
نشرت الولايات المتحدة النص الكامل لرسالة موجهة من ايمن الظواهري
الى مسؤول فرع تنظيم القاعدة في العراق ابو مصعب الرزقاوي تساءل فيها
المسؤول الثاني في تنظيم القاعدة عن الحكمة في فتح نزاع مع الغالبية
الشيعية في العراق.
وحذر الظواهري في الرسالة التي نشرها مكتب مدير الاستخبارات الوطنية
من ان ذلك غير مقبول لدى غالبية المسلمين.
وقال المكتب في بيان "لدى الحكومة الاميركية ثقة كبيرة بصحة هذه
الرسالة صحيحة".
وكان مسؤولون اميركيون لخصوا في 7 تشرين الاول/اكتوبر محتوى الرسالة
التي تقع في 13 صفحة وتحمل تاريخ تموز/يوليو وتقول القوات الاميركية
انها عثرت عليها مؤخرا في العراق وفيها تأنيب للزرقاوي لذبحه رهائن
علنا.
وتتضمن الرسالة بصيغتها الكاملة دعوة ملحة الى ادخال توازن على
الهجمات مع بذل جهود سياسية للحصول على دعم شعبي لتنظيم القاعدة في
العراق. وشددت الرسالة على ان التنظيم بحاجة الى دعم شعبي لاقامة دولة
الخلافة في العراق بعد انسحاب القوات الاميركية من هذا البلد.
واتهم الظواهري الشيعة بالخيانة والتآمر مع الاميركيين لكنه حذر
الزرقاوي قائلا "الكثير من انصارك المسلمين من عامة الشعب يتساءلون حول
هجماتك على الشيعة".
واضاف الظواهري بحسب هذه الرسالة "حدة هذه التساؤلات تزداد عندما
تستهدف الهجمات احد مساجدهم وتزداد اكثر عندما تستهدف الهجمات مقام
الامام علي". ومضى يقول "بنظري فان الشعوب المسلمة لن تقبل بذلك مهما
حاولت التفسير وستواصل مناهضتها لذلك".
وبين الاسئلة التي طرحتها الرسالة واحد حول ما اذا نسي "اخوان"
الزرقاوي ان اكثر من مئة من ناشطي القاعدة وبينهم مسؤولون كبار موقوفون
في ايران التي يحكمها رجال دين شيعة.
وتساءل ايضا "حتى لو كانت مهاجمة الشيعة ضرورية فلماذا نذيع ذلك
للملأ مما يضطر الايرانيين الى اتخاذ اجراءات مضادة؟".
واضاف "هل نسي الاخوان باننا والايرانيون يجب ان نمتنع عن الحاق
الاذية ببعضنا البعض في هذه المرحلة التي يستهدفنا فيها الاميركيون؟".
وقال عضو في مجلس النواب الاميركي ان الرسالة ستدرس لكنه شدد على
انه يجب عدم المبالغة في اهميتها. واوضح النائب الجمهوري بيتر هوكسترا
رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب "ستحصل مناقشة كبيرة خلال الايام
والاسابيع المقبلة حول طبيعة هذه الرسالة ومحتواها المحدد".
واضاف "قد توفر الرسالة فكرة محتملة عن الوضع الحالي لتنظيم القاعدة
لكن احذر من المبالغة في اهمية مصدر واحد للمعلومات".
وكان زعيم القاعدة في بلاد الرافدين الاردني ابو مصعب الزرقاوي اعلن
في ايلول/سبتمبر "الحرب الشاملة" على الشيعة في العراق متهما اياهم ب "ابادة"
السنة. وتبعت هذه التصريحات سلسلة من الاعتداءات الدامية استهدفت
الشيعة في بغداد ومدن اخرى.
وشدد الظواهري في الرسالة على أهمية توجيه العمل السياسي بالتوازي
مع العمل العسكري.
وكشفت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) عن الرسالة في السادس من
اكتوبر تشرين الاول وقالت للصحفيين انها من الظواهري فعلا على ما يبدو.
لكن الجيش ومسوءولي الاستخبارات لم يكشفوا تفاصيل عن متى وكيف واين
حصلوا على الرسالة.
واظهرت الرسالة فيما يبدو وجود اختلافات بين الزرقاوي وزعماء
القاعدة في مسائل مثل قتل المدنيين الشيعة والرهائن.
وأيدت الرسالة التي أعلنها مكتب مدير المخابرات الامريكية جون
نجروبونتي قيام دولة اسلامية في العراق يمكن ان تتسع لتضم شبه الجزيرة
العربية ومصر وبلاد الشام.
وأعلنت فحوى الرسالة قبل أيام من الموعد المقرر لمشاركة العراقيين
في استفتاء على دستور جديد تأمل السلطات الامريكية أن تقبل أعداد كبيرة
من السنة العرب على المشاركة فيه.
لكن كثيرين من السنة العرب يعارضون الاستفتاء ويعتقد بعض الخبراء أن
الحرب التي أعلنها الزرقاوي الشهر الماضي على الغالبية الشيعية في
العراق تستهدف استقطاب المعارضين لمسودة الدستور.
غير أن الظواهري حذر الزرقاوي في رسالته من أن قتل المدنيين
والرهائن الشيعة قد ينفر السنة في وقت ينبغي أن يسعى فيه التنظيم
للحصول على تأييد شعبي لقيام دولة اسلامية.
وقال الظواهري في الرسالة التي زاد عدد صفحاتها عن 12 صفحة انه من
الضروري الى جانب استخدام القوة كسب تأييد الشعب واشراكه في الحكم.
وحث الظواهري أيضا الزرقاوي على انتهاج خط سياسي قادر على اجتذاب لا
مقاتلين اسلاميين وحسب بل وزعماء قبائل وعلماء وتجار وكل الشخصيات
البارزة التي لم يلوثها على حد قوله التودد للاحتلال.
وجاء في الرسالة ان التنظيم لا يريد تكرار خطأ طالبان التي قيدت
المشاركة في الحكم. وأضاف الظواهري أنه لم يكن هناك أي تمثيل للشعب
الافغاني في نظام حكم حركة طالبان ومن ثم كانت النتيجة انفصال الشعب
الافغاني عنها.
وطلب الظواهري من الزرقاوي كذلك توفير مئة ألف دولار لتعويض التمويل
الذي فقد منذ مايو ايار عندما اعتقلت القوات الباكستانية أبو فرج
الليبي الذي وصفه مسؤولون أمريكيون بأنه ثالث أهم شخصية في القاعدة.
وقال مكتب نجروبونتي الذي نشر الرسالة باللغتين العربية والانجليزية
على موقعه على الانترنت ان الرسالة أذيعت بعد أن أكد المسؤولون أن
نشرها لن يؤثر على عملية جمع المعلومات الاستخباراتية أو على العمليات
العسكرية.
ووصف مسؤول استخباراتي أمريكي بارز رسالة الرجل الثاني في تنظيم
القاعدة أيمن الظواهري لزعيم جناح التنظيم بالعراق أبو مصعب الزرقاوي
بـ"المرعبة" لما اتسمت به كلماتها الـ6300 بـ"الرصانة والوضوح والحجج
المقنعة."
وأكد المصدر المسؤول عن "ثقته المطلقة" في أن مصدر الرسالة هو
الظواهري.
وتنبأ الظواهري في الرسالة التي ترجمتها واشنطن وكشفت عن اعتراضها
الأسبوع الماضي بـ" خروج الأمريكيين قريباً من العراق"، وذكر "أن
الأمور قد تتطور بصورة أسرع مما نتصور."
وجاء في نص الخطاب الكامل الذي لم تكشف واشنطن عنه مسبقاً "علينا
الاستعداد الآن، وقبيل أن تسبقنا الأحداث ونفاجأ بمؤامرات الأمريكيين
والأمم المتحدة وخططهم لملء الفراغ الذي سيحدثه الانسحاب."
وأوضح المصدر الأمريكي أن لغة الرسالة تأخذ طابع النصح من " عضو
بالقاعدة عركته الحياة إلى قائد ميداني متهور أحياناً."
وشرح الظواهري في الخطاب الصعاب التي يواجهها وتنظيم القاعدة،
مشيراً إلى أن الخطر الحقيقي على سلامته مبعثه العمليات العسكرية
الباكستانية في مناطق القبائل، فضلاً عن عزلة التنظيم ونضب الموارد
المالية. |