أنهار بنجلادش نقمة ونعمة في آن واحد

نهر تيستا الثائر الذي جرف منزل محمد طاهر الدين العامل الزراعي عشر مرات في العقود الخمسة الماضية اصبح الان رمزا للسكون.

وبنهاية موسم الامطار الموسمية يبدو النهر الذي يصيب الافا من مواطني بنجلادش بالبؤس كل عام تقريبا مثل قنال كبير يعبر الناس والماشية مياهه التي لا يتجاوز عمقها الركبة.

ويلقي الاطفال بشباك لصيد أسماك يكملون بها ما ينقصهم من غذاء ويبيعونها في السوق القريب.

لكن قبل شهرين فقط فاض تيستا مثل كثير من الانهار في المناطق المنخفضة في جنوب اسيا على ضفتيه ودمر سواتر الحماية من الفيضان التي اقامتها الحكومة قبل خمس سنوات لاناس من بينهم طاهر الدين (65 عاما) واجتاحت جزءا من الطريق السريع.

وقال طاهر الدين الذي يقيم في خيمة في الهواء الطلق في منطقة مرتفة من الطريق السريع في جانجاتشارا على بعد 370 كيلوكترا شمالي العاصمة دكا مع زوجته واطفاله الثلاثة "اخذ مني النهر كل شيء منزلي وارضي."

وتيستا واحد من اكثر من 150 نهرا يقطع ارجاء بنجلادش المكتظة بالسكان مما يؤثرعلى حياة ملايين.

وفي المتوسط يفقد اكثر من 50 الفا منازلهم كل عام بسبب فيضان الانهار التي يتدفق معظمها من جبال الهيمالايا الى الهند قبل ان تفرغ ما في جعبتها في خليج البنغال.

غير ان هذه الانهار شريان الحياة للدولة الفقيرة التي يقطنها 140 مليون نسمة.

وقالت نسيم النهار (55 عاما) "لا نستطيع الحياة بدون الانهار. تمنحنا موردا للحياة... الصيد والابحار ونقل السلع. والا لن يكون لدينا وجبة واحدة."

ويقدم النهر وسيلة النقل الوحيدة الصالحة عبر البلاد بالنسبة لمعظم مواطني بنجلادش رغم خطورتها ايضا بالنظر الى ارتفاع نسبة حوادث العبارات.

وفي السنوات الاخيرة حاولت الحكومة ترويض هذه الانهار ببناء جسور او وضع كتل من الاسمنت على طول الضفاف. وانفقت نحو 600 مليون دولار ولكن لم يتغير شيء تقريبا.

وقال مسؤول بمنطقة رانجبور الشمالية حيث تقع جانجاتشارا "التيارات في النهر قوية جدا في معظم الاحوال."

وتقول السلطات انها تخطط لبناء سد على نهر تيستا عند جانجاتشارا من شانه ان يقلص خطر الفيضان.

وقال سيد أحمد كبير مهندسي مجلس تنمية المياه في بنجلادش انه ينبغي ان تقوم الحكومة بعمليات ضخمة لرفع الطمي من قاع النهر في الاماكن التي يتجمع فيها.

وتابع "يتوقف ذلك على توافر التمويل".

وتحمل انهار بنجلادش كميات كبيرة من الطمي والرمال عند تدفقها من جبال الهيمالايا عبر الهند وحين تصل اخيرا لخليج البنغال يكون معظم الطمي ترسب في قاع االانهار.

وقال سليم بهويان المهندس في مركز التنبؤ بالفيضان التابع للحكومة "يتراكم الطمي في قاع الانهار في بلادنا كل عام وينبغي رفعه كل اربعة اوخمسة اعوام ولكنه امر مكلف وصعب جدا."

كما تختنق الانهار بالمخلفات الصناعية والقمامة.

ويقول بهويان ان رفع الطمي من قاع الانهار سيسمح بزيادة كمية المياه التي يتسع لها النهر خلال موسم الامطار السنوية ويقلص شدة الفيضان وتابع "ولكن المشكلة انه ليس لدينا المال الكافي للقيام بالمهمة مرة واحدة او في كل الانهار".

ويلقي طاهر الدين المسؤولية على الساسة ويقول انهم يعدون منذ سنوات بانقاذ امثاله من الانهار ولكن هذا لم يغير حياتهم.

وقال "يأتي الساسة لزيارتنا قبل الانتخابات في كل مرة ويقدمون وعودا براقة لبناء جنة على الارض. ولكنهم يختفون حين تنتهي الانتخابات."

ويضيف ان الادارة فشلت في بناء سواتر ملائمة لحماية الناس الاكثر عرضة للخطر. وجرفت الفيضانات في الاونة الاخيرة العديد من المباني التي اقيمت في ارجاء جانجاتشارا لانها لم تشيد على مناطق أكثر ارتفاعا.

وقال متحسرا "انها دورة لا تنتهي من الدمار."

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 17/تشرين الثاني/2005 -  14/شوال/1426