أوهام وأحلام: العمال الاجانب في الامارات يشكون من عدم سداد أجورهم

 

على بعد أمتار من ناطحات سحاب تكلفت ملايين الدولارات في دبي تكتظ غرف صغيرة في مبان خرسانية بالاف العمال الاجانب سكنوا اليها لاخذ قسط من الراحة بعد ساعات من العمل المنهك تحت حرارة الشمس.

يرسي هؤلاء العمال قواعد ثورة بناء محمومة في هذه المدينة الخليجية التي تشتهر بطرقها السريعة الواسعة ومراكز التسوق الراقية حيث تمتليء المتاجر باحدث صيحات الازياء التي يقبل عليها الزبائن الاثرياء.

ورغم الثراء الواضح جدا فان بعص شركات البناء لا تصرف اجور عمالها مما يزيد من المصاعب التي تواجههم اذ تعتمد اسرهم التي تركوها في اوطانهم على ما يحولونه من اجورهم.

وقال رزاق الذي يقيم في غرفة طولها متران وعرضها متران مع خمسة عمال اخرين ويعول اسرة من ثلاثة افراد في بلده "لم اتقاض اجري منذ ستة اشهر. ماذا يمكني ان افعل؟ لا يوجد عمل في باكستان ايضا."

واضرب الاف العمال الاجانب في الامارات هذا العام احتجاجا على عدم حصولهم على مرتباتهم وقالت السلطات انها ستلاحق الشركات التي تمتنع عن دفع الاجور.

وتحث الولايات المتحدة الامارات ودول الخليج العربية الاخرى على اصلاح قوانين العمل حتى تتفق مع معايير منظمة العمل الدولية كي تتأهل للانضمام لاتفاق مقترح للتجارة الحرة.

ولم يكن يسمع عادة صوت للعمال الاجانب الذين يرجع اليهم الفضل في جهود التنمية السريعة التي حولت الامارات الى دولة حديثة ولكنهم اضطروا للتحرك بعد ان مرت شهور دون ان يحصلوا على اجورهم واحتجوا امام مكاتب العمل الحكومية والقنصليات ومواقع البناء.

وقال رزاق وهو يقف وسط مجموعة من العمال "ربما تكون هناك خمس شركات ملتزمة بين كل مئة شركة ولكن الباقي ليس كذلك." ورفض الرجال الافصاح عن اسمائهم بالكامل او الشركات التي يعملون بها.

واجر رزاق 163 دولارا شهريا.. حين يحصل عليه.

ويمثل العمال الاجانب الى جانب عاملين من الخارج من ذوي الدخول المرتفعة والمتوسطة الذين يغريهم اعفاء الاجور من الضرائب في الامارات نحو 85 بالمئة من تعداد البلاد البالغ اربعة ملايين نسمة.

وفي دبي المركز التجاري المزدهر في الخليج تصطف حافلات يوميا خارج اماكن اقامة العمال لنقلهم الى مواقع البناء. وتقطع الحافلات طرقا سريعة امريكية الطراز وتمر بجوار ابراج فخمة ساهموا في تشييدها ليبدأوا يوما اخر من العمل الشاق في جو شديد الحرارة والرطوبة.

وتقول نشرة ميدل ايست ايكونوميك دايجست ان دبي التي انعشتها أسعار النفط المرتفعة بها واحد من أعلى معدلات الانفاق على البناء في العالم بالنسبة للفرد.

ولكن شركات البناء ترشد النفقات احيانا خلال فترات تراجع الدخل بين مشروع واخر عن طريق وقف مرتبات العاملين الاجانب الذي يخشون التقدم بشكوى حتى لا يتم ترحيلهم.

والان بعد سلسلة من الاحتجاجات تعهدت السلطات في دبي باخذ اجراء وهددت بفرض عقوبات صارمة على الشركات التي لا تسدد اجور عامليها في موعدها.

وقال العميد سعيد مطر بن بليلة رئيس لجنة شكلت خصيصا لحل شكاوى العمال ان اللجنة ستعمل على التأكد من التزام الشركات باللوائح.

وتقول الحكومة انها لن تمنح الشركات التي تؤجل سداد اجور عمالها عقودا حكومية او شبه حكومية ولن تسمح لها بتوظيف مزيد من العمال.

وحتى الان لم ترد انباء تذكر عن اجراءات فعلية ضد شركات محددة ولاتزال الاحتجاجات مستمرة.

وفي الآونة الاخيرة تظاهر عشرات من العمال الهنود خارج القنصلية الهندية وقالوا ان اسرهم تعاني في الهند لسداد الديون مما يجبرهم على الاقتراض.

وقال رزاق "نقترض مبالغ صغيرة من بعضنا البعض... وفي كل مرة تزيد الفائدة."

ويقيم خالد وهو من باكستان ايضا في مخيم على الجانب الاخر من موقع لتجميع المخلفات ويقول ان الرائحة الكريهة تصله حيث يقيم.

ويقول خالد انه لا يتمتع بتأمين صحي وانه اقترض 135 الف روبية باكستانية (2256 دولارا) ليأتي الى دبي.

ويقول "لا احصل على اجر شهري. اذا بنيت 200 قالب طوب كما هو مطلوب مني احصل على 25 درهما واذا بنيت أقل حصلت على اجر اقل. ولكنهم لم يدفعوا في أول شهرين."

ويضيف "انفق 150 درهما على طعامي و50 على الصابون وغيره. ولا يتسع وقتي يوم العطلة وهو يوم الجمعة لتنظيف مسكني وطهي الطعام."

ويمضي قائلا "ابلغوني اني سأجد حياة أفضل في دبي ولكن هذا لم يحدث. سأعود بمجرد أن أسدد ديني."

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 1/كانون الاول/2005 -  28/شوال/1426