الذي ينبغي القيام به ويجب ان
نتوقع أن التمرد لن ينتهي لمجرد انه تم اجراء انتخابات."
ومن المقرر أن تعود بعض القوات الامريكية الى الوطن خلال الاسابيع
القادمة الا انه لم يتم تحديد اي مواعيد بخصوص انسحابات أخرى. وكانت
أعداد القوات الامريكية زادت من 138 ألفا الى 155 ألفا قبيل الانتخابات
وستنخفض الى ما كانت عليه مرة أخرى بعد انتهائها.
وأوضحت الادارة الامريكية ان اي انسحاب سوف يعتمد على قدرة القوات
العراقية على مواجهة المسلحين بنفسها. واظهرت القوات العراقية خلال يوم
الانتخابات قدرتها على حفظ النظام لكن لا زال هناك الكثير الذي ينبغي
عمله.
وقال البريجادير جنرال الستون "(يوم الانتخابات).. كان تحديا.. تمت
مواجهته وهو الاخير بين سلسلة من التحديات التي واجهتها قوات الامن
العراقية."
وأضاف "لا يوجد شك في ان ذلك يساهم في الادلة التي ندرسها" فيما
يتعلق بجاهزية القوات العراقية.
واستدرك "لكن القرارات بخصوص مستويات القوات ستتخذ بناء على الاحوال
على الارض." واقر في الوقت نفسه بان الانتخابات أظهرت بعض التحسن في
تلك الاحوال.
وقال "هناك البعض الذين اختاروا التصويت بدلا من القتال. هذا مؤشر
واضح على حدوث تقدم."
وربما يتبع بعض العرب السنة الان استراتيجية "مزدوجة المسار" مثل
النهج الذي يتبعه القوميون في ايرلندا الشمالية منذ السبعينات والمتمثل
في "صندوق الاقتراع في يد والبندقية في الاخرى" ليستخدموا العنف
والتهديدات اذا كانت ستدعم مطالب جناحهم السياسي.
ويقول الذين يؤيدون العمل السياسي ان ذلك يمكن أن يأتي بنتائج
عكسية. وقال دبلوماسي غربي "انهم بحاجة الى ان يدركوا ان اشعال العنف
سيعيق بالفعل امكانية التوصل الى اتفاق سياسي."
وجرت في العراق يوم الخميس انتخابات سلمية الى حد كبير لاختيار
برلمان لفترة ولاية كاملة مدتها اربع سنوات للمرة الاولى منذ الغزو
الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 للاطاحة بصدام حسين.
وشن المسلحون هجمات كثيرة خلال انتخابات جرت في 30 يناير كانون
الثاني لاختيار برلمان مؤقت مما اسفر عن مقتل 40 شخصا لكنهم لم يقوموا
هذه المرة سوى باعمال عنف محدودة لم تؤثر على سير العملية الانتخابية.
وشاركت الاقلية العربية السنية ايضا في الانتخابات بعد غيابها عن
انتخابات يناير كانون الثاني التي وضعت الشيعة والاكراد في السلطة في
العراق.
ورغم اعتراض المسلحين على العملية السياسية التي تدعمها الولايات
المتحدة الا انهم حثوا السنة هذه المرة على التصويت في الانتخابات
وتعهدوا بحمايتهم من المتشددين الاسلاميين الذين يتزعمهم الاردني ابو
مصعب الزرقاوي زعيم القاعدة في العراق.
وأدى ذلك الى تشجيع المسؤولين العراقيين والامريكيين الذين يأملون
في اجتذاب العرب السنة الى العملية السياسية وتقويض العمليات المسلحة.
لكن المسلحين في الفلوجة يصرون على ان كفاحهم سيستمر.
وقال زعيم محلي (48 عاما) في جيش محمد وهي جماعة عراقية خدم افرادها
في اجهزة المخابرات اثناء حكم صدام "هذا لا يعني التخلي عن جهادنا. نعد
اننا سنكون في الايام القادم عنيفين مع الامريكيين وانصارهم في الجيش
العراقي."
وتعرضت الفلوجة وهى معقل سابق للمسلحين وتبعد 50 كيلومترا غربي
بغداد للدمار جراء هجوم عسكري امريكي العام الماضي. لكن المسلحين مازال
لهم وجود حول المدينة وقال مسؤولون امريكيون انهم يتوقعون ان يحاول
المسلحون العودة مرة اخرى.
وقال ابو مياسر ان الحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة عاقدة
العزم على التخلص من جميع فلول حزب البعث. وقال "اذا تخلينا عن اسلحتنا
ومقاومتنا وحاولنا دخول السياسية فان اللا بعثية تنتظرنا. سنصبح
كالماشية."
ويقول مسؤولو امن عراقيون ان البعثيين السابقين يقودون العمليات
المسلحة بينما يقوم عدد صغير من المسلحين الاسلاميين العرب الاجانب
بتنفيذ تفجيرات انتحارية كبيرة.
وفي الرمادي الواقعة غربي الفلوجة مباشرة قال ابو قتادة (38 عاما)
احد قادة الجيش الاسلامي انه لن يهدأ للمسلحين بال الا بعد طرد
الامريكيين و"عملائهم" العراقيين.
وقال "نريد ان يعير الامريكيون انتباها لجدول اعمالنا السياسي الذي
يطالبهم بالانسحاب واعلان جدول زمني لسحب قواتهم واخراج عملائهم من
السلطة. سيتم ابدالهم بزعماء وطنيين سندعمهم." |