المحافظون الجدد يؤمنون بمفهوم الحرب الوقائية لتعزيز نفوذ أمريكا في العالم

ألف الصحفي البريطاني اناتول ليفن كتابه (امريكا محقة ام مخطئة) "America Right or Wrong" ليكون جرس الانذار للولايات المتحدة لتكبح الاتجاه القومي والا واجهت عواقبه.

لكن لسوء حظه بدأ في تلقي رسائل كراهية بينما سخرت منه مواقع على الانترنت وربما كان اسوأ ما تعرض اليه وصف مجلة نيويورك تايمز اياه عند عرضها كتابه بانه "معاد للولايات المتحدة".

وبعد عام تقريبا يقول ليفن غاضبا "كان أمرا مشينا حقا."

ولكن ربما لم يكن مفاجئا.

ففي كتابه الذي صدر العام الماضي واعيد نشره في الاونة الاخيرة تحدث ليفن عن المخاوف التي تخفيها الاسر الامريكية في اقبية منازلها واضاف ان هجمات 11 سبتمبر ايلول على نيويورك وواشنطن كان الزناد الذي اطلق العنان "للجانب المظلم" للقومية الامريكية.

وكتب ليفن انه ينبغي على الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه الرئيس جورج بوش ان يغير اسمه إلى الحزب القومي الامريكي إذ أعلن بوش ان من حق الولايات المتحدة التدخل في جميع انحاء العالم لشن حرب وقائية أو لدعم الديمقراطية.

وفي حديث ادلى به في لندن في الاونة الاخيرة قال ضاحكا "يمكن ان تطلقوا عليه (استفزازا بسيطا)."

ولا يكره ليفن (45 عاما) امريكا إذ يعيش في واشنطن ويعمل كباحث في مؤسسة امريكا الجديدة. الا أنه يرى أن القوة العظمى الوحيدة في العالم تعاني من مشاكل خطيرة.

وقال لرويترز "تتجاوز أمريكا قدراتها في الوقت الحالي وتسير نحو حافة الهاوية."

واضاف "ليس لديها موارد.. موارد مالية ولا يمكنها جمع عدد كاف من الرجال لتحقيق أهدافها الحالية وهي بصفة اساسية فرض هيمنتها في كل مكان."

ويتساءل ليفن كيف يمكن لأمريكا التي دفعت بالشيوعية إلى حافة الهاوية وقادت العولمة التي رفعت الثروة العالمية لمستويات قياسية أن تصل إلى موقف "تهدم فيه القمة التي تتربع على عرشها".

وليشرح ليفن ذلك يعود إلى الحقبة الاستعمارية وحقبة الحدود وبصفة خاصة إلى الرئيس اندرو جاكسون الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة في اوائل القرن التاشع عشر والذي يقول ليفن إنه ساهم كثيرا في تنامي الشعور القومي والاعتقاد بان امريكا لا يمكن ان تخطيء.

وكتب ليفن ان جاكسون جسد "قانونا شعبيا" جديدا في أمريكا سبق القانون المكتوب وارتبط بشكوك عميقة من الساحل الشرقي الامريكي ومفكريه ومحاميه.. وهو عداء اقليمي يقول ليفن إنه قائم حتى هذا اليوم في الجنوب وفي تكساس وهي مسقط رأس بوش.

وكتب ليفن "هذا المشهد جزء مهم جدا من الصورة الذاتية لبوش وديك تشيني (من ولاية حدودية أخري هي وايومنج) وللادارة باسرها بالفعل وشكلت الاتجاه العدواني للادارة في الشؤون الدولية."

ويضيف ليفن ان المحافظين الجدد في ادارة بوش يؤمنون بمفهوم الحرب الوقائية لتعزيز نفوذ أمريكا في العالم وتابع ان كل ما كانت تحتاجه المبرر الذي قدمته القاعدة.

ويمكن القول إن ليفن الذي كتب عن البلطيق والشيشان فشل في فهم دقائق السياسة والحضارة الامريكية التي ساعدت البلاد على الازدهار على مدار أكثر من قرنين.

غير أنه يواجه منتقديه بكلماتهم عن أنفسهم مستندا إلى مؤرخين وساسة أمريكيين بارزين مثل السناتور الراحل وليم فولبرايت وهو من أبرز معارضي الحرب في فيتنام قبل ثلاثة عقود.

ويقول "عارض فولبرايت بصورة قاطعة الاعتقاد بان بمقدور أمريكا ان تملي على الدول ما تفعله حتى ان لم تتفق مع هذا الرأي لاننا (الولايات المتحدة) لدينا أفضل نظام في العالم والقوة الامريكية خير حتمي.

"هذا قول فولبرايت وليس شيئا كتبه اناتول ليفن."

ولم ينفض ليفن يده من القضايا الامريكية ويتعاون مع باحث من مؤسسة هريتيدج المحافظة وهو جون هولسمان لاعداد كتاب عن الاستراتيجية الامريكية ويصف ليفن هولسمان بانه "اخر الجمهوريين المؤمنين بمباديء (الرئيس الامريكي الاسبق دوايت) ايزنهاور".

ويمزح ليفن قائلا "أنا مقتنع تماما انه ان عاد ايزنهاور للحياة اليوم فانه سيكتب نقدا ايجابيا عن كتابي."

وقال عن الجنرال السابق الذي اصبح رئيسا في الخمسينات من القرن الماضي "كان ايزنهاور يدعو مرارا وتكرارا للهدوء وضبط النفس وفهم العدو والتفرقة بين الاعداء المختلفين وعدم توحيد الاعداء ضدك."

وتابع "الله وحده يعلم كيف كان سينظر إلى المحافظين الجدد."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين  28/تشرين الثاني/2005 -  25/شوال/1426