المسلحون يرفضون الانتخابات العراقية ويستعدون للمعركة بفتوى هيئة العلماء

لم تؤثر الملصقات الانتخابية التي تعد باستقرار العراق في رجال مثل ابو محمد الذي يدير متجرا صغيرا للملابس النسائية اثناء النهار ثم يعمل مقاتلا مع المسلحين مع هبوط الليل.

وباعتباره مسلحا يهاجم ابو محمد القوافل العسكرية الامريكية مستخدما القذائف الصاروخية والبنادق من طراز ايه.كي-47 ويقاتل القوات العراقية ويتعقب "المبلغين".

وقال ابو محمد الذي استخدم اسمه الحركي "توقع اياما سوداء.. لن تغير الانتخابات شيئا.. هذا قتال طويل الامد.. سنقاتل على مدى العشرين عاما المقبلة."

ويعلق المسؤولون العراقيون وحلفاؤهم الامريكيون امالهم على الانتخابات التي ستجرى في الخامس عشر من ديسمبر كانون الاول لانتخاب اول برلمان لفترة ولاية كاملة بعد الحرب لوقف عمليات من قبل المسلحين السنة اودت بحياة الالاف من قوات الامن والمدنيين.

وحتى على الرغم من ان المزيد من السنة من المتوقع ان يصوتوا بعد ان قاطعوا انتخابات يناير كانون الثاني الى حد كبير الا ان السؤال الكبير هو ما اذا كان يمكن اجتذاب المقاتلين الى السياسات السلمية.

ويستعد ابو محمد وشقيقه المنتمي الي المسلحين الذي يجلس بجانبه لمعركة مطولة.

وهم يرفضون مرشحون من امثال نائب رئيس الوزراء احمد الجلبي وهو حليف موال لأمريكا والزعيم الشيعي الموالي لايران عبد العزيز الحكيم ويقولون انهم من المنفيين الذين دخلوا بغداد على متن الدبابات الامريكية.

وفي الاعظمية وهي منطقة تقع شمال بغداد وتعد معقلا للمسلحين السنة لا زال السكان يتطلعون الى صدام حسين على انه مصدر الهام وليس الي وعود الديمقراطية والرخاء التي بذلت بعد سقوطه في خريف عام 2003.

وهم يرون مؤشرات التدهور في كل ما يحيط بهم. فهناك ناد اجتماعي للضباط امامه الان اكياس من الرمل وما كان يوما ما مقر قيادة المخابرات المرهوب الجانب اصبح مكانا يؤوي المشردين.

ويقول ابو محمد ان مرشح الانتخابات ورئيس الوزراء السابق اياد علاوي الذي ينظر اليه على انه رجل قوي يجتذب الشيعة والسنة وسط مخاوف من اندلاع حرب اهلية ليس لديه فرصة في كسب ود الجماعات المسلحة في الاعظمية.

وقال ابو محمد وهو رجل قصير ممتليء يضع على عينيه نظارة وتحدق عيناه في غضب عندما يتحدث عن الاحتلال الامريكي ورجال السياسة العراقيين "نريد عودة صدام.. وما لم يكن بوسعنا ان نحصل على صدام ثانية نريد احدا بقى في العراق وليس المنفيون."

ومن غير المرجح أي من السيناريوهين اللذين يفضلهما ابو محمد. ويخوض صدام معركة دفاعا عن حياته في المحكمة والمسرح السياسي العراقي الذي كان يهيمن عليه السنة اصبح خاضعا لسيطرة الشيعة والاكراد.

ويقول ابو علاء وهو مسلح وضابط مخابرات سابق انه يريد ان ينضم الى قوات الامن العراقية الجديدة ولكنه غير رأيه بسبب ما وصفه بالتمييز الشيعي والعنف ضد السنة.

ولانه لا يعمل فانه يمضي الجانب الاكبر من وقته في القتال على الرغم من الاعلانات المعدة بعناية عن الانتخابات في التلفزيون.

وقال "هذه الانتخابات لاتعني اي شيء. ليس هناك ديمقراطية في العراق مع قادتنا الجدد."

ورغم ان السنة خسروا بامتناعهم عن التصويت في انتخابات يناير كانون الثاني الماضي فان ابو محمد ينظر الى الانتخابات على انها مؤامرة امريكية للهيمنة على العراق.

ويستمع العمال في متجره اليه وهو ينتقد الحكومة العراقية الجديدة بينما تتجول النساء وهن يطالعن الملابس.

وفي الخارج يضع المسلحون الذين كانوا يعملون يوما ما في مخابرات صدام حسين اعينهم على اي غرباء يدخلون الاعظمية حيث شوهد صدام للمرة الاخيرة علنا بعد سقوط بغداد وهو يلوح للجمهور بالقرب من مسجد ابو حنيفة.

وربما تكون الولايات المتحدة متفائلة بشأن تغلب الديمقراطية على العنف ولكن ابو محمد واخرين من امثاله لا يزالون يفضلون طلقة الرصاص على صندوق الاقتراع.

وتساءل "كيف يمكننا ان نقبل اي حكومة جديدة عندما يرتب الامريكيون كل شيء على هواهم؟"

واضاف "هناك الكثير من الاختلافات بيننا: اذا وجد رجل أمريكي زوجته في الفراش مع شخص اخر فانه امر عادي. في العراق اذا نظر رجل الى زوجتي فسوف اقتله."

هذا وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق قد قالت يوم الاربعاء انها لن تشارك في الانتخابات البرلمانية التي ستجري منتصف الشهر الجاري، وطالبت الرأي العام بتقويم السياسة الامريكية في العراق والتي وصفتها بانها باتت تشكل سياسة القطب الواحد.

وقالت الهيئة في بيان تسلمت رويترز نسخة منه ان الكثير يتساءلون عن موقف الهيئة من الانتخابات المقبل وان الهيئة "تجد نفسها ملزمة امام الرأي العام بتأكيد تمسكها بالثوابت الشرعية والوطنية التي درجت عليها منذ تأسيسها... وتعلن عدم الاشتراك في اي عملية سياسية في ظل الاحتلال."

واضافت الهيئة انها لا تسعى "الى السلطة ولا تريد ان تعطي للاحتلال مشروعية البقاء في العراق والتصرف فيه كما يحلو له."

وقالت انها تحترم "خيارات العراقيين في الاشتراك في الانتخابات او عدم الاشتراك فيها وتدعو العراقيين جميعا الى عدم محاولة فرض ارادة بعضهم على البعض... واحترام كل منهم لاختيار الاخر."

واكدت الهيئة ان عدم تأييدها لأي طرف في الانتخابات المقبلة "يتناسب مع موقفها المبدئي من العملية السياسية في ظل الاحتلال وحرصا منها على الحياد التام الذي يجعلها لكل العراقيين."

ومن المقرر اجراء الانتخابات التشريعية العراقية في 15 من الشهر الجاري.

وطالبت الهيئة في بيانها الرأي العام العالمي "بوقفة تقويمية للسياسة الامريكية -سياسة القطب الواحد- لما تشكله من ممارساتها على ارض العراق من خطر على منظومة المعايير الاخلاقية والانسانية."

وطالبت الهيئة "الشعب الامريكي الحر.. بالوقوف ضد مسالك ساسته التي تجهز كل دقيقة على حقوق الانسان وعلى العراقيين جميعا.. الوقوف صفا واحدا لرفض ما تفعله قوات الحكومة من الاعتقالات والتصفيات الجسدية."

واستنكرت الهيئة عمليات "الدهم والاعتقال التي تقوم بها قوات الاحتلال وقوات الداخلية في مناطق المشاهدة والطارمية (والمناطق المجاورة) وحملات الدهم والاعتقال... واطلاق النار بصورة عشوائية... والتي طالت المئات من الابرياء."

وقالت الهيئة ان هذه الممارسات تتعارض "مع نداءات العالم والجامعة العربية وضاربة بها عرض الحائط ومستخفة بها."

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 8/كانون الاول/2005 -  5/ذي القعدة/1426