قوة الاسلاميين تفاجئ حكام مصر

قال محللون ان حكام مصر فوجئوا بالاداء القوي لجماعة الاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية والذي يمكن أن يهز الحياة السياسية في أكبر الدول العربية.

حصل الاخوان حتى الان على 47 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 444 والتي سيتحدد مصير أكثر من نصفها في الانتخابات التي تجرى مرحلتها الثالثة في ديسمبر كانون الاول المقبل. وفاز الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بنحو 120 مقعدا.

وفي حين يقول مراقبون مستقلون ان الحزب الوطني لجأ على نطاق واسع للرشوة والقسر للحصول على أصوات الناخبين فان جماعة الاخوان المسلمين أظهرت مدى عمق ما تتمتع به من تأييد بحشدها الالوف من النشطاء وفوزها بما حازته من المقاعد رغم حملة الاعتقالات التي تعرضت لها.

ويقول محللون ان للنتائج مغزاها رغم أن الاسلاميين لا يشكلون تحديا حقيقيا من حيث قدرتهم على انتزاع السلطة في الوقت الحاضر.

وقال المحلل السياسي محمد السيد سعيد "الرسالة هي أنك تحتاج الى ما هو أكثر من أشكال الرشوة البسيطة. تحتاج الى ايديولوجيا وايمان بها. تحتاج الى سياسة. ومن الواضح أن الحزب الوطني لا يملك أيا من هذه الامور."

وزاد الاخوان تمثيلهم في البرلمان الى ثلاثة أمثال تمثيلهم في البرلمان الحالي. لكن سلطات البرلمان محدودة بالمقارنة مع سلطات الرئيس حسني مبارك الذي يحكم مصر بقوانين الطواريء منذ عام 1981.

وتنافس جماعة الاخوان المسلمين على ثلث المقاعد فقط كي لا تستفز السلطات التي كثيرا ما تعتقل أعضاء في الجماعة استنادا الى كونها محظورة رسميا منذ عام 1954. ويخوض مرشحو الاخوان الانتخابات كمرشحين مستقلين.

وحقق الاسلاميون مكاسب قوية في اليومين الاولين من الانتخابات مستفيدين الى أقصى الحدود من التسامح الذي ابدته السلطات ازاءها. لكن الشرطة ألقت القبض هذا الاسبوع على أكثر من 450 من نشطائها. وذكرت تقارير أن مجموعات من البلطجية وبعض رجال الشرطة أعاقت ناخبين اسلاميين من التصويت في بعض الدوائر.

وقال عبد الحليم قنديل المعارض ذو التوجه القومي "افترضت الحكومة أن للاخوان بعض القوة ولكن ليس بهذا القدر."

وقال القيادي الاخواني عصام العريان ان ما بين خمس وربع الاصوات التي حصل عليها مرشحو الجماعة كانت أصواتا أراد أصحابها الاحتجاج على الحكومة الا أن بقية الاصوات تعبر عن تأييد حقيقي للجماعة.

وقال محللون ان مكاسب الاسلاميين تشكل ضربة للحزب الوطني الديمقراطي ولجمال مبارك ابن الرئيس الذي قاد الجهود الرامية لاعادة بناء الحزب وأشرف على الحملة الانتخابية في كل من انتخابات الرئاسة والانتخابات البرلمانية.

وقال أستاذ علم الاجتماع سعد الدين ابراهيم ان على الحزب الوطني الديمقراطي أن يعيد التفكير في سياساته وتوجهه.

وأضاف "لقد حسبوا أنهم من خلال التخطيط الذي قام به التكنوقراط لديهم نجحوا في ضمان الفوز في هذه الانتخابات... والعنصر الغائب عن معادلتهم هو ما امتلكه الاخوان المسلمون وامتلكه أيمن نور ألا وهو نبض الشارع."

وكان نور زعيم حزب الغد الليبرالي قد جاء ثانيا بعد الرئيس مبارك في انتخابات الرئاسة الا أنه خسر مقعده في البرلمان لصالح مرشح الحزب الوطني. ويقول أنصار نور ان السلطات تلاعبت في الانتخابات لاسقاطه.

وتقول الحكومة انها لا تتدخل في الانتخابات بأية صورة.

ولم تحصل الاحزاب العلمانية التي أضعفتها عقود من التضييق عليها سوى على حفنة من المقاعد حتى الان.

لكن جماعة الاخوان المسلمين التي تأسست في عام 1928 كانت أكثر مرونة في ظل مساحة الحرية المحدودة. ويقول محللون ان هذا يرجع في جانب منه الى استخدامها المساجد للوصول الى الناس وتقديمها الكثير من الخدمات الاساسية وانخراطها في العمل الخيري.

ورغم أن نجاح الاسلاميين أقلق المسيحيين والعلمانيين فان سعد الدين ابراهيم يرى أنه سيقوي الحياة السياسية. ويقول "سيكون هذا شيئا صحيا في المدى الطويل."

وأضاف ان نجاح الاخوان "سينشط هذا الجماعة السياسية ككل لان الاحزاب الاخرى ستكون مضطرة لتحسين أدائها. وسيكون على الحكومة أن تعطيها حرية الحركة والعمل كي تبني قوتها."

لكن اخرين يرون في نجاح الاخوان علامة مقلقة على ضعف الحياة السياسية في مصر. وقال محمد السيد سعيد ان فوز الاخوان يظهر أن "البلد تأسلم بالكامل تقريبا."

وأضاف "البلد بأسره في مشكلة كبيرة. فليس هناك الكثير من السياسة ولا وجود لحوار وطني. الناس يتصرفون على أساس افتراض أن الاخوان المسلمين هم الاكثر تدينا."

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة  25/تشرين الثاني/2005 -  22/شوال/1426