مع قرب الاستفتاء على الدستور اتهامات خطيرة وجدية: صراع بريطاني ايراني حاد محوره العراق

اتهمت بريطانيا الحرس الثوري الايراني يوم الاربعاء بتزويد ميليشيا شيعية في العراق بأسلحة استخدمت في مهاجمة القوات البريطانية.

وتتهم واشنطن ولندن ايران منذ وقت طويل باثارة الاضطرابات في العراق ولكن هذه المزاعم التي وجهها مسؤولون بريطانيون طلبوا عدم الافصاح عن أسمائهم جاءت أكثر تفصيلا من المواقف الرسمية السابقة.

وقال مسؤول لرويترز إن الهجمات الاخيرة على القوات البريطانية في جنوب العراق بدا ان من نفذها جماعة منشقة على ميليشيا الزعيم الشيعي الراديكالي مقتدى الصدر.

وتابع ان المهاجمين "استخدموا معدات متطورة استخدمتها من قبل (جماعة) حزب الله اللبنانية وهم مرتبطون بايران. ولهذا فان هناك مؤشرات على ان ايران متصلة بهذه الهجمات."

وأضاف ان الهجمات نفذت في العراق باستخدام متفجرات تخرق الدروع وانظمة تحكم تعمل بالاشعة تحت الحمراء "تحتاج لخبرة معينة لاستخدامها" وهي مماثلة للاجهزة التي استخدمتها من قبل جماعة حزب الله.

وبينما نفت الحكومة الايرانية علنا دعمها للميليشيات العراقية "كانت هناك اشارات الى احتمال ان يكون الحرس الثوري الايراني ضالعا في الامر."

وتتولي القوات البريطانية فرض الامن حول البصرة في جنوب العراق وهي منطقة يهيمن عليها الشيعة وفيها ميليشيات قوية لها علاقات تاريخية مع ايران.

وتعرضت القوات البريطانية لهجمات في عدة أحيان في الاسابيع الاخيرة. ووقع أبرز هذه الهجمات خلال أعمال شغب بعدما هاجمت القوات البريطانية سجنا كي تحرر جنديين متخفيين قيل ان الشرطة سلمتهما للميليشيا الشيعية.

وقال المسؤول البريطاني إن بلاده تشتبه في أن ايران الشيعية دعمت "عناصر من السنة" في العراق وكذا ميليشيا شيعية تربطها بها صلات طائفية.

وأضاف "هناك أدلة على ان هناك صلات مع جماعات سنية معينة تشكل جزءا لا يتجزا من مساعي ايران لزعزعة استقرار العراق."

وقال متحدث باسم الخارجية البريطانية إن "صلات ايران بالجماعات المتشددة غير مقبولة وتقوض مصلحة ايران على المدى الطويل في أن يكون العراق مستقرا وديمقراطيا. قدمت ايران تعهدات في عدد من المناسبات بعدم التدخل في الشأن الداخلي العراقي."

بدوره قال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير يوم الخميس ان هناك دلائل تشير الى أن ايران أو جماعة حزب الله اللبنانية المتحالفة معها هما مصدر المتفجرات التي استخدمت في قنابل زرعت على الطرق في العراق لكن بريطانيا ليس لديها دليل دامغ.

وقال بلير ان الاتهامات لم تثبت لكنها تبعث على القلق. وقال أيضا انها قد تكون محاولة من جانب ايران لترويع بريطانيا بسبب موقفها المتشدد في المفاوضات حول برنامج ايران النووي.

ومضى يقول "الواضح أن هناك عبوات تفجير جديدة استخدمت ليس فقط ضد القوات البريطانية وانما في أماكن أخرى في العراق. والطبيعة الخاصة لتلك العبوات تقودنا اما الى عناصر ايرانية أو الى حزب الله... وعلى أي حال لا يمكننا أن نقطع بهذا في الوقت الراهن."

وتنفي ايران أنها تساعد مسلحين في العراق.

واستخدم مقاتلو حزب الله الشيعي اللبناني المدعوم من ايران وسوريا والذي ساعد على انهاء احتلال اسرائيلي دام 22 عاما لجنوب لبنان متفجرات مماثلة مما دفع بريطانيا للاشتباه في وجود صلة ايرانية.

وأضاف بلير في مؤتمر صحفي بعد اجتماع مع الرئيس العراقي جلال الطالباني "اذا كان الامر هو أنهم يحاولون اثارة نقطة ما عن المفاوضات حول قضية الاسلحة النووية فيما يتعلق بايران... فان ذلك لن يخيفنا."

ومساء الاربعاء نقلت وسائل الاعلام الايرانية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية حميد رضا آصفي قوله "اذا كانوا (البريطانيون) يملكون ادلة فليس امامهم الا تقديمها. انهم لا يملكون اي دليل فهم انفسهم مسؤولون عن عدم استقرار العراق ويتهمون الاخرين بذلك".

وهي المرة الاولى التي يتهم فيها مسؤول بريطاني ايران التي يشكل الشيعة غالبية سكانها بانها على علاقة مع المتمردين في العراق. وتتهم ايران باستمرار بانها تسعى لزيادة نفوذها في العراق لكنها تنفي تورطها في النزاع في هذا البلد.

وكان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد قال في آب/اغسطس ان اسلحة جاءت من ايران "بدون اي لبس" عثر عليها في العراق.

وجاءت تصريحات رامسفلد بعد اعلان مسؤول اميركي طلب عدم كشف هويته لوكالة فرانس برس العثور على مخبأ للاسلحة اقوى بكثير من العبوات يدوية الصنع التي يستخدمها المتمردون العراقيون مصممة لتدمير الآليات المصفحة.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" من جانبها في آب/اغسطس عن مسؤولين اميركيين قولهم ان انتاج هذه العبوات يشير الى وجود تعاون جديد بين الشيعة الايرانيين والسنة العراقيين.

وقال المسؤول البريطاني ان ايران قد تكون تريد بذلك توجيه رسائل تحذير الى بريطانيا بشأن البرنامج النووي الايراني. ورأى انه "سيكون من الطبيعي جدا ان يسعوا لتوجيه رسالة لنا" تقول "لا تلعبوا معنا" مؤكدا ان "هذا الامر ليس غريبا عن سياسات طهران".

وقد توترت العلاقات في الاسابيع الاخيرة بين بريطانيا وايران. وجرت تظاهرات امام السفارة البريطانية في طهران لادانة الضغوط الدولية على ايران في المجال النووي.

واتهم مسؤول في الجهاز القضائي الايراني وكذلك الصحف المحافظة لندن السبت الماضي بانها على علاقة بمنفذي سلسلة من الاعتداءات وقعت في حزيران/يونيو في منطقة خوزستان حيث غالبية السكان من العرب على الحدود العراقية. ونفت بريطانيا بقوة الاربعاء هذه الاتهامات "غير الصحيحة وغير المسؤولة".

وقالت صحيفة فاينانشال تايمز تحت عنوان (بريطانيا تفقد صبرها مع طهران) إنه من النادر أن يجاهر مسؤولون بريطانيون بانتقادات لإيران بهذا الحد، فطالما توخت لندن الحرس في ربط طهران بحركة التمرد التي عرقلت مرارا جهود إعادة إعمار العراق عقب الغزو الأمريكي للبلاد، حسب قول الصحيفة.

وتابعت التايمز تقول "ولكن أمس، وقبل أيام من تصويت حيوي حول الدستور الجديد للبلاد، تغير شيء ما".

وتضيف أن التحذير لطهران بوقف تدخلها في شؤون جارتها العراق يعكس مخاوف غربية طويلة الأمد من أن عناصر بالنظام الإيراني "تباشر منذ فترة اتصالات مع المتمردين السنة وفصيل لجماعة شيعية متشددة".

  توقيت تصريحات أمس من مسؤول بارز يظهر إلى أي مدى تعلق أمريكا وبريطانيا الكثير على ما ستؤول إليه الأمور في العراق

وتشير الصحيفة إلى الأهمية الكبيرة التي تعلقها الولايات المتحدة وبريطانيا على محاولات الإمساك بزمام الأمور في الفترة التي تسبق الانتخابات المقررة في نهاية العام.

كما تضيف أن هناك، على ما يبدو، قلقا متزايدا أيضا من أن إيران صعدت مؤخرا أنشطتها في العراق للضغط على الولايات المتحدة وبريطانيا في النزاع حول المطامح النووية لطهران.

وتخلص الصحيفة إلى أن كل هذا "يشير إلى تدهور خطير في العلاقات بين لندن وطهران.

وعلقت صحيفة الديلي تليغراف على الموضوع بقولها: إن هذا التوتر "يختلف أيما اختلاف عن الأيام التي كان فيها جاك سترو، وزير الخارجية، يسعى لتطوير علاقات وثيقة مع نظام حكم الملالي ويصف طهران بأنها "ديمقراطية بازغة" ".

ويؤكد المحرر أنطون لا غارديا ما أوردته عدة صحف بريطانية من أن انهيار العلاقات بين بريطانيا وإيران يرجع إلى الأزمة حول البرنامج النووي الإيراني، فضلا عن إزاحة الإصلاحيين من سدة الحكم في طهران بعد انتخاب الرئيس المتشدد الجديد محمود أحمدي نجاد.

ويقول لا غارديا في تحليله إن مسؤولين بريطانيين كبار "كانوا يحلمون أحلام يقظة بإحداث مصالحة كبرى بين طهران وواشنطن"، وفجأة بدأت نبرتهم تكون أقرب للأكثر تشددا بين المحافظين الجدد الأمريكيين.

ويقول الكاتب إن التخمين الأقرب إلى الصواب ربما هو أن إيران انتهجت "سياسة الانتخاب والرصاص" بمساعدتها حركة التمرد على مص طاقات الأمريكيين، في الوقت الذي تدعم حلفاءها السياسيين للوصول إلى السلطة في بغداد.

وفي هذا السياق اتهم رئيس الجمعية الوطنية العراقية حاجم الحسني ايران بالضلوع في اغتيال اية الله محمد باقر الحكيم وعبد المجيد الخوئي (شيعة) في العراق في العام 2003 وذلك خلال لقاء مع نواب اسلاميين كويتيين حسب ما ذكرت صحيفة الانباء الكويتية في عددها ليوم الخميس.

ونقلت الصحيفة عن "مصادر اسلامية كويتية" قولها ان الحسني اقر للنواب بان "بغداد تملك ادلة دامغة حول تورط ايران في اغتيال اية الله محمد باقر الحكيم وعبد المجيد الخوئي".

وانهى الحسني الاربعاء زيارة للكويت استمرت ارعبة ايام. واوضحت الصحيفة ان الحسني ادلى باقواله هذه خلال لقاء مع نواب اسلاميين كويتيين.

وقالت الصحيفة ان "الحسني قال للنواب ان ايران ترى ان الحكيم والخوئي لا يخدمان توجهاتها المستقبلية في العراق فضلا عن موافقتهما المبدئية المعروفة بشأن عروبة العراق".

واضاف رئيس الجمعية الوطنية العراقية وهو سني انه "كانت للحكيم والخوئي اجندة لا تتفق والاجندة الايرانية التي تنطق من القومية الايرانية". واضاف ان ايران "تقف وراء عدد من التفجيرات التي تحدث يوميا في انحاء متفرقة من العراق". واكد ان هذا "الامر يدل بشكل قاطع على وجود ايدي ايرانية لتأجيج الوضع في العراق". واشار الى ان "التدخلات الايرانية واضحة لكل عراقي وهي استطاعت ان تخرق الميليشيات المسلحة على اختلافها التي تسيطر على الساحة في العراق".

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس اكد نائب اسلامي شارك في اللقاء ومفضلا عدم الكشف عن هويته ما ذكرته الصحيفة.

وكان اية الله محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق قتل في اعتداء نهاية اب/اغسطس 2003 في النجف (جنوب بغداد) وقضى معه ايضا في ذلك الاعتداء اكثر من ثمانين شخصا.

اما عبد المجيد الخوئي نجل اية الله العظمى ابو القاسم الخوئي الذي كان احد ابرز الزعماء الروحيين لشيعة العراق وتوفي في 1992 وهو في الاقامة الجبرية فقد اغتيل في نيسان/ابريل 2003 ايضا في النجف اثر عودته من منفاه في لندن.

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 7/ تشرين الأول/2005 -  3/ رمضان/1426