ندوة: الانتخابات العراقية قد تصبح مغناطيساً يجتذب النجاح

 قال مستشار رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية إنه يبدو أن الفئات الإثنية الثلاث الرئيسية في العراق مستعدة لإجراء انتخابات ناجحة في 15 كانون الأول/ديسمبر، تشكّل حكومة دائمة جديدة من شأنها أن تنزع فتيل التمرد وتكون مستعدة للتفاوض حول تقليص الوجود العسكري الأميركي (في العراق).

وقال السفير إيفان غالبريث عن الانتخابات العراقية القادمة: "يبدو أن جميع مكوّنات الحكومة الناجحة موجودة." ويشغل غالبريث حالياً، وهو سفير أميركي سابق لدى فرنسا، منصب ممثل وزير الدفاع دونالد رمسفلد في أوروبا علاوة على منصب المستشار العسكري للبعثة الأميركية في منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو). 

وقد ناقش غالبريث الاستراتيجية الأميركية للانتصار في الحرب في العراق في ندوة حوار في 28 تشرين الثاني/نوفمبر في مؤسسة هيريتيج فاونديشن، وهي منظمة أبحاث سياسية محافظة في واشنطن.

وقال غالبريث: "نستطيع بالتأكيد توقع بعض الكبوات من قبل الحكومة الجديدة. ويعلم الله أن التحديات كثيرة جدا. ولكن أغلبية الأدلة ترجح كفة النجاح."

وشارك في النقاش أيضاً العميد في الجيش الأميركي مارك كيميت، نائب مدير شؤون الاستراتيجية في القيادة الوسطى.

وقال كيميت إن القوات العراقية تلعب حالياً دوراً متعاظم الأهمية في المعارك، مما يمكن أن يتيح للولايات المتحدة تحقيق هدفها بتقليص عدد القوات الأميركية في المنطقة. وهناك حالياً 200 ألف مجند أميركي يخدمون في منطقة عمليات القيادة الوسطى التي تشمل كلاً من أفغانستان والعراق والكويت والبحرين والقرن الإفريقي.

ومن المتوقع أن تؤدي الانتخابات العراقية إلى تشكيل حكومة دائمة تخدم لفترة أربع سنوات وفقاً للدستور العراقي الجديد، الذي تمت الموافقة عليه في استفتاء شعبي أجري في 15 تشرين الأول/أكتوبر.

وقال غالبريث إن لجميع زعماء الفئات الإثنية العراقية الرئيسية مصلحة في تشكيل حكومة قادرة على تأدية مهماتها.

وأضاف: "من الواضح الآن أن لدى الفئات الثلاث، الشيعة والأكراد والسنة، غرضاً من وراء إنجاح هذا الأمر، من وراء تشكيل هذه الحكومة وتحقيقها النجاح." 

وقال إنه بالنسبة للشيعة، وهم الأغلبية الإثنية، فإن حكومة تمثيلية ناجحة "تمنحهم سلطة سياسية." ومن جهة أخرى، يدرك الشيعة أن عليهم أن يتقاسموا السلطة مع الأقليات الأخرى كي يحافظوا على الاستقرار والدعم الدولي.

أما الأكراد في شمال العراق، فقد تمتعوا بحكم ذاتي منذ الفترة التي أعقبت حرب الخليج في عام 1991، ولكن دولة تركيا المجاورة التي يعيش فيها عدد كبير من الأكراد، تعارض بشدة إنشاء دولة كردية مستقلة.

وقال غالبريث حول ذلك: " إن الأكراد يحتاجون إلى العراق، إلى الغطاء العراقي، إلى كونهم جزءاً من العراق ليظلوا في وضع متوازن، لنقل، مع الأتراك." وأضاف أن الجزء المتبقي من العراق يمنح الأكراد موقفاً قوياً في المفاوضات الخاصة بتقرير الجهة التي ستسيطر على حقول النفط في الشمال.

وقد أقر غالبريث بأن سنة العراق الذين كانوا يحكمون البلد في عهد نظام صدام حسين السابق، كانوا ضالعين جداً في التمرد العنيف المستمر. ولكنه أشار إلى أن زعماء السنة يتعاونون بشكل متزايد مع العملية الديمقراطية لضمان وجود رأي مسموع للسنة في الحكومة الجديدة وللمساعدة في تعزيز الاستقرار.

ومضى إلى القول: "إن السنة كانوا طبقة رجال الأعمال في عهد صدام.... كانوا الأشخاص الذين حصلوا على الامتيازات ويقومون بكل شيء، وكانوا مدربين تدريباً جيداً ولديهم قدر جيد من الخبرة. كانوا طبقة رجال أعمال محنكين جدا. وأصحاب الأعمال (الصناعية والتجارية) يريدون، ويحتاجون إلى، القانون والنظام."

وأشار إلى أن عملية تشكيل الحكومة العراقية الدائمة قد استغرقت ثلاث سنوات، ولكنها ستكون حكومة مستقلة ذات سيادة.

وأردف: "إن تمعن المرء في الأمر، ستكون (الحكومة) أداة قوية إلى حد كبير،" مضيفاً أن الحكومة سترتكز إلى دستور وطيد وستملك سلطة تعديل الدستور. واستطرد قائلاً إنها ستكون "مدعومة بقوة الولايات المتحدة العسكرية. وذلك أمر يبعث على الرهبة تماماً عندما يفكر المرء فيه أثناء تخطيطه لمؤامرة للإطاحة بها."

ووصف غالبريث انتخاب الحكومة الدائمة بأنه ربما شكل نقطة التحول بالنسبة للعراق.

وقال بهذا الشأن: "سيكون بمثابة مغناطيس يجتذب الناس إلى الانضمام (إلى الموكب). وسيريد الناس الانضمام إلى الموكب. سيرون أن هذا الأمر سينجح."

وقال المستشار العسكري الأميركي إن هناك نقطة مهمة "لا تقدر حق قدرها" هي أن حكومة عراقية ذات سيادة ستكون في موقع يسمح لها بالتفاوض حول حجم الوجود الأميركي العسكري المستمر في العراق. وقد دعا زعماء الكونغرس في واشنطن، بصورة متعاظمة، إلى وضع جدول زمني لتخفيض عدد القوات الموجودة في العراق، كما قال الرئيس إنه يعتبر النقاش حول مستوى القوات في العراق تجسيداً صحياً للديمقراطية الأميركية.

ومضى غالبريث إلى القول: "ستكون عمليات التقليص عمليات تم التفاوض بشأنها. وسوف نتفاوض مع حكومة ذات سيادة في بلدهم حول ما ينبغي أن تكون عليه القوات المسلحة، لخدمة مصلحة الحكومة، وبالطبع مصلحتنا، على أفضل ما يمكن."

وقال غالبريث إن الانتصارات العسكرية لا تحظى بما تستحقه من التغطية الإعلامية.

وأضاف: "إننا نقوم بالقضاء بانتظام على "المواقع الساخنة" في معاقل المتمردين." 

وترافق القوات العراقية حالياً، في تحول استراتيجي بدأ تطبيقه قبل حوالى ستة أشهر، القوات الأميركية في المعارك. وبعد استيلاء القوات المشتركة على بلدة أو قرية، تنسحب القوات الأميركية ولكن قوات الأمن العراقية تبقى هناك، حيث تقوم بالمحافظة على النظام والمساعدة في تنسيق عمليات إعادة التعمير والمساعدات الإنسانية.

وقال الجنرال كيميت: "إننا نحقق تقدما، إلا أنه ليس من الحكمة القول إن ذلك التقدم قد وصل إلى نقطة زخم يستحيل عكسها."

وأضاف متحدثاً عن قوات الأمن العراقية: "لقد أنشأنا جيشا. ولكن نضوج ذلك الجيش تماماً سيحتاج بعض الوقت."

وقد أشار كل من غالبرايث وكيميت إلى أن العراق ليس سوى ساحة معركة واحدة في حرب أكبر ضد إيديولوجية التعصب الديني المحارب. 

وقال كيميت: "إن استراتيجيتنا في القيادة الوسطى هي لحرب طويلة." وأضاف أن بين التحديات الرئيسية التي تواجه الزعماء الأميركيين، التوصل إلى التوازن الصحيح في عدد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الكبير ومنطقة آسيا الوسطى.

واستطرد قائلا: "إننا نريد أن نتوصل إلى اتخاذ الوضع الصحيح (من حيث حجم وجودنا) في المنطقة،" مضيفاً أنه بوجود حوالى 200 ألف مجند أميركي في المنطقة فإن "ذلك العدد في رأينا هو، ببساطة، مفرط في حجمه. ولن يتمكن من المحافظة على استمراريته بمرور الزمن."

وقد احتفظت الولايات المتحدة بمئات الآلاف من العسكريين في أوروبا طوال عدة عقود خلال الحرب الباردة، ولكن كيميت قال إن الظروف في الشرق الأوسط مختلفة بشكل بارز. وأضاف: "إننا لا نستطيع اعتماد ذلك كنموذج للمستقبل داخل الشرق الأوسط. وعليه فإننا، أثناء حديثنا عن الحرب الطويلة، نتحدث عن إعادة تشكيل وجودنا كقوة أصغر وأكثر تحركاً كقوة حملات عسكرية وأكثر كفاءة."

ولكنه خلص إلى القول إنه يمكن إعادة التعزيزات بسرعة إلى المنطقة إن كانت هناك ضرورة لذلك. 

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 1/كانون الاول/2005 -  28/شوال/1426