مدخل
منهجي :
ليس كل جديد أفضل، وليس كل قديم أسوء كما أنه ليس كل مسموع أو مرئي
أو معاش مقبول وليس كل إنسان
مثل بهلول (بضم الباء)الرجل الصالح، إنما تقاس الأمور بحسب ماهيتها
وحقيقتها، كما يعرف الناس بسيماهم وأخلاقهم، وعلى حد قول الإمام أمير
المؤمنين عليه السلام:"قيمة المرء في ما يحسنه"
من الطبيعي جدا في أجوائنا العربية والإسلاموية، أننا كثيرا ما
نتداول في نقا شاتنا طمس الحقائق وتضييق المنافذ ونسمسر بالمختلف لأجل
بقاءنا، لامناص أنها حالة إنسانية سلبية، لكنها للأسف غلبت على الواقع
العربي والإسلامي.
والذي زاد الطين بلة، الإعلام المنافق الذي يتآكل لحوم الاخوة صباح
مساء، ويبرمج حلقات حوارية في شهر رمضان الفضيل باسم الإسلام لينال
نصيبه من أخيه في الدين، ويشوه الأفهام ويفبرك الحقائق ويزيغ بالقلوب
عن سبيل الرشاد. للأسف نعيب الآخر والعيب فينا، في واقعنا، في أفكارنا،
في بيوتنا، في فضائياتنا، في كتبنا، في معظم ما ننسبه للأمة الإسلامية
هذه الأمة المريضة بعصبياتنا وتخلفنا وبحقدنا وبحسدنا وما هنالك من
ذنوب كبيرة تسبح في عقولنا وقلوبنا ومجتمعاتنا وبحماقاتنا المذهبية
والسياسية والطائفية وعجبنا بانتماءاتنا الجزئية وطلاقاتنا الرجعية مع
الهوية الإسلامية، وعارنا الأعظم والأدهى أننا نقحم الأطهار والأخيار
في هذا كله فنحملهم من التاريخ لا لنتربى بسيرتهم ولكن لنتفاخر بهم
فنكون سببا في سبابهم والضلال عنهم...
لعلي مخطئ بنسبة ما ؟؟ لكن لماذا كل يوم نزداد فرقة وتناحرا وسبابا
لبعضنا وتكفيرا لأعضائنا الأخرى، بالله عليكم لماذا ؟ آ لله تعالى وفي
سبيله حقا، نفعل ذلك ؟ من الإسلامي،أنه لا وألف لا،لأن كل ذلك متعارض
مع سيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وسير الأئمة الأطهار
عليهم السلام والصحابة الأخيار رضوان الله عليهم وعلمائنا الأبرار قدس
الله أسرارهم، ناهيك عن أنه متعارض مع هدي كتابنا المقدس القرآن
العظيم.
كل ما في الأمر،أننا نستغرق في الذات وزنزانات المجتمع،ونغلق
النوافذ التي تأتينا بالنور والهواء والعلم والحكمة ونغرس عقولنا في
الخصوصيات الدقيقة كالنعام الذي يواري رأسه تحت الأرض، لا لشيء حتى لا
نواجه التحديات والحقيقة والمستقبل والمسؤولية، وبمرور الزمن تتخمر
العقول وتسكر ونفقد الوعي بالإسلام وكذا التوازن في الحراك وتضطرب
القلوب وتتعقد الأنفس وتموت الصحة الاجتماعية في ركام السكر والعربدة
الفكرية والعشائرية والطائفية...
لعلي مسيء بقدر ما؟ لكن أين الأخوة الإسلامية والتكافل الإسلامي
والرحمة الإسلامية والمواساة الإسلامية، أين الأخلاق الإسلامية أين
الحوار الإسلامي-الإسلامي ؟؟ إنها غائبة أم ميتة أم مسجونة في زنزانة
الأنا الفردي والاجتماعي والسياسي؟ ربما صدرناها مع النفط والغاز
والقطن والتمور وما هنالك من ثروات، للغرب لعله يجدي بها نفعا؟؟
من يدري غيرنا؟ ! فأهل مكة أدرى بشعابها... تعالوا لنبكي فالبكاء
عندنا عادة وليس عبادة توقظ فينا الإرادة، فنحن صناع العادات والتقاليد
بدل الحياة والوحدة والسلام والتسامح.... فحتى الدعاة أصبحوا عادات
وتقاليد، حالهم صناعة الحياة الضيقة التي تتسع لنصف المسلمين، والحوار
لديهم فتنة لأنه يحي الموتى...
وإلا تعالوا لنضحك فالضحك عندنا حضارة، نضحك لأن الضحك مجانا وحق
شامل،لنضحك المهم أننا ننسى الإستكبار وفلسطين والعراق وأفغانستان
والسودان وسوريا وننسى الإمام المهدي عليه السلام، ننسى الإسلام
الصحيح...وننسى حتى نموت في النسيان...
لعلي بالغت في الحديث وبأسلوب مرير نوعا ما ؟؟ بيد أنه شأن
المسلمين في هذا العصر والزمان، يكفيك التجوال عبر المحطات الفضائية
العربية والإسلامية أو في شوراع بلداننا أو تأمل في أحزاننا وأفراحنا،
وسوف تجد انني لم أبالغ، ولكن السآمة من الواقع، توحي لنا بالأحكام
المسبقة والثقافة المرتجلة، فنقدس ما لا يقدس ونعادي من يودنا ونتودد
لمن يحتقرنا...وكما يقال دائما للحديث بقية، نرد ثم نقول، وللتخلف
حضور أيضا وللحقيقة أعداء كذلك وللحق نور أبدا وللتقدم عنوان منحوت في
تاريخ الرسل والرسالات...
عفوا،فالظروف لا تسمح بأن نواصل فالأجواء مليئة بوسائل التصنت
وبالمستكبرين وأزلا مهم، والحكمة لا تقبل الطيش ! لكن أخبرك أيها
الإنسان المقهور،بين السطور بعض الحقائق تبحث عن أهلها، كما يبحث
العراق ولبنان وفلسطين وأفغانستان وكل المستضعفين في هذا العالم عن
أهلهم وحريتهم ومستقبلهم في هذا الركام من الظلام الدامس...
إلى الحرية إن شاء الله و"ان ليس للإنسان إلا ما سعى،وإن سعيه سوف
يرى"،لنحدق من حولنا-أخي المقهور- بعقول حرة وقلوب صادقة وأرواح
طاهرة،ف :"تفكر ساعة خير من عبادة سنة "،لأن التفكر يفتح العقل والقلب
والروح على الآفاق الرحبة للحياة والوجود ويحرر الذات من سجون الواقع
ويحرك الإرادة لتواجه الضغوط والتحديات، ويصنع الحياة الواسعة التي تسع
الاخوة في الدين والنظائر في الخلق...
والتفكر منهج الأنبياء والصالحين وهو عنوان الدعاة المؤمنين
الأتقياء الورعين المستكنين اللامين شمل الأمة، المضمدين لجراحها،
الصادقين في دعواهم الموقنين بالخطر العظيم...ليتفكر ابن الوطن وابن
الحزب وابن المذهب وابن العشيرة وابن القوم وابن النسب وابن الذات
(الفردانية) "إنما هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون"...وبعد سلام
هي حتى مطلع الفجر !
(*) كاتب وباحث إسلامي جزائري
islamo04@hotmail.com |