تقرير فولكر يكشف عن فساد عالمي كبير وعن جرائم كبرى ارتكبت بحق الشعب العراقي

أصدرت لجنة فولكر، التي قامت بتحقيق في فضيحة برنامج النفط مقابل الغذاء الدولي، تقريرها النهائي في 27 تشرين الأول/أكتوبر. وتضمن التقرير أسماء جميع الشركات الواردة في الملفات العراقية بوصفها قامت بدفع مبالغ سرية للطاغية العراقي صدام حسين.

وقال بول فولكر، رئيس لجنة التحقيق: "أجاد العراقيون وضع سجلات في غاية الدقة." وقد تحدث فولكر، وهو رئيس سابق لمجلس الاحتياط الفدرالي (البنك المركزي الأميركي)، عن عمل لجنته في 26 تشرين الأول/أكتوبر، في كلية بول نيتزه للدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز.

وأضاف فولكر أن لجنته كانت مهتمة بالتوصل إلى الحقائق لا بتطبيق القانون، وأنه "لم يتعين عليها التوصل إلى نتائج حول البراءة أو الذنب."

وأوضح ذلك بالقول: "انصب اهتمامنا بشكل رئيسي على (معرفة) كيفية تلاعب صدام حسين بالبرنامج وإفساده... وما حدث داخل الأمم المتحدة."

وكان الهدف من برنامج النفط مقابل الغذاء، الذي بدأ العمل به في العام 1996 وانتهى في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2003 عندما سُلم إلى سلطة التحالف المؤقتة، السماح للعراقيين ببيع النفط تحت إشراف الأمم المتحدة واستخدام العائدات، بشكل أساسي، لشراء إمدادات إنسانية للمدنيين العراقيين ودفع التعويضات للمتضررين من غزو العراق للكويت.

وقد أكد فولكر أن التحقيق كان جهداً دولياً تم القيام به بطلب رسمي من أمين عام الأمم المتحدة كوفي عنان. وقد ضمت اللجنة في عضويتها، إلى جانب فولكر، كلاً من القاضي رتشارد غولدستون من جنوب إفريقيا، ومارك بيث الخبير السويسري في تبييض الأموال. وقال فولكر إن أكثر من نصف هيئة موظفي اللجنة كانوا من دول غير الولايات المتحدة.

وقد أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً رسمياً دعا جميع الدول الأعضاء في المنظمة العالمية إلى التعاون مع التحقيق، وقال فولكر إن اللجنة تلقت "تعاوناً رائعاًً من بعض الدول، معظمها في أوروبا، ومن العراق."

وأضاف: "كانت الأمم المتحدة والعراق أهم مصادرنا،" مشيراً الى أن اللجنة تمكنت من "اختراق كل تلك الحصانة (الدبلوماسية)" لدراسة الوثائق والسجلات. وأردف أن "عنان كان منفتحاً جداً على تزويدنا بالقدرة على الوصول إلى السجلات. ... وقد عاملنا دوماً باحترام رغم أنه لا يمكن أن تكون هذه العملية قد كانت عملية سارة بالنسبة له، خاصة وأن لابنه ضلعاً (في الفضيحة)."

وقال فولكر إن من الواضح أنه لم يكن هناك إشراف ملائم على برنامج النفط مقابل الغذاء، ودعا مرة أخرى إلى إصلاح السياسات والممارسات الإدارية في الأمم المتحدة. ولكنه نبه إلى أن الفساد الذي تم العثور عليه في هذا البرنامج المحدد "لا يعني العثور على فساد في الأمم المتحدة برمتها."

وأشار إلى أنه في حين أن هناك قدراً كبيراً من الفساد في العالم، إلا أنه ينبغي اعتماد معيار أعلى عند محاسبة الأمم المتحدة كي يتسنى لها الفوز بالاحترام اللازم كي تتمكن من تأدية وظيفتها. وقال: "لم تكن بمستوى ذلك المعيار."

وقد أشارت التقارير الصحفية إلى أن الشركات التي وردت أسماؤها في التقرير المقرر إصداره في 27 تشرين الأول/أكتوبر، لا تقتصر فقط على شركات بترول وإنما أيضاً على شركات كانت تزود العراق بالسلع والخدمات الإنسانية. ولكن فولكر قال إنه يعتبر تقريراً سابقاً، تم إصداره في شهر أيلول/سبتمبر، النتائج الحاسمة التي توصل إليها التحقيق.

وقد تناول ذلك التقرير، الذي تألف من خمسة أجزاء تقع في 1035 صفحة، إدارة برنامج النفط مقابل الغذاء في نيويورك والعراق، وكبار المسؤولين الإداريين في الأمم المتحدة، وتلاعب العراق، والمفاوضات وتشكيل البرنامج وبدء العمل به، ومجلس الأمن، والتهريب، وسكرتارية الأمم المتحدة، وتأدية وكالات مرتبطة بالأمم المتحدة، علاوة على تقرير خاص عما كان للبرنامج من تأثير على الشعب العراقي.

ومن بين الذين ربط التقرير بينهم وبين صفقات غير مشروعة ووردت أسماؤهم في تقرير فولكر على انهم حصلوا على أذون صرف نفطية وباعوها في الاسواق مقابل عمولة النائب البريطاني جورج جالواي والمندوب الفرنسي السابق في الامم المتحدة جان برنار مريميه ووزير الداخلية الفرنسي السابق تشارلز باسكوا والزعيم القومي الروسي المتشدد فلاديمير جيرينوفسكي.

وللمواطنين الفرنسيين مكانة خاصة في العراق لان فرنسا العضو الدائم في مجلس الامن كانت تميل الى رفع عقوبات الامم المتحدة عن العراق.

وفيما يلي بعض الشخصيات التي وردت اسماؤها في التقرير:

- جورج جالواي النائب البريطاني المعارض والذي قال المحققون انه حصل بشكل مباشر او غير مباشر على مخصصات أكثر من 18 مليون برميل من النفط "لدعم حملة السيد جالواي ضد العقوبات". كما دفعت ملايين الدولارات كرسوم اضافية من خلال شركات عدة. ونفى النائب البريطاني الاتهامات كما نفاها فواز زريقات صديق جالواي المقرب وهو رجل اعمال اردني الجنسية.

- جان برنار مريميه الذي عمل سفيرا لفرنسا في المنظمة الدولية من عام 1991 وحتى عام 1995 هو وحده الذي قال للمحققين ان طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي السابق عرض عليه عمولة لانه "مفاوض نزيهة." وظل مريميه في الامم المتحدة حتى عام 1995 حين بدأ بحث برنامج النفط مقابل الغذاء لاول مرة ويزعم انه حصل على 165725 دولارا عام 1999 عمولة مقابل مليوني برميل نفط خصصت له. وطلب مريميه هذه المخصصات بعد ان ترك منصبه كسفير لفرنسا في المنظمة الدولية واثناء عمله كمستشار خاص لكوفي عنان الامين العام للامم المتحدة. واحتجز مريميه في باريس في 12 اكتوبر تشرين الاول وتحقق الان السلطات الفرنسية معه بعد اتهامه بالفساد.

- تشارلز باسكوا وزير الداخلية الفرنسي السابق خصص له 11 مليون برميل نفط لشكره على "تأييده للعراق". وذكر التقرير ان تلك المخصصات طرحت من خلال مستشاره الدبلوماسي برنار جيليت. ونفى باسكوا علمه بالعرض وقال جيليت انه ابلغ باسكوا بالعرض لكنه لم يشارك في بيع اي نفط. وذكرت اللجنة ان جيليت حصل على 234 الف دولار نقدا من مبيعات النفط. ودفعت رسوم اضافية غير مشروعة.

- كلود كاسبيري وهو رجل اعمال وابن النائب الفرنسي جابريل كاسبيري وخصص له أكثر من 9.5 مليون برميل باعها من خلال شركة يوربيان اويل اند تريدينج كمباني والتي دفعت رسوما اضافية غير مشروعة.

- مارك ريتش وشركته وهو ممول امريكي هارب عفا عنه الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون عام 2001 والذي مول صفقات منها رسوم اضافية على اربعة ملايين برميل نفط لصالح شركة كاسبيري.

- سيرج بوادفيه وهو مستشار فرنسي ودبلوماسي سابق كلف بالحصول على نفط عراقي لشركة فيتول اس.ايه التي تتخذ من جنيف مقرا لها. وقال طارق عزيز نائب رئيس وزراء العراق السابق انه حصل على مخصصات لاكثر من 32 مليون برميل "لتأييده العراق". ودفعت رسوم اضافية الى ان قررت فيتول وقفها وحينها لم تعد تحصل على عقود نفطية.

- جيل مونييه الامين العام لجمعية الصداقة الفرنسية العراقية والداعية لرفع العقوبات عن العراق والتي حصلت على مخصصات 11.8 مليون برميل دفعت عليها رسوم اضافية.

- روبرت فورميجوني حاكم اقليم لومباردي الايطالي وعضو حزب ايطاليا الى الامام الذي يتزعمه رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني وحصل على مخصصات اكثر من 27 مليون برميل بيع منها 24.7 برميل ودفعت رسوم اضافية. وقال محققون ان فورميجوني كان نصيرا قديما للعراق. وذكروا ان المبيعات تمت من خلال صديق ولم يتكشف اي دليل على ان المال ذهب في نهاية المطاف الى فورميجوني الذي نفى تورطه.

- فلاديمير جيرينوفسكي زعيم الحزب الديمقراطي الحر القومي المتشدد في روسيا وخصص له 73 مليون برميل من النفط العراقي. وقال التقرير ان جيرينوفسكي حصل على هذه المخصصات لانه كان من المعتقد انه يدعو لمواقف سياسية في صالح العراق. ونفى الزعيم الروسي تربحه من عقود النفط العراقية.

من جهتها شككت مجموعة سيمنس الالمانية للهندسة يوم الجمعة في مزاعم بأنها دفعت رشى الى حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين للفوز بعقود.

وقال متحدث باسم سيمنس "لا نعلم بأمر مدفوعات رشى قدمت أو تم التسامح بشأنها من جانب سيمنس للحصول على عقود في برنامج النفط مقابل الغذاء."

ويوجه الى شركة ديملر كرايسلر الاتهام بدفع رشى قيمتها 7134 دولارا. واشارت الشركة المصنعة للسيارات الى نتائج التحقيق لكنها امتنعت عن الادلاء بمزيد من التعليقات.

وقالت شركة فولفو المصنعة للشاحنات والتي ذكرها تقرير للامم المتحدة بخصوص رشى قدمت لحكومة صدام حسين انها لا تسمح بتقديم الرشا ولكنها اشارت الى أن دفع مبالغ من اجل العمل في العراق كانت تعد أمرا مألوفا في ذلك الوقت .

وقال مارتن ويكفورس المتحدث باسم فولفو يوم الجمعة "وكيلنا (في العراق).. الذي استخدمناه في ذلك الوقت والذي لم نتعامل معه منذ فترة طويلة الان.. ابلغ اللجنة انه دفع مبالغ للنظام الحاكم في بغداد وليس لدينا مبرر للتشكيك في ذلك."

واضاف لرويترز "المرء يمكنه ان يتساءل لماذا ..لسوء الحظ.. لم يكتشف أحد ذلك ويحذر منه .

"ولكن المرء ينبغي ان يتذكر ان ذلك كان يتم الحديث عنه علنا وكان يفهم على أنه شيء من رسوم التعاملات الذي تدفع للنظام العراقي حتى يسمح لك بالتجارة هناك . هذا يتضح من خلال العدد الكبير من الشركات التي حددت هنا."

وقال ان الحكومة في بغداد كانت السلطة الشرعية في ذلك الوقت وان جميع التعاملات هناك كانت مرهونة بموافقة الامم المتحدة .

واضاف "وساهم ذلك ايضا في ان الناس لم يكونوا مدركين بالفعل ان ذلك غير مناسب."

وقال ان الشركة تقوم بفحص التقرير .

واضاف "اذا اتضح انه حقيقي.. فهذا بالطبع خطير جدا. لدينا قواعد سلوك واضحة وضوح النهار فيما يخص هذا النوع من المعاملات. نحن لا نقبل ولا نسمح بالرشا فيما يتصل بالاتفاقات التجارية."

كما نفت شركة ايه. دبليو. بي. مصدر القمح الاسترالي يوم الجمعة انها قدمت عن علم مدفوعات تم تحويلها الى نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.

وقال اندرو ليندبرج المدير الاداري لشركة ايه. دبليو. بي. في هيئة الاذاعة الاسترالية "كان المطلوب منا ان نعمل بموجب نظام اقرته الامم المتحدة وهذا ما فعلناه."

وقال "بالتأكيد في ذلك الوقت لم يكن لدينا علم بأن الاموال التي ندفعها بحسن نية للشحن كانت تحول الى النظام. ولو كنا علمنا كنا سنتخذ اجراء في هذا الشأن."

ودافع رئيس الوزراء الاسترالي جون هاوارد عن شركة ايه. دبليو. بي. التي استحوزت فعيا على جميع واردات القمح العراقي بعد ان توقف العراق عن شراء القمح الامريكي في اوائل التسعينات ردا على حرب الخليج.

وقال هاوارد لراديو هيئة الاذاعة الاسترالية في ولاية كوينزلاند في اقصى شمال البلاد "تعاملاتي مع المسؤولين في شركة ايه. دبليو. بي. في الماضي كانت دائما هي انني وجدتهم امناء."

ونفت ايه. دبليو. بي. مرارا اتهامات في السنوات الاخيرة بأنها قدمت مدفوعات قيل انها حولت في نهاية الامر الى اسرة أو او اعوان صدام.

وركزت الاتهامات على تقديم مدفوعات الى شركة شاحنات اردنية اصرت هيئة الحبوب العراقية على استخدامها في نقل القمح من ميناء ام قصر الى الجهات المرسلة اليها في العراق.

وأصدرت شركة ايه. دبليو. بي. بيانا جاء فيه ان "ايه. دبليو. بي. لم تقدم عن علم أو تدخل في أي ترتيبات لدفع اموال الى النظام السابق (لصدام حسين)."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 30/ تشرين الأول/2005 -  26/ رمضان/1426