
رجحت النتائج الأولية يوم الاحد موافقة الناخبين العراقيين على
مشروع الدستور الجديد الذي ساهمت في صياغته الولايات المتحدة متخطين
معارضة شرسة من العرب السنة في استفتاء تعتبره واشنطن دعما
لاستراتيجيتها المتعثرة في العراق.
وأشار الفرز الأولي لنتائج الاستفتاء الذي جرى يوم السبت انقسام
الأصوات كما كان متوقعا على نطاق واسع على أسس طائفية مما يعكس
التوترات العرقية والطائفية التي أودت بحياة الالاف من العراقيين منذ
الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.
ورغم الاقبال الكبير على التصويت في بعض المناطق السنية إلا أن
النتائج الجزئية أظهرت أن المعارضين للدستور من العرب السنة عجزوا عن
حشد الأصوات اللازمة لاسقاطه. وتستلزم قواعد الاستفتاء تصويت ثلثي
الناخبين في ثلاث على الاقل من محافظات العراق الثماني عشرة بالرفض
ليسقط مشروع الدستور حتى ولو وافق عليه أكثر العراقيين.
وأبلغ هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي شبكة (سي.ان.ان.)
التلفزيونية الأمريكية "كل المؤشرات التي نتلقاها... مشجعة وايجابية
بأن التصويت كان بنعم على هذا الدستور. سيكون هذا بحق انجازا كبيرا.
لذا فان تخميني هو نعم سيتم إقراره (الدستور)."
وبينما كانت عملية فرز الأصوات لا تزال مستمرة بالعراق قالت وزيرة
الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس للصحفيين في لندن ان العراقيين
أقروا الدستور فيما يبدو. وأثار ذلك غضب بعض زعماء السنة الذين اتهموها
بالضغط على المسؤولين العراقيين للعبث بالنتيجة.
وفي وقت لاحق قالت رايس ان النتيجة النهائية لم تعرف بعد ولكن
التصويت بنعم سيساعد في تحويل دفة الأمور ضد تمرد العرب السنة الذي دفع
العراق الى شفا الحرب الأهلية.
وأبلغت رايس شبكة (ان.بي.سي.) التلفزيونية الأمريكية "المهم هنا ان
السنة أدلوا بأصواتهم بأعداد كبيرة بشكل أم بآخر. سيكون العراقيون في
موضع يمكنهم من المضي قدما."
وتابعت "هزيمة التمرد أمر سياسي فضلا عن كونه عسكريا. سوف يستغرق
ذلك وقتا. في نهاية الأمر لا يمكن للتمرد الاستمرار بغير قاعدة
سياسية."
وقال حسين هنداوي رئيس المفوضية العليا للانتخابات لرويترز ان نسبة
الاقبال بوجه عام تراوحت بين 63 و 64 في المئة وأنها يمكن أن تزداد.
وكانت نسبة الاقبال على التصويت في أول انتخابات في عراق ما بعد صدام
حسين نحو 58 في المئة وقاطعها معظم السنة.
وتشير نتائج الانتخابات الى تأييد شديد للدستور في المحافظات
الشيعية في الجنوب مقابل رفض واسع النطاق في المناطق السنية بالشمال
والغرب.
وقال مسؤول انتخابي يوم الاحد ان محافظة صلاح الدين وهي احدى ثلاث
محافظات يشكل العرب السنة غالبية سكانها والتي قد تساعد في اسقاط
الدستور صوتت برفض الدستور بنسبة 70 في المئة. ومن المرجح ان يرفضه
ايضا الناخبون في محافظة الانبار التي عاصمتها الرمادي.
ولكن معسكر الرافضين للدستور تراجع في محافظة نينوى بشمال العراق
التي عاصمتها الموصل مما يقلل فرص إسقاط الدستور.
وقال مسؤول حكومي كبير انه تم فرز 419 الف بطاقة اقتراع من مجموع
643 بطاقة أدلى بها الناخبون في نينوى وأن النتائج أظهرت أن نسبة
المؤيدين بلغت 75 في المئة مما يعني في واقع الأمر استبعاد احتمال رفض
المحافظة للدستور.
ورفض الزعماء الاكراد الذين وضعوا أصلا الفقرة الخاصة بالمحافظات
الثلاث من أجل حماية مصالحهم الخاصة اتهامات العرب السنة بأنهم ملاوا
الموصل بالناخين الاكراد.
وفي محافظة ديالا وهي من بين المحافظات التي يقطنها عدد كبير من
السنة يبدو من غير المحتمل أن يبلغ عدد الرافضين للدستور حدا يكفي
لإسقاطه.
وتحت ضغط لسحب قواتها البالغ عددها 150 ألف جندي من العراق الذي
يشهد أعمال عنف مستمرة أشادت الولايات المتحدة بالدستور الجديد ووصفته
بأنه خطوة نحو تحقيق الاستقرار رغم المخاوف من أن تزيد الوثيقة التوتر
الطائفي.
ويخشى مسلحون سنة من أن يسلم الدستور البلاد وخاصة المناطق الغنية
بالنفط الى الأغلبية الشيعية وحلفائهم الاكراد ويشنون حملة من الهجمات
الدامية يخشى عراقيون كثيرون من أن تضع البلاد على شفا حرب أهلية.
وعلى خلاف ما حدث في الانتخابات العراقية الماضية في يناير كانون
الثاني التي شهدت مقتل أكثر من 40 شخصا في عمليات انتحارية وهجمات أخرى
حالت الاجراءات الامنية المشددة دون وقوع مثل تلك العمليات ما عدا بضع
هجمات غير مؤثرة يوم الاستفتاء.
وقال رجل اكتفى بذكر اسمه الاول عبد الصمد وهو يقف خارج أحد مراكز
الاقتراع في بغداد "عندما ذهبت الى مركز الاقتراع وجدت أن كل شيء منظم
... لم يرغمنا أحد على التصويت بنعم أو بلا. نحن الذين اخترنا."
واذا ما أقر الدستور فسيتوجه العراقيون للانتخابات في ديسمبر كانون
الاول لانتخاب برلمان جديد فترة ولايته أربع سنوات في خطوة تقول واشنطن
انها ستتوج تأسيس ديمقراطية ذات سيادة ونشوء حليف جديد للغرب.
واذا أُسقط الدستور فستعود الفصائل المتصارعة الى منصة النقاش مما
سيجعل انتخابات ديسمبر كانون الاول تقتصر على انتخاب حكومة مؤقتة
لاعادة صياغة الدستور.
وفي الفلوجة حيث قاتل الاف من المسلحين القوات الامريكية قبل عام
قال رئيس اللجنة المحلية سعد الله الراوي لرويترز ان نسبة الاقبال وصلت
الى نحو 90 في المئة من الناخبين المسجلين وأن 99 في المئة منهم صوتوا
"بلا" للدستور الذي يخشى زعماء السنة أن يؤدي الى تقسيم العراق الى
أقاليم شيعية وكردية تتمتع بالنفوذ.
وحتى مع التصويت المفاجيء لاتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر برفض
الدستور في المنطقة الواقعة الى الجنوب من العاصمة فان الأصوات المؤيدة
كانت في صعود واضح.
وقال مسؤولون محليون في النجف وكربلاء ان الناخبين وافقوا على
الدستور بنسبة نحو 85 في المئة.
وعبر عراقيون كثيرون عن ارتياحهم لاجراء عملية الاقتراع في هدوء
ودون إراقة دماء.
واشارت مصادر في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ان غالبية
المقترعين على مسودة الدستور في محافظة كركوك شمالي العراق صوتوا بنعم
للدستور وسط اقبال بلغ نسبة 70 بالمائة من المقترعين المسجلين.
ونقل مكتب التنسيق المشترك في كركوك عن مدير التدريب فى مكتب
المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فى كركوك علي عبوش قوله انه تم
تسجيل حوالي 700 الف ناخب في محافظة كركوك وان عدد مراكز الاقتراع بلغ
25 مركزا رئيسيا منها 14 داخل كركوك و 11 في اقضية ونواحي المدينة
ويتفرع منها 265 مركزا استفتائيا.
وطبقا لما اورده عبوش فان عملية الاستفتاء في المحافظة اشرف عليها
265 منسقا وخبيرا قانونيا موزعين على 1449 محطة انتخابية في عموم كركوك
واقضيتها.
وتوقع مصدر في مفوضية كركوك أن تصل مشاركة ابناء مدينة كركوك فى
الاستفتاء الى 70 بالمائة من مجموع الناخبين المسجلين.
ونقل مكتب التنسيق عن مصادر غير رسمية قولها ان اكثر من 55 بالمائة
من المشاركين في كركوك قالوا نعم مقابل 45 بالمائة قالوا لا وان اغلب
الذين صوتوا بلا هم من اقضية محافظة كركوك العربية.
وشهدت مراكز الاقتراع في محافظة كركوك حالة أمنية مشددة من قبل
عناصر الشرطة العراقية والجيش بالاضافة الى القوات المتعددة الجنسيات
كما تشهد سماء المدينة ومنذ ليلة امس طلعات جوية لسلاح الجو الامريكي.
يذكر ان مدينة كركوك تضم خليطا متنوعا من اطياف الشعب العراقي بينهم
الكرد والشيعة والعرب السنة والتركمان.
وكشفت مصادر في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ان معظم
المقترعين في بلدتي (الدجيل) و (بلد) في محافظة تكريت صوتوا بنعم
للدستور في الوقت الذي توقعت فيه هذه المصادر رفض الدستور في باقي
بلدات محافظة تكريت ذات الاغلبية السنية.
واشارت المصادر الى ان نحو 93 بالمائة من المقترعين في مدينة بلد
الشيعية ضمن محافظة تكريت صوتوا بنعم للدستور وسط اقبال بلغت نسبته 60
بالمائة من المقترعين المسجلين.
واضافت ان صناديق الاقتراع في الدجيل افرزت نفس النسبة للذين قالوا
نعم غير ان الاقبال فيها فاق 80 بالمائة من المسجلين في تلك البلدة ذات
الاغلبية الشيعية.
الى ذلك توقعت مصادر في المفوضية العليا ان تكون نسبة الرفض عالية
في باقي مدن وبلدات محافظة تكريت التي شهدت اقبالا فاق ال 70 بالمائة
من اصل المسجلين في المحافظة.
وذكر مدير مكتب المفوضية العليا في سامراء عدنان لطوف ان مراكز
الاقتراع في بلدة سامراء شهدت اقبالا بلغت نسبته نحو 90 بالمائة من
المقترعين وان مراكز الاقتراع اقفلت في وقتها المحدد من دون وقوع اي
احداث امنية تذكر.
كما اعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق انه لا
توجد لغاية الان نتائج رسمية ونهائية مؤكدة لعملية الاستفتاء على
الدستور لاي من محافظات العراق.
وقال عضو المفوضية الدكتور فريد ايار "ان ما يتم تداوله حاليا من
ارقام حول نتائج هذه المحافظة او تلك اما ان تكون تكهنات او اجتهادات
مختلفة او مبنية على افتراضات او ارقام جزئية لا يمكن الركون اليها
واعتبارها نتائج نهائية او تقريرية والمفوضية غير مسؤولة عنها".
وكانت مصادر اخبارية افادت ان نتائج الاستفتاء على مسودة الدستور في
محافظتي تكريت والانبار قد افضت الى رفضه من اكثر من ثلثي اعداد
الناخبين فيهما الامر الذي يفضي الى الاجهاز على الدستور بمجرد رفضه من
ثلثي الناخبين في محافظة ثالثة اخرى.
ونفى ايار ان تكون المفوضية قد اصدرت أية ارقام لغاية الأن تتعلق
بعملية الاستفتاء التي جرت يوم أمس مضيفا "ان أجهزة المفوضية في المكتب
الوطني والمحافظات تعمل ليل نهار في الوقت الحاضر في فرز وعد الاصوات
تمهيدا للاعلان عن بعض النتائج الجزئية ربما يوم غد او بعد غد".
واعرب ايار عن امله في ان يتم الاعلان عن النتائج النهائية غير
المصدقة خلال اربعة الى خمسة أيام فيما ستعلن النتائج المصدقة بعد
الانتهاء من دراسة الطعون والشكاوى التي ترد الى المفوضية.
وقال ان المكان الذي تظهر فيه نتائج الاستفتاء هو المركز الوطني
للمفوضية في بغداد وليس في المحافظات. |