ادونيس الضوء المشرقي سيحتاجه القرن القادم

في الكتاب الذي حمل آراء مفكرين وكتاب عالميين في ادونيس المرشح البارز منذ مدة لجائزة نوبل للاداب تشديد على اهمية الشاعر الكبير مفكرا وروائيا ومبدعا وصاحب تأثير في الشعر العربي الحديث لم يحققه شاعر عربي آخر إلى درجة انه وصف في السنوات الاخيرة بانه "مالىء الدنيا وشاغل الناس."

وادونيس في نظر ما يزيد على 60 مفكرا وشاعرا عالميا.. متعدد الاوصاف فهو مثلا عند الراحل ادوارد سعيد شاعر لا يهاب وهو عند مكسيم رودنسون شاعر سيعيش دائما مع سيزيف بينما يرى روجيه مونييه انه يمثل موقعا في ثقافات العالم ويقول ايف بونفوا انه شاعر يحتاجه القرن القادم.

الكتاب الذي جاء في نحو 350 صفحة كبيرة القطع حمل عنوان "الضوء المشرقي.. ادونيس كما يراه مفكرون وشعراء عالميون". مقدمة الكتاب هي موضوع كان قد كتبه الدكتور الراحل ادوارد سعيد عن الشاعر. وقد صدر الكتاب عن دار "بدايات " في مدينة جبلة السورية.

لوحة الغلاف للفنان البحريني جمال عبد الرحيم وتصميم الغلاف والاخراج الداخلي لجمال سعيد. اشترك في ترجمة موضوعات الكتاب حسن عودة واسامة اسبر والدكتور عابد اسماعيل وطلعت شاهين ونور امين ووليد الخشاب ومنى سعفان ومحمد يحيى ومحمد عيد ابراهيم.

وادونيس هو اللقب الذي غلب على اسم الشاعر والاستاذ الجامعي علي احمد سعيد اسبر المولود في سوريا سنة 1930 والذي حصل على الجنسية اللبنانية في ستينات القرن المنصرم والباريسي الاقامة منذ سنوات طويلة.

استهل الكتاب بكلمة ادوارد سعيد وفيها قوله "حين نتحدث عن ادونيس يكون حديثنا عن شاعر عظيم ومتفرد. ويدلل معظم النقاد على انه رائد للشعر المعاصر استطاع ان يقود حركته الطليعية. وقد مكنه من ذلك تمتعه بملكات لغوية نادرة ووجدان اصيل. وبناء على هذا صار ادونيس مؤسسا لفن الشعر العربي باسلوب لم يظهر له مثيل منذ زمن بعيد." ووصفه بانه "الشاعر الذي لا يهاب."

مكسيم رودنسون احد كبار المفكرين الفرنسيين المختصين بالدراسات العربية والاسلامية قال ان ادونيس "ليس منفصلا عن بلاده ولا يقف ضدها. انه يبتكر وطنا صديقا كالدمع إلى جانب الوطن القائم اليوم. قبالة هذا الوطن اكثر مما هو ضده. وهو لا يعارض التطلعات الوطنية لكنه يرفض بشدة -وهذه شجاعة كبيرة في عصرنا لا سيما في تلك المنطقة من العالم- التزمت والتطرف والتمجيد المطلق للفريق الذي ينتمون اليه.. بخاصة للاسياد وارائهم."

وفي اشارة إلى اسطورة سيزيف الذي حكمت عليه الالهة بالعذاب وبأن يدفع صخرة ضخمة إلى أعلى وكلما فعل ذلك سقطت الصخرة ليعود إلى دفعها من جديد قال رودنسون "سيعيش ادونيس دائما مع سيزيف لان صخرة الجاذبية الانسانية تميل دوما إلى جرنا نحو الاسفل."

ايف بونفوا الشاعر والناقد والمؤرخ الفني الاكاديمي وفي محاضرة القاها سنة 1994 قال إن ادونيس من الشعراء الذين "سيحتاجهم القرن القادم."

شارل دوبزنسكي الشاعر والباحث الفرنسي ورئيس تحرير مجلة "اوروب" وتحت عنوان "الضوء المشرقي" قال إن "القدرة المجددة لكتابة ادونيس ليست فقط محصلة قطيعة مع الاشكال والموضوعات الجامدة او نتيجة اندماج في الحضارة الغربية (اندماج قد تكون له اثار سلبية في مواضع أخرى) وانما هي اولا ثمرة تفكير نظري معمق واعادة نظر في الموروث الشعري العربي واعادة قراءة تفعل فعل التخصيب وتشارك على هذا النحو في التجديد الادبي الذي لا يتحقق فعلا إلا بادراك اسباب الازمة وتجاوزها."

الشاعر والباحث والاستاذ في السوربون كلود استيبان كتب تحت عنوان "مهيار مسافرا" في اشارة إلى مجموعة ادونيس "اغاني مهيار الدمشقي" قال "على هذه الارض ارض الشرق التي شاهدت اكثر من غيرها الاشراقات النبوية يسترجع ادونيس نبرات مؤلف المزامير أو النبي. لكن مزاميره نابعة من الشعور بانه محروم من كل عون رباني ونبوءاته مصنوعة من جفاف وحدس. تائه هو ولا يخشى ان يكتب لابناء عصره في كل ما يكتب نشيدا للمنفى.. صلاة للغياب."

الشاعر والباحث والمترجم الفرنسي جان - ايف ماسون ختم موضوعه بالقول "يعتبر ادونيس قريبا منا ويعتبر كلامه لنا اخويا بسبب ذلك الاله الذي لا يقبع خلفنا وانما امامنا... ان ادونيس يقول عن نفسه انه "حجة ضد العصر" اي ضد عصر النفعية المحدودة المكرسة لقواعد المردودية التجارية لكنه ضده باسم يوتوبيا عالم قادم سوف يحصل الشعر فيه مرة اخرى على حقوقه وسوف يصبح الانسان فيه اكثر آدمية.. ان النبوءة لدى ادونيس مثل اليوتوبيا الصافية لعالم يمكن للشعر ان يعيد ابتكاره كاملا."

الشاعر الكندي دنيس لي ختم مقالا طويلا بالقول "يتطلب شعره تعاطفا كبيرا وحدسا من العرب والغربيين على السواء من اجل ان نضعه في سياقه... شعرا حديثا عظيما مكتوبا بصوت عربي مميز."

ومع اقوال هؤلاء المفكرين والشعراء الكثر وهم من جنسيات متعددة يشعر القارىء بمدى عمق نظر معظمهم في مجالات الفكر والشعر وفي رؤيتهم لنتاج ادونيس وتقديرهم لدوره الكبير نتيجة غوصهم في نتاجه وتقييم هذا النتاج.

هذا ورجحت مراهنات فوز الشاعر السوري المولد أدونيس (علي أحمد سعيد) بجائزة نوبل للاداب. وجائزة نوبل هي أكبر جائزة ادبية في العالم وتبلغ قيمتها عشرة ملايين كرونة (1.3 مليون دولار) ويقدمها ملك السويد في ديسمبر كانون الاول وتعلن عادة في الخميس الاول أو الثاني من اكتوبر تشرين الاول بعد الساعة الوحدة ظهرا (1100 بتوقيت جرينتش).

ورجح مكتب لادبروكس للمراهنات فوز أدونيس بنسبة اثنين الى واحد يليه الروائية الامريكية جويس كارول اوتيس والشعراء توماس ترانسترومر من السويد والكوري الجنوبي كو اون.

وولد أدونيس في سوريا في عام 1930 وهو من أبرز الشعراء العرب وقد تمرد على الاشكال التقليدية في بعض شعره وكتب قصيدة النثر واستلهم الاساطير والاديان القديمة في شعره كما تأثر بالشعر الصوفي.

ومن ابرز دواوينه "أغاني مهيار الدمشقي" و"كتاب التحولات في اقاليم الليل والنهار" و"كتاب الحصار". ومن كتاباته النقدية المهمة "الثابت والمتحول" الذي يبحث في الابداع والنقل عند العرب و"صدمة الحداثة".

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 13/ تشرين الأول/2005 -  9/ رمضان/1426