الفقر المسبب الرئيسي للإرهاب في المغرب

يتبع المغرب استراتيجية ثنائية لمواجهة المتشددين الاسلاميين متخذا ضدهم اجراءات مشددة منذ تفجيرات الدار البيضاء عام 2003 الى جانب محاربة الفقر من خلال خطة لازالة المناطق العشوائية التي ينظر لها على أنها مرتع خصب للمتطرفين.

ويشير اعتقال 17 من المشتبه في عضويتهم بخلية تابعة لتنظيم القاعدة الى أن خطر وقوع المزيد من الهجمات امر حقيقي. واستجوب قاض المشتبه بهم في الاسبوع الماضي بشأن مؤامرة مزعومة لتفجير مبان تمثل معالم بارزة في الدار البيضاء المركز التجاري للمغرب وفي العاصمة الرباط.

وتتزامن الاجراءات الامنية المشددة في المغرب في ظل حكم العاهل المغربي الملك محمد السادس مع جهود تؤيدها الولايات المتحدة للقضاء على جماعة لها صلة بالقاعدة تنظر لها واشنطن على أنها تحاول تصدير الجهاد من الجزائر المجاورة. والعاهل المغربي حليف وثيق للولايات المتحدة وشهد حكمه المستمر منذ ست سنوات ونصف بعض الاصلاحات الليبرالية.

وتهدف الولايات المتحدة الى حرمان أفراد الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تباشر عملياتها من الجزائر من ايجاد ملاذ امن في منطقة الصحراء. والجزائر مصدر رئيسي للنفط بدأت منذ وقت قريب تجاوز أكثر من عشر سنوات من الحرب الاهلية التي تقول جماعات لحقوق الانسان انها أسفرت عن سقوط 150 ألف قتيل.

ومن المبادرات الامريكية تدريب تسع دول من غرب وشمال افريقيا على محاربة تهريب الاسلحة والمتطرفين ولكن الجماعة السلفية للدعوة والقتال تمكنت من الاعلان عن مسؤوليتها عن أول هجوم خارج الجزائر في يونيو حزيران أسفر عن مقتل 15 جنديا في نقطة نائية بموريتانيا.

ويقول بعض المحللين ان الافتراضات الامريكية بأن الجماعة تريد الانطلاق الى خارج الجزائر حيث تسعى لاقامة دولة اسلامية تطبق الشريعة أمر بعيد تماما.

وقال جورج جوف محلل شؤون شمال افريقيا وهو مقيم في بريطانيا "ليس للجماعة السلفية للدعوة والقتال وجود يذكر خارج منطقة الصحراء بخلاف أن مختار بلمختار هو أصلا مهرب ولديه اتصالات ممتازة هناك" في اشارة الى زعيم الجماعة بالصحراء والذي وصفه مصدر عسكري أمريكي بأنه أكثر أعضاء الجماعة نشاطا وبأنه خطير.

وأضاف جوف "تفسير الارهاب المزعوم بأسلوب القاعدة موجود في الجزائر وليس في الرباط وله علاقة بسذاجة الامريكيين أكثر من أي شيء اخر أعلمه."

ولكن اخرين يرون أن الجماعة السلفية للدعوة القتال لديها طموح بتخطي الجزائر.

وقال محمد ظريف وهو خبير في العلوم السياسية بجامعة الملك الحسن الثاني لرويترز "تشكيل جماعة أخرى تدعى القاعدة في شمال افريقيا.. هذا هو الهدف."

وكل من الجزائر والمغرب حليف للولايات المتحدة في "الحرب على الارهاب" والبلدان مستهدفان لتأييدهما للحكومة العراقية المدعومة من واشنطن.

وأعلن تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين هذا الشهر أنه سينفذ حكم الاعدام في اثنين من العاملين في السفارة المغربية خطفتهما الجماعة وقتلت في وقت سابق هذا العام اثنين من الدبلوماسيين الجزائريين في بغداد.

وبعد هجمات الدار البيضاء التي أسفرت عن مقتل 45 بينهم 12 من منفذي العملية حكم بالاعدام على أربعة في عملية قالت السلطات ان القاعدة مولتها.

وسببت التفجيرات صدمة للمغاربة الذين كانوا يعتقدون أنهم بمنأى عن التشدد الاسلامي الذي يعصف بالجزائر منذ الغائها نتيجة الانتخابات التي أجريت عام 1992 والتي كان حزب اسلامي على وشك الفوز بها.

وسجن المغرب أكثر من ألف شخص لاتهامات بالارهاب أغلبهم ينتمون الى جماعة الجهادية السلفية المحظورة منذ تفجيرات الدار البيضاء. وصدر العفو عن نصفهم تقريبا.

ولجأت الحكومة الى مزيج من الاجراءات المشددة ضد الاسلاميين واجراءات لمواجهة الدعاة المتشددين في بلد اتهم الكثير من أبنائه بالضلوع في تفجيرات مدريد عام 2004 وهجمات 11 سبتمبر ايلول بالرغم من كونه يشجع الصورة المعتدلة للاسلام.

ومن بين ستة مثلوا أمام المحاكم في كل أنحاء العالم فيما يتعلق بهجمات 11 سبتمبر ايلول كان أربعة منهم من أصول مغربية. ومن بين هؤلاء منير المتصدق الذي أصدرت محكمة ألمانية ضده حكما بالسجن سبع سنوات في أغسطس اب لانتمائه لجماعة ارهابية ولكنها برأته من اتهام اخر وهو التحريض على القتل الجماعي.

كما أن أغلب المحتجزين فيما يتعلق بتفجيرات قطارات مدريد وعددهم يتجاوز المئة من أصول من شمال افريقيا ومن المغرب على وجه الخصوص.

وادراكا من السلطات المغربية لخطر وجود رد فعل عكسي على الاجراءات الامنية المشددة تحاول تحسين الظروف في البلد الذي يسكنه 30 مليون نسمة حيث يعيش نحو 14 في المئة من السكان تحت خط الفقر كما أن نسبة الامية به تتعدى 40 في المئة.

وفي مايو ايار تقريبا مع حلول الذكرى الثانية لتفجيرات الدار البيضاء كشف الملك محمد السادس عن خطة تنمية وطنية من المتوقع أن تتكلف مليار درهم (114.3 مليون دولار) سنويا وتستهدف في البداية أسوأ المناطق الفقيرة ومن المفترض أن تشمل فيما بعد المئات من المناطق الريفية والمناطق المتدنية في المدن.

وقال جوف "مشكلات المغرب متعلقة بالفقر العالمي لا بالارهاب العالمي."

ومحظور على الجماعة المعارضة التي تتميز بشعبية كبيرة وهي جماعة العدل والاحسان والتي تنبذ العنف ولديها الكثير من الاتباع في الجامعات والمناطق الفقيرة العمل السياسي ولكن يسمح لها بالقيام بالاعمال الخيرية وغيرها من الانشطة المتعلقة أساسا بالتعليم.

وظهر حزب العدالة والتنمية المعتدل وهو التجمع السياسي الاسلامي الوحيد المسموح له بالعمل السياسي بقوة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 2002 ليصبح أكبر جماعة معارضة في البرلمان وزاد من مقاعده بواقع ثلاثة أمثال.

وأصر الطيب الفاسي الفهري الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون خلال القمة الاورومتوسطية التي تعقد في برشلونة هذا الاسبوع حول مكافحة الارهاب على أن كل بلد لابد أن يمضي قدما في الاصلاحات الديمقراطية بالخطى الملائمة له.

وصرح لصحيفة ليبراسيون الفرنسية يوم الاثنين قائلا "نحن نفعل ذلك من أجلنا نحن وبواسطتنا نحن ولان ذلك يتناسب مع رؤية مغربية خالصة... ولكن في هذا المجال كما هو الحال مع الارهاب فهناك حوار (مع أوروبا). ويتوقف الامر عند هذا الحد."

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 1/كانون الاول/2005 -  28/شوال/1426