يقول المتخصصون في علم الأطفال أن مفهوم الوقت من الصعب جداً إدراكه
لأنه شيء مجرد وليس ملموساً، والإنسان لا يدرك معناه حقيقة إلا عندما
يكتشف أن الحياة مرتبطة بالزمن لذلك فإن الماضي والمستقبل لا يعنيان
الشيء الكثير بالنسبة للطفل لأن الطفل في هذه المرحلة يعيش فقط في
اللحظة الحاضرة، ولكن كيف يبدأ الطفل في إدراك معنى الوقت؟ إن هذا
الإدراك يأتي على عدة مراحل.. تبدأ المرحلة الأولى وهو مازال رضيعاً
عندما يبدأ في ملاحظة الفرق بين الليل و النهار وتتابعهما بشكل منظم،
فالنهار تكثر فيه الحركة ويتخلل غرفته ضوء الشمس، أما الليل فيسود فيه
السكون والظلمة ولا يستطيع الطفل متابعة إيقاع الوقت لارتباطه بمواعيد
الرضعات والحمام والنوم، لذلك يُفضل إتباع نظام جديد ثابت مع الطفل لأن
هذا النظام والانتظام يهيئه لتقبل فكرة تتابع الأشياء التي هي جزء من
مفهوم الوقت وأول إدراك للطفل لمفهوم الوقت يبدأ بالانتظار. فعندما
يقترب موعد تناول الطعام نجده مستعداً داخلياً لهذه الفترة فإذا تأخر
قليلاً يبدأ في المطالبة به لذلك يُفضل تلبية احتياجاته الضرورية في
مواعيدها الثابتة.
وعندما يبلغ من العمر حوالي (6) أشهر يكون الطفل قادراً على تذكر
بعض الأشياء وبالتالي يسترجع تجارب حدثت له في الماضي والدليل على ذلك
أنه إذا شاهد الطبيب الذي أعطاه حقنة تطعيم من شهرين او ثلاثة يبكي على
الفور لأنه يتذكر التجربة المؤلمة. وفي سن (8) اشهر يتمتع الطفل بنوع
من توقع الأحداث المقبلة التي يكتسبها عن طريق المصادفة.
ولكن هذا لا يعني أنه بدأ يدرك أن هناك ماضياً ومستقبلاً وإن كان
يشعر به ولكن بطريقة مبهمة.
وفي حوالي سن (20) شهراً يبدأ الطفل في التعرف على موقفه في مفهوم
الوقت ويعدّ نفسه للجدول اليومي الذي يسير به فيدرك أن عند الاستيقاظ
صباحاً سوف يصحبه والده الى الحضانة وهناك يلعب قليلاً ثم يتناول غداءه
وعند عودته إلى البيت يأخذ حمامه وينام. ويبدأ في هذا السن في تفهم
معنى كلمات مرتبطة بالوقت مثل (انتظر) فيتعلم ان ينتظر قليلاً قبل
تلبية طلباته ويبدأ هو في استعمال هذه الكلمة عندما تطالبه والدته
بالذهاب للنوم فيقول لها انتظري حتى يفرغ من لعبته. ولكن المشكلة هنا
في أنه لا يدرك مفهوم الزمان أو مدة الوقت فاللعبة التي يلعبها يمكن أن
تستغرق دقيقتين أو ساعة من الوقت.. ويظل الطفل حتى سن الثلاث سنوات
تقريباً سجين الحاضر. وعندما يبدأ في استعمال كلمة أمس فإنه يعني بها
حدثاً وقع منذ (5) دقائق او ثلاثة أيام مضت فذكرياته بشكل غير منظم في
الذاكرة دون ترتيب مكانه في الزمان.
لذلك لا داعي لاستعجاله في تعلّم هذه الأشياء ولكن هناك بعض
الأفكار التي تساعده على تعلم هذا مثل: تعويده على مشاهدة ألبوم الصور
الخاص به منذ ولادته حتى يتعود على فكرة أن الوقت يمضي وأن صوره تعكس
التغيير الكبير الذي يحدث له مع مرور الوقت وهناك يجب مساعدته على
اكتشاف الفصول التي هي أفضل تصوير لدورة الزمان وتكرارها وإذا اقترب
موعد الاحتفال بعيد ميلاده فأجعليه يعدّ الأيام التي تفصله عن هذا
اليوم الذي ينتظره وعندما يتقدم في السن قليلاً خصصي له نتيجة تعلّق في
حجرته ولوّني له الأيام التي فيها مناسبات مهمة مثل العيد وغيرها
ليتعلّم انتظارها ويشاهد الأيام تجري حتى يصل الى اليوم المنشود. |